“شكرًا” “شارلي إبدو”!/ أسعد موسى عودة

“شكرًا” “شارلي إبدو”!/ أسعد موسى عودة

وعلى هامش معركة الانتخابات البرلمانيّة الوشيكة والشّائكة (4)

o-VEILED-570

>

| أسعد موسى عودة|

asaad-q“شكرًا” “شارلي إبدو”! – نعم، “شكرًا”؛ لا لشيء، طبعًا، إلّا لأنّني أعلم، علم اليقين وعين اليقين وحقّ اليقين، أنّه ما من إساءة إلى الرّسول الأكرم، محمّد – صلّى الله عليه وسلّم – أزَلًا وأبَدًا وسَرْمَدًا، إلّا تحوّلت وتتحوّل وستتحوّل، حتمًا، إلى رافعة أخرى من روافع إعلاء كلمته ورسالته، ونصرته، إنسانًا وإسلامًا وسلامًا. وإنّها لحقيقة راسخة لا تتبدّل، ومن لا يعلم فليستعرض الماضي والحاضر والمستقبل.

لو كان خَيْرُ وُلْدِ آدم، أبو القاسم محمّد بنُ عبد الله بنِ عبد المطلّب – صلّى الله عليه وسلّم – حاضرًا بيننا، اليوم – يا بشر – كما هو حاضر فينا، لقال لمن علّمهم كيف يغتسلون بالصّابون ويتعطّرون، وتراهم، اليوم، بحرّيّة الرّأي والتّعبير يتشدّقون ويرسمون: “اذهبوا فأنتم الطّلقاء”. لكن نسي أو تناسى هؤلاء المسيؤون من “المتنوّرين” أنّ غَيْرة غير قليل من “الظّلاميّين” من “أتباع” نبيّ الرّحمة للعالمين، لا ترقى إلى مستوى سماحته وتسامحه وعفوه؛ فما عليهم هؤلاء المسيئين ومناصريهم – أينما حلّوا أو ارتحلوا – إلّا أن يفكّروا ألف عام في النّهار قبل ارتكاب مثل هذا الفعل الخسيس من الإساءة إليه – صلّى الله عليه وسلّم – أو إلى إخوته الأنبياء – عليهم السّلام – الّذين حدّثنا عنهم القرآن الكريم وكلّم؛ سواء أكانت هذه إساءة إلى صفته أم إلى شخصه، إلى صفاتهم أم إلى شخوصهم.

وأنا لست – هنا – في معرِض الحديث عن نظريّة المؤامرة أو عن حقيقة وجودها، فتلك مسألة أخشى أنّ الحديث فيها بات مبتذلًا رغم صحّته، ولا في معرِض الحديث عن فتنة الدّجّال الأعور الّذي يتبوّأ، اليوم، مِنصّات “ضمير العالم”، بل أنا هنا في معرِض التّنويه بالطّامّة الكبرى، ألا وهي انطلاء مؤامرة هذا الدّجّال الأعور، نصًّا وقولًا وفعلًا، قديمًا وحديثًا، قسرًا أو طوعًا، على من قتل من أساء إلى. وهما عندي، القاتل والمسيء، سيّان في الميزان؛ فمن أساء قتل ومن قتل أساء، علمًا أنّهم ما أساءوا إلّا لأنفسهم وما قتلوا إلّا أنفسهم، ومنهم جميعًا أخمص قدم رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – أعلى وأكرم وأعظم، وهو منهم براء.

وفي سياق متّصل، في الموقع الأدبيّ الثّقافيّ “قدّيتا” (26 كانون الثّاني/يناير 2015)، وتحت عُنوان: “دوڨ حَنين – فضيحة الفضيحة!”، نشر الأستاذ الكاتب مرزوق الحلبي مقالة “ليبراليّة” له في هذا الشّأن، علّقنا عليها بطرفة رأي ورشفة قلم، بما يلي: “السّلام على من اتّبع الهدى يا أستاذ مرزوق! أرجو أن أنوّه بأنّ مقالتك أعلاه غير متوازنة فكريًّا ألبتّة، بَلْهَ (دعك من) ما يعتورها ويعتريها من عيوب لغويّة. وأرجو أن أذكّرك بأنّ أسس العدل والدّيمقراطيّة الحقّة (لا ديمقراطيّة اليونان) والحرّيّة والعلم والأدب، وما شئت من خير الإنسان في كلّ زمان ومكان، خرجت من عباءة محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم، رحمة الله للعالمين، فنوّرت العالم ولا تزال ولن تزال. كما أذكّرك بأنّ مقولة: “(…) الحمد لله الّذي جعل في أمّة محمّد من يقوّم اعوجاج عمر بحدّ السّيف” خرجت من مرقّعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، باني الدّولة الإسلاميّة بكلّ أركانها وأبعادها. وأذكّرك… وأذكّرك… وأحيلك إلى خاطرة لي ستُنشر في سياق هذه “القرقعة” أعلاه، بحر هذا الأسبوع [هي هذي الخاطرة/ المقالة]، فهي “قرقعة” لا تستأهل أكثر من خاطرة.”

