سامي..عم تضحك وبدك تحطلنا لايك من السما؟/ فراس نعامنة

كل مرة أرى أنك أوفلاين في التشات وأرى صورتك بجانب النقطة الرمادية.. أبتسم وأقول: أكيد سامي إسّا عم بضحك نفس الضحكة وحابب يحط لايك على كل شي شايفو بالفسيبوك.. بس ما في عندو وايرليس

سامي..عم تضحك وبدك تحطلنا لايك من السما؟/ فراس نعامنة

|فراس نعامنة|
لم تكن معرفتي بسامي طويلة أو عميقة.. وربما ليست بالقدر الكافي الذي يجعلني أكتب عنه وله، في يوم ميلاده.

إلتقيت بسامي للمرة الأولى قبل سنة من رحيله. لم أعرفه جيداً، إلتقينا في لقاءات عمل أو في حفلات على الأغلب.. ولم نتبادل الحديث كثيراً. إلا أن سامي كان يفاجئني دائماً بأفكاره وبالإقتراحات “المجنونة” التي كان يقترحها في إجتماعات طاقم “قديتا”، أو بموسيقاه المميزة التي كان يشاركنا بها على الفايسبوك. لم تترك إبتسامة سامي التي لا تفارقه أيّ مجال لأيّ إنسان بألا يحبه. رغم معرفتي القصيرة به إلا أنني أحببت سامي وتأثرت عندما علمت بوفاته، ومباشرةً راودني التساؤل الأزليّ: لماذا يرحل عنّا الناس الطيبون؟ لماذا يرحل عنّا الناس الذين بإمكانهم أن يجعلوا العالم مكاناً أفضل؟ هل راود سامي نفس التساؤل قبل أن يرحل؟ هل فكر بمن سيملأ مكانه وينجز مشاريعه ويحبّ الحياة كما أحبها هو ويسمعنا الموسيقى التي أحبها والتي عاش من أجلها؟ لا أعرف الإجابة على هذه التساؤلات.. ولكنني أعتقد أنّ العالم حتماً كان سيصبح مكاناً أفضل لو بقي سامي معنا.

قبل أسبوعين كنا في طريق العودة أنا وصديقة لي من سهرة في البلد التحتى في حيفا. مررنا بشارع يافا. سألتني: هون عدالة؟ قلتلها: آه.. هون بيت أهل سامي مطر. عندما توقفنا هناك أحسست بإحساس غريب بعض الشيء وتذكرت لا أدري لماذا الصفحة الخاصّة لسامي على موقع الفيسبوك (البروفايل).. فسألتها: شو رأيك بصير ببروفايل الواحد بعد ما يموت؟ سيبقى سؤالا يثير اهتمامي دائماً وأبدًا. هذا السؤال سألته وتذكرته بسياق الحديث عن سامي لأني أزور بروفايل سامي تقريباً كل يوم. ألاحظ هناك أنّه منذ وفاته وحتى اليوم لا يزال أصدقاؤه يكتبون له على الحائط، وبالأساس أخوه ميشيل الذي يكتب له كلّ يوم ما يحسّ به، يهديه أغنية، يخبره بنكتة.. يطمئنه على فيديو “الثورة الخضراء”.. يصبّح ويمسّي عليه.. يخبره بأنه اشترى له فلافل (مع حريصا) اليوم من عند أبو ولاء من الواد ويعدّ الأيام منذ رحيله.
عندما لاحظت أنّ ميشيل يكتب لسامي رجعت للوراء في الزمان (على الحائط) واكتشفت أنه يكتب له يومياً بإنتظام.. عندها لم أستطع إلا أن أذرف الدموع. حقيقةً كان من أكثر الأشياء المؤلمة التي حصلت معي. تألمت أكثر من لحظة سماعي خبر الوفاة أو من الوجود في الجنازة.

ربما هذا الحنين إلى الناس التي نفقدها أكثر إيلاماً من الفقدان نفسه. فعلاً “الموت لا يوجع الموتى.. الموت يوجع الأحياء”. يبدو أنّ المساحة الإلكترونية التابعة للإنسان الذي يرحل عنا هي المكان الملائم والطبيعي لنعبر له عن شوقنا وحبنا وحنيننا.. وربما صورهم وحديثهم التي تركوها وراءهم تساهم أكثر لكي نحسّهم أٌقرب إلينا.. ربما صورة الابتسامة تبقى في مكانها لتعطينا الأمل لنستمرّ ونعيش حياتنا.

لن يعود سامي ليكون أونلاين. لن أرى النقطة الخضراء بجانب اسمه في تشات الجيميل حيث كنّا نتواصل بالأساس لحلّ المشاكل التقنية في المواقع التي عملنا بها. ولكن نقطة الأوفلاين الرمادية ستبقى إلى الأبد لتذكّرني كم كنت يا سامي إنساناً طيباً يحبّ المساعدة ويحب الناس.. وكل مرة أرى أنك أوفلاين في التشات وأرى صورتك بجانب النقطة الرمادية.. أبتسم وأقول: أكيد سامي إسّا عم بضحك نفس الضحكة وحابب يحط لايك على كل شي شايفو بالفسيبوك.. بس ما في عندو وايرليس.

كل عام وإنتِ طيب سامي.

(كُتبت هذه المادة في يوم عيد ميلاد سامي بتاريخ 25/2/2012)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>