ثورات: محاورة شخصية/ فرحات فرحات

إنّ أخطر المواضيع الشائكة في مجتمعاتنا هي عجزنا، مكرهين أو برغبة منا، عن فصل الدين عن الدولة… ينبغي في هذا العالم المعقد المركب، بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي، أن يبقى الدين، أي دين، مسألة شخصية بين الإنسان وخالقه

ثورات: محاورة شخصية/ فرحات فرحات


|فرحات فرحات|

 

- ها هي فانتازيا الثورات العربية تتحقق أمام عينيك، جاءت متأخرة كما تقول أنت ثلاثين عامًا، لكنها حضرت بقوة الآن.

- ثلاثون عامًا من القهر والظلم والاستبداد والفقر والجهل لكن، أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي أبدًا.

- أنا لا أفهمك، ما معنى أن تأتي متأخرة ثلاثين عامًا؟

- ما الصعوبة في الفهم؟ عد إلى صفحات الماضي القريب، ثلاثين عامًا ونيف وانظر ماذا حدث في الإتحاد السوفيتي سابقًا ودول أوروبا الشرقية.

- أتعني أنّ العالم العربي كان عليه أن يركب موجة التحرّر في حينه أسوة بالشعوب الأوروبية في ذلك الوقت؟ ألا تعتقد أنها نوع من السذاجة؟

- دعنا نعتبرها نوعًا من الرومانسية.

- طبعًا، رومانسية الشعراء المحبَطين. هل اعتقدت فعلاً أنّ العالم العربي في أواخر السبعينيات من القرن الماضي كان جاهزًا لمثل هذه الثورات؟ هل كان لديهم غورباتشوف ويلتسين ولخ فالنسا؟ وهل كانوا مهيئين نفسيا ًواجتماعيا ً وسياسيا ً لمثل هذا الحراك؟ ثم هل من الضروري أن تتحرك الشعوب على وقع طبول بعضها البعض؟

- لا أدري لماذا تصوّرت مثل هذا السيناريو، ربما كان هذا نوعًا من wishful thinking. عندما رأيت هدم سور برلين، تمنيت أن يهدم العرب كل الأسوار الفعلية والمجازية التي تفصلهم عن الحرية والديمقراطية. أغمضت عيني لأرى مجموعة من المتحررين تطارد شاوشيسكو العرب ثم ترديه قتيلًا هو والأنظمة العربية زوجته الشرعية. لم يحدث هذا بينما توشح حلمي بالسواد طيلة هذه السنين.

- يمكنك الآن أن تخلع هذا الوشاح الأسود فها هو الخيال قد أصبح واقعًا.

- هذا صحيح لكن لا أخفيك أنّ الحلم أجمل وأنه حينما يتحقق يفقد كثيرا ً من بريقه. إنها مسألة أيام ليس إلا، هكذا ظننت، أنا المغفل الحالم وأنا أرى الشعب الروماني يلاحق رئيسه إلى أن قبض عليه ولاقى ما لاقاه. نمت لأستفيق على حلم التغيير، لكي أرى الشعوب العربية تهب في كل العواصم وتفعل ما فعله هؤلاء الأوروبيون.

رأيت نفسي أهتف لأبطال سوريا والعراق وهم يطيحون بطغاة حزب البعث. وددت أن يطيح العرب بكل حكامهم لكني أعترف أني وددت أكثر من كل شيء رؤية الأسد وصدام وهما يكنسان خارج حدود الزمان والمكان. خشيتهما وخشيت بطشهما وقرفت من خطابهما. كنت أتابع نشرات الأخبار على التلفزيون السوري وأسأل نفسي هل هناك من مغفل يشتري هذا الكلام الممضوغ إلى حدّ القرف والمهانة؟ أنا لا أعيش هناك لكني أقدر حجم الخوف والرهبة في نفوس الناس. تعلو أمامي صورة الشعب في مسرحية ضيعة تشرين وهم يسبقون خطاب المختار مرددين سوية “حافزينها” لكثرة مضغ تلك الخطابات الجوفاء. أتذكر أيضًا مرايا ياسر العظمة حين سأل “المذيع” في إحدى الحلقات مواطنًا أجرى معه لقاءً عفويًا في الشارع وهو يتلعثم من شدّة الخوف: “في نهاية هذا اللقاء ماذا تريد أن تسمع؟” ردّ المواطن بكل عفوية: “أغنية عبد الوهاب، خايف أقول اللي في ألبي”.

