كلمة مديرة “القوس” في مؤتمر “أصوات”- أيار 2012

ترى القوس أن التحديد الغربي الذي جرى خلال المائة عام الأخيرة لوجود “غيرية حصرية” وبالتالي مثلية كانعكاس غير طبيعي للغيرية لهو سعي برجوازي ناجح لفرض تقسيم بنيوي بين الغيري (الطبيعي) والمثلي (الشاذ) وبالتالي السيطرة على المثلي من خلال تقبله ولكن بشروط” الفصل” بمعنى نحن هنا وأنتم هناك. ويذكر هذا بخطاب اليسار الصهيوني الذي أصلا أنشأ مبدأ الفصل. نحن في القوس نتحدى هذا الخطاب ونسعى لأن نكون جزءا عضويا من الحراك الكويري العالمي ضد الهيمنة على أشكالها الاجتماعية والسياسية وأيضا من خلال تفكيك الغيتو المثلي الذي يشكل “رد فعل” على الهيمنة الرأسمالية الغيرية أكثر مما يشكل هوية مبلورة مؤثرة واصيلة، نحن في القوس نتبنى الخطاب الذي يضع “الكويري” في المركز وليس كحالة انفعالية او استباقية، ولكن كفرد يعيد صياغة العلاقات الاجتماعية والسياسية من وجهة نظره، وجهة نظر “المضطهدين سابقا” .

كلمة مديرة “القوس” في مؤتمر “أصوات”- أيار 2012

l حنين معيكي l

كيف ممكن ان نلخص “النشاط المثلي والكويري  الفلسطيني على مدى السنوات العشر الأخيرة من وجهة نظر داخليّة  لناشطين وناشطات عملن على موضوع المثليّة الجنسية في المجتمع الفلسطيني” (عنوان الجلسة الاولى في مؤتمر اصوات) في عشرة دقائق وفي اطار مؤتمر احتفالي وفي ذكرى اليوم العالمي لمناهضة الهوموفوبيا – ذكرى التي سبق وان كتبت عن خطورة تبنيها كمركز خطابنا وعن محدوديات “الهوموفوبيا” كاطار نضالنا الكويري المثلي المحلي. ولكن من تجربتي في خلال العقد الاخير يمكننا ان نرى ان هذه التضاربات هي لب مسيرة النشاط المثلي الفلسطيني وساحاول في وقتي القصير المرور بنا على بعض المحطات الرئيسية التي تجسد برأيي التغييرات التي مرت بها القوس لتكن مجموعة لها قاعدة شعبية واسعة وبالأساس لتكن مجموعة ذات صلة مع واقعنا وسياقنا المحلي الفلسطيني والتي تلعب في السنوات الاخيرة دورا سياسيا ذي تأثير على المجتمع المثلي والمحلي وحتى العالمي. تأثير الذي على غير السنين الاولى يمكننا قياسه ولمسه في صور مختلفة من التغيير.

 ولكن قبل ان ننتقل الى عرض هذه المحطات الرئيسية بودي ان اشارككم بثلاث معايير مهمة التي استعملتها قيادة القوس في السنوات العشر الاخير كبوصلة لعملنا, لنجاحاتنا والاهم للتعامل مع التحديات اللانهائية التي نواجهها من خلال عملنا. المعيار الاول هو ان النجاح يتم قياسه في النهاية على اساس قدرتنا كحركات مثلية وكويرية على تغيير الخطاب الاجتماعي والسياسي الجنساني. الهدف ليس فقط تغيير الخطاب وإنما قدرتنا على تنميته وتطويره بشكل مستمر لضمان تواصلنا الدائم مع واقعنا وسياقنا العام. لا نقصد بالخطاب فقط الخطاب “الخارجي” وإنما ايضا خطابنا “الداخلي.” فجوة بين الاثنين تدل بالضرورة على الحاجة لإعادة التفكير بأهدافنا وممارستنا. المعيار الثاني هو الممارسة. نؤمن بالقوس انه لا توجد أي حاجة او نفع من خطاب راديكالي (او ليبرالي) مؤثر ايا كان اذا كانت  الممارسة بعيدة عن ما يمثله خطابنا. خطاب وقيم واستراتجيات القوس والتي ما زلنا مستمرون ببحث نجاعتها (وتغييرها عند الحاجة) مستوحاة من دراسة وتحليل مستمر لتجربتنا في الحقل وممارساتنا اليومية ومقارنتها مع ما ندعو ونسعى اليه. وجود فجوات بين الممارسة والخطاب كانت دائما علامة اضافية لزيارة مجددة لعملنا. احد الدروس المستفادة كانت ضرورة توفير حيز ثابت داخل المجموعة والذي يصنف ويعتبر النقاش الداخلي المستمر والمبني كاستراتيجية  مهمة للعمل والتطور لا تقل اهمية عن استراتيجيات عملية اخرى. المعيار الثالث له صلة بفهمنا وتذويتنا كون القدرة على التغيير والتحول المجتمعي تبدأ من القدرة والقابلية للتغير الداخلي. المرونة في هذا الجانب ضرورية لاحتواء التغييرات الحتمية التي سنواجهها, شئنا او ابينا, كحركات مثلية (او أي حركات) عند تواصلنا مع افراد المجتمع المثلي والمجتمع العام. الوهم انه بامكاننا اغلاق شهر او سنة او عقد من النشاط بدون ان نضطر للمخاطرة والتغير هو عقبة خطيرة في سيرورتنا. المرونة في هذا المجال تضمن ان نبقى مؤثرين وتضمن قراءة صحيحة للفرص والتحديات الخارجية ونقاط القوة والضعف داخل مجموعاتنا.

