مشهد العتمة/ يزن الخليلي

حوار بين الضوء والعتمة، على أعتاب فلسطين المحتلة بالمستوطنات والطوق

مشهد العتمة/ يزن الخليلي

صدر مؤخرًا عن “مجموعة مؤسسات” كتاب/مشروع “مشهد العتمة” ليزن الخليلي، يضمّ بين دفّتيه نتاج مشروع تصوير احترافي إلى جانب مجموعة من النصوص النثرية تتعاطى مع الصور كنصّ سردي ذي صلة بالصراع على المكان، وبالهوية بمعناها الوطني والإنساني. يضمّ الكتاب نصوصاً لعدنية شبلي ويزيد عناني وريم فضة ومقدمة يزن الخليلي لعمله، ننشر المقدمة هنا ومقالة ريم فضة ومعرضًا للصور.

يلي الصور المنشورة هنا مقالان عن المشروع


IMG_8043


IMG_8014


IMG_7959


IMG_7843


IMG_6326


IMG_6255


IMG_4575


IMG_4558


IMG_4546


IMG_4543


IMG_4418


IMG_4416


IMG_4393


IMG_4334


IMG_4294


IMG_7843


بدء

|يزن الخليلي|

خلال الإجتياح الاسرائيلي الكبير لمدن الضفة الغربية في ربيع عام 2002، علقت وصديقي مهند في بلدة بيرزيت لعدة أسابيع، في ظلّ منع تجول “سهل نوعا مًا”. وبسبب الملل الشديد وانقطاع الكهرباء المستمرّ، قررنا في إحدى الليالي، حوالي الساعة الثالثة صباحًا، الخروج للتمشي في التلال القريبة. كانت العتمة شديدة لدرجة أننا بالكاد استطعنا أن نرى أمامنا، وعلى الرغم من أننا كنا نمشي بحذر شديد، فقد كدنا أن نقع على الأرض أكثر من مرة. لكن، وشكرًا للملل، إستطعنا في النهاية الوصول إلى قمة تلك التلة.

وهناك كانت، في وسط تلك العتمة الدامسة، تشعّ مثل ماسة هبطت على الأرض، المدينة، الساحل، يافا- ولا شيء بيننا سوى العتمة المُمتدّة.

نظر إليّ مهند قائلا: “يا إلهي، لم أكن أعرف أبدا أنها بهذا القرب”. أجبت من دون أن أحرك نظري عنها: “لم أزرها قط”. ومن دون أن نتكلم كثيرًا، إنطلقنا نحوها. كانت قريبة جدًا لدرجة أننا كنا مقتنعين بأنّ الوصول إليها لن يستغرق سوى قليل من الوقت. مشينا ومشينا، وبينما كنا نمشي، كان أول خيط من الفجر يظهر على حافة سماء البحر المتوسط. وكلما أضاءت السماء أكثر، ابتعدت المدينة عنا، إلى أن اختفت نهائيًا في ضوء النهار.

في تلك اللحظة التي كانت تختفي فيها المدينة في الضوء، ظهرت العتمة كمشهد ٍفي حدّ ذاتها، عتمة وحّدت في لمحة واحدة هذه الأرض المقسّمة معًا، وجعلتها أكثر سلاسة، وبدت كإمكانية لاسترجاع الحيّز المنفيّ وبناء رواية للحيّز المُتصل.

في السنوات الأخيرة، بدأنا القيام بنزهات مستمرّة بالسيارة خارج رام الله إلى مدن الضفة الغربية، ولكننا كنا نحاول دائما الرجوع قبل غروب الشمس، لأنّ كلّ شيء يصبح مشكوكًا به في العتمة، وأصبح الليل وقتا ممنوع الخروج فيه بفعل الخوف الذي ترسخ فينا. لقد استغرقتنا عدة سنوات إلى أن أصبحنا قادرين على السفر ليلا ثانية، حيث كنت أشعر بأنني ليس فقط غريبا في المكان، إنما أيضا في الزمن.

