قصائد جديدة/ أنس العيلة

قصائد جديدة/ أنس العيلة

وقد يأتي الحُبّ/ من المكان الذي يأتي منه الملل:/ وجهٌ يعبر مرآتنا/ يوما بعد يوم/ ولا يترك أثرا أو فراغا أو صدى/ ولا يُحرّك فينا/ ما يُسرع من نبضاتنا/ ولا نتلهف لعبور ملامحه مرة أخرى

آدم جيخا، Sad Art

آدم جيخا، Sad Art

.

|أنس العيلة|

أنس العيلة

أنس العيلة

قصائد من المجموعة الشعريّة، عناقات متأخرة، التي صدرت قريبا عن دار النشر الفرنسية لارماتان باللغتيْن العربية والفرنسيّة

.

اليد التي ربتتْ على كتفك

اليد التي ربتتْ على كتفكْ

 أثناء الحديث

تركتْ في جوفكَ أصداء مدويّة…

.

وكشفتْ عن عري صامت

 يتغلغل في أعماقك

.

وأصابتكَ برعشةٍ

كأنها هزّة كيان

.

عليكَ الآن

أن تتابع الصدوع المحتملة

في جسدك

الذي كان يقضي ليله الطويل

منزويا في زاوية الغرفة

.

جسدك الذي يختبئ

خلفك مثل ظلك

.

عليك أن تطارده

في الممرات المعتمة

التي يجيد الاختفاء في متاهاتها

اليد التي ربتتْ على كتِفك

وألهمتكَ كل هذا الانهيار

لم تكن

إلا محض حركة طائشة

خالية إلا من مودّة

كالتي نمنحها لأشخاص

لا نلتقيهم إلا بالصدفة!

.

تعارف

وجهكِ لا يبدو جافا

لأوّل وهلة

ابتسامتكِ لا تبدو ذابلة

من أوّل لقاء

وصوتكِ لا يبدو منكسرًا

فقط، من ردّ التحية

أو حتى من حديث عابر.

.

لا تكترثين

بتساقط العصافير الموسميّة

عن أغصان شجرٍ عام

ولا حتى بمرور الشمس

على وجهك في صباح بارد.

.

تتشكل القُبل على شفتيكِ

بتسارع دقات القلب ذاتها

التي تقرئين بها خبرا يوميّا في جريدة.

.

حتى الوداعات

لا تضيف إلا فراغا إضافيا

على إحساسك المزمن بالخواء.

.

وكل ما يتبقى منكِ…

سيجارة هامدة

ملتوية العنق

في المنفضة الصغيرة بيننا!

.

الغائبة

(إلى جدتي، فاطمة)

في القاعة الباردة

تستلقي الغائبة بأدبٍ شديد!

.

قبّلنا وجهها

 الذي لم يعد يبتسم لنا

وحضنا الكفّ البارد

الذي لم يمدّ يديه للمصافحة

وألقينا برأسنا على الصدر الصامت

الذي لم يعد ينبض بالحُبّ.

.

لم تستقبلنا بالدعوات

ولم تشكرنا على

القبل التي أعدناها إليها

والعناقات التي كبرنا

تحت ظلالها.

.

حين هممنا بالوداع

انتبهنا أننا لمسنا براحة اليد

الموتَ الذي خشيناه

منذ الصغر،

قبلناه بأطراف شفاهنا

وحضنّاه بين الذراعين…

.

كم  يصبح الموت أليفاً

حين ينزل في جَسدٍ عزيز!

.

صورة قرب السرير

وقد يأتي الحُبّ

من المكان الذي يأتي منه الملل:

وجهٌ يعبر مرآتنا

يوما بعد يوم

ولا يترك أثرا أو فراغا أو صدى

ولا يُحرّك فينا

ما يُسرع من نبضاتنا

ولا نتلهف لعبور ملامحه مرة أخرى.

.

ثم فجأة، نتشبث به

نضع صورته قرب السرير

حين يمنحنا، مع مرور الوقت

ما يصعبُ على حبّ جارف إعطاءه:

الطمأنينة !

.

عيد ميلاد آخر

كنتَ تنفخ على الشمعة

الهزيلة في كعكة عيد الميلاد

وتتفقد حواسك الخمس

التي لم تسعفك يومًا

أن تشعر بأعضائك وهي تتمدّد

بكتفيك وهما يمتلئان

وجبينك وهو يتسع…

.

كان وزنك

من وقت لآخر، يزيد

وخطواتك تكبر

وصوتك يشتدّ

.

كان أنفك يطول أمامك

عيناك تتسعان

ووجهك تتباعد ملامحه

كأنك بالتدريج

تصبح شخصًا آخر

.

لم تنتبه يومًا

للحظة نموٍ فاجأتك…!

.

وفي كل مرّة  تقصّ أظفارك

كنتَ تتساءل متى طالت

في غفلة عنك.

(باريس)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>