نُخبة مُخيِّبة/ فادي زريق

إن الاختلاف في الآراء شرط من شروط تنوّر المجتمع، وأن الاختلاف بالأفكار ووسائل العمل ضروري، ولكن هل هذه هي طبيعة الاختلاف فيما بيننا؟ أنتم تعرفون الإجابة.

نُخبة مُخيِّبة/ فادي زريق


"طبيعة الاختلاف.."


|فادي زريق|

لم تشأ الأحوال حتى الآن أن أصبح طالبا جامعيّا، ما زلت حتى الآن عاملًا. ولكنّي أود هنا أن أبدي رأيي بالطلاب الأكاديميين العرب في بلادي المحتلة، وأقصد الطلاب في الجامعات الصهيونية (أو العبرية أو الإسرائيلية، سموها ما شئتم) التي تبذل جهدا لا نهائيا للتضييق على الطلاب العرب استمرارا لنهج الحكومة الصهيونية، بغض النظر عن مستواها التعليمي.

أُذكّر بأني لست طالبًا أكاديميًا، ومن هذه المكانة الاجتماعية المتواضعة افتخر بكل الشباب والشابات العرب الملتحقين بالجامعات. فأنا مؤمن بأن طلاب الجامعات هم وحدهم القادرون على قيادة مجتمعنا المهزوم في المستقبل القريب، وأعتبرهم ذوي كفاءة ثقافية وعلمية كافية لإدراك واقعنا الفلسطيني، وافترض أن تعبّر تصريحاتهم عن مسؤولية ودراسة، فهم يتحملون مسؤولية أقوالهم وأفعالهم وتصريحاتهم حيثما يتواجدون، فشعبنا يأخذ كلمة الإنسان المتعلم على محمل الجد.

لقد تزعزع هذا الرأي قبل فترة قصيرة، في انتخابات لجنة الطلاب العرب في جامعة حيفا وما لحقها. يوم الانتخابات كنت أنظر إليكم بعين المسؤولية والوعي وإدراك المواقف والتحليل السليم، لكني فوجئت حينها وأنا أرى الجبهة الطلابية تخوض المعركة الانتخابية بكل طاقاتها، وتعمل ليلَ نهارَ لا لشيء إلا لزيادة عدد أصواتها. وقد بدأت بالجبهة لأني أعتبرها من أوائل القائمين على العمل الوطني، وصدمت أكثر حين رأيت التجمع الطلابي المتمسك بالقضية يطرحها على كل منبر دون تردد متحديًا جميع الأطراف،  يعمل على كسب أكبر عدد من المصوتين مدعيًا بأنه أفضل من غيره. والأسوأ من هذا مجموعة اقرأ التي تتمسك بالتقاليد والعادات والدين لتجنيد أكبر عدد من الطلاب كقطيع يقوده راعٍ جاهل وحقود. في هذه اللحظة، أعدت النظر برأيي في طلابنا الجامعيين.

كنت أنتظر أن أرى تصرفات طلابنا العرب في الجامعات ترتقي لمستوى توقعات شعبنا منهم، توقعت أن أرى الطلاب العرب موحدين مدركين لخطر تفرقنا، الآن بالذات، وأن يقف طلابنا العرب بوجه الصهيونية الظالمة ويغرسون في الأرض حدودًا متينة تصد الصهيونية. أنا أعلم أن جميع الأحزاب العربية في الجامعات تهاجم، ولو كلاميًا، جميع الأحزاب الأخرى، أراكم الآن أيها “الأكاديميون” أحزابًا تتصارع على السلطة، وكأنّ لنا سلطة أو حكومة تحمينا أو تمثّل وطننا. إن الاختلاف في الآراء شرط من شروط تنور المجتمع، وأن الاختلاف بالأفكار ووسائل العمل ضروري، ولكن هل هذه هي طبيعة الاختلاف فيما بيننا؟  أنتم تعرفون الإجابة.

