لماذا نحبّ “مشروع ليلى”؟ / فراس نعامنة

تتحدث أغاني “مشروع ليلى” عن مواضيع حقيقية تعبر عن واقع الشباب السياسي والإجتماعي، وقد إستطاعت الفرقة أن تعبر عن هذه المواضيع بكلمات غير تقليدية ومتمردة إلى أبعد الحدود

لماذا نحبّ “مشروع ليلى”؟ / فراس نعامنة

| فراس نعامنة |

أوّل ما أفعله بعد كلّ يوم طويل وشاق مليء بصخب الناس وضجتهم ومقارعتهم، بعد عودتي إلى المنزل وتفقد حائطي الفايسبوكي وصندوقي الجيميلي هو تشغيل أغاني “مشروع ليلى” والإستماع إلى أغانيهم مرة بعد مرة دون توقف، فمثلاً “رقصة ليلى”  أضعها على “فول فوليوم” هي وصفة مجرّبة لتهدئة الأعصاب و “تعباية الراس”..

من هم “مشروع ليلى”؟

فرقة مكونة من 7 أعضاء، طلاب تصميم معماري وتصميم غرافي في الجامعة الأمريكية في بيروت. بدأ المشروع كورشة موسيقية في عام 2008، كان من المفترض أن يكون “مشروع ليلة واحدة” وبعد إستمراره سمي “مشروع ليلى” – تلك الفتاة التي يتكلمون عنها في كلّ الأغاني لتعبر عن روح الفرقة وفكرها.

 أصدرت الفرقة أسطوانتها الأولى عام 2009 – “مشروع ليلى” تحتوي على 9 أغاني أبرزها “فساتين”، “رقصة ليلى” و “شم الياسمين”. في فبراير 2011 أصدرت الفرقة أغنية “غداً يوم أفضل” وهي نسخة عربية لأغنية (Clint Eastwood) إهداء إلى جيل الثورة. قبل أسبوع أصدرت الفرقة ألبومها الجديد الذي أطلق عليه إسم “الحلّ رومانسي” وهو ألبوم قصير (EP) يحوي 5 أغاني مكملة للألبوم الأول. أحيت الفرقة حفلات في الخارج وفي الوطن العربي كان أبرزها حفلة القاهرة – مسرح الجنينة في أيار 2011.

لماذا نحبّ “مشروع ليلى”؟
أنا أعتقد أن أسلوب “مشروع ليلى” الموسيقي إستطاع أن يخاطب الشباب بشكل ناجح جداً، فموسيقاهم عصرية ويمكن إدراجها (على الأغلب) ضمن خانة موسيقى الروك ويميزها دمج آلة الكمان (بشكل بارز) وتوليفات موسيقية جديدة أخرى. كما تحتوي أغانيهم بعض الموسيقى التجريبية، بالإضافة إلى أن أغانيهم تجمع ما بين الموسيقى الصاخبة الراقصة والموسيقى الهادئة.

تتحدث أغاني “مشروع ليلى” عن مواضيع حقيقية تعبر عن واقع الشباب السياسي والإجتماعي، وقد إستطاعت الفرقة أن تعبر عن هذه المواضيع بكلمات غير تقليدية ومتمردة إلى أبعد الحدود، إذا أخذنا موضوع الحب والعلاقات مثلاً فإن أغنية “فساتين” أبرز أغنية للفرقة تتحدث عن الحبّ بطريق “مغايرة”، عن خيبة الأمل من العلاقات وظروفها الصعبة وعن النهايات الفاشلة الحتمية لهذه العلاقات وتوفر الأغنية مساحة لكل شاب وصبية ليعيش حريته موسيقياً، تلك الحرية التي لا يمكن أن يجدها في الحياة الحقيقية، فكلنا نعرف القصة لكن “مشروع ليلى” لديها الكلمات المناسبة لقولها.

 يقول هلال شومان (السفير)، عن أغنية “فساتين”: يشار إلى العلاقات بين شخصين يختلفان في الطائفة (بتتذكري كيف كنتي تحبيني، مع إني مش داخل دينك، بتتذكري كيف كنا هيك؟)، مروراً بالتفاوت الطبقي (إنك رح تتزوجيني بلا فلوس وبلا بيت)، وصولاً إلى الجنس خارج الزواج وموقف الأهل منه (بتتذكري لما إمك شافتني نايم بتختِك، قالتلي إنسى عنِّك)، حتى الوصول إلى ذكر «شي» ثورة لم تحدث (مسكتيلي إيدي ووعدتيني بشي ثورة، كيف نسيتي؟ كيف نسيتيني؟)، وتعقب مباشرة بسخرية من هذه الثورة الموعودة (ومشطتيلي شعري وبعتينيي عالدوام، كيف بتمشطي؟ مشطيني!).”
عن أغنية “الحلّ رومانسي” وهو عنوان الألبوم الجديد يقول إبراهيم أحد أعضاء الفرقة: “كتبها حامد متأثراً بأنجلز الذي ألف كتاب بهذا الإسم ويذكر فيه أن في الأزمات الإقتصادية الناس يميلون إلى الزواج كحلّ للمشكلات الإقتصادية، وهذا أمر موجود في لبنان أيضاً فيظن اللبنانيون أنه بالزواج تتحسن الأوضاع من خلال جمع المداخيل ومشاركة المصاريف”. أما هايك- عضو آخر بالفرقة فيقول عن الأغنية في إحدى البرامج التلفزيونية: “ترتكز عفكرة إنو في ناس هلأ بلاقو الحب والزواج هي وسيلة تيترقو بالمجتمع، بالوضع الإقتصادي والإجتماعي تبعون، الكل عم بتزوجو بس تيصير عندون بيت تيصير عندون ضمان حيعيشو مرتاح بالون..فكمان الحب بصير شي ثانوي بحياتن.”

