نصونُ لغةَ الأمّ ولغةَ الأمّة / د. روضة بشارة – عطا الله

نصونُ لغةَ الأمّ ولغةَ الأمّة / د. روضة بشارة – عطا الله

واضحٌ أنّ العلّة ليست في لغتنا الجميلة، وواضحٌ أنّ هنالك أزمةً يحياها العديد من الشّباب والأطفال في التّعامل مع لغتنا العربيّة، وواضحٌ أنّ التّعليم هو الأساس في صياغة قدرات المعلّمين العرب. وفي إسرائيل مستوى تعليم العربيّة متدنٍّ في المدارس والجامعات، وهذا بدوره يؤدّي إلى تدنّي مستوى معلّمي العربيّة.

0RawdaBishara

الرّاحلة د. روضة بشارة – عطا الله.

| د. روضة بشارة – عطا الله |

لأهميّة اللّغة العربيّة في بلورة الهويّة الثّقافيّة وفي الوجود القوميّ، ولأنّها وعاء التّاريخ والحضارة والإبداع، ونظرًا لوظائفها في تواصلنا وانتمائنا وسبيل الأمّة في التّوجّه نحو مجتمع المعرفة ودعم التّنمية الثّقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، صبّت جمعيّة الثّقافة العربيّة عنايها باللّغة العربيّة من باب الحداثة والسّعي للنّهوض بالعمل الثّقافيّ على الصّعيد الوطنيّ العام.

يشكّل هذا المهرجان (المحرّر: مهرجان لغتي هويّتي، 2010) جزءًا من المشروع الثّقافيّ التّربويّ في جوهره وهويّته ومضمونه ونهجه، والحضاريّ والعصريّ في رؤيته وتوجّهاته، للإسهام في تطوير وتعزيز اللّغة القوميّة ودعمها ونشر الثّقافة العربيّة والحفاظ عليها بصفتها لغةً وتراثًا، وللعمل على تطوير أدواتٍ ثقافيّةٍ تشجّع التّعليم والنّموّ الثّقافيّ لدى النّاشئة، من خلال تشجيع القراءة باللّغة العربيّة وتحفيز الإبداع. كما يأتي هذا المهرجان مساهمةً منّا في دعم لغتنا، وليكون مؤازرًا لانطلاقة مشروعٍ عربيٍّ أقرّته “مؤسّسة الفكر العربيّ” في كانون الأوّل 2009، والّذي يُعني باللّغة العربيّة تحت اسم (عربي 21)، حيث يركّز على تغيير الصّورة النّمطيّة للّغة الأمّ عند الأطفال والشّباب، وسيشمل كافّة الدّول العربيّة.

بما أنّ اللّغة العربيّة الفصحى هي الحامي لوحدة الثّقافة، وبالتّالي الوطن، وبما أنّ مشكلة اللّغة والهويّة تتوافق مع الطّرح السّياسيّ الاجتماعيّ لمشكلة الهويّة عربيًّا، إذن فالقضيّة ليست لغويّةً فحسب، بل هي قضيّة الأمّة، وهنا يجدر بنا أن نتساءل: هل التّعامل مع اللّغة العربيّة عند الشّباب والنّاشئة هو نتيجةٌ للحالة العربيّة الثّقافيّة الاجتماعيّة السّياسيّة المتردّية؟ وهل تعرُّضُ لغتنا لغزوٍ من اللّغات الأخرى كالعبريّة المهيمنة، ثمّ الإنجليزيّة، يضعف العلاقة معها؟

من الواضح أنّ لغتنا العربيّة تتعرّض لغزوٍ وتشويهٍ وتخريبٍ بتعمّد، علينا أن نقف أمام تساؤلٍ جدّيّ: هل نحن أصحاب قرارٍ وانتماءٍ وإرادةٍ وعزمٍ وحقٍّ في اختيار تعاملنا مع لغتنا وإبداعنا؟ أم نحن شعبٌ نستهلك ما يُقدّمُ لنا من تشويهٍ وتدميرٍ حتّى في اللّغة؟ وعلى من يقع اللّوم في موضوعة العبرنة، هل على السّلطة الإسرائيليّة والوزارات فقط، أم نحن نتحمّل وزر هذه التّبعات؟!

واضحٌ أنّ العلّة ليست في لغتنا الجميلة، وواضحٌ أنّ هنالك أزمةً يحياها العديد من الشّباب والأطفال في التّعامل مع لغتنا العربيّة، وواضحٌ أنّ التّعليم هو الأساس في صياغة قدرات المعلّمين العرب. وفي إسرائيل مستوى تعليم العربيّة متدنٍّ في المدارس والجامعات، وهذا بدوره يؤدّي إلى تدنّي مستوى معلّمي العربيّة.

إنّ التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة العربيّة جمّة، وبحلول عام 2050 ستصبح اللّغة الثّالثة في العالم، واليوم يتحدّث بها ما يقارب 450 مليون إنسان.

وضعت جمعيّة الثّقافة العربيّة خطّة عملٍ وطنيّةً تستهدف التّمكين والحفاظ على اللّغة العربيّة. تشمل الخطّة:

أ. التّمكين.

ب. التّدريب.

ج. دراسة الواقع اللّغويّ وحالة المناهج، ووضع بدائل وحلول.

د. التّركيز على القضايا الملحّة ومعالجتها وعقد مؤتمرات.

هـ. التّركيز على أهميّة اللّغة في الهويّة الثّقافيّة وتثبيتها في وحدة الأمّة.

و. متابعة العمل مع المجالس المحلّيّة والبلديّات والهيئات التّنفيذيّة حول التّعامل مع اللّغة العربيّة.

من خلال هذه الخطّة، علينا تشكيل لجنةٍ للّغة العربيّة، أو مركزٍ للّغة يتعامل مع الواقع اللّغويّ والثّقافيّ الّذي نعيشه كشعبٍ أصلانيّ في هذه الدّولة، وسبل مواجهة التّحدّيات، وكيفيّة تعزيز الانتماء والتّواصل مع شعبنا العربيّ، والحرص على سلامة اللّغة في المناهج والكتب ودور النّشر والطّباعة والإعلام، والعلاقة مع مؤسّسات الدّولة، ووضع سياساتٍ لغويّةٍ قوميّةٍ وخططٍ لتنفيذها، ووضع برامج وطنيّةٍ قوميّةٍ لقضايا اللّغة العربيّة، والعمل من خلال التّأليب والضّغط لإصدار تشريعاتٍ لحماية اللّغة العربيّة، ودعوة الكتّاب والصّحافيّين وأصحاب الصّحف ووسائل الإعلام المختلفة، ومؤسّسات المجتمع المدنيّ وطلّاب الجامعات والكلّيّات ومحاضريها لحماية اللّغة العربيّة، والتّصدّي لعمليّات التّشويه والتّخريب والغزو الدّاخليّ والخارجيّ الّذي تتعرّض له لغتنا.

(نُشرت هذه المقالة للرّاحلة د. روضة بشارة – عطا الله في نشرة “لُغتي هويّتي” الصّادرة عن جمعيّة الثّقافة العربيّة في أيلول، 2010).

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>