منفضة السجائر

لم أعد استطيع أن أحتمل حقيقة كوني منفضة..

منفضة السجائر

3176_gay-love

|بقلم: ج.ب|

لا زلت أذكر ذلك اليوم عندما رأيتك للمرة الأولى: كنت برفقة أصدقائي، كنت تجلس وحدك على الطاولة المقابلة لنا، تقرأ الجريدة، وترتشف القهوة. بعدها ذهب أصدقائي وقررت البقاء، لم تتوقف لحظة عن النظر إلي… وكنت أنا مأخوذًا برجولتك وخشونتك، قدمت لطاولتي حاملا معطفك، رميته على كرسيٍ شاغرٍ وجلست أمامي تنظر بعينيّ، شعرت بالخوف أو لربما الخجل.

سألتني: كم عمرك؟

أجبتك ويعتريني الخجل: سبعة عشر…

بدأت تتحدث من دون توقف عن نفسك وترمي إلي بأسئلة وأنا أرد بإجابات قصيرة وسريعة، عرضت علي أن توصلني بسيارتك… لا أعرف كيف وافقت، لم تنبس ببنت شفة عندما كنت إلى جانبك بسيارتك، وما أن وصلنا قلت:

- أريد أن أراك مرة أخرى.

وأعطيتك رقمي… بسذاجة السابعة عشر!

دخلت غرفتي، استلقيت على سريري أفكر بك، بصوتك، بعينيك، بفرح، بقلق، بسذاجةٍ!

بعد يومين اتصلت بي، وسألتني عن لقاء آخر، وافقت على الفور وطرت في عالم آخر.

هناك على شاطئ المتوسط اصطدتني، هناك أغويتني وأغرقتني.

يسأل الثلاثون:

- هل عرفت رجالا من قبل؟

يردُ السبعة عشر ببراءة:

- لا.

- هل أحببت رجلا من قبل؟

- لا.

يرد بمراوغة سن الثلاثين:

- هل تعرف بأنك أجمل وأنقى شاب قابلته بحياتي؟ أنتَ ملاكي!

يقف السبعة عشر ربيعًا منبهرًا أمام رجولة الثلاثين متأملا عروق يديه، متأملا صدره من خلال زرين مفتوحين أعلى قميصه.

تعلو أمواج المتوسط، ويسأل الثلاثون:

-  يبدو أنك غير مرتاح، هل تشعر بالبرد يا ملاكي؟

- قليلا.

يجيب الثلاثون بمكر:

- هيا بنا إلى سيارتي، لا أريد أن يصيبك مكروه فأنت ملاكي!

ينهض السبعة عشر، يشعر بأنه يملك الدنيا بأكملها! يمشي والثلاثون خلفه.

يهمس الثلاثون:

- أنظر إلي.

ما أن يرفع السبعة عشر عينيه حتى ينتفض الثلاثون بركانًا ويمسك السبعة عشر ربيعًا بكلتا يديه يطبع قبلة على شفتيه الورديتين، ثم يرميه إلى المقعد الخلفي ويهمس بشراسة:

- أحبك، أريدك لي، هل تحبني؟

- يجب أن أرجع إلى البيت الآن، اتصل بي.

- كما تريد يا ملاكي، المهم أن تكون مرتاحا معي.

آه يا ثلاثون غدار! يا ثلاثون خداع! تظهر لي بوجه ملاك وتوقعني في فخك! وتداهم قلبي وتحتله وتجعلني أحبك بجنون- جنون السابعة عشرة!

تتصل بعد يوم وتقول:

- إشتقت إليك، أريد أن أراك الآن.

لأول مرة اعترف وأقول:

- أحبك!

- تعال إلي متى تريد اليوم، فأنا اليوم كلي لك… ملاكي!

يقفز السبعة عشر بفرح غير مسبوق ويأخذ حماما ويخرج إلى غرفته، يقفل بابه، يقف أمام المرآة، يضع بضع قطرات من عطر “شانيل” يتناول قميصه الورديّ ويخرج.

بيته، جرائدٌ وكتبٌ هنا وهناك، علب سجائر فارغة في كل مكان، رائحته رجولية من الدرجة الأولى، نوعي المفضل!

- أهلا ملاكي … يظهر الثلاثون بقميص ابيض مفتوح الأزرار.

أبتسم لرؤيته، يجلسني على ركبتيه ويطبع خطا من القبلات الناعمة على شفتيّ وصولا إلى عنقي… ويهمس:

- أحب رائحتك الملائكية!