 المحطات المركزية التي سأذكرها هنا تتمحور بالاساس حول مسيرة التحول في خطاب القوس الداخلي والخارجي, الفردي والمجموعاتي والاجتماعي والسياسي كجانب، عادة ما يهمش على حساب عرض الانجازات العملية التي لن اعرضها هنا. عند التفكير بسيرورة تطور خطاب القوس في العقد الاخير بامكاننا عرضها على انها قصة لها جانبين رئيسسيين.

 الجانب الاول متعلق بالتغير والتحول الدائم في تعريف القوس الذاتي.  مصدر تعريفنا لذاتنا هو حقل عملنا وتحديد استراتجياتنا نابع من ترجمة هذه التجربة وتحليلها. خلال العشر سنوات الاخيرة  رأينا كيف بدأ القوس كمجموعة مقدسية تعمل كقسم من مؤسسة اسرائيلية غير مسيسة في اواخر ال 2001 لتتحول الى الجمعية الرسمية الاولى للمجتمع المثلي الفلسطيني التي سجلت في عام 2007 وحتى تعريفنا الجديد باننا بالاساس مجموعة ناشطين وناشطات تعمل على تغيير واقعها وتسعى لتحويل وتكسير الهرمية الجنسية والجندرية السائدة في المجتمع كالهدف الاساسي. القوس رأت اهمية كبيرة بتعريف دورها كمجموعة لديها طموحات كبيرة ودور سياسي ولكنها اختارت ان يكون “تمثيل المثليين الفلسطينيين” ليس احدهم. بالإضافة رأت القوس حاجة لتنظيم وتأسيس عملها في اطار جمعية ولكن امنت دائما ان مساهمتها الاساسية هي في بناء وتعزيز الحركة الجنسانية الفلسطينية الاوسع, الترويج لخطاب جنساني جديد وليس الترويج للمؤسسة. لعل اهم تغيير قادته القوس هو تحدي الصور النمطية  “للمثلي” الفلسطيني, منتوج عقود طويلة من الطابو على الجنسانية وعمليات استغلاله في احيان كثيرة لأغراض سياسية تخدم المصالح الاستعمارية لدولة اسرائيل. التحول المركزي كان من صورة الضحية – ضحية المجتمع, العائلة والمؤسسة  -  الى صور جديدة  لفرد وناشط له وكالة وتأثير على ذاته وأقرانه ومجتمعه. النقطة الاخيرة والتي كان بإمكانها ان تأخذ شكلها النهائي فقط بعد دراسة وتحليل كل النقاط اعلاه وهي متعلقة بقدرتنا على تحديد “متطلباتنا” من المجتمع. وبالضبط هذه هي القضية – ليست لدينا “متطلبات” من المجتمع ولا نضع انفسنا مقابل او خارج المجتمع حيث قامت قيادة القوس على مر السنين بإلغاء مصطلحات عديدة من قاموسها مثل “التقبل” و “المساواة” واستبدلتها بكلمات اخرى تحوي بشكل اكبر رؤيتنا بأننا جزء لا يتجزأ من المجتمع وتعبر عن طموحاتنا بتحول مجتمعي اوسع الذي يضمن عدالة وكرامة لكل فرد ومجموعة.