حلمت، لكن الحلم لم يتحقق، كان كبيرا ً على مقاسنا، فنحن ننشد الحرية لكننا نخاف منها. لا نعرف كيف نتعامل معها، نجهلها ونجهل فك مفاتيحها. في المسلسل السوري “ضيعة ضايعة” تطلب الحكومة من الشعب الكفّ عن التملق والبدء بالتعبير عن الرأي بصراحة. لم يستطع الناس الانصياع لهذا المرسوم الحكومي، وهو المرسوم الوحيد الذي يخترقه العامة من دون أن تعاقبهم الحكومة عليه. نتملق ونعرف أنّ الحاكم يدري بتملقنا، نكذب، لا نصدق ما نقول ونعلم أنّ كذبنا مفضوح لكنه جواز سفرنا وبوليصة التأمين على حياتنا. إنه الخوف الذي يملأ صدورنا، الجهل الذي يستوطن في عقولنا والرهبة من التغيير، أيّ تغيير. سيد عربي، إنسان مهزوم، لم يتغلب على نفسه بعد، إنه مركب النقص والجهل والفقر والعجز الرهيب عن سد الفجوة العلمية التكنولوجية. إنه الدين الذي يحول دون تطلعنا إلى المستقبل، يجعلنا متسمرين في الماضي، نعيش على أشلاء انتصارات وهمية وحقيقية، يكبل فينا مرونة التفكير والرغبة في التحديث، يجعل المرأة، نصف المجتمع، عبئًا علينا ويهدر نصف طاقاتنا.

- ما شاء الله، لم أتوقع منك هذه المحاضرة لكني لست متفاجئًا من قضية سيد عربي.

- رغم كل هذه الثورات، إلا أن سيد عربي ما زال مهزوما ًمن داخله ولذلك فأنا خائف عليه كثيرا ً ولا أدري إذا كانت بوصلته ستؤدي به إلى المسار الصحيح.

.

سيد عربي

سيد عربيّ،

يشربُ قهوتـَه المرّة َ

يرتشفُ فيها فرح َ العمر ِ

وكأسَ النّصر ِ

وبؤسَ العصر ِ

وكلّ الآهـاتْ

له لونُ القهوة ِ

في بادية ِ الأردُنّ ِ وفي الصحراءْ

يشربُها في الربع ِ الخالي

وبِقاع ِ “الضـاد”

يتذوقُ فيها طعمَ الناس ِ وطعمَ الوعدْ

يستنشقُ فيها غدرَ الرمل ِ

ومُرَّ العيش ِ

وبطشَ القائد ِ والمغوارْ

.

سيد عربي،

يلهو في صنع ِ النارْ

يتلذذ ُ في دقّ المهباجْ

يبكي،

يضحك ُ،

يحلم ُ،

يعلم ُ أنّ العامل َ في حُلوان َ وفي وَهران َ وفي الأغوارْ

لا يملك ُ تاجـا ً من غار ْ

لا يملك ُ بيتـا ً، زيـتا ، حرفـا َ

أو بعضا ً من صنع ِ قرار ْ

له ُ طعم ُ القهوةِ

مرّا ً

كمرارة ِ نهر ِ البارد ِ في عزّ ِ الصيّفْ

كمرارة ِ لقمة ِ عيش ٍ تأتي كالطّيف ْ

.

سيد عربي،

يعتصر ُ الألم َ ، القهر َ، الوجع َ

ويصفق ُ لزعيم ِ الأمّـة

ينسى الظلمّـة

يبني أحلاما ً من ورق ٍ في كلّ ِ نهار ْ

في ” بـاب الحارة ِ”

مع معتز ٍ وأبي شهابٍ وأبي عصام ْ

يزهو…

فينام ْ

.

