عن المثلية قديمًا، والحقّ في الاختلاف علنا

“رأيت شيخا يُطاف به وينادى عليه: هذا جزاء من يلوط. والشيخ يقول: بخ بخ لا زنا ولا سرقة إلا لواطا محضا!”

عن المثلية قديمًا، والحقّ في الاختلاف علنا

arab-gays-front

|سليم البيك|

saleem-qadita

لم نكتب، قديمًا، عن الجنس (رجل/امرأة) فقط. بل عندنا (العرب) نصوص تراثية صريحة تتناول الجنس وأعضاءه بكلّ حالاته: من اللواط إلى الضراط، وهو ما يبعث على الإحباط كلّما قرأت إحدى تلك النصوص وفكّرت بحال ما ينشر حديثا من نصوص “إيروسية”، تكتفي بذكر الأثداء وحلماتها نازلة إلى الأفخاذ، متحاشية الفروج وعاناتها، وهذا في أفضل حالات الإيروسيا العربية الحديثة.

لكن ماذا لو أراد أحد الشباب/الصبايا المتفائلين الكتابة عن المثلية الجنسية، وهو جزء أساسيّ من التراث الإيروسيّ لأيّ شعب أو ثقافة؟ بل ماذا لو كان أحدنا فرحانًا بحاله (وهي درجة أرقى في التفاؤل) إلى درجة أن يدشّن زاوية عن الجنس، بل المثلية تحديدًا، في مجلة أو موقع إلكتروني ثقافيّ؟ وماذا لو كان هذا الموقع/المجلة فلسطينيًا؟ تكون الطامة الكبرى ويكون شحاراً!

كُتب (أيضًا قديمًا) الكثير عن الجنس بما فيه المثلية: اللواط والسّحاق بكلماته العتيقة الواردة في المصادر. لكني سأورد هنا ما مررتُ عليه مؤخرًا في كتاب “في المجون والسّخف”، لأبي القاسم الأصبهاني، وفي أحد أبوابه تحديدًا وهو “الراغب عن النساء المائل إلى المرد”، حيث تناول “شيخنا” لا اللواط (أير-إست) فحسب، بل تفضيله على الجنس الطبيعي (أير-كس) عند البعض (أسماء الأعضاء هذه نقلتها عن الكتاب)، وإن سمّى البعض العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى إن أتاها من دبرها (على المذهب المالكي) بأنها لواط، فإنّ كلام الأصبهاني هنا ينحصر في اللواط بين الذكور فقط.

يكتب “شيخنا”:

“قيل لأبي نواس: زوّجك الله الحور العين. فقال: لست بصاحب نساء بل الولدان المخلدين

أنا الماجن اللوطي ديني واحد  /  وإني في كسب المعاصي لراغبُ

أدين بدين الشيخ يحيى بن أكثم  /  وإني لمن يهوى الزنا لمجانبُ ”

وقال الأصمعيّ: “رأيت شيخا يُطاف به وينادى عليه: هذا جزاء من يلوط. والشيخ يقول: بخ بخ لا زنا ولا سرقة إلا لواطا محضا!”

واجتمع الجرشي وسياه اللوطيان فقيل لأحدهما: ما بلغ من لواطك؟ فقال: أنيك كل ذكر: وقيل لآخر فقال: أدلك على كل ذكر.”

“وقيل لشيخ تعاطى اللواط: ألا تستحي؟ فقال: أستحي وأشتهي!”

“قيل لأبي مسلم صاحب الدولة: ما ألذ العيش؟ قال: طعام أهبر ومدام (خمر) أصفر وغلام أحور! وقيل له: لم قدمت الغلام على الجارية؟ فقال: لأنه في الطريق رفيق، وفي الاخوان نديم، وفي الخلوة أهل.”

قد لا يتّفق معظمنا مع ما ورد في هذه الفقرات، لكنها جريئة وصريحة (وهنالك فقرات أخرى عن السحاق) والأهم أنها تحكي عمّا نعرفه اليوم بالمثلية الجنسية، وهي، اليوم، من المحرمات المضاعفة، كون الجنس بحدّ ذاته أحد المحرمات (التابوهات). وإن أضفنا “الانتماء الفلسطيني” لهذه المحرّمة، فإن تضاعفها يتضاعف أضعافا مضاعفة.

