العلاقات الزوجية عند المثليين/ات

المجتمع المثلي صغير، يمكن أن تحدد/ي موعدا مع زوج/ة زوجك/تك القديم/ة أو أن ترى/ين صديقا/ة لك مع زوج/تك القديم/ة. صغر المجتمع قد يتسبب في البقاء وحيدا/ة

العلاقات الزوجية عند المثليين/ات

|عن “القوس”|

مقدمة

يبحث كل منا عن علاقة جدية مع أحد ما في مرحلة ما من حياته. بعضنا يختار علاقات جدية مع شخص واحد لمدى بعيد، وبعضنا يهتم بإيجاد علاقات قصيرة وعابرة نوعا ما، وهنالك من يرغبون بإيجاد عدة علاقات في نفس الوقت ومع عدة أشخاص.في هذه النصوص سنركز بالأخص على علاقات المدى البعيد، مع أنه يمكن الاستنتاج من هذه النصوص أمورا مختلفة بالنسبة لأنواع العلاقات الأخرى أيضا. ميزات الحياة الزوجية المثلية بشكل أو بآخر العلاقات الزوجية المثلية مشابهة أو حتى مماثلة للعلاقات الزوجية الغيرية “الهتروسكسواليت”، رغم أنها تختلف عنها بأمور كثيرة. أحد الأسئلة التي تشغل المثليين/ات هي هل العلاقات المثلية يمكنها الاستمرار لفترة طويلة؟ وهل هذا الأمر يحدث في الواقع؟ الجواب هو ايجابي- نعم. هنالك الكثير من المثليين/ات الموجودين في علاقات منذ عدة سنين وحتى لكل حياتهم. مع ذلك، هنالك الكثير من العوامل التي تؤثر على مدى ونوعية العلاقة، وتصعب عليها وتزيد من صعوبة الأمر في المجتمع المثلي.


نظرة المجتمع

أحد العوامل التي تؤثر على العلاقة المثلية هي المجتمع ونظرة المجتمع للمثلية. يتميز المجتمع بمواقفه المثلوفوبية، ويعلن عن معارضته لهذا الأمر بطرق مختلفة. يضطر المثليون/ات إلى مواجهة عدم دعم المجتمع وعدم اعترافه بالحب والعاطفة في علاقاتهم. يمكن رؤية هذه المعارضة وعدم الاعتراف في أطر اجتماعية مختلفة مثل العائلة التي غالبا ما ترفض الزوج/ة المثلي/ة ولا تعترف بأولادهم/أحفادهم وتبدأ بالضغط على الابن/البنت بترك زوجه أو زوجتها، تعبيرالأصدقاء والأقارب عن رفضهم للموضوع وعدم قدرتهم على تقديم الدعم، سماع ملاحظات مهينة من طرف الغرباء والخ. كل هذه العوامل تؤدي إلى انعزال الأزواج المثلية، شعور بالبعد والانقطاع نتيجة عدم دعم المجتمع لهم وعدم سماحه لمثل هذا الأمر. ذلك يؤدي أيضا إلى صعوبات جمة في العلاقات بين الزوج والتي تزيد الصعوبة نتيجة لعدم توفر الدعم الخارجي لهم.
الذي، المجتمع لا يعترف بحقوق الأزواج المثلية من ناحية قضائية، مما يؤدي إلى تمييز مدني، مادي وعائلي للمدى البعيد. الأزواج المثلية لا تستطيع أن تتزوج لذلك فلا توجد لها حقوق أساسية مثل تخفيض في الضريبة، اعتراف بهم كأهل ولهم أولاد، الحق باتخاذ قرارات تتعلق بإجراءات طبية تخص صحة أولادهم أو صحة الزوج/ة والخ.


