وفاة السينمائي السوري الكبير عمر أميرالاي

شكل رحيل أميرالاي أمس مفاجأة حزينة للوسط السينمائي، إذ لم يعرف عنه أنه شكا من مرض، بل كان يستعد لإنجاز فيلم جديد يتناول تجربة الممثلة السورية إغراء * أخلص للسينما التسجيلية الوثائقية رغم الشهرة الواسعة والاحتفاء اللذين حظي بهما الراحل

وفاة السينمائي السوري الكبير عمر أميرالاي

|خدمة إخبارية|

توفي، أمس السبت، في دمشق المخرج السينمائي السوري عمر أميرالاي، عن عمر ناهز 67 عامًا، إثر إصابته بأزمة قلبية، على ما أفاد سينمائيون سوريون مقربون منه. وأوضحت المصادر أنّ أميرالاي سيوارى الثرى اليوم الأحد، على أن تنطلق جنازته ظهرا من بيته في دمشق في شارع الباكستان إلى مقبرة العصافيري.

والمخرج من مواليد دمشق العام 1944 من أصل شركسي، وقد حقق عددا كبيرا من الأفلام التسجيلية التي أثارت جدلا، من أبرزها “طوفان في بلاد البعث” (2003)، الفيلم الذي أغضب السلطات السورية لدى عرضه في إحدى القنوات التليفزيونية العربية منذ سنوات. ومن أبرز أفلامه الطويلة: “الحياة اليومية في قرية سورية” (1976)، بالتعاون مع الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس؛ وفيلم “مصائب قوم” عن الحرب اللبنانية؛ و”الدجاج”. كما أنجز أميرالاي أفلاما عدة عن شخصيات معروفة أبرزها بنازير بوتو، والفنان التشكيلي السوري الراحل فاتح المدرس، والمسرحي الراحل سعد الله ونوس.

إلا أن البارز بين هذه الأفلام شريطه المعروف عن رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريرى تحت عنوان “الرجل ذو النعل الذهبي” (1999)، الذي اعتبر وثيقة شخصية نادرة وقريبة من تفاصيل حياة الحريري، والذي غيّر، على نحو إيجابي، نظرة كثيرين إلى الملياردير اللبناني، واعتبر مواجهة نادرة بين مخرج سينمائي يساري، تعتبر مشاركته في ثورة الطلاب في فرنسا العام 1968 أحد أبرز مكوناته، وبين رجل المال والأعمال.

وقد شكل رحيل أميرالاي أمس مفاجأة حزينة للوسط السينمائي، إذ لم يعرف عنه أنه شكا من مرض، بل كان يستعد لإنجاز فيلم جديد يتناول تجربة الممثلة السورية إغراء.

ولد أميرالاي في دمشق عام 1944 «على مرمى حجر من مقام شيخنا الأكبر محيي الدين بن عربي، معطّراً بروحانيته»، كما يقول أميرالاي نفسه في حوار معه. ويضيف انه عاش «في بيت عربي متواضع كان أضخم ما فيه نوافذه العريضة المطلة على الشارع العام الصاخب بالحركة والناس، من خلال تلك النوافذ. تربيتُ على الفضول وعلى حب الملاحظة وعلى تشريح الناس والأشياء، ورصد تفاصيل الحياة اليومية للحارة والجيران».

هذه الطفولة «المسترخية» وفرت له فضيلة الانشغال بالآخرين ومراقبتهم والتفرغ لقصصهم وحكاياتهم، الأمر الذي جعله يصف القول المأثور «من راقب الناس مات هماً» بـ «السخف». فقد راقب أميرالاي الحياة بكل رحابتها، بل وجه عدسته إلى أكثر الزوايا الإنسانية قسوة وألماً، واستطاع أن يحقق فيلموغرافيا لا يمكن تجاهلها في أي حديث يتناول المشهد السينمائي العربي.

درس أميرالاي المسرح في جامعة مسرح الأمم المتحدة في باريس عامي 1966-1967 ثم التحق بالمعهد العالي للدراسات السينمائية في باريس، لكنّه انقطع عن الدراسة بسبب أحداث الطلبة عام 1968 ليعود إلى بلاده ويخوض معركته السينمائية خلف العدسة. وعرف الراحل بأسلوبه السينمائي الخاص؛ المختلف عن أسلوب أقرانه ومجايليه من المخرجين السوريين الذين درسوا في الاتحاد السوفياتي السابق، إذ تظهر في أفلامه نزعة الانتقاد السياسي الحاد، فضلاً عن نشاطه ضمن الحراك السياسي العام.

والملاحظ في مسيرة أميرالاي إخلاصه الشديد للسينما التسجيلية الوثائقية التي تمثل، كما هو معروف، عتبة للمخرج السينمائي للوصول إلى «جنة السينما الروائية» ونجوميتها وامتيازاتها، غير أن أميرالاي بقي حريصاً على هذا النوع السينمائي، ومؤمناً بدوره، على رغم الشهرة الواسعة التي حظي بها الراحل، والاحتفاء الذي ناله في أكثر من مهرجان سينمائي.

(عن “اليوم السابع” و”الحياة”)

 

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>