 الجانب الثاني من المسار يلقي الضوء على الخطوات التي قادتها القوس للخروج من القوقعة المثلية. هذه الخطوة لتوسيع خطابنا وعملنا وفرت لنا قراءة جديدة للواقع وفرصة لتحديد اهدافنا ونضالنا بمصطلحات جديدة. لطالما تقع مجموعات مثلية (وعربية أيضا) بفخ الترويج للقهر والنضال المثلي على انه “خاص” و “مميز” وتنسى ان نضالنا في الاساس هو مناهضة المؤسسات الابوية وأنظمة الضبط الجنسي وتحدي المعايير الجندرية والجنسية التي طالما ما صورت كحقائق مثل الغيرية البحتة. هذا الاطار الجديد لنضالنا أثر بالأساس على كيفية تصورنا لعلاقة القوس مع الخارج وتحديد استراتيجيات عملنا للتغيير والتحول الاجتماعي. بشكل اساسي قيادة القوس ركزت على ثلاث اشياء رئيسية:

 الاول اعادة صياغة علاقتنا مع المجتمع العام. القوس ترفض التقسيم الغير عضوي “للداخل” و “الخارج” الذي ايضا نراه في هذا المؤتمر في صورة تقسيم جلستي المؤتمر لجلسة اولى يتحدث بها “المثليون” وجلسة ثانية تستضيف “اصدقاء” المثليين. اذا اردنا تعزيز موقعنا وشرعيتنا في هذا المجتمع مهم ان نبدأ بتفكيك القطبية بين الخارج والداخل والتوقف عن وضع انفسنا مقابل المجتمع. باعتقادي هدفنا ليس بناء جسور بين المجتمع المثلي والمجتمع الخارجي وانما ان نسبح في نفس النهر لنغير مجراه مع بعض – اذا عجزنا عن الترويج لنضالنا على انه نضال مجتمعي اوسع وليس مثلي فقط فسنفشل ان نؤثر بشكل مستديم.

 النقطة الثانية كانت التركيز على خصوصية التجربة والسياق المحلي وفهم تركيبة الجنسانية والمواقف حولها في المجتمع الفلسطيني والحذر من استيراد استراتيجيات لا تمت بصلة في كثير من الاحيان لواقعنا. ان تبني المفاهيم الغربية رهاب المثلية, الخروج من الخزانة, الظهور والفخر تطرح في كنفها قطبية التي تعزز مفاهيم اخرى مثل العار والخباء والخوف وتحدد اهدافك (مناهضة رهاب المثلية) والهدف الاخير لسيرورتك (الخروج من الخزانة) واستراتجياتك (الظهور والفخر). لم يكن تحليلنا هذا ليقتصر على محدودية تبني هذه المفاهيم في عملنا وإنما وسعت الى نقد يسلط الضوء على رؤية هذه المفاهيم والهيمنة المثلية الغربية كصور جديدة للاستعمار الثقافي. ( لقراءة إضافية: من قلب تجارب النشاط المثلي العربي – فرص وتحديات)

 النقطة الاخيرة هي عملنا ودورنا السياسي. قيادة القوس وأعضاءها (وبالرغم من النقاش الداخلي المستمر والمهم حول الكيف والكم) ترى انه لا يمكن فصل نضالنا عن العمل السياسي ضد الاحتلال والاستعمار. الحركة المثلية والكويرية الفلسطينية شاءت ام ابت هي قسم من القضية السياسية وحتى لو انها لم تشترك بشكل فعلي بمناهضة صور الاستعمار والاحتلال – التي لا تفرق بين مثلي وغير مثلي – اصبحت قضيتها واسمها رهينة لالعاب سياسية. اكبر مثال على ذلك هو استعمال حقوق المثليين وتشويه صورة المثليين الفلسطينيين على يد حكومة اسرائيل لغسل جرائمها بحق الشعب الفلسطيني.

 لقد حاولت اعلاه عرض بعض المحطات الرئيسية في سيرورة القوس في العقد الاخير من خلال القاء الضوء على التحول في الخطاب, اطار النضال واستراتيجيات العمل. من هذه النقطة المفصلية علينا ايضا ادراك بعض التحديات المهمة والطارئة التي يجب علينا كحركات مثلية الانتباه اليها والتي حاولت القوس الرد عليها بعد دراسة عميقة في ومبادرات مختلفة في خطتها الاستراتيجية الجديدة.