الحياة الزوجية المثلية

مواقف المجتمع المثلوفوبية تؤثر على نظرته إلى هذه الحياة الزوجية ليس على المستوى المحسوس فقط، بل أيضا على نظرة الأزواج المثلية نفسها لهذه العلاقات. يستصعب المثليون الذين يشعرون بالمثلوفوبيا تجاههم المبادرة بعلاقة زوجية ثابتة. وأحيانا يكونون عرضة لعلاقات زوجية ضارة وغير سليمة نتيجة لنظرتهم بأن الواقع هو كذلك، هذا ما لديهم، وهذه هي الإمكانية الوحيدة الموجودة أمامهم.
أمر إضافي يقف أمام الحياة الزوجية المثلية ويصعب عليها هو انعدام نموذج حياة زوجية مثلية. الأزواج الغيرية تمر مراحل مختلفة خلال حياتها التي توجههم بشكل أو بآخر إلى الأدوار المختلفة في العلاقات الزوجية الغيرية، بينما تضطر الأزواج المثلية إلى تطوير أنماط حياة زوجية بقواها الذاتية. من جهة يمكن لهذا الأمر أن يولد الضغوطات والتوتر ويسبب المشاكل حول أدوار معينة، ولكن من جهة أخرى هذا الأمر يمكنهم من بناء نماذج محايدة ولا ترتكز على الآراء المسبقة بالنسبة لهذه الأدوار.
على صعيد العلاقات الجنسية، وجد أن نسبة ممارسة الجنس لدى المثليين أعلى مما هي عليه لدى الأزواج الغيرية أو مماثلة لها، بينما وجد أن نسبة ممارسة العلاقات الجنسية لدى المثليات أقل بكثير. نتائج هذه الأبحاث ليست قاطعة، ولكن التخمين حول السبب متعلق بكون الشابات “مبرمجات اجتماعيا” ليكونوا غير مبادرات بكل ما يتعلق بالعلاقات الجنسية. ولذلك، فان المثليات اللواتي يكن في علاقة زوجية يشددن أكثر على الجوانب العاطفية، ويعبرن عن حبهن عن طريق اللمس الذي قد لا يكون جنسيا بالضرورة. أحدى الميزات في العلاقات الزوجية لدى المثليات هي الميول للاندماج التام، والتي يمكنها أن تؤدي إلى انقطاع عن الأصحاب لدى وجود زوجة. هذا الأمر قد يؤدي إلى انعزال زوج المثليات ويصعب الأمر عليهن للمدى البعيد.
بالنسبة لمستوى المعيشة، فان مستوى رواتب المثليين أعلى مما هو عليه لدى المثليات بسبب التمييز ضد النساء عامة في هذا المجال. هذا هو السبب للفروق في مستوى المعيشة بين المثليين والمثليات.


إثراء العلاقة الزوجية

الصعوبات التي قد تواجهها الأزواج المثلية داخل علاقتها الزوجية يمكنها أن تكون متعلقة بأمور عامة أيضا مثل: الانتقال للسكن معا، قلة الوقت، القلق بسبب تحول الحب إلى عادة والخ. حول الميزات الخاصة للعلاقات الزوجية المثلية يمكن أن تتولد صعوبات مختلفة مثل: ممارسة الضغط من قبل الأهل والذين يحثون الزوج على الافتراق، صعوبات مادية لدى المثليات، صعوبات عاطفية نتيجة للمثلوفوبيا وغيرها.
ما الذي يمكن فعله لدى مواجهة هذه الصعوبات؟

  • تخصيص الوقت الكافي، وعدم رؤية العلاقة الزوجية كأمر مفهوم ضمنا.
  • الإصغاء فعلا إلى ما يقوله الزوج/ة.
  • التذكر بأنه في كل علاقة زوجية توجد فترات جيدة وفترات سيئة.
  • تطوير علاقات اجتماعية أخرى غير العلاقة الزوجية مع أزواج مثلية أخرى.
  • التحدث عن الصعوبات داخل العلاقة، عن الطموحات وعن الأمور الجيدة التي تحبونها.
  • التذكر لماذا اخترتم/ن هذا الزوج/ة، أو أي صفات رائعة توجد لزوجكم/تكن.
  • انتبهوا للصعوبات التي تكون عادة نتيجة المثلوفوبيا ومعالجتها.
  • تشخيص المشاكل الني تحتاج إلى علاج خارجي مثل علاج زوجي ومعالجتها في الوقت.