ما أقوله هو: الأَولى بمن لا يتفق معها الدفاع عن حقها في العلنية لأنها تتجاوز محرّمات تحتاج مجتمعاتنا الفلسطينية، في الوطن والشتات، تجاوزها. ولأنه، ببساطة، الاختلاف مع الآخرين لا يعني نفيهم.

لمقاربة أو محاولة استيعاب التراجع الكبير في جرأة وحرية الرأي والكتابة منذ أبي نواس وآخرين (وقد تجاوزتْ بأشواط جرأة شيكسبير الذي اكتفى بالتلميح لعلاقته المثلية) إلى يومنا هذا، علينا فقط أن نتذكّر أنهم لم يكتبوا عن المثلية الذكورية فقط، بل تغزّلوا به وأعلنوا، جهارًا نهارًا، تفضيله على الجنس (الطبيعيّ) مع النساء.

ليس الأمر عن المثلية بقدر ما هو عن الحقّ في الاختلاف وإعلان ذلك.

www.horria.org

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

20 تعقيبات

  1. قال تعالى: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (82) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ۖ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)} [هود : 81-83]

  2. والله لو عشتو عمركم كلة تدافعو وتتكلمو عن حقوق المثليين فى المجتمع العربى هاتتعبو حالكم لان المجتمع العربى اساسا اتعلم يكره بعضة ويكرة حقوق اللى بيسموهوم طبيعيين وبيقولو علينا احنا ناس شاذة . ازاى تطالب ناس بتكره الحقوق العادية انها تردها لعبضها انهم يتقبلو ويعترفو بناس اساسا هما بيخافو منهم وبيعتبروهم شواذ وعالة على المجتمع ازاى فهمنى ؟ لما الحال يتظبط والناس تعرف يعنى اية ادمية اساسا فى الحياة العادية بعد كدة تعرفهم يعنى اية اختلاف لأن من اساس تقبل الاخر المختلف انه يكون الشخص فى قمة التحضر والادمية ماينفعش اشخاص غير ادميين يتقبلو المختلفين.

  3. موضوع جريء حد القذارة لم اجد الى عداء لدين وللعروبه

    h4w4@hotmail.com

  4. حقد مسبق فهم لا يعرفون معنى المثلية ولا أسبابها وظروفها ولو عرفوا لرحمونا

  5. مقال جميل و صلنا إلى منتدى المثليين العرب عن طريق أحد الزملاء ، ندعو الجميع لمشاركتنا في المنتدى و التواصل من أجل دعم حقوق المثليين في العالم العربي و تفهم قضاياهم .
    المثلية الجنسية حالة طبيعية أثبتها العلم و البحث ، و لا يرفضها إلا المتخلف عن ركب البحث العلمي ، و هي لا تتعلق بأي مرض نفسي أو جسدي أو هرموني أو وراثي ، و لكن الاضطهاد الاجتماعي هو الذي ولد الاضطرابات النفسية لدى الكثير من المثليين .

  6. إلى المدعو مرضي ، الأمراض النفسية التي تجدها لدى بعض المثليين هي نتائج و ليست أسبابا ،أي هي نتيجة الكبت و القمع الذي يلاقيه المثليون في مجتمعاتهم و ليست بسبب المثلية بحد ذاتها

  7. يعني في ناس ضد المثليين والمثلية لأسباب دينية أو لفخرهم الزائد (خصوصا الرجال) على قدرتهم الخارقة في اغواء النساء وممارسة الجنس معهن. هؤلاء الناس لا يستحقون التعليق حتى.

    ولكن ما يقهرني هم اللذين يقولون “عنا مشاكل أكبر من الجنسية لازم نهتم فيها”، يعني يضع نفسه المظلوم والمدافعين عن المثلية الظالمين.
    آسف على التعبير بس خش في دُبري أحسنلك (لاستخدام كلمات المذهب المالكي).
    لأن أشخاص مثل هذا هم نفسهم اللذين يريدوننا أن لا نهتم بحقوق المرأة، وذوي الاحتياجات الخاصة، والأطفال، والمسنين الخ.