 التحدي الاول يتمحور حول مكانة الفرد من هذه السيرورة ودوره. بعد التركيز على بناء قيادة واسعة وتعزيز النشاط الاجتماعي والسياسي في داخل القوس والدخول في مسؤولية (او ميمعة) التغيير الاجتماعي في السنوات الخمس الاخيرة يجب الرجوع عدة خطوات والتساؤل حول كيفية ربط هذه المفاهيم وتصورنا للنضال مع حاجيات المجتمع المثلي الفردية, النفسية والاجتماعية. القوس تصب جهدا كبيرا في الاشهر الاخيرة لبناء اطر ملائمة وجديدة تضع الفرد في المركز والتي تطمح في تكملة مسيرة بناء مجتمع مثلي وكويري فلسطيني فعال.

 التحدي الثاني يخص خطاب “المتقبلين للمثلية.” هنالك من يرفض الاعتراف بوجود صور وهويات وسلوكيات جنسية وجندرية مختلفة عما هو سائد ومعياري وهذه هي حقيقة. وهنالك هؤلاء الذين يعترفوا بوجود افراد لا تنطبق عليهم هذه المعايير – ولكن المفاجأة عند العمل مع هذا الشق من المجتمع هي التزايدد المقلق في خطاب ليبرالي جديد-قديم. هذا الخطاب يحاول اما ان يصور القضية على انها قضية متعلقة بالجنس فقط “فش عندي مشكلة مع المثليين ما دام بيعملو سكس بالبيت”  او انه يجرد القضية من الجنس اصلا “ليش لازم تحكوا عن الجنس كل ما بتحكوا عن المثلية” – طرفي هذا الخطاب يؤكدان ان وسواس الجنس ليس عند المثليين وانما عند هؤلاء الاشخاص. فتعالوا اول شي نتفق انه الجنس شي بخوفش ولا بقرف. عنجد. للاسف هنالك جانب اخر للخطاب الليبرالي الذي ينتقد التنظيم المثلي ووجود مجموعات مثلية “ليش لازم اصلا يكون في مجموعات للمثليين؟” ويصور – مع اتهام مباشر او غير مباشر – محاولات تجمعنا على انها محاولات تجزء النضال وتضعفه. ونحن نسأل عن اي نضال نتحدث؟ تكمن خطورة هذه الخطابات بمحاولة تقليص اهمية النضال المثلي والكويري وإلغاء خطابنا ووجودنا في المجتمع بشكل جديد وبحجة الليبرالية والتقبل. القوس تلتزم في خططها المستقبلية بالعمل المباشر مع مجموعات شبابية سياسية واجتماعية وتوفير حيز مباشر ومسؤول للخوض في هذه النقاشات المهمة في محاولة لخلق مشترك لخطاب جديد.

 التحدي الاخير يتلخص بتوجهنا للمجتمع العام والسؤال الاساسي: هل نريد ان نغير المجتمع او ان ندع المجتمع يغيرنا؟ هل باستطاعتنا الوقوف امام الاغراء ان كل ما تشبهنا بالغيرية, وتقوقعنا في مبنى ومؤسسة العائلة, واستهلكنا الاعراف والانماط الجنسية المتعارف عليها, كلما ما تقبلونا اكثر. القوس وضعت امام عينيها هدف زعزعة مباني القوة وتكسير قوالب المجتمع ولن يتم ذلك الا اذا استطعنا عرض خطاب شامل يلقي الضوء على كيف ان الجنسانية والجنس ورغبات كل فرد تضبطها مؤسسات الذكورية والابوية وكيف ان الغيرية البحتة تحدد اختياراتنا وتفرض ما هو مقبول وغير مقبول. النضال الجنساني لا يجب ان  يتقلص الى حقوق, حميمية, صحة, حب وحرية جنسية وانما بالأساس يجب ان يتمحور حول مقاومة وتفكيك هذه المؤسسات ونقدها بشكل دائم والعمل على زيادة الوعي للصور والسلوكيات التي بها تتجسد هذه المباني في حياتنا اليومية.