هذا – أيّها الأعزّة – وقد أثّرت فيّ – كم أثّرت فيّ – وِقفة سعادة المطران عطا الله حنّا، مشاركًا في مسيرة نصرة رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – في خليل الرّحمن، وفي أكثر من ميدان. شدّني المشهد ترجمةً لقول الحقّ – سبحانه – في كتابه العزيز: “وَلَتَجِدَنّ أقْرَبَهُم مَوَدَّةً لِلّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ قالُوا إنّا نَصارى، ذلكَ بأنّ مِنْهُم قِسّيسينَ وَرُهْبانًا وأنَّهُم لا يَسْتَكْبِرُون”؛ كما تذكّرت – كم تذكّرت – قول شاعرنا الأردنيّ، جريس سماوي: “إنّ روما الّتي سرقت ديننا / مثلما سرقت حنطة الرّوح من كلّ أهْرائنا / لم تزلْ تستبيحُ الذُّرى / هل ترى يا أبي / هل ترى؟”

ونقول، أيضًا: “شكرًا” ليبرمان!

“شكرًا” ليبرمان؛ وقد كانت لك يد قصيرة مغلولة في أن تجتمع ألوان طيفنا السّياسيّ إلى حزمة واحدة من ومض ونور ستخطف بصرك، وإلى كتلة واحدة من طين بلادنا وعجينها ستضرب عنقك، فتُرديك ذليلًا.

وشكرًا شعبنا، أحزابنا، نوّابنا، ولجنة وفاقنا على هذا الإنجاز، الّذي مهما تباينت أسباب تحقيقه فهمّنا وواجبنا أن نداري شرارته الأولى لتَقِد، وأن نوظّف زَخْمه الإيجابيّ المتصاعد في مساره الصّحيح، صلاحًا ثمّ مصلحة حقّة.

هذا وكلّي غبطة وسرور بتبنّي اقتراحيَ الشّخصيّ الخاصّ بحروف شارة قائمتنا المشتركة (“و م ض”)، الّتي اعتمُدت، يوم الثّلاثاء، 27 كانون الثّاني/يناير 2015، تسميتها الرّسميّة “القائمة المشتركة”، وشارتها “و م ض”. (يُنظر مقالنا المنشور في “الاتّحاد” و”حيفا” يوم 5 كانون الأوّل/ديسمبر 2014، و”قدّيتا” يوم 3 كانون الأوّل/ديسمبر 2014، كما يُنظر في خاصٍّ غيره دون العامّ، من قول وعمل) فشكرًا إخوتي، رفاقي، أصدقائي.

أمّا عن آخر نِكات السّياسيّين العرب الإسرائيليّين فحدّث ولا حرج. حيث نُشر، مؤخّرًا، عن “امتعاض” بعض “النّافذين” من أعضاء حزب العمل العرب من قيام زعامة الحزب – بموجب اتّفاق الشّراكة المبرم مع حزب الحركة (“هتنوعا”) – بإطلاق اسم “المعسكر الصِّهيونيّ” على القائمة المشتركة بين هذين الحزبين، “بدون مشاورتهم في الأمر، قَبْلًا”، “مهدّدين” بأنّه إذا لم يتمّ التّراجع عن هذه التّسمية (حتّى يوم تقديم القوائم إلى لجنة الانتخابات المركَزيّة، الخميس، 29 كانون الثّاني/يناير 2015) فإنّهم سيتّخذون الإجراءات التّصعيديّة اللّازمة. كم ضحكت لدى سماعي هذا الخبر، وحدّثت نفسي، ضاحكًا: “عشان تعرف قيمتك يا (…) / ومين سائلك، أصلًا، يا (…) / وصحّ النّوم يا (…)”. وهو، هذا “التّحرّك منهم” – في رأييَ المتواضع – إمّا جاء – ولربّما بترتيب وتنسيق، أيضًا – لردّ ورقة التّين السّاقطة، أصلًا – منذ زمن – بعين كلّ ذي عين ترى وتبصر، إلى عورة هذا الحزب أمام النّاخب العربيّ، وإمّا حفاظًا على ماء وجه هؤلاء الأعضاء العرب فيه (الحزب) أمامه (النّاخب العربيّ)، وإمّا لهذين السّببيْن مجتمعيْن، لا غير.

(الكبابير/ حيفا)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>