    أضم صوتي لصوت المغترب:
    عاشت فلسطين الارض والانسان والقضية

  8. ممتاز يا سليم رائع حلو كتير
    يبدو انكم في الجبهة الشعبية رحتم تتبنوا قضايا المثليين والسحاقيات
    عاشت تعاليم حبش الحكيم ووديع حداد عاش المثليون والسحاقيات

  9. To Rana : I agree with u and I don’t know what u read in my comment

  10. :To Ma3an or whatever your name may be
    with “you people” I mean those persons who criticize
    and even hate gays, these people should fight persons who abuse children, wives etc.I don’t understand what u mean with “in our society” people are classified by gender and not by their sexuality etc. where am I living if I may ask you so that you are instructing me of “our society” ??!! I don’t understand why you compare what I wrote to the populist articles in the Daily Mail, I think you did not understand what I meant. Reread my comment & if it doesn’t help then let it be … but don’t insult me!

  11. بعد تقريباً معرفتي بكتير مثليين .. اكتشفت انه كلهم مرضى نفسيين .. ولا حد فيهم صح .. بيكون الواحد فيهم شاعر .. أو فنان تشكيلي .. او مُثقف كبير .. بس فعلياً بتلاقيه مريض نفسي ..

    حاولو تعملوا دراسة عن هالموضوع .. حتكتشفوا أنه 90 % على الأقل من المثليين مرضى نفسيين ..

    الحالة الخَارجة منهم هي عِبارة عن تفريغ الطاقة النفسية بطريقة مُغايرة لما هُو موجود .. هذا سبب وجود الظاهرة ..

    عليكم أن تبحثوا في مقالاتكم عن السبب الوجيه الذي يدعو للمثلية تِلك .. رُبما تجدون وترون أنها مُشكلة فِعلاً .. وتبدأون بعدها في حلها .. ومناهضتها ..

    لا أريد أن أقول أنني مُسلِم بكل ما أتى في القرآن والحديث .. ليس لاني لستُ مُسلِم بذلك .. بل لأني أود أن أخاطبكم بما تفهمون وتُؤمنون ..

    الآن اللواط والسحاق .. أمر مرفوض من جهة معينة .. اياً كانت .. ابحثوا في أصل الرافض لمَ حُرمت أو رفضت .. فعلاً ربما تجدون سبباً يقلبُ آيات دعمكم لآيات رفض ..

    فالحرية .. لا ضرر ولا ضرار ..

  12. اشكرك سيد محمد اغبارية على كلامك اللطيف وروحك الرياضية العالية لتقبل الاخرين ، اتمنى ان تنظر حوالك فستجد اخا لك او قريب او جار او صديق او وميل في العمل ذكرا كان ام انثى لعله يكون مثلي الجنس .

    اما بالعودة الى حال مثليي الجنس العرب فهم مقهورون مغيبين مرفوضون تماما ويعانون الالم والعيش بالخفاء نتيجة الاضطهاد والتعنت والكراهية والهوموفوبيا ، انا مثلي عربي فلسطيني وافتخر ، وناضلت وسابقى من اجل قضيتي الاولى فلسطين ومن اجل مثليتي ومن اجل اصدقائي مثليي الجنس في العالم العربي وفي كل مكان ، انا فخور بنفسي وعندي الثقة الكاملة بها وبما افعل وبطريقة عيشي التي اريدها وانا سعيد بذلك رغم الكراهية من قبل عائلتي واصدقائي هناك في فلسطين ولكنني اجد نفسي هنا انسانا مهما و يكنون لي كل الاحترام ويحترمون مثليتي في اوروبا التي لم اختر العيش بها ولكن الاضطهاد دفعني الى الهرب والاختباء هناك ، نعم لحقوق مثليي العرب ونعم من اجل دعمهم ومؤازرتهم و الاعتراف بحقوقهم .

    عاشت فلسطين الارض والانسان والقضية .

  13. انه موقع حقير ولم اجد سوى العداوة للدين وضد العروبة. انتم خون انتم ضد الشرف، انتم مع الرذيلة والعهر ويلا لكم انتم ضد الاخلاق وضد الانسانية انم حقيرون لا دين لكم. انتم تبحثون عن هذه الامور لانها في اذهانكم وتحبون هذا الشذوذ لانه منكم واليكم.

  14. أرى نقطة الأخت نينا وأميل للاتفاق معها.

    نقطة أخرى أود طرحها هي ضرورة أخذ الموضوع ضمن سياق الجنسوية عامة في العالم العربي. وعندها فسؤالي هو هل يمكن أن نتحدث واقعياً عن الحرية للمثليين قبل حدوث ثورة جنسية شاملة؟ فأي نشاط جنسي خارج إطار الزواج سواء كان مثلياً أم لا ينظر إليه كجريمة.

