ليلة باردة وبرلمان مُوازٍ

|ياسر عبدالله| قسم افتتاحي لإبراء الذمة: باسم الصعاليك […]

ليلة باردة وبرلمان مُوازٍ

|ياسر عبدالله|

yasser-abdallah-qadita


قسم افتتاحي لإبراء الذمة:

باسم الصعاليك الذين أنتمي لهم، باسم أبناء الريح الذين لم أعرف غيرهم، باسم النكات الحارقة اللاذعة على مقاهي القاهرة ضد الأفندية المحفلطين، أتبرأ أنا ياسر بن عبد الله من أولاد الأفاعي الذين أعلنوا ودعوا إلى البرلمان الموازي، ومن كل من يدعي التحدث باسمي وباسم من أنتمي لهم.

حكاية مفيدة:

في ليلة باردة من ليالي سيبيريا (وكل ليالي سيبريا باردة) اكتشف لينين (وكان يعاني نزلة برد دماغية حادة) نظرية المثقف المضخة (وفي ترجمة أخرى، يفضلها تجار الأدوات الصحية، المثقف الكوع)، ذلك الذي ينقل للطبقة العاملة، العاجزة عن الإدراك، المصابة بعُتهٍ وبَلَهٍ، وعيَها (وهو تطوير  لينيني فذّ لنظرية رسالة الرجل الأبيض تجاه الهمج). وفي الليلة التالية (كان البرد قد اشتدّ في سيبيريا، واشتدّ المرض على لينين) اكتشف حاجته إلى منظمة ماسونية من الثوريين المحترفين فصرخ في عتمة الليل قائلًا: “أعطني منظمة من الثوريين أقلب روسيا رأسًا على عقب” (وفي ترجمة أخرى يفضلها صديق لي: “إدّيني عيال رجالة وأنا أقلب لك البلد دي”). ولكي يقارن منظمته المفترضة لم يجد لينين أفضل من الشرطة القيصرية (الأوخرانكا) ليقارنها بها (وذلك تشبيه لا يخلو من دلالة).

هكذا إذًا، في ليلة باردة من ليالي سيبيريا، اكتشف مريض بنزلة برد دماغية حادة، نظرية الثوري المحترف أو الحيوان السياسي.

استنتاج ناشئ من مقدمات منطقية:

كلّ محترف سياسي يصاب بنزلة دماغية حادة يحدث له مثلما حدث للينين، ويدرك عن طريق وحي البرد حاجته إلى أن يكون مضخة للوعي، ينقله لتلك الجماهير الغبية، التي لا يمانع أبدًا في سبّها وسبّ دين أهلها إذا لم تلبِّ له حاجاته (وكثيرًا ما تكون حاجات شاذة)؛ فالمضخة تحتاج لكي تعمل (وتلك نظرية هيدروليكية معروفة) إلى هواء تعادل به مستوى الضغط لتنقل المياه، ولعيب ما في مدخل الهواء (السكس بلف) ينتفخ السياسي المحترف أكثر من اللازم، ويظن نفسه فوق كل شيء، وينصب نفسه متحدثًا باسم الجماهير التي لو رأته سائرًا في الطريق ربما تعطف عليه قائلةً: “الله يحنن عليك، اللي خد منك الفيل قادر يرجعهولك”.

حدث:

في ليلة باردة إذًا من ليالي القاهرة (وهو حدث نادر جدًا) سيقرّر بعض السياسيين المحترفين (دون أن يقرأوا لينين من قبل) تنصيب أنفسهم برلمانًا موازيًا للتحدّث باسم مصر (من دون أن يكلفوا أنفسهم باتباع نصيحة علاء ولي الدين الشهيرة “اتصل بـ 140 دليل”)، ويعلن كبيرهم (وهو غير الصنم الأكبر الذي أشار إليه إبراهيم الخليل) أنّ هذا البرلمان ليس سوى خطوة على طريق جمعية تأسيسية تضع دستورًا جديدًا، ولن يفعل الدستور الجديد سوى شيء بسيط، إعطاء الرخصة لحكم بلا رخصة، يحكم باسم الجماهير، ويضع تلك الجماهير نفسها في الثلاجة (وهي غير الثلاجة السيبيرية اللينينية)، ولأنّ العيال الرجالة (وهم أنفسهم أعضاء المنظمة الثورية التي طلبها لينين وهو مصاب بالزكام الدماغي) يكونون على شاكلة بوليسهم القيصري، أتمنى ألا تأتي عليّ ليلة باردة تحت حكمهم.

زوّر الحزب الوطني إرادة الجماهير (كما تدّعي تلك القوى المعارضة)، وكلف خاطره مصاريف التزوير كاملة (شاملة، حسب الروايات وحسب شهود العيان، الإعلانات واللافتات، والبلطجية والبلطجيات، والهتيفة والهتيفات، والمرشحين والمرشحات، والساندوتشات من هامبرجر وبطاطس وسلطات). ولأنّ القوى المعارضة مختلفة (وفقيرة كذلك، لا تملك إمكانيات الحزب الحاكم)، لم تكلف نفسها تزوير إرادة الجماهير، بل نصبت نفسها بالبركة برلمانًا يتحدّث باسم الجماهير، ويا لها من بركة مبروكة تبارك المباركين وتجعل الجمل نفسه يبرك، ويا بركة دعاء الوالدين.


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

2 تعقيبات

  1. قصدي التوسيخ على لينين،

    بعدين اذا كنت أفقه الجدلية كما ينبغي، فهكذا يكون التطور، بمعنى أن التناقض بين القائم والنقيض يخلق قائما جديدا. وليس على القائم الجديد أن يكون كاملا متكاملا، لهذا ينشأ نقيضا جديدا للقائم الجديد، ومنهما يظهر قائم ثالث، وهكذا…

  2. شو بدو يقول هذا؟
    من يريد أن يثور على الوضع القائم ويغير الواقع الذي يعيش فيه ماذا عليه أن يفعل؟ يعني الكاتب، بحسب ما فهمت، انتقد خطوة البرلمان المواز، بحسب ما فهمت، لأنه برأيه المشاركون فيه هم على شاكلة رجال النظام.
    ما البديل الذي يقترحه اذا؟

    بعدين مش حلو التويخ على لنين هيك!

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>