 ترى القوس أن التحديد الغربي الذي جرى خلال المائة عام الأخيرة لوجود “غيرية حصرية” وبالتالي مثلية كانعكاس غير طبيعي للغيرية لهو سعي برجوازي ناجح لفرض تقسيم بنيوي بين الغيري (الطبيعي) والمثلي (الشاذ) وبالتالي السيطرة على المثلي من خلال تقبله ولكن بشروط” الفصل” بمعنى نحن هنا وأنتم هناك. ويذكر هذا بخطاب اليسار الصهيوني الذي أصلا أنشأ مبدأ الفصل. نحن في القوس نتحدى هذا الخطاب ونسعى لأن نكون جزءا عضويا من الحراك الكويري العالمي ضد الهيمنة على أشكالها الاجتماعية والسياسية وأيضا من خلال تفكيك الغيتو المثلي الذي يشكل “رد فعل” على الهيمنة الرأسمالية الغيرية أكثر مما يشكل هوية مبلورة مؤثرة واصيلة، نحن في القوس نتبنى الخطاب الذي يضع “الكويري” في المركز وليس كحالة انفعالية او استباقية، ولكن كفرد يعيد صياغة العلاقات الاجتماعية والسياسية من وجهة نظره، وجهة نظر “المضطهدين سابقا” .

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

6 تعقيبات

  1. إذا أردنا تحليل واقعنا من منظار “كويري” أو وصف سلوكيات مجتمعية ب”هيترونورماتيفية” يتوجب التطرق الى مجتمعاتنا (العربية\الفسطينية) كمستَعمرة ومتأثرة بالامبريالية الأمريكية- خصوصاً. لكن برأيي لسنا بكويريين تماما (لربما جزءيا) ومجتمعاتنا ليست “هترونورماتيفية” (لربما جزءيا). هذا هو الفرق بين التنظير (الممتاز طبعا) وبين التغيرات على أرض الواقع.
    مفهوم كلمة خطاب مسييس (ككل حياتا طبعا) لكم مهم جدا الإعتراف بهذه التسييس، لاأعتقد أن على الحركات المثلية أو الحراك المناهض للسياسات قامعة أن “يخلق” أو “يطرح” خطاب، ففي هذا إعادة لإسترجاع التراتبيات الاجتماعية. أصل إستعمال خطاب- حتى في مفهومة الفوكودي- كان يشير إلى كون الخطاب أليّة تهذيبية.
    وكلمة خطاب في اللغة العربية- تعني منافشة أو حوار وهذا جيد- ولكن لها أيضا معنى التهذيب.

  2. بس نقطة كمان مرة للتوضيح المقال بيسرد مسيرة القوس وتطور خطابه على مر العقد الاخير. المحاولات الي عم تحاول تفسر المقال على انه تهجمي او “ضد” اصوات” فيها كثير من خيبة الامل.

    النقطة بان الخطاب والمقال استعلائي او مش استعلائي فهمتها بس لا تساعد ان نتقدم. ولكن ما هي نقاط الجدل الي بتنتقد سيرورة القوس هذه؟ لحد اسا لم يكن طرح موضوعي الي بركز على النقاط الي نطرحت في الكلمة. المقالة بتطرح توجه اخر (تطوير خطاب اوسع من المثلي, التركيز على تحليل التجربة المحلية الخاصة, تبني مشاريع التي لا تقسم المجتمع ونقاط اخرى لم افهم كيف انها بتطرحش تفكير جديد) واذا الشي مش واضح باخذ على عاتقي قسم من هذه المسؤولية بس اكيد مش كلها :)

    كمان اشي اخير هدف المقال مش تبشيري وانما كمان محاولة لفحص مشترك كيف الحركة المثلية بتعرف نفسها في السياق العام ؟ طبعا في 1000 اختيار متوفر امام كل مجموعة والقوس اختارت توجه معين واستطاعت بواسطته ان توفر مساحة اذا كان عبر كويريات او مشاريع اخرى للحديث عن مواضيع التعددية الجنسية من منظور جديد. نحن نؤمن بتوجهنا ولكن مش متزوجينه وانما بنبحث بمدى صلته بالمجتمع بشكل دائم ومستمر وبنغيره عند الحاجة. حتى الان كل التعقيبات على الخطاب كانت اجابية وعبرت عن عطش لحيز جديد الي ممكن يكون فيه خلق مشترك وتصور جديد عن الجنسانية في مجتمعنا ومش بس مساهمة من جهة معينة.