سيد عربي،

له لونُ القهوة ِ

شكلُ الماءْ

له ُ ضعف ُ الطفل ِ

وعجز ُ العجز ِ

ووهن ُ الداء ْ

له وجه ُ الله يلوذ ُ إليه صباح َ مساء ْ

يصوم ُ يـُصلّي ويـُبسمل ُ قبل َ الإفطار ْ

بعدَ الإفطار ْ:

” أحمنا ربـي .. ربي

أبعد ْعنـّا الأشرار ْ

وقنـا شر َ الإعصار ْ “

.

سيد عربي،

لا يقنـط ُ من حلم ٍ موعودْ

من أ ُفق ٍ مرصود

يبحث ُ عن مفتاح ِ الجنة ِ في التوراة ِ وفي القرآن ِ وفي الإنجيل ْ

لا يسألُ جهرًا

لا يصنع ُ مطرًا

لا يبحث  ُ عن رمز ٍ مفقود ْ

.

سيد عربي،

يشرب ُ قهوتـَهُ المرة َ

حمــدا ً لله

حمــدا ً لله!!

.

- أوكي أعجبني رتم القصيدة، لكنها لا تحمل صورة الواقع الآن، إنها مليئة بالقنوط والعجز.

- هذا صحيح؛ أنظر ما جرى في ساحة التحرير وفي كل ساحات التحرير على امتداد العالم العربي . ذهب حسني مبارك، زين العابدين، معمر القذافي، وعلي عبدالله صالح. لا أستطيع أن أنسى ظهور علي عبدالله صالح كل يوم على شاشات التلفزيون، حليق الذقن متهيبًا، أنيق الملبس، لا تراه بنفس الجاكيت وربطة العنق مرتين، يطلّ على شعبه أو ما تبقى منه بخطب جوفاء، لا تخلو من أخطاء لغوية، “ينقر” الخطاب تلو الآخر. أنظر إليه ولا أصدّق: إلى متى هذا العناد وهذه المشاكسة الكلامية فشعبك لا يريدك! إرحل! يردّدون .

أما الأخ القائد معمر القذافي فحدّث ولا حرج. لو كان هذا الإنسان حاكما ً لجزيرة نائية في المحيط الهندي مثلاً، لضحكنا كثيرا ً على هبل شعبها وغبائه. لكن هذا الهبل والغباء من صنعنا، made in Arabia. هذا الصنع هو مظهرنا الحضاري والأخلاقي أمام العالم. ضحكنا له كثيرا ً وصفقنا له كثيرا ً واعتبرناه بطلا ً في مراحل عدّة. رأيناه محاطا ً بحارساته الحسناوات فقلنا “صحتين”، سمعنا خطاباته التي لها أوّل وليس لها آخر فاعتبرنا أنّ الرجل عنده ما يقوله. رأيناه ملتفا ً ببطانية داكنة مضحكة فقلنا لا بأس هذا جزء من التقاليد. رأينا خيماته التي نصبها في عواصم العالم فاعتبرنا ذلك جزءا ً من الفولكلور. باختصار، نحن مجتمعون شركاء في DNA هذا الرجل وقد دفعنا ثمن الفاتورة باهظا ً بدماء الأبرياء.

نصل إلى الدكتور. هنيئا ً لنا بهذا الدكتور الرئيس، طبيب العيون الذي لا يرى أبعد من خشمه، الطفل المدلل الذي من أجله سجلت سوريا انجازا ً قياسيا في كتاب جينس حيث غيرت دستورها في أقلّ من خمس دقائق. إنه أسد حقا ً يخافه شعبه إلى أبعد الحدود فيأخذ هذا الخوف شكل الحب بما يعرف في علم النفس بالتنافر وعدم الانسجام dissonance. ورث عن أبيه النار والحديد ومؤسسات إعلامية فقدت منذ تأسيسها الحياء وشرف المهنة. يحيطه منافقون ومنتفعون وبعض الفنانين ممن يخجل صباهم بشيخوختهم. هذا الدكتور، دكتاتور بامتياز، يقف له أعضاء “مجلس الشعب “، قطيع المنافقين، عندما يتكرّم بزيارتهم لدقائق طويلة وهم يصفقون على رتم واحد لا نشاز فيه وكأنك أمام أعضاء قد عينوا في المجلس بسبب حسهم الموسيقي ورتابة إيقاعهم. يصفقون وكأنهم فرقة مراهقين أمام مغنية حسناء لا إعجابا ً بل خوفا ً ورياء وتملقا ً وزيفا ً وإنكارا ً للذات أمام هذا السلطان الذي يتمتع بازدراء، بخنوع القطيع وذله.

