أمسية خاصّة لتعميم إرث وأدب سلمان ناطور

أمسية خاصّة لتعميم إرث وأدب سلمان ناطور

ندى ناطور تفتتح أول زاوية مطالعة لكتب ناطور وغرفة الإبداع التي استخدمها خلال سنوات عمله في مركز مساواة · من بين المؤسّسات التي طلبت مرافقة مشروع تعميم إرثه: اتحاد الكتاب العرب ومنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسّسة “مدار”

salman-2

أيناس ناطور تتحدّث عن والدها الراحل

|خدمة إخباريّة| 

غصّت ساحة مركز الكرمل الثقافي التربوي الحقوقي في مدينة حيفا، يوم الأحد الماضي، 3 تموز 2016، بعدد كبير من أصدقاء وعائلة الكاتب الراحل سلمان ناطور، وذلك في لقاء خاصّ تم خلاله استعراض برنامج تعميم إرث الكاتب والمسرحي ابن دالية الكرمل. وشارك في اللقاء عدد كبير من القيادات السياسية والأهلية والثقافية، والذين تحدّثوا عن إمكانيات تعميم إرث المبدع المُلقّب بـ “سادن الذاكرة”. وتمّ تصميم ساحات مركز الكرمل من قبل نجل سلمان ناطور، إياس، بأسلوب يُذكّر بأمسية توقيع روايته الأخيرة “هي، أنا والخريف”.

افتتحت الأمسية مركزة البرامج في مركز مساواة عرين عابدي، والتي عملت إلى جانب ناطور خلال السنوات الأخيرة، وقالت: “نلتقي اليوم في حفل استذكار لزميل ومبدع يستحقّ التكريم والتقدير والعمل على احتضان إرثه بمناسبة عيد ميلاده الـ 67 بحضور عائلته وأصدقائه والمؤسّسات التي تعاون معها على مرّ سنين عطائه. وتحدّث مدير المركز جعفر فرح عن برنامج سنوي يهدف الى تعميم الارث الغني والذي يشمل 27 كتابا وعددًا من المسرحيات، خصوصًا أنّ ناطور حاز على جائزة أحد أفضل المسرحيين العرب. وتحدث عن كتبه التي تشمل الفلسفلة والادب السياسي الساخر وقصص الأطفال والشباب وقصص الذاكرة والحوار مع الأدباء اليهود حول الاحتلال والسلام والعنصرية. وتم استعراض البرامج المخططة، ومنها تخصيص مرافق لمطالعة كافة كتبه، والتي سيتم توفيرها في شكلها الأصليّ ونشرها على شبكة الانترنت والنوادي والسلطات المحلية.

وافتتحت ندى ناطور أول زاوية مطالعة لكتب سلمان ناطور وغرفة الإبداع التي استخدمها خلال سنوات عمله في مركز مساواة، والتي سيتم تخصيصها لكتاب ومبدعين شباب معنيين في استخدامها للكتابة او لنشر الأعمال الادبية. وشارك في الامسية عدد من الطلاب الجامعيين المعنيين بكتابة دراسات بحثية عن أدب سلمان ناطور، كما تم تزيين موقع الامسية باعمال للفنانين زاهد حرش وختام هيبي.

وقدم الفنان عامر حليحل مقتطفات من هواجس سلمان على أعتاب شيخوخة مُبكرة وهي عبارة عن اعترافات، وتلته ابنة سلمان ايناس ناطور باعترافات شخصية حول علاقتها مع والدها وأدبه الذي تحدث عن الجوانب الشخصية مستخدما شبكة الفيسبوك لنشر خواطر رافقته.

وأعربت الممثلة سامية قزمور عن نيتها توفير تسجيل صوتي لروايته “هي، أنا والخريف”، بالتعاون مع جمعية المنارة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وتحدّث عن عائلة ناطور ابن الراحل ميراث ناطور، الذي شكر مركز مساواة على المجهود، وأكّد على أن عائلة ناطور من ابناء وبنات والوالدة مستمرّون في الحفاظ على الموروث الثقافي الذي خلفه والدهم، وأعربوا عن استعدادهم للتعاون مع كافة المؤسّسات والأفراد المعنيين في تعميم هذا الإرث.

ثمّ تحدّث رئيس مجلس دالية الكرمل المحلي، رفيق حلبي، الذي أعرب عن رغبته في التعاون مع مركز مساواة في تعميق المعرفة في إرث سلمان ناطور والعمل على افتتاح مكتبات لمطالعة كتب وإصدارات الناطور في دالية الكرمل، تلاه رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة، الذي تحدّث عن دور ناطور في إحياء فعاليات يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، وشدّد على دوره في صياغة وعي شعبنا في مراحل السبعينات والثمانينات.

وتحدّث عادل عامر، أمين عام الحزب الشيوعيّ الإسرائيليّ، فتطرّق إلى سلمان ناطور الاديب المسيس وليس السياسي الذي رفد الخطاب السياسي ببعده الثقافي الوطنيّ والانساني العميق. وتحدّثت الحكواتية دنيس أسعد عن مؤسّسة تامر، إذ كشفت أوجهًا جديدة لا يعرفها الكثير عن سلمان ناطور، وتوقفت عند إبداعاته في أدب الاطفال ومساهماته في تطوير هذا الأدب وتعاونه مع العديد من المؤسّسات التي تعنى بالأطفال والشباب.