في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2008 أقنعت زميلي زياد بالخروج معي ليلا في السيارة لالتقاط صور للمشهد الطبيعي في الليل. وخلال ثمانية أشهر تقريبا، تمكّنّا من القيام بأربع جولات، حسب توفر، الكاميرا (canon 20D with a sigma lens 18-200 F.3.5/6.3)، زياد، السيارة (فولزفاغن باسات موديل 2002)، أنا، والوضع السياسي. كان زياد  يأتي عادة الساعة التاسعة ليلا، يأخذني من البيت ويقود السيارة إلى مكان كنا قد اتفقنا عليه فقط قبل البدء بجولتنا، إلى مدينة أخرى أو طريق دائريّ، وطبعا من دون الحاجة لخريطة؛ فالخيارات أمامنا محدودة في تلك الأيام في الضفة الغربية. كانت كلّ جولة تستغرق ما بين ستّ إلى سبع ساعات. كنا نوقف السيارة على حافة الطريق، نطفئ أضواءها ونركب التريبود ونضع الكاميرا على القراءة التي يتطلبها المشهد، والذي كان بشكل أساسي مدة التعرض للضوء.

يستخدم التصوير الليلي الوقت كعنصر أساسي في عملية إنتاج الصورة. في هذه العملية، تتوقف الصورة عن كونها مجرد صورة ساكنة، حيث تتحوّل بسرعة إلى صورة متحرّكة من خلال تراكم الزمن على لوحة الكاميرا الحساسة. وبهذه الطريقة نستطيع مراقبة الصورة كحدث بحدّ ذاته، فالمراقبة بمعناها الأساسي: أن تنظر أو تلاحظ باهتمام خلال فترة زمنية، فتصبح الصورة بذلك حدثا يحتوي زمانَ حدوثه.

ما يثير اهتمامي في علاقة المراقبة/النظر هو إنتاج الحدث المشهديّ: المشهد كحدث جرى إنتاجه من خلال فعل المراقبة والنظر، من خلال وضعنا فيه ومنه، ومن خلال مرور الوقت، أي أنّ هذه العتمة التي تظهر في هذه الصور، ما هي إلا نتيجة لعملية تقنية ومنهجية تتدخل وتغير وتعيد إنتاج ما تراه العين البشرية بشكل طبيعيّ في حيز العتمة نتيجة للتكيف التدريجي لبؤبؤ العين. وهكذا، فالصورة ليست توثيقا للمشهد/الحدث كما تراه العين، فقط، ولكنها أيضا تسجيل لتقنية وعملية الإنتاج الفوتوغرافي (الكاميرا).

على الرغم من أنّ الوقت الذي يستغرقه المرء في النظر إلى الصورة مختلف عن الوقت الذي تحتاجه الكاميرا لالتقاطها، ولكن ما أهدف إليه من خلال إضافة مدة التعرض للضوء كتعليق على الصورة، هو تقديم الوقت كبُعد ثالث لهذا المكان ثنائيّ الأبعاد، كالشعور بمرور الزمن ليس فقط كتقنية، ولكن أيضًا كتجربة في كونك في هذا المشهد، حيث يمكن لأيّ شيء أن يحدث أثناء انتظار انتهاء الكاميرا من أخذ الصورة، ويتكرّر نفس السّؤال في رأسي: “ماذا سأقول للجنود إن هم ظهروا فجأة؟”

أخيرًا، هذا المشروع نتاج لنقاشات ومحادثات كثيرة وغنية مع أصدقاء ومعلمين وزملاء، الذين أعطوا كل ما في وسعهم لمساعدتي على تطوير هذا الكتاب/المشروع والمضيّ به قدمًا. أتقدم منهم جميعًا بالشكر.

لارا، ندا، عدنية، يزيد، ريم، مركز بحوث العمارة، غازي، نوال، نورا، زياد، عمر، بسمه، إيلفا، إلى آخرهم…

__________

ذاكرة الضوء والعتمة

|ريم فضة|

تسجيلات الحيز وإنتاجات الجغرافيا وذاكرة المكان- جميعها مرادفات لموروثات فكرية حول الإنتماء أو فهم صناعة القوميات، حيث تُصنع الروايات التاريخية للبلدان من خلال تفاهمات حول الحيّزية. الإظهار الجماعي للمكان يصنع الإنتماء الجماعي. عندما نفقد ذلك وعندما لا يبقى سوى الشتات، ماذا نصور؟