الانفصال

الافتراق غالبا ما يكون حدثا ملؤه التوتر والضغط النفسي، ويتسبب أيضا في الكثير من ردود الفعل العاطفية. إذا وصلت علاقتكم الزوجية إلى نهايتها فيمكن أن تشعروا بالغضب، الحزن، الراحة، الخوف، السعادة، عدم الاكتراث، وعادة ردود الفعل تتغير مع مرور الوقت. الافتراق هو حدث يولد الضغط والتوتر وذلك لأنه يثير مشاعر الفقدان، وشعور بأن كل شيء يمكنه أن ينتهي. أشخاص جربوا الفقدان في مراحل مختلفة في الماضي (مثلا موت إنسان عزيز عليهم، أحد والديهم ترك البيت، انتقلوا إلى أماكن سكن عدة مرات) وأناس حساسون للفقدان يمكن أن يكون رد فعلهم حاد نتيجة الافتراق، وأن يشعروا بالاكتئاب بسبب هذا الحدث.في افتراق الزوج أحادي الجنس توجد مشكلتان أساسيتان: المشكلة الأولى، شعور حاد بالوحدة، والتي تكون نتيجة لانعدام الدعم الكافي. يمكن أنكم حافظتم على علاقتكم مع الشخص سرا، ولذلك لا يمكنكم مشاركة أحد بأمر الافتراق، يمكن أنكم لم تطوروا علاقات اجتماعية أخرى ولدى الافتراق تكونوا قد خسرتم زوج/ة وأيضا أفضل صديق لكم. أحيانا تكون معارضة البيئة للعلاقة كبيرة إلى درجة أن رد فعلهم للافتراق تكون غير مشجعة وغير مكترثة. المشكلة الثانية، هي صغر المجتمع المثلي. ومن هنا تتولد مشكلتان إضافيتان- أولا، قلة أماكن الترفيه للمثلين/ات بحيث هنالك احتمال كبير أن تلتقي بزوجك/تك القديم في تلك الأماكن، وأحيانا يمتنع الأشخاص من الذهاب إلى أماكن كهذه. ثانيا، لأن المجتمع المثلي صغير، يمكن أن تحدد/ي موعدا مع زوج/ة زوجك/تك القديم/ة أو أن ترى/ين صديقا/ة لك مع زوج/تك القديم/ة. صغر المجتمع المثلي قد يتسبب في عدم وجود زوج/ة وهكذا هنالك احتمال للبقاء وحيدا/ة.


العنف في العلاقات المثلية

مشكلة العنف في العلاقات ألمثلية هي مشكلة صعبة ولا تحظى بالعلاج الكافي. نسبة العلاقات التي تشمل عنفا من أي نوع كان (كلامي، نفسي، مادي، جسدي أو جنسي) مماثلة لتلك الموجودة في العلاقات الغيرية. إسكات مشكلة العنف في العلاقات المثلية يعادل 10 أضعاف مما هو عليه في العلاقات المثلية. جذور المشكلة موجودة في نظرة المجتمع السلبية للعلاقات المثلية، مواقف يمكن فهمها من مضامين الجمل المختلفة مثل “هذا التصرف طبيعي لدى اللوطيين والسحاقيات”، ”يضربونك لأنك هومو”، “إذا تركتها فلن تجدي من تستقبلك” والخ. أسباب أخرى لهذه المشكلة هي أن المثليين/ات يرفضون الاعتراف بان علاقاتهم تشبه العلاقات الغيرية من حيث تواجد هذه المشكلة لديها أيضا (أحيانا توجد علاقة بين الأمرين- المثليين/ات يرفضون طرح هذه المواضيع لكي لا يزيدوا من حدة مواقف المجتمع السلبية تجاههم/ن). يتميز العنف في العلاقات الزوجية بغيرة شديدة، حب السيطرة، انقطاع عن الأطر الاجتماعية المختلفة، اتهام الزوج/ة باختلاق المشاكل، حساسية زائدة، تنكيل كلامي أو نفسي أو جسدي، استعمال القوة خلال ممارسة الجنس من غير موافقة. في العلاقات المثلية غالبا ما يتم استعمال التهديد بالإخراج من الخزانة والتشهير، استعمال العزل الموجود أصلا وبشكل حاد، صعوبة فتح الموضوع (بسبب عدم اكتراث المجتمع)، وقلة الوعي الاجتماعي للمشكلة مما يؤدي إلى المثلوفوبيا وبالنتيجة إلى عدم تلقي من يعاني من المشكلة العلاج الملائم.
لا يحق لأي أحد أن يعيش في جو من الإرهاب، أن يخاف من ردود فعل الزوج/ة، أن يعاني من العنف الجسدي، النفسي أو الكلامي، أن يشعر بالإهانة أو بالذنب نتيجة مزاج الزوج/ة. إذا كنت تعاني/ن من عنف من قبل الزوج/ة، أو أنك تخشى/ين أن يتطور الوضع إلى عنف في المستقبل، فتوجه/ي إلى استشارة فورا قبل أن يبلغكم الضرر.

(عن القوس)


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>