فليسقط يوم المرأة/ فراس نعامنة

إذا ما استمرّ يوم المرأة بحمل الطابع الاحتفالي لا الاحتجاجي وأن يكون يوماً لتوزيع الورود لا لإطلاق صرخة مدوية، إذاً فليسقط هذا اليوم!

فليسقط يوم المرأة/ فراس نعامنة

 

.

|فراس نعامنة|

ربما الآن في هذه اللحظة، ستهيئ النساء أنفسهن لشرشحتي على حيطان الفيسبوك بعد رؤية هذا العنوان وقبل قراءة المضمون؛ فكيف لي أن أستفزهنّ هكذا في يومهنّ؟ ألا يكفي أنني شاب، ذكر ضليع ومتورّط في تخطيط وتنفيذ جريمة التمييز ضد النساء؟ فعلاً جنيت على نفسي.
عادةً أرحّب أشدّ الترحيب بكل الاحتفالات حتى إنني أدخل أحيانًا إلى “ويكيبيديا” وأبحث عن عيد استقلال أيّ دولة في العالم يصادف ذات اليوم، وأحتقل معها، حينما لا أجد سببًا للاحتفال. ولكنني صراحةً لا أجد أيّ سبب أو مبرّر للأجواء الاحتفالية في الثامن من آذار، بل وأمقتها. والسبب ليس قلة المودة لفريق 8 آذار اللبناني ونفاقه (سبب ملائم لكنه غير كافٍ)، ولكنّ السبب هو أنني أكره تحويل هذا اليوم ليوم إحتفالي فقط؛ فالطريق طويلة لنحتفل بمساواة المرأة بالرجل في مجتمع يسّجل كل سنة أرقامًا وأحداثًا جديدة تظهر لنا كم نبعد عن تحقيق المساواة.

قبل يومين قُبل إقتراح قانون (قدّمه نواب من اليمين واليسار، وكذلك النائب حنين زعبي) لرفع السن القانوني للزواج من 17 إلى 18 سنة، والذي يهدف لتقليص ظاهرة زواج أو تزويج الأطفال وإتاحة الفرصة للفتاة (بالأساس) لإنهاء تعليمها الثانويّ والنضوج قدر الإمكان قبل الزواج. من المعروف أنّ ظاهرة تزويج النساء/الطفلات منتشرة جداً في المجتمع العربي وخاصة في الوسط البدوي في النقب، حيث تبلغ نسبة الزواج (تحت جيل 17) نسبة 5.9%(!) و 10.8% (تحت جيل 19) {حسب دائرة الإحصاء المركزية – من إستطلاع معهد يافا 2006}. القانون مبارك ومهم جداً رغم أنه محدود وليس من السهل تطبيقه. ولكن ما أريد التطرق إليه بما يخص هذا القانون هو أنه كان هنالك معارضون للقانون وصوتوا ضده: نواب يهود متدينون ونواب عرب أيضاً (حاولت معرفة أسماءهم لكني لم أتمكّن من ذلك). هناك شخصيات من بين قياداتنا التي تجلس في لجنة المتابعة وتتحدث باسمنا من على منبر الكنيست ومنابر أخرى تحمل عقلية تشجّع تزويج الأطفال. ربما يجلس هذا النائب نفسه الذي صوّت ضد القانون في مكتبه اليوم ويطلب من مساعده البرلماني أن ينشر باسمه تهنئة في موقع “بانيت” ليهنئ النساء بيومهنّ العالمي، في الوقت الذي لا يهتم أحد بأن يثير هذا الموضوع. ويضاف هذا الحدث إلى أحداث وممارسات كثيرة من التمييز ضد المرأة حصلت وتحصل ونمرّ عليها مر الكرام، من دون أن نقوّم الدنيا ونقعدها.

يستفزني أن نمر مر الكرام من دون ردّ لائق على موضوع منع آية منّاع الشابة من مجد الكروم ووالدتها من صعود الباص المتجه لمظاهرة في القدس للتضامن مع النقب، والسبب أنها امرأة والباص المُتجه من بلدها لم يكن فيه إلا رجال. فعلاً السكوت على هذه الفعلة المشينة صدمني.