إنه لأمر إضطراريّ أن نرى الإجراءات العسكرية المتطرفة التي تحدث يوميًا وتؤثر بشكل مباشر على التجربة الفلسطينية للمكان. فالممارسات العسكرية الإسرائيلية تؤدي إلى تقطيع المفهوم الفلسطيني للجغرافيا والزمن المستمرين. من الواضح وجود خطة عسكرية عشوائية تؤثر على الصّفة الإقليمية الفلسطينية وتخلق عدم إتصال حضريّ، ولكنّ هذه الأعمال التي تبدو مختصّة بوضع ما، هي أعمال غير عشوائية، لا تهدف فقط إلى خلق لاإستمرارية في الأرض وبالتالي إستحالة إقامة دولة فلسطينية متصلة قابلة للحياة، ولكن الأخطر من ذلك: هذه الأعمال تقطع إمكانية الصنع الجماعي للتاريخ بالمعنى الوطني الفلسطيني.

التاريخ هو صانع الوعي الوطني، على أن لا نخلط ذلك مع المتخيل بشكل جماعيّ.عندما لا يمكن دمج التاريخ، يعاني الوعي الوطني. تخيل عندما تبتر حضرية مشهد إلى درجة لا تتبقى فيها إمكانية لتخيل إستمرارية الجغرافيا. وأيضًا عندما تختلف الخبرة الحضرية والجغرافية لشخص عن جاره بدرجة كبيرة. خذ على سبيل المثال جسر “اللّنبي” الإسرائيلي، وهو ممرّ عبور إجباريّ لأيّ فلسطيني يرغب بالسفر إلى الخارج، حيث الإجراءات العسكرية هناك تتغير أحيانًا بطريقة كبيرة وأحيانًا بإتقان إلى حدّ لا يعود هنالك معرفة جماعية. تختلف مدة الوقت الذي يقضيه المسافرون منتظرين في صفوف أو عمليات التفتيش الأمني من وقت إلى آخر ومن شخص إلى آخر؛ الجنود الإسرائيليين يعزون ذلك دائمًا “لأسباب أمنية”. فالمنطق الأمني واضح: محو الذاكرة الجماعية وإزالة التناسق من أيّ أفق على مستوى الخيال الوطني من خلال استهداف التاريخ. هذا بالإضافة إلى مئات نقاط التفتيش “الطيارة” المنتشرة في جميع أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة أو نقاط التفتيش الدائمة التي تبدو دائما في تغير شكلي مستمرّ. تحوّل حاجز قلنديا الذي يقع بين رام الله والقدس من كونه حاجزًا إلى نقطة حدودية خلال سنوات قليلة ولكن عبر تحوّل طويل ومتقن.

لذلك، فإنّ هذه التغييرات المُستمرة التي يعانيها المشهد ليست فقط ذات أهداف عملاتية، إنما تؤثر مباشرة على تجربة الفلسطينيين المكانية والزمنية. فالتخيل التاريخي والجغرافي متقطع ويصبح وعيا مجزوءا من حيث المكان والزمن على أدنى المقاييس. ما يتخيله المرء عن الجغرافيا أو التاريخ المعاصر لفلسطين يختلف كثيرًا عن الآخر. وتختلف تجربة الحواجز من شخص إلى آخر على أساس أحداث ظرفية تبدو ظاهريًا عشوائية. النموذج الجماعيّ للوعي الوطني مُجزّأ إلى ما لا نهاية – الفلسطينيون لا يعيشون الشتات في العالم الخارجي فحسب، إنما ينعكس ذلك في داخلهم أيضًا. لا يملك الفلسطينيون مجالا لعمل ماضٍ “مشترك” ضمن هذا الواقع، وهذا الإنقطاع الإجباري الجذري المستمر مع الماضي يحوله (أي الماضي) إلى هاجس لازمان له حيث تصبح الآنية والبقاء اليوميّ التركيز الوحيد؛ ليس استنطاقا للتاريخ وعلاقته بالمشاريع الوطنية.