- مرة ً أخرى طرقتني محاضرة ولكن لا بأس فقد أحببت الوصف رغم المبالغة.

- أعذرني لكن يبقى السؤال الكبير، إلى أين؟ هل نحن على مشارف عالم عربي تسوده الديمقراطية والمساواة والعدالة ومؤسسات المجتمع المدنيّ وحرية الصحافة والتعبير وفصل الدين عن الدولة؟ لا أستطيع بقدر من الثقة الردّ بالإيجاب على هذه الأسئلة. بل أسوق إلى أبعد من ذلك لأقول إن تلك الاحتمالات ضئيلة لمن يرقب الأمور بعين ثاقبة وموضوعية.

- ما هذه السوداوية يا أخي؟ هل تعلم أن الثورة الفرنسية أخذت سنين طويلة بين مدّ وجزر حتى استقر بها الأمر وتجذّرت مبادئها في الأمة الفرنسية؟

- وهل تريد أن تقول لي إنّ العرب والفرنسيين يتمتعون بنفس الجينات والخلفية الثقافية والتاريخ والدين؟ عندما يطلق الغرب تصريحات مفادها أن العرب والديمقراطية خطان متساويان لا يلتقيان، نشعر بالمهانة والمذلة ونتهمهم بالعنصرية وبالرأي المسبق وبحق. لكن لو كان عندنا قدر من الشجاعة والصراحة لسبر أغوار نفسنا الشخصية والكلية، كأفراد وكمجتمعات، لوجدنا أن هناك أكثر من مؤشر على وجود عقبات جمة تحول دون وصولنا إلى مجتمعات ديمقراطية في المستقبل القريب .

- يكفي أننا على علم بهذه الفروقات وأننا نعمل على تذويبها.

- أنت تمزح، هل رأيت نتائج الانتخابات البرلمانية في تونس ومصر؟

- وما العيب فيما رأيت؟ إنها حصيلة تجربة ديمقراطية حتى وإن لم ترق لك.

- من حيث الشكل والإخراج والمستوى التقني والفني هذا صحيح. لكن هل يمكن اختصار الديمقراطية وحصرها برغبة الأكثرية فقط؟ إن نمط حياتنا كمجتمعات هو نمط ذكوري تكون فيه الغلبة للرجل، يسانده في ذلك الدين “حظ الرجل كحظ أنثيين”. إنّ الرجل هو الحاكم المطلق في بيته ولا يخرج أحد عن طوعه، لا يحق للزوجة الخروج إلا بإذن وكذا الأمر بالنسبة للبنت. الرجل هو الذي يحدّد ما هو المسموح وما هو الممنوع وقد يقضي بسياسة تميز بين الذكر والأنثى داخل الأسرة الواحدة مما يعني بالضرورة أن هذه الأسر تعيش في غالبيتها حياة غير متساوية وغير ديمقراطية ممارسة وفكرًا. وما دام الرجل الشرقي يقبل هذا النمط ممارسة وفكرا في محيطه الصغير ويصر على إبقائه بحكم الموروث المقدس، فلماذا يتوقع أحد أن يرفضه حين يمتد إلى الحيز العام بمفهوم المجتمع والدولة؟ إن التغيير الحقيقي يجب أن يبدأ من الداخل وما دام هذا لم يحصل فلن يكون هناك حَراك ديمقراطيّ. كيف يمكن لرجل ما أن يعتصم في ميدان التحرير أو أي بقعة أخرى مناديا ً بالحرية ثم يذهب آخر النهار إلى بيته ليمارس القمع على زوجتة وأولاده؟ إنّ هذا الانفصام في حياة المجتمعات العربية التي تنادي بالديمقراطية كفكرة لكنها كأفراد تعجز عن تطبيقها في محيطها الصغير، هذه الازدواجية في المعايير هي من الأسباب التي رسّخت وجود الأنظمة الدكتاتورية في عالمنا العربي وهي التي أدت إلى قبول سلطة الآخرين عليهم.