كذلك تتطرق أغاني الفرقة إلى موضوع المثلية الجنسية (الممنوعة في لبنان) مثل أغنية “شم الياسمين” التي تتحدث عن شاب يحب شاب آخر الذي يتزوج ويتركه ويخاطبه ليذكره بالعلاقة ويعبر له عن حنينه للماضي وللحبّ الذي جمعهما يوماً.
تتحدث الفرقة عن مواضيع أخرى مثل الوضع السياسي في لبنان: “من الطابور” (تتحدث عن إرتباط السياسة بكل شيء بحياتنا)، “عالحاجز” (من وحي النظام الأمني والحواجز في بيروت)، “عبوة” (تكتك تكتك بوم – تكتك هاي تكة القنابل التي ستنفجر في بيروت، كتبها حامد  متأثراً بالإغتيالات في بيروت بعد عام 2005).

بالإضافة إلى الأسلوب الموسيقي المميز الخاص بالفرقة فإن هنالك موضوع لا بد من التطرق إليه حين نتحدث عن “مشروع ليلى” وهو طريقة العمل وتسويق موسيقاهم، قبل أيام قامت الفرقة بطرح ألبوم “الحلّ رومانسي” في صفحتها الخاصة على موقع فايسبوك للتنزيل بطريقتين إما عن طريقة برنامج ITunes (مقابل دفع) وإما عن طريق التنزيل المجاني – وكتب أعضاء الفرقة: “إذا أردتم دعمنا يمكنكم شراءه وإذا لم تستطيعوا ذلك فنحن مسرورون بمشاركتكم الألبوم مجاناً”. فالفرقة تريد أن تصل إلى كل الناس ويقول إبراهيم أن 70% من مبيعات الفرقة على ITunes هي من خارج الشرق الأوسط، وأن طريقة الربح هي عن طريق إحياء الحفلات وأنه لا يضرهم نشر الفيديوهات على موقع “يوتيوب”. قمت ألبوم “مشروع ليلى” الأول برفعه على موقع “يوتيوب” قبل عام تقريباً وحقق حتى الآن عدد مشاهدات كبير: 130 ألف من جميع أنحاء العالم.
هذا التوجه المتواضع الذي يحترم الناس جميعاً هو توجه جديد بديل في عالم الموسيقى يختلف عن عقليات التسويق القديمة التي ينتهجها المنتجون التقليديون، لنأخذ مثال ريما الرحباني التي تفرض نظام حضر على نشر كل موسيقى السيدة فيروز في الإنترنت وفي موقع يوتيوب بالأساس وتمنع الناس من الإستمتاع بفنّها النبيل بأكثر الأساليب تعجرفاً.
توجه “مشروع ليلى” المتواضع يتجلى أيضاً في قربهم للجمهور والتفاعل معه في الحفلات، في حفلة الفرقة قبل شهرين في “مسرح الجنينة” في القاهرة التي ملأ بها الحضور القاعة (بالإضافة إلى ألف إنسان لم يتمكنوا من الدخول) مرددين كلمات كلّ الأغاني، عند تقديم أغنية “رقصة ليلى” نزل شخصين من الجمهور إلى المسرح ليرقصوا مع الفرقة. وفي الأغنية الأخيرة “غداً يوم أفضل” دعى حامد كل الجمهور للنزول إلى المسرح ومشاركته الأغنية.