يستفزني إجلاس المرأة من الخلف في مناسبات إجتماعية وسياسية مختلفة وسكوت كل الجمعيات والشخصيات الفاعلة على هذا، لا بل ومشاركتهم في هذه الفعاليات والجلوس من الأمام. لا أفهم كيف يقبل رجل، عضو كنيست أو قيادي آخر ينتمي لحزب “متنور”، أن يجلس من الأمام بينما تجلس النساء من الخلف حين يشارك في هذه الفعاليات، ثم يذهب ليحدثنا عن قيم المساواة وحرية المرأة. ألا تعلم يا سيد أن من يشارك في هذه الفعاليات يكرّس التمييز ضد النساء وأن من يكرّس التمييز يكون شريكًا في الجريمة القادمة؟

يستفزني إستمرار التعامل مع جرائم الشرف على أنها كوارث طبيعية لا بد من حصولها وأن هناك من يسكتون عنها أو يدافعون عنها علناً. وأن لا أحد يجرؤ على محاسبتهم أو فضحهم ونشر أسمائهم على الملأ.

يستفزني أن تفرح إمرأة أو رجل في بلادي عند ولادة مولود ذكر وتفضيل ولادة “عريس” على ولادة “عروس”، ليحمل “اسم العائلة”. يستفزني سماع عبارة: “كلو مليح.. ومالهن البنات؟” عند ولادة مولودة أنثى التي يستعملها الناس لمواساة أنفسهم إذا لم يرزقوا بمولود ذكر.

يستفزني أن أسمع رجلاً يحادث امرأة بنبرة متعالية ومذلة ومتكبرة لأنها إمرأة، ويؤسفني أن يحصل هذا في الأماكن العامة، في أماكن العمل، في المدارس وحتى في الجامعات.. أو في اجتماع لجنة متابعة قضايا الجماهير العربية في إسرائيل. يستفزني بل ويخجلني كإنسان وكفرد بالمجتمع أن يتم تذويت عقلية التخلف وإلإقصاء وأن يتم التعامل بشكل عادي معها.

يستفزني حقاً في هذا اليوم أن نوزع الورود ونقدم التخفيضات للنساء في المقاهي ونملأ الفيسبوك بالعبارات النبيلة وأن تطغى الأجواء الإحتفالية على يوم المرأة بدل أن يستغل هذا اليوم لتناول المواضيع الحساسة وأن يكون هذا اليوم بمثابة تتويج لبرنامج توعوي خلال كل أيام السنة. الطريق إلى المساواة ليست بالقريبة والمساواة تبدأ بالتوعية وبكسر التابو في الحديث عن المواضيع الشائكة وبإثارتها في شتى المنابر وعلى كافة المستويات. وعلينا بفضح من يمارس التمييز وعدم السكوت على هذا الموضوع، لأن من يسكت على التمييز هو شريك به وشريك في الجريمة القادمة ضد المرأة.

إذا ما استمرّ يوم المرأة بحمل الطابع الاحتفالي لا الاحتجاجي وأن يكون يوماً لتوزيع الورود لا لإطلاق صرخة مدوية، إذاً فليسقط هذا اليوم!

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

10 تعقيبات

  1. الطريق إلى المساواة ليست بالقريبة والمساواة تبدأ بالتوعية وبكسر التابو في الحديث عن المواضيع الشائكة وبإثارتها في شتى المنابر وعلى كافة المستويات. وعلينا بفضح من يمارس التمييز وعدم السكوت على هذا الموضوع، لأن من يسكت على التمييز هو شريك به وشريك في الجريمة القادمة ضد المرأة.
    إذا ما استمرّ يوم المرأة بحمل الطابع الاحتفالي لا الاحتجاجي وأن يكون يوماً لتوزيع الورود لا لإطلاق صرخة مدوية، إذاً فليسقط هذا اليوم!
    شكرا للكاتب

  2. اوفقك بشده على الموضوع ويستفزني جدا عندما تكون السيده لديها بنات ويقولون لها الله يعوضك وكذلك مسكين اجاه بنت وكذلك البنت الحلوه نص مصيبه وفي الواقع لن يكون في صف الاهل الا البنت ولا يتفقد الاهل الا البنت ولا يتحمل المسوؤليه الا البنت ولا ولا ولا ولا………… الخ يكفي مع العلم هناك بعض الناس يرضون ان يكون عندهم ولد معاق ولا بنت صالحه واشكر الله انني فتاه

  3. اطلع من فلم الفيسبوك!