ثم تحدّث مدير معهد إميل توما وعضو الكنيست السابق، عصام مخول، عن خصوصية سلمان ناطور الذي تعرّف عليه في الحزب الشيوعيّ، وتلته عضوة الكنيست عايدة توما سليمان التي تحدّثت عن المحطات التي التقت فيها بسلمان في جريدة “الاتحاد” ومعهد إميل توما والتصوّر المستقبلي، وأشارات إلى الجوانب الإنسانية لديه وإلى ارتباطه بهموم الناس.

المؤلّف المتنفّس

عامر حليحل يقرأ من هواجس ناطور الأخيرة

عامر حليحل يقرأ من هواجس ناطور الأخيرة

أمّا الباحث والمترجم يهودا شنهاف فتحدّث عن علاقته بسلمان، فقال: لقد تشرَّفتُ بالتعرُّف بسلمان ناطور معرفة تعمَّقت أكثر فأكثر بعد أن ترجمت روايتيْن له إلى العبرية (“هي، أنا والخريف”، “وما نسينا: أو سيرة الشيخ المشقَّق الوجه”). إنّ العمل مع أديب معاصر على معرفة عميقة بلغة الهدف –العبريّة- يعتبر تحديًا، خلافًا لظروف ترجمات أخرى؛ ففي مثل هذه الحالة يتنفّس الأديب في عنق المترجِم ويقوم بتدقيق صارم للنصّ المترجَم. أحيانًا كنتُ أشعر بأنّ سلمان يحدِّق في شاشة حاسوبي حين كنت أعمل على ترجمة نصوصه. إنه بلا شك تحدّ يثير أسئلة هامة حول العديد من المسائل، مثل الولاء والخيانة وموازين القوى. وجدنا أنفسنا أكثر من مرة خلال الترجمة نتناقش وحتى نتخاصم حول الدّلالات والصّياغات، إلاّ أنّ هذا النقاش لا يعبّر عن التوتّر الطبيعي بين الكاتب والمترجم، أو التوتّر الطبيعي القائم بين لغتين مختلفتين (مثل العبرية والإنجليزية)، أو التوتّر السياسي القائم بين اليهودي والعربي فحسب، بل إن هذا النقاش في جوهره ما هو إلاّ تفاوض سياسي حول علاقات القوة بين اللغتين العربية والعبرية، حول نقطة اللقاء الملوّثة التي تجمع بينهما، حول العلاقات الكولونيالية القائمة بينهما، والدلالات اللاهوتية التي تتضمنها كلٌ منهما. أما بشأن مكامن الدلالات المشحونة والمواقع غير القابلة للترجمة، أعني تلك الصياغات الدلالية التي لا يمكن ترجمتها، فقد كنّا نتوصّل في نهاية المطاف إلى توافق بين اللغتين.

وتحدّث الباحث بروفيسور أفنير غلعادي عن العمل على تعميم تجربة اللجوء الفلسطيني على اليهود والتي قام فيها سلمان ناطور من خلال عمله في معهد إميل توما، ولقاءاته مع الجمهور اليهوديّ، حين تحدّث بإنسانية عن النكبة واللجوء في اللغة العبريّة بهدف التلاحم وتغيير أنماط التفكير والمواقف.

ووصلت رسالة من الكاتب الفلسطيني المقيم في تونس، توفيق فياض، كتب فيها: “أفتقدك يا سلمان… أشتاقك يا صاحبي… انتظرني… فسلام عليك يوم ولدت يا صديق الصبا… وسلام عليك يوم رحلت عنا… عزائي أنك كنت صديقي… وصبرا يا رفيقة دربه وأكملي أنت مشواره الذي بدأته معه.”

واعتذر وزير الثقافة الفلسطينية، د. إيهاب بسيسو، عن الحضور إلى الأمسية بسبب وجوده في غزة، لكنه أرسل رسالة يؤكّد فيها على أهمية الحفاظ على الموروث الثقافي الذي خلفه الراحل، وأكّد على أنّ وزارة الثقافة ستتكفل بطباعة جزء من أعماله ليتم توزيعها على المدارس والمكتبات الفلسطينية.

ثم تحدّث زميل سلمان ناطور، المخرج والممثل أديب جهشان، فقال: لقد أصرّ أن نبقى معه في كتبه وذاكرته لكي نعرف ولا ننسى. لقد أصاغ حكاية شعب احب الحياة والوجود. وذاكرة سلمان لم تأتِ من مكان فارغ، بل أتت لكون الواقع الذي مرّ ويمر على شعبنا اصعب بكثير مما توقعه التاريخ لنا. وتحدث نائب رئيس لجنة التواصل في منظمة التحرير الفلسطينية، الياس الزنانيري، فقدّم تحيات رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وتحية محمد المدنيّ، رئيس لجنة التواصل، ثم أكّد على ما ذكر من أهمية مساهمة الجميع في الحفاظ على ارث العملاق سلمان ناطور، وذلك لكي تتعرّف الأجيال الصاعدة على أدبائنا، وكي يبقى سلمان ناطور حاضرًا في أذهاننا جميعًا.

وطلب عدد كبير من الحضور الحقّ في الحديث عن علاقتهم مع الكاتب، وتقرّرت مواصلة استعراض المداخلات من خلال لقاءات يتم تنظيمها خلال السنة القريبة، ومن بين المؤسّسات التي طلبت مرافقة مشروع تعميم إرث سلمان ناطور: اتحاد الكتاب العرب ومنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسة “مدار” وجمعية أمناء المكتبات العرب وجمعية “الأفق”.

.

salman-3

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>