قبلة هنا ولمسه هناك، يحمل الثلاثون السبعة عشر ربيعًا بكلتا يديه، يضعه بحنان على سريره الأبيض، يخلع قميصه بسرعة ويفك حزامه، يرفعني وينزع عني قميصي الورديّ بعنف ناعم، ينزع بنطالي بسرعة ويهمس:

- استسلم لي.

يدخل الثلاثون بعنفٍ، انتفض بألمٍ، يهمس بهدوء:

- إهدأ حبيبي.

يستسلم السبعة عشر على وقع سحر كلمة حبيبي رافعًا يديه على السرير.

ينتفض الثلاثون بقوة، تتعالى الأنفاس والآهات للحظات ويهدأ البركان. يستلقي الثلاثون فوقي ويبدأ حوار الأنفاس، يمد يده لتعبث بجسدي بشراسة حتى النشوة!

وتمر الأيام ويثور البركان ثلاثين وثلاثين وثلاثين مرة، يرمي بي بعدها على رصيف الذكريات وحيدًا، ويذهب بحاله.

هل تعرف يا سيدي معنى الحب؟ هل تعرف بأنني أضعت سنتين من عمري معك هباء بعد أن اصطدتني هناك على شاطئ المتوسط؟

أعرف؛ بالنسبة لك أنا مجرد منفضة لسجائرك، تقف لتستريح عندي من هموم حياتك المجنونة وتنفث بداخلي رمادك، رماد حبك!

أحببتك بجنون السابعة عشرة وخدعتني ودست على قلبي بقسوة وواقعية الثلاثين!

أحببتك وكل ما أحببت فيّ هو جسدي! استعملته وعبثت به، لمسته قبلته كما أردت!

أحببتني… عفوًا يا سيدي، بل أحببت جسدي حدّ النشوة، وأحببت كل ما فيك حدّ الجنون!

أما الآن فأني آسف، لم أعد استطيع أن أحتمل حقيقة كوني منفضة سجائرك ولن أكون بعد الآن. أعرف أنك لا تكترث ولا يهمك؟! فربما لديك سبعة عشر ألفًا من ذوي السبعة عشر ربيعًا! أما أنا يا سيدي فلدي ثلاثون ذكرى حزينة معك!

بينما أكتب عنك الآن لربما أنت تتمرغ بأحضان شابٍ بغيٍ منهكٍ تخدعه ببضع مئات حقيرة، أو تصطاد على شاطئ المتوسط سبعة عشر ربيعًا آخر…

وتريد أن نرجع سويًا؟ يا من أضحكتني حدّ البكاء وأبكيتني حدّ الضحك بل الرقص!

بعد أن كنت كل حياتي، وكنت منفضة سجائرك واليوم في عيدك الواحد والثلاثين أقول لك: أن نرجع يا “ملاكي” فذاك واحد وثلاثون مليون مستحيل!


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

10 تعقيبات

  1. بجد رائع جدا بس انا شايف انك عممت القصه على سن الثلاثين وصورتهم كلهم فى صورة شياطين وتجاهلت المقوله اللى بتقول (صوبعك مش زى بعضها) فذا كان فى 1000 وحشيين اكيد فى زيهم حلوين مع العلم انى 20 مش 30لاكن بجد سردك للاحداث فوق الرائع وتعبيراتك جميله جدا والقصه فيها عامل التشويق اللى هو اساس نجاح كل قصه للامام ديما ومنتظرين الجديد

  2. انت أكثر من رائع صدقني الحب ليس جسد بل مشاعر واحاسيس مستمرة قلبك رقيق وقلب ملاك فلا تنظر الى الناس من منظار هذا الثلاثين الاناني

  3. رائع جداً .. نتظر المزيد من الإبداع

  4. You certainly deserve a round of applause for your post and more specifically, your blog in general. Very high quality material!

  5. ساقول لك ما كنت ساقوله لصديقة : رجل و كلهم سواء

  6. عدي شو خص هاي بهاي؟!

  7. عزيزي انت انسان رائع وليس منفضه سجائر! المشكله ليست فيك بل بالمجتمع المحاصر بالغباء والجهل و التخلّف و لا يرى سوى المشاكل السخيفة. إن المثلية الجنسية هي من الحقوق الفردية و الشخصية بحت. كل ما في الموضوع أن العالم العربي لا يحب الحرية و لا يعترف بالآخر .

  8. u r so sweet boy, very nice writing!

  9. نص رائع!
    استعملتَ مصطلحات وأساليب لغوية وتعابير إبداعية (سبعة عشر / ثلاثون) لكن باعتقادي أن التكرار أفقدها شيئًا من بريقها.
    إلى الأمام أدبيًا وعاطفيًا :)

  10. أكثر من رائع

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>