- هذه نظرة شمولية فيها كثير من الإحباط والتشاؤم. أنت تقول بعبارات أخرى إنّ لا أمل في التغيير طالما نعيش حياتنا وفق معاييرنا الدينية وموروثنا الاجتماعيّ المحافظ. أليس من نقطة التقاء وسطية تجمع ما بين الاثنين؟

- إنّ أخطر المواضيع الشائكة في مجتمعاتنا هي عجزنا، مكرهين أو برغبة منا، عن فصل الدين عن الدولة. إنّ دساتير معظم الدول العربية تحكمها الشريعة الإسلامية، بمعنى أنها المرجعية الأولى والأساسية. ورغم إيماننا بأنّ الدين عدل وحق، إلا أنه ينبغي في هذا العالم المعقد المركب، بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي، أن يبقى الدين، أي دين، مسألة شخصية بين الإنسان وخالقه، من دون أن يخضع الفرد لضغوطات مؤسّساتية دينية واجتماعية. فلا يجوز مثلا ً أن يقطع التلفزيون بثه العادي لكي يذكرنا بآذان العصر أو عبر مكبّرات الصّوت لأنّ في ذلك اختراقًا لمساحة الفرد ونوعًا من الضغط الجماعي وهو ما يتنافى مع أبسط قواعد الإيمان المبنيّ على الرغبة الصادقة والقناعة الشخصية. وهذا ما أكّده أدونيس حين قال إنه لا يؤمن بمظاهرة تدعو للديمقراطية تخرج من مسجد.

- رغم كل هذا فالثورات تتبلور أمام أعيننا الواحدة تلو الأخرى والزمن كفيل بتصحيح مساراتها بعد مخاض يسير أو عسير.

- ها قد انتهت الثورة المصرية  “بنجاح” وأطيح بحسني مبارك وبكل رموز حكمه السابقين. أقول بنجاح بين مزدوجين لأنّ القلق والشك بدءا يساورانني حين حـُكم على وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، بالسّجن لاثنتي عشر سنة بعد اعتقاله بأسبوعين أو ثلاثة. من الجائز، بل من المؤكد أنّ الرجل سارق ونصاب وأن مصيره السجن لا محالة ولكن بحق السماء كيف يمكن إجراء محاكمة نزيهة في أقل من شهر؟! كيف يمكن أن يأخذ العدل مجراه بهذه السرعة؟ لا أستطيع إلا أن أشم في هذه الحالة رائحة الرغبة في إرضاء الجماهير ورغبتها في الانتقام عبر اختلاس المسافات الضرورية في الإحتكام والمقاضاة بسرعة تتنافى مع أبسط قوانين العدالة. وهنا تكمن الخطورة، فدكتاتورية الشعوب ليست أقل خطورة من دكتاتورية الحاكم الفرد بل قد تكون أكثر قسوة لقدرتها على التمويه والإيحاء بأنها رغبة جماعية مشروعة.

أرجو أن أكون مخطئا ً في تصوّري هذا حتى لا نكون قد غيرنا الشكل دون المضمون والمسميات دون الجوهر.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

2 تعقيبات

  1. رائع جدا.
    فصل الدين عن الدولة هو الهدف الاهم لنجاح الثورات. منه تأتي حرية المرأة وحقوق الاقليات، ومنه يمكن بناء دولة تكون تابعة للجميع.
    المشكلة هي الفقر وقلة القراءة عند المواطن العربي.
    مشكلة اخرى هي القوة الاقتصادية عند الاخونجيين وامثالهم من محتكري الحقيقة.

  2. نص آخر يحاول أن يأتي بالإنساني الحضاري ليحلّه مكان
    “الإنساني” الغرائزي كما وصفه برنارد شور في “قلب الإنسان”
    جهد في اتجاه بوصلة العقل وإشارته
    ولأنه كذلك لا بدّ أن يتعرض لقراصنة النت وسلوقييه وشبيحته
    هكذا كان مصير العقل في الثقافة العربية والأيديولوجيات الشمولية
    فاحذر أيها الصديق من نار “الأخوة” ..وحاذر
    ها هم بدأوا بالتصويب.

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>