من الأهمية بمكان أن نتذكر أنّ العلاقة الفلسطينية بالزمن تنقطع يوميًا لذلك تتميّز تلك العلاقة بأنها علاقة قوية. ويستدعي عنف هذا الإنقطاع الحاجة إلى حيلة للتعامل مع الواقع الإستثنائي للزمن. هذا الإهتمام بالزمان والحاجة إلى توكيد التاريخ يجعل ذلك فعلا سياسيا. ولكن وفي وسط هذه العلاقة الفوضوية مع الماضي والصراع المستمرّ للتأكيد على التاريخ، تبرز فرصة جديدة. وتتضمّن هذه الفرصة تصوير الزمن والوعي بطريقة لا تسعى أن تكون مجرد ردّة فعل أو تجاوب ولكن أن تكون مسؤولة عن خلق صيغ جديدة لتفسيرهذه الحداثة؛ تفسيرا جديدا للزمن يخلق منافذ للإستيلاء على القوة.

قام يزن الخليلي بأخذ صور بشراهة للمنطقة “ج” في الأراضي الفلسطينية حيث قام بذلك مستفيدًا من الطرق الإلتفافية التي تربط مختلف المستوطنات الإسرائيلية وتلتفّ حول القرى والبلدات الفلسطينية. قام بعمل ذلك في العتمة وإختار قناع الليل لكشف طبقات الضوء العشوائية؛ الضوء يظهر مشاهد المدن. وعلى الرغم من أنّ الضوء يظهر هذا الإختلال  للقوة وعملية التمثيل ولكن ذلك ليس السبب المقصود من وراء عمل الفنان.

يدعونا الخليلي إلى طبقات العتمة لأنّ العتمة تصبح غطاءً رمزيًا. العتمة التي تغلف المشهد تمثل شيئا ما في العلاقة مع وعينا الفراغي. يعمل في العتمة ليحرك استخدام الذاكرة والخيال. هل من طريقة أخرى لوصل المكان اللامتصل؟ هل من طريقة أخرى لنتذكّر محيطنا؟ كيف ندمج هذه الخطوط الممزقة والمناطق غير المستوية للأرض المعاشة؟ تبدو تجاويف العتمة وكأنها تذكر ليس فقط ببؤس الظروف السياسية وإنما أيضا إشارة  للنسيان العميق لما قد يبدو عليه الوعي الفراغي المتناغم، سواء كان ذلك لفلسطين أو إسرائيل. العلامات الحدودية غير واضحة، تشبه تماما خطوط الضوء التي يصورها بذكاء. يحاول أن يصور الضوء، ذلك الضوء الذي يظهر الإختلاف بدون أي تحامل. لكن الخليلي يركز على العتمة في الوسط.

يبحث الخليلي أيضا عن هذا الحيز الخاص في هذه البقعة من الأرض حيث الشتات واضح في أجلى صوره: أرض مفقودة. هذه المنطقة الثالثة التي خلقتها الوقائع السياسية والتي تركت هذا المكان في حالة من الفوضى. يدوس الفنان على هذه الطرق حرفيا وكأنه يجسد اللاجىء، يبحث عن معنى في المشهد الذي لا تعريف له. كم من ذلك الفقدان يصبح هاما لسياسات الهوية والإضطراب النفسي وحل الإجندات الوطنية. هاوية العتمة مؤشر لكل ذلك ولكن الأضواء تعقد السرد، فهي ليست خطية وبالتأكيد ليس متواصلة.

يعتبر التصوير في العتمة أحد التحديات المطلقة للمصور. كم من الوقت تحتاج لأخذ صوره في الظلمة المطلقة؟ ويزداد التحدي عندما يكون البحث عن الضوء حرفيا بينما انت تتحرك على الطريق (طريق محفوف بالمخاطر أيضا). كمؤشر لأهمية عملية البحث عن الضوء، يلغي الفنان عناوين الصور المعروضة في كتابه، حيث تبقى فتحة العدسة ومدة التعرض للضوء المؤشران الوحيدان، فهو حرفيا يسلط الضوء على قياسات عملية البحث عن الضوء. هذا البحث عن الضوء وتصويره يصبح مطلبا وقصة خرافية. لان هذا الضوء هو الثبات. أو هل هي الذاكرة التي تستحضر الأرواح؟

الذاكرة مكون هام يبدو مربوطا بالإستقطابات المتوفرة، الذاكرة متصلة بعملية تصوير الضوء. إنه مشروع دمج، يستخدم هنا لعمل تماسك في السرد البصري الذي انقطع. نعم، الذاكرة هي أيضا مثبتة، فأسر الذاكرة هو ما يقوم به وكيل ثقافي في فضح حقائق تاريخية وسط حالات الصراع. يفعل الخليلي ذلك ليس في المعنى التوثيقي العابر، إنما في النموذج الشعري الأعلى الممكن. فهو يستخدم الذاكرة للتلميح إلى الثبات التاريخي.