  3. مرحبا,
    كنت متواجدة في المؤتمر وانا مش جزء من اصوات ولا من القوس وبعد قراءة المقال والتعليقات حسيت حالي مجبورة اشارك بشعوري واستيائي من اللهجة واللغة المستخدمة في المقال وفي التعليقات. ورايحة احكي بلغة بسيطة ومش بلغة عالية ومركبة (مش لعدم قدرتي على استخدامها بس لانه بفكر انه تعبنا منها). عندي اكم نقطة اقولها:
    1. اه بفكر انو خطاب المقال استعلائي, بكسر كل القوالب وللاسف ما بطرح بديل للتفكير. وخسارة. انا شخصيا لم استفيد من هادا الطرح ولم يجدد لي اي شيء. طرح اللي بكسر كل القوالب المعروفة هو مش طرح جديد (متعودين عليه من السياسية) وبنظري فيو ايشي طفولي وبدائي لانه اجا الوقت نقول شو بدنا ومش بس شو بدناش وشو مضايقنا. بنظري هادا الطرح لا يشكل تحدي حقيقي للمستمع بل على العكس.
    2. بفكر انه في خربشة بين الراديكالية وبين طرح هجومي وحربي. مش كل ما كان الطرح اكتر حربي ورافض للقوالب الموجودة يعني كان اكتر راديكالي. شو فائدة الطرح ”
    “الراديكالي” اذا ما نجح انه يجيب ايشي جديد؟
    3. اللي بقرا التعليقات بحس حاله وكانه بحرب. الطرح الموجود هو عنيف للغاية ومش اذا استعملنا كلمات “مثقفة” ومركبة يعني هاذا يعفينا من التنظير على حالنا وعلى لغتنا والاجواء التي نغلقها. وين التغيير الاجتماعي اذا بدنا نتعامل هيك مع بعض وننسى انه علينا تغيير اللغة الابوية والعنفوانية ؟
    4. بفكر مهم التعددية في الطرح وفي الاراء وبفكر انه هادا ممكن يكون جمال الطرح المثلي الفلسطيني. القوس واصوات مش مجبورين يجيبوا نفس الطرح بل بالعكس, الاختلاف بينهم ممكن بس يزيد من عمقه. وخسارة انه في احساس وكان في حدا لازم “يغلب”.
    5. القضية لازم تكون قضية واحدة والاهداف لا بد انها تكون مشتركة (حتى لو كانت اختلافات فيها) وبدل ما تنشب ال”حرب” بين اصوات والقوس, تذكروا انه طاقاتكم لازم تكون موجهه للمجتمع, مش طاقات غضب وبس بل طاقات سلمية وثورية بنفس الوقت.
    6. واللي بنتقد “البرجوازية” مش لازم يمتنع عن استخدام كلمات باللغة الانجليزيه؟
    7. واخيرا بتمنى لكم ولنا جميعا عمل مشترك وطاقات اجابية وسلمية لانه من غير هيك لا يمكن للطرح ان ينجز التغيير في نفوسنا وعقولنا.
    8. وشكرا

  4. اللي كان بالمؤتمر أكيد لاحظ التفاوت الشاسع بين مستوى الطرح القوسي والأصواتي، بين النقد والنقد الذاتي وتطوير خطاب يمت بصلة لمعطياتنا ويؤثر في محيطنا مقابل خطاب الشعارات الممل ذاته، بين خطاب ينم عن تفكير واستراتيجية وخطاب المشاعر الاستضحائية… وبعد هيك بتيجي “صوت من أصوات” تزاود!! اغرشي.
    (مع احترامي لأصوات وتقديري لجهود الناشطات – آه وكمان شغلة: أنا مش بالقوس، رأيي كتبتو بموضوعية وبناءً على شو شفت).