ثم تعدى الخلاف اقتصاد المنزل وأصبح الخلاف هدف بحد ذاته بدلًا من مصلحة العائلة

في الأيام الأخيرة بدأ النقاش حول الائتلاف في اللجنة الطلابية، وبدأت أسمع ادعاءات مختلفة عن استحالة ائتلاف بعض الأطراف مع بعض الأطراف الأخرى من منطلقات فكريّة. وكأنّ لكل حزب من هؤلاء نظرة مستقبلية متفوقة ستحرز النصر على الصهيونية. وكأن الصهيونية الظالمة تهابنا بسبب الإسلام، أو بسبب الشيوعية والأممية. وكأن الأيادي الصهيونية ترتجف حين تسمع أن اقرأ حصلت على 5 مقاعد، وأن التجمع حصل على 3 مقاعد والجبهة حصلت على 5 مقاعد، ولا ينام الليل خوفًا من المنافسة على انتقاد واحدنا للآخر.

لا، الصهيونية لا تخاف إلا من وحدة الفئات العربية المهزومة، كلها من دون استثناء. أنا اعلم أن لكل منكم خطه السياسي الذي يرى فيه مصلحة شعبنا المظلوم، والطريق لقيادة نضاله، لكننا أصبحنا مثل زوج وزوجة اختلفا حول إدارة اقتصاد منزلهم، ثم تعدى الخلاف اقتصاد المنزل وأصبح الخلاف هدف بحد ذاته بدلًا من مصلحة العائلة.

كمواطن يثق بكم، أرجوكم أن تتوقفوا عن هذه المهزلة والمنافسة على من هو “الأفضل”، وتوقفوا عن توسيع الفجوة ومضاعفة عرقلة الوحدة العربية في بلادنا، وركزوا على القضية الأساسية- قضية شعبنا المهزوم. اعتبرونا يا طلابنا الأكاديميين أولادكم، وواجبكم توجيهنا وتثقيفنا فيما يتعلق بقضيتنا الفلسطينية. أنتم تستطيعون اجتياز هذا الحال، وتحقيق الوحدة، لأنكم لا تزالون في موقع يعطيكم القدرة على الإدراك والتحليل والمعرفة، وفهم قضيتنا على أحسن وجه.


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

5 تعقيبات

  1. حكيكك جواهر

  2. التعليق

  3. أهنئك أخ فادي على إجتهادك في كتابة النص. لكن لدي إعتراض بسيط، نحن في الأحزاب نصارع ليل نهار على كسب ثقة الطلاب، كل حزب لديه طرقه الخاصه به بعضها شرعية وبعضها غير شرعية أخلاقيا (مش عم بقصد الأخلاق تبعت إقرإ).. بنظري كمراقب للإنتخابات يجب عدم وضع جميع الأحزاب في الخانة ذاتها، الرجاء النظر لطريقة كل حزب في كسب الأصوات ومن ثم التحدّث، حسب رايي التجمع هو الوحيد الذي لم يلعب بورقة الطائفية مثلا.. وأخيرا شكرا لك على مشاركتك النقديّة

  4. اولا : انك انت مش متعلم لا يقلل من قيمتك, لانه الوعي والثقافه الي عندك كتير ناس الي متعلمه ما عندها اياها.
    ثانيا: القضيه الي عم تطرحها الها عمق اكبر من هيك بكتير لانه التفرقه الي بين الاحزاب بتعود للتقاليد والعادات الي عنا ومن اهم تقليد عنا هو: الطائفيه والتعصب للدين , لما منغدر نتحرر من هذا الفكر السطحي والسخيف الي بفرقنا فقط عاساس ديني وقتها راح نغدر نقول انه لا للتفرقه الحزبيه لانه بالنهايه احنا بدنا نفس الاسشي وهو فلسطين حرة.
    ثالثا: انا بطلع على كل الاحزاب مع اني جبهاويه انها عم بتسلك طريق خطأ لانه من ناحيه احنا عارفين السياسيه الصهيونيه: فرق تسد. بس من ناحيه تانيه عم منزقفلها ومنقلها كل الاحترام خليكي فرقي بينا ولولا شوي بدنا نوزع طبع نجم للصهاينه يحطوهن على صباحهن متل صف البستان ونجبلهن صفت كنافيه.

  5. واخيرا حدا تجرأ يحكي الحقيقه

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>