في عمله السابق “تصحيح اللون”، يحاول الخليلي توفير “تثبيت” آخر للوقائع الحضرية في السياق الفلسطيني. في سلسلة صور، أخذ صورا لمخيمات لاجئين مختلفة في فلسطين، مركزا على المظاهر والأوضاع المدينية. ولكنه يجرب بيديه -حرفيا- تطبيق المتخيل. فمن خلال استخدام الفوتوشوب، يلون بيوت اللاجئين بظلال مختلفة من ألوان الباستيل، مما يجعلها أكثر سيطرة بصريا. تخرج هذه البيوت من كونها مجرد موجات كتل إسمنتية حيث يلقي عليها اللون ليجعلها أكثر مرئية.

يقوم الخليلي بالشيء ذاته في صوره الحالية، فهو يستخدم مرة أخرى قوة الخيال. إذ تقود معادلة الضوء والعتمة والذاكرة طبيعيا إلى انتاج المتخيل. ماذا نتخيل ان الأضواء تمثل؟ وما هي الرمزية التي تحملها؟ وماذا تمثل من وقائع؟ وكيف تتغير هذه الوقائع؟ هذه أسئلة قليلة متروكة للناظر.

يحمل عرض الضوء في هذه المجموعة من الصور الكثير من الإشارات والتلميحات. فهي تحرك الحنين إلى الوطن أو شعور بالرومنطقية، شيء يذكر بشفق الليالي والشموع وقطع الكهرباء والوحدة والهدوء. ولكن معرفة التفاوت في شكل الفراغ المحيط تصدم الحواس و تسبب شعور بالغربة والقلق. ففي التأثير المريح للضوء، نجد فيه أيضا طيف من الإزعاج. فالقرى تبدو مفصولة ماديا بواسطة خطوط المنتظمة للضوء المنبعث من المستوطنات. الثقافة والإختلاف والتوترات الحضرية انتجت بلا تناسق. كيف يصبح هذا الضوء ذاته مزعجا ومثيرا للأعصاب؟ إنه أداة ومرآة، سلبي وعدائي ولكن أيضا نشط. مستفِز ومخلص في ذات الوقت.

التأكيد في هذا الفهم هو وجود محاولة تصالحية في البحث عن الضوء في وسط الفوضى الهادئة للمناطق الخربة. المحاولة ذاتها لإيجاد الضوء يصبح استسلاما  لإيجاد التماسك إن كان في السرد الوطني أو نحو استمرار الجغرافيا أو … ولكن ما يفعله حقا هو وقوفه كشاهد على الوقائع المعقدة ويتحول ببطء إلى عامل تغير كما يفعل النور عندما تشعله، لإن إشعال الضوء هو الذي يجعلك ترى.


 

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

1 تعقيب

  1. الضوء المشع في وسط مليء بالعتمة ما هو الاا صوت يصدح في هدوء الغابة صباحا !!! هو شيء يزعج الهدوء و الظلم الساكن و يستفز النفوس المظلومة فيمن حولها

    الضوء الساطع في العتمة كالمارد يقول لك : نعم أنا هنا ، شئت أم أبيت أنا هنا ، نعم أنا هنا ، سطوعي هو رمز قوتي،و بدون رومنسياتنا و انفعالاتنا كفلسطينيين حان الوقت ان نفكر في كل ما يفعله الاحتلال بمنظور نقدي نستطيع من خلاله معرفة فكرهم.

    الحواجز و تجرباتنا المتزامنة المختلفة ما هي الا قصص و حكايات لنفس المضمون ، تنقلنا بين المدن المقطعة الموصلة ما هو الا اسلوب لمقاومتهم ، طريقة كي يعرفوا أن لا شيئا يوقفنا في نصف الطريق،

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>