  4. مع انه الورد مش عاطل

  5. صراحة انت على حق واليوم المراة العالمي ليس لتوزيع الورود فقط ولماذا يتسال الجميع ليس هناك عيد الرجل العالمي !!
    انما يوجد هناك الكثير من حقوق المراة اما يوم المراة العالمي فلا

  6. للأسف هادا اليوم يستعمل اكثر عشان ننسى همومنا ، ونضحك على حالنا ليوم واحد كامل. نقنع حالنا انو كلشي منيح وكلشي تمام، والرجل يجيب لمرتو هدية وهوي مهملها كل السنة ..
    مقالة حلوة :) ..

  7. انشرها ببانيت السخيف ، لعل الناس اللي هناك يوصلها ولو شيء بسيط من المنطق و الوعي.

  8. يسعدني، يسعدني ثم يسعدني وجود رجال في مجتمعنا بهذا الفكر المتألّق..
    صادق انت 100% .. فلكي يتمّ تحرير المرأة.. وحتّى نسعى للمساواة.. علينا ان نعمل طوال السّنة.. وعلينا ان نوفر العديد من المشاريع والحلول التي تساعد في تثقيف وزيادة الوعي لدى ابناء المجتمع لاهمية مساواة المرأة بالرجل..! لا ان نكرّس لها يوما واحدا!!
    وكم يزعجني احتفال فتيات جامعة القدس العبرية بيوم المراة يحملن شعار “عذراء، مش عذراء.. مش شغلك” .. هل هذا هو مفهوم الحرية والمساواة التي نبحث عنه نحن النساء؟؟؟؟ شعار غير لائق بتاتا.. وعُبِّر عنه بطريقة غير لائقة ايضا.. والتي افقدت بالتالي معنى السعي لمساواة الرجل بالمرأة!!
    الى الاخت حنان .. مثل هذا الاحتفال الذي تحدثتِ عنه لم يكن بحاجة ليوم مرأة.. كنتنّ تستطعن الاحتفال باي يوم.. فلكنّ كامل الحريّة..

  9. اولاً شكراً على الاهتمام بهكذا مواضيع وليس مفهوم ضمناً لان العديد يمرون مر الكرام على هذه المواضيع! انا لا اوافقك الرأي عزيزي بانه يجب عدم الاحتفال او المعايدة، بالعكس من خلال المعايدة والتكريم والحتفال ممكن ان تطرح مواضيع ، امس مثلاً كان احتفال لنساء بلدي وادخلنا فقرة تراث وفولوكلور من خلال المربيه نائلة لبس والتي سلطت الضوء على الفرق بين اغاني الرجال والنساء وانتقدت الهديد من الظواهر من خلال المهاهاة والزغاريد وكذلك من خلال سعيد سلامة انتقد الافكار النمطية وانا خلال كلمتي طرحت موضوع الزواج المبكر ، التحرش الجنسي، العنف، وموضوع الاسيرة هناء شلبي ….. ومن خلال هذه المناسبات والتجمعات بامكانك طرح افكارك! كل عام ونساء الارض احرار

  10. بوافق بشدة ويمكن عشان هيك مكنتش مرتاح للحفلة الفايعة بالفيسبوك فشكرًا انك خليتني أفهم منين جاي هالشعور
    أهم فكرة بالمقال حسب رأيي هي الدعوة لاستثمار اليوم للاحتجاج مش لتوزيع الورد بطريقة سخيفة
    (أدبيًا: للمرات القادمة تجنب التكرار، يعني أخر فقرة ونص وردوا فكرةً وصياغةً ببداية المقال).

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>