“مشروع ليلى” هو ليس مشروع موسيقي فقط إنما هو مشروع إجتماعي تحرري من الدرجة الأولى له تأثير كبير، فرويداً رويداً تتحول موسيقى الفرقة البديلة إلى موسيقى الماينستريم عند جيل الشباب، جيل يطمح إلى تغيير واقعه ويبحث عن حريته في الأغاني التي يستمع إليها، جيل سأم أغاني الحبّ والغرام التقليدية التي تعيد على نفسها حتى “إحترق شريطها”. ربما سيستمع ذلك الشاب إلى أغنية “فساتين” عندما تفشل علاقته مع صديقته ليذكرها بثورتها التي لم تتحقق، وتلك الفتاة ستستمع إلى “شم الياسمين” أو “الحلّ رومانسي” باحثةً عن أمل ما بأن تحقق أحلامها ذات يوم.
موسيقى “مشروع ليلى” هي موسيقى جيل يحلم “بغد يوم أفضل” جيل يريد أن يستمتع بحياته أكثر قليلاً وأن يعيشها بلا “فساتين” “يلتلت” في النهار ويرقص “رقصة ليلى” و”يشم الياسمين” ليلاً، ويقرر بنفسه إذا كان الحلّ النهائي بالحياة هو “الحلّ الرومانسي”.

كلمات أغنية “إني منيح”:

قوم نحرق هالمدينة و نعمر واحدة أشرف
قوم ننسى هالزمان و نحلم زمن ألطف
مازالك بلا شىء ما فيك تخسر شىء
و أنا مليت من عشرة نفسي

كان بدى غير العالم مش عارف كيف العالم غيرني
كان بدى أحمل السماء وهلأ أنجق حامل نفسي
قول إني منيح
قول إني منيح

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

8 تعقيبات

  1. افضل مقالة قرأتها في الأسبوع الأخير!
    رائع!

  2. يا سمايلي العزيز.. قلت لاحقاً “أجت الثورة” ، يعني الفقرة الأولى من تعليقي كانت ع شو بصير بشكل عام بالموسيقى “الهابطة” بأيامنا ، وكيف كل شي عالخفيف وعالركيك ، ومشروع ليلى هي الثورة..
    سلام

  3. موسى شو بتخبص؟
    الشباب ضمن الفرقة وضعهم الاقتصادي عادي وهم من عامة الشعب
    اغانيهم هم من نشرها اولا دون شركة انتاج
    لا روتانا ولا غبرها من شركات الانتاج الكبرى تعاقدت معهم

    لا تفارن بين موسيقاهم وموسيقى ابناء روتانا الهابطة

  4. عنجد كل اشي بتعملو الفرقة(مشروع ليلى) بتخلي الناس يحبوهم اكثر لانهم متواضعين وروحهم حلوه

  5. مقال جميل و مفيد … و مشروع ليلى لطيف جداً

  6. قاعد هالشاب بشي فيلا ببيروت أو بالقاهرة ، وهو موهوب ها، وعندو كونكشنز ، بقعد اسبوعين تلاتة (مش أكتر) وبساوي شي مقطوعة ركيكة وخفيفة، عن الغرام والفراق ، للصبايا والشباب الصغار الأمامير ، توزيع متكتك ومشحّم (من صحابو المتكتكين)، روتانا من هون وميلودي من غاد ، جنس طاير بالهوا ، وهاي نص مليون . خلص ..
    أجت الثورة ..
    أقعد ، فكر ، تخبط ، ابدع ، انتج..
    وازا خلطت بين الحضارات ، ما يهمك شي ..

  7. ها هو قدّيتا يبرهن مرّة أخرى أنه موقع الشباب، موقع التّجديد والتّحرر.
    نادرا ما نسمع عن فرق مميزة كهذه ترفض السّبات الذي تفرضه شركات الإنتاج العربية على كلمات ومعاني أغانيها، نادرا ما نسمع عن فرق كهذه ترفض التقوقع بألحان الماضي والكلمات التي باتت مبتذلة.
    كسر المشروع ظاهرة اختفاء الفرقة خلف ضباب المغنّي، وذلك العازف الذي كرّس حياته للموسيقى استطاع للمرة الأولى أن يطربنا بموهبته بدلا أن يكون مرافقا لصوت المغنّي، يعبّئ ذلك الفراغ أو ذاك بنغمتين لا أكثر.
    لا أذكر الكثير من الفرق التي أعطت “الدرامز” أو “الباص” حقّه، لا أذكر فرقا في عالمنا العربي تعاملت مع نفسها كفرقة، تلحّن سويّة، تعيش سويّة وتثور سويّة.
    إن ما أحب في مشروع ليلى، هو الحلم الذي نعيشه عندما نستمع الى أغانيهم – حلم الثورة على ما هو متوقّع منّا، من حيث الألحان الخلّاقة، والكلمات الجديدة – والقديمة التي تحدّوا من خلالها “عمالقتنا” وأكسبوها معان جديدة.. فتونّسوا بنا (عالحاجز)، وحوّلوا تكتكة إم سليمان الى قنبلة موقوته تنتظر الإنفجار (عبوّة)، وصار عمّي بو مسعود رجلا يضرب زوجته كلّ يوم (إم بم بللح).
    ليس مجتمعنا مثاليّا، ولكن أغانيهم تصف مجتمعنا بدقّة تميل الى المثاليّة.
    تحيّاتي معلّم فراس ويعطيك العافية :) وتبخلش علينا بهيك مقالات..

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>