ليلة الميلاد / نوّاف رضوان

ليلة الميلاد / نوّاف رضوان

ا ابني الّذي لم يأتِ حتّى الآن،
أهديكَ الجدار،
وشهوتي،
وخطيئتي،
أهديكَ ميْتًا كانَ يعبثُ بالصُّدفْ

 

محمد الجالوس، بلا عنوان، مواد مختلفة على قماش، 120×100، 2012

محمد الجالوس، بلا عنوان، مواد مختلفة على قماش، 120×100، 2012

>

| نوّاف رضوان |

نوتف رمضان

نوتف رمضان

لم أنسَ يومًا أنّني سأموتُ، لكنّي نسيتُ بأنّني أحيا،

هُنالِكَ خفّةٌ ترتاحُ في جسدي،

كنعشٍ فارغٍ،

كغمامةٍ مسَّ الجفافُ عروقَها،

                   ومضى…

 .

هُنالكَ خِفّةٌ ترتاحُ في جسدي

كلحنٍ عابرٍ في ليلةِ الميلاد.

وحدي في المدينةِ،

سائرًا في حُلمِ بنتٍ ما، تغنّي:

جفَّ فيَّ الملحُ حينَ أردتُ أنْ أبكي.

\تبعتُ هواجسي\

 .

لم أنسَ يومًا أنّني سأموتُ،

كلُّ مدينةٍ أمشي بها، تجتاحُني في البردِ كامرأةٍ منَ الصّلصالِ والشّهواتِ،

تنحتُني بدقّةِ صانعِ السّاعاتِ، تمثالًا؛ وتكسرُني

          أرمّمُني، وألبسُ معطفي، وأسيرُ منكسرًا كأنّي لا أحدْ

 .

          كلُّ الدّروبِ تضيؤني  في ليلةِ الميلاد،

          لم أسْلَمْ منَ المطرِ المشاعِ على دروبي،

          ليتني عبّأتُ منْ ظمأي كؤوسًا،

                   وارتويتُ إلى الأبدْ.

 .

-       من أنتَ؟

-       قلتُ:

                   أنا خرابٌ

وانكساراتٌ

          وموسيقى،

          وحزنٌ في جسدْ

 .

تتجعّدُ الرّوحُ المليئةُ بالحنين، وتصدأُ الأيّامُ والسّنوات،

أمشي فوقَ أرصفةِ المدينةِ، عائدًا للبيتِ،

عُمْري ساعةٌ رمليّةٌ مثقوبةٌ في ليلةِ الميلاد،

أحملُ حاضري، وزجاجتينِ منَ النّبيذِ، وليلةً أخرى

أسيرُ ولا أُبالي، كلُّ شيءٍ يشبهُ الماضي،

ولم أتفقّد ِالأحياء، لم أتفقّدِ الأموات

كنتُ فقط، أرتّبُ ليلتي، بهدوءِ واطمئنانِ آلهةٍ ترتّبُ غيبَها.

 .

منْ دونِ قصدٍ كنتُ أكتُبُ للطّريقِ وصيّتي:

          منْ دونِ قصدْ

 .

          في كلِّ حيٍّ ميِّتٌ، ولكلِّ ميْتٍ حائطٌ

          ولكلِّ ميْتٍ صورةٌ،

          ولكلِّ أغنيةٍ هنا… ريحٌ تبدّدُها سريعًا

هكذا من ْدونِ قصدْ

 .

وأنا،

سأصنعُ حائطًا منْ طينِ ذاكرتي،

أعلّقُ فوقهُ عشرينَ عامًا من خزفْ.

 .

يا ابني الّذي لم يأتِ حتّى الآن،

أهديكَ الجدار،

          وشهوتي،

          وخطيئتي،

أهديكَ ميْتًا كانَ يعبثُ بالصُّدفْ

      .  

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

1 تعقيب

  1. قصيدة جميلة جدا، مختلفة وبها نفس حداثي نحن في اشد الحاجة إليه …
    ستفخر بك فلسطين يا شاعر

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>