    إلى سعاد، لا أفهم اختيارك لعبارة “you people”؟

    بغض النظر، أود لفت انتباهك إلى أن تصنيف البشر حسب تفضلاتهم الجنسية هو تصنيف أوروبي – بما أنك تتحدثين عن حياتك في أوربا – وفي مجتمعنا، التصنيف حسب الجنس gender لا حسب التفضيل الجنسي. العداء نحو المثليين – وهذا أمر يناقشه المقال أعلاه – رد فعل عكسي.

    على أية حال، نبرة تعليقك استشراقية بحتة وأشبه لما أقرؤه في صحيفة الديلي ميل البريطانية المتزمتة.  

  15. الإنسان العربي نفسه ليس قادراً على إعلان وجوده يا سليم البيك.
    الإنسان العربي الفلسطيني في إسرائيل يناضل من أجل أبسط حقوق المواطنة، وهو الحق في أن يكون مواطناً عربياً في دولة يهودية.
    قبل مدة كانت هناك مظاهرة في إسرائيل للمثليين تظاهر فيها نحو عشر آلاف مثلي جنسي، يطالبون بحقوقهم. أشتهي أن نشاهد مظاهرة حامية كهذه للمواطنين العرب في إسرائيل، يطالبون بحقوقهم.
    ليس عندي أي شيء ضد المثليين جنسياً، ولا ضد إعلان وجودهم بشكل صريح، أو إنشاء زاوية في موقع ما، أو أية خطوات أخرى جريئة ربما ستنتهي يوماً ما بإعلان دولة خاصة للمثليين جنسياً، يهاجر إليها المثليون من كافة أنحاء العالم بمختلف الجنسيات.
    هذه مشكلة عصرية يحتاج نقاشها إلى أكثر من إقتباساتك من الكتب القديمة. وهي ليست مشكلتي أنا الشخصية بالتحديد، ولا أعتقد أنها مشكلة ملايين من الفلسطيين العاديين الذين لم يكتب لهم أن يكونوا مثليين وبالتالي لم يكونوا سعيدي الحظ بالمنظمات الكثيرة التي تطالب بحقوقهم.

    اطمأن يا صديقنا فالمثليون في أمان ورعاية المنظمات الإنسانية المتعاطفة الكثيرة. بل هم أكثر أمنا منا كلنا.

    نحن الناس العاديون الذين علقنا وسط كل هذه الإختلافات التي كان لها الحق في الوجود دوننا .

    دمتم بألف خير

  16. الى سعاد،

    موضوع المثليين لا يقتصر على علاقتهم وممارساتهم الجنسية التي قد يكتب عنها او لا بقدر ما يكتب المغاييرين عن جنسانيتهم أو لا ، انما هو بالأضافة الى ذلك موضوع أقلية مضطهدة على خلفية أختلافهم بميولهم الجنساية

    المثليون يجاهرون بحنسانيتهم لأنهم يضطهدون بسببها
    فهم اولا وقبل كل شيئ أقلية مضطهدة!

  17. طرح قوي وجميل لموضوع شائك. الجنسوية في العالم العربي غارقة في الإشكالات والأفكار المفروضة عليها منذ وقت ليس بعيد وكرد فعل دفاعي وليس عن أفكار متأصلة في مجتمعاتنا.

  18. نحو أول مسيرة للمثليين\ات في وسط الناصرة

  19. Excuse me for writing in English but I cannot type in Arabic. Thank u for this article and for writing about a tabu and as you wrote: “mentioning sex in our society is in itself a tabu” not to mention writing about homosexuality! I have been asking myself, as an elderly woman, why is the Arab society so hostile to people who have different sexual tendencies? Why are hetorosexuals in our society so scared of gay people? Are they scared to discover that they are gay themselves? if not then why abuse such people who are part of our society? I work with a gay person, I have shared apartments in Europe with gays, I know so may wonderful people who are gay. Do we focus when we meet heterosexuals on their sexuality? do we ask them about their sexual preferences? If not then why do we focus on sex when we meet a gay person? Why is it so interesting? I would rather prefer you people to fight pedophiles and abusive husbands who also kill. To fight fathers and all other members of a family who rape their daughters from age 0. This is important here you should concentrate if everything is OK and not on sexual preferences between adults.

  20. طرح جميل ومقتضب يطرح التراجع الذي حدث في الذات العربية
    الحرية الجنسية هي احدى مؤشرات التوازن لدى الشعوب

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>