  5. اولا كثير شكرا على التعليق ويعطيكوا الف عافية على المؤتمر. مبسوطة انه الكلمة اثارت جدل وكنت بحب نطور النقاش على طول. الكلمة نكتبت من الفهم ان السياق ومفهوم الجنسانية بسياقنا هو اشي مركب واذا هذا ما كنش واضح في كلمتي ففي اكيد مشكلة ولكني ساحاول توضيح بعض النقاط ولكن قبل ذلك يجب التوضيح ان هذه الكلمة حاولت وصف سيرورة عمل القوس وبالاخص تطور الخطاب “الداخلي” و “الخارجي” وليس نقد او ذم لاصوات وعملها :)
    1) سبق وان كتبت مقال طويل عن الموضوع ولا ارى حاجة لاعادة نقاط الجدل مرة اخرى – معروف توجهي وموقف القوس من هذه المواضيع حيث كتبنا عدة مرات عن هيمنة المفاهيم والتنظيم المثلي الغربي وبعرف انه اللي حاكيته ما كانش مفاجاة لحدا :) ولكن للاجابة على هذه النقطة لا ارى ان نقدي يلغي وجود رهاب المثلية او لا يعترف بوجوده وخطورتها اذا كان داخل المجموعات المثلية او في المجتمع ولكن نقطة الجدل هي على الكيف وباي اطار.
    2) لا حاجة لان نكون دفاعيين كثير واكيد حطيتوا جهد كبير بالتفكير بتقسيم المؤتمر والاجابة على اهدافه ولكن هذا لا يلغي ال observation ان هذا التقسيم (اذا تم بشكل واعي او لاواعي) ممكن ان يعكس تعاملنا مع المجتمع واي دور نحمل المجتمع في هذا النضال. كناشطين في هذه الحركات تعلمنا ان هذه الانعكاسات اذا كانت في ال setting او في الرموز التي نستعملها او كيف نصيغ كلماتنا بامكانها ان تكون الية اضافية للنقد الداخلي وتطورنا. من اجل تحليل تجربتنا بامكاننا استعمال اشياء واضحة ومباشرة ولكن بامكاننا ايضا الالتزام ان نحفر عميقا اكثر في محاولة لفهم ممارساتنا وتاثيراتها في مستويات متوفرة بشكل محدود. وبالنسبة للشراكة والنقد – القوس لم تكن شريكة باي مرحلة لتنظيم هذا المؤتمر ودعينا لاشتراك في البانل الاول واستعملنا هذه المنصة للمساهمة بتطوير الخطاب حول التعددية الجنسية ومنها هذه النقطة واعتقد ان كيفية التعامل مع أي نقد هي علامة اكثر اهمية لمفهوم الشراكة والنقد البناء ومش بالضرورة ان كل نقد يعني رفض – بالمرة مش هيك :) وبحب انه نطور نقدي بدل من وصفه على انه “تذمر” – بذكرني بالمقولة “النسوية الغاضبة” نقطة التي استعملها المجتمع لرفض نقد النسويات لمؤسسات المجتمع الذكورية فتعالوا ما نعيد انتاج هذه القوالب ونشترك بتطوير النقد من داخل مسؤولية مشتركة للهدف الاكبر.
    3) اعتقد ان هنالك توجهين رئيسيين عند النظر لهذه النقطة الاول ينظر للمجتمع وافراده كاصحاب وكالة ويعطيهم شوية كريديت ان بقدرة الفرد ان يتعلم ويخوض هذه النقاشات من موضعه وهنالك التوجه الثاني الذي انطرح في نقطتك الذي يحاول تقليص نقطة جدل مهمة عن طريق تصويره على انه استعلائي ولا يمت بصلة للمجتمع وافراده “الغير قادرين على فهم نقطة معينة” – انا بفكرش هيك عن المجتمع واذا كان الشي صحيح هذه مسؤوليتنا المشتركة لتفكيك الخطاب ليكن متوفر اكثر وله صلة مع المجتمع. القوس ساهمت كثيرا على مدار السنة الاخيرة بتفسير الكويرية بعدة طرق واهمها ليست المقالات وانما كيفية بناء المشاريع واختيار الاستراتيجيات. بدي استغل الفرصة واقول انه الكويرية هي مش هوية وانما عدسة اضافية نرى بها المجتمع وعلاقات القوة كما فسرت في نهاية كلمتي.
    4) اعتقد ان هذه النقطة irrelevant وارفض ما تحمل من رموز ومعاني واتهامات مبطنة ولكن ردي هو على مستويين الاول وهو الممارسة – هنالك عدة مجموعات غير مسجلة وتستعمل ثقافة ال NGO – النقد على هذه السيرورة الخطيرة لم اخترعه من عندي  ممكن قراءة ما كتبته نسويات مثل اصلاح جاد وزينة زعتري عن ال NGOZATION OF THE ARAB WOMEN’S MOVEMENT . وهنالك المستوى الثاني وهو المستوى القانوني – حسب قانون الجمعيات كل جمعية مسجلة يجب ان تستعمل “ج.م” كقسم من اسمها الرسمي حيث تعني “جمعية مسجلة” او “جاجة محشية” كما نسميها في القوس كنكتة داخلية :)
    5) لم افهم هذه النقطة وممكن ان عدم فهمي نابع من دهشتي ان هنالك من يرى ان في الامكان تلخيص كل النقاط اعلاه وكلمتي هذه على انها خطاب استعلائي لا يمت بصلة لمجتمعنا – بتامل انه واضح للجميع ان هذه المقولة بعيدة على ان تطرح اي نقطة جدل التي تتحدى وتطور نقدي هذا وللاسف تحمل في طيها الكثير من التضليل والمغالطة.

  6. لا شك بان الأمور هي ليست بتقطبيّة وانما هي مركبة تطلب مراجعة في كل خطوة ووفقا للسياق التي تحدث به.
    وهنا اريد التوقف عند بعض النقاط التي ذكرت اعلاه. (التوقف عند جميع النقاط سيتطلب مني كتابة مقالة :))

    كنت اتوقع من “الكلمة” أن ترى ايضا التركيبة وسياق العمل على الجنسانيّة والهويات الجنسيّة والهرميّة الجنسانية.
    1. الاعتداءات على المثليين والمثليّات وتعنيفهم العاطفي النفسي والجسدي هو وضع موجود في مجتمعنا. اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثليّة هو يوم يناضل من اجل وقف هذا التهكم. وممكن بنا ان نرى هذا اليوم كأداة لنتواصل مع ناشطين وأفراد آخرين عالميا يطالبون بوقف العنف تجاه المثليين والمثليّات وباقي الافراد الذين يحملون ميول جنسية لا تتوافق مع الميول الجنسيّة المهيمنة. ما المشكلة بأن نكون جزء من الحراك العالمي ضد تعنيف المثليين؟
    2. بالنسبة لرفض التقسيم الغير عضوي المطروح أعلاه فالمهم ذكره ان هذا لم يكن فصل وانما كان تمركز في هدف كل جلسة من الجلسات. فالجلسة الأولى جائت لتطرح وجهة نظر الناشطين الذين عملو خلال العشر سنوات الأخيرة على موضوع الميول الجنسيّة وان تستعرض نظرة الى الوراء على الانجازات (ان كان هناك انجازات) وعلى التحديّات التي وقفت في طريقهم ليصلو الى هدفهم من وراء نوع نشاطهم.
    الجلسة الثانية جائت لتطرح كيف أثّر العمل والنشاط المثلي على مجتمعنا، من خلال وكلاء يؤثرون على الفكر المجتمعي (من الاعلام، من الاكاديميا، ومن عاملين على التربية الجنسيّة). لم تكن هناك لافتة على رأس المشاركين لتكشف من هو مثلي ومن لا. ولم يكن هدف وجود جلستين الفصل.
    واذا كان هناك رفض بهذه الحدّة اتسائل اذا توجهت جمعيّة القوس لأصوات لتطرح اعتراضها هذا وتقترح طريقة لجلسات أكثر “عضويّة”. أنا أؤمن بالشراكات وبالنقد البناء وإن رفضنا شيء بهذه الحدّة فأليس من واجبنا ان نأتي باقتراح بديل؟ او على الأقل بجلب هذا النقد في مرحلة ممكن ان يجلب تغيير من أن نأتي للمؤتمر لنتذمّر عن “رفضنا”؟
    3. اتسائل حول الخطاب “الكويري” ورؤية القوس نفسها كجزء من الخطاب الكويري العالمي حين غالبيتنا هنا لا يعرف ما معنى كويري ومن هو الكويري في السياق الفلسطيني؟
    4. مجموعة أصوات هي ليست بجمعيّة مسجلّة ولم تقم بتسجيل نفسها كجمعيّة في العشر سنوات الأخيرة لان هذا ليس من اسس اهتمامها ان تسجّل نفسها كجمعيّة. بحيث ان نرى ال (ج.م) كجزء واضح في لوغو جمعيّة القوس.
    5. ان الخطاب برأيي لخطاب استعلائي اشك في مدى مناليته للفئات المختلفة في مجتمعنا.

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>