“يا عمّال العالم…انتحروا!”

حسنًا، بما أني الآن أجلس في مكان عملي، وأكتب هذه السطور، أو ألعب “كاروشي” بدلًا من انجاز المهام المتراكمة.. يبدو أنني أيضًا على درب الـ”كاروشي”… غدًا سأنجز المراحل الـ210، وأودع الانتحاري وداعًا أخيرًا… أودع شهيد الطبقة العاملة.

“يا عمّال العالم…انتحروا!”

|مجد كيّال|

نحن العمّال، في المصانع والمزارع والمكاتب، لطالما كنا بحاجة لمن يمثلنا في هذا الزمن التعيس، زمن نُسحق فيه يوميًا دون أن نلتفت إلى أوجاعنا، انهماكا في العمل. فنذرّ ملحًا على الجرح، ونستمر… والآن بعد أن نَعَت الامبريالية ثورة البروليتاريا، وظنوا أنهم نالوا من سواعد العمّال… نقدّم لكم القائد الغمر (والميمون طائره\خليفة الله يستسقى به المطر) الذي سيقود جحافل الطبقة الكادحة المستعبدة هاتفة: يا عمّال العالم… انتحروا!

من يستطيع أن يُحصي عدد ألعاب ألـ “فلاش” على الشبكة؟ لا أحد. مئات المواقع وشركات الإنتاج المختصة تنتج مئات آلاف ألعاب ألـ”فلاش”، وهذه الألعاب عبارة عن برامج رسوم متحركة صغيرة الحجم تزرع غالبًا في صفحات الانترنت، أي أن استخدامها لا يحتاج لتحميل اللعبة وتثبيتها على جهاز الكمبيوتر. العاب سريعة، بسيطة، وغالبًا ما تتحول إلى إدمان.

karushi

مُحرري العزيز، هذا آخر "كلام صورة" قبل أن أضغط الزناد!

ألعاب الفلاش مثلها مثل باقي الألعاب في العالم، ابتداءً من الـ”بنانير” التي شغلتنا أطفالًا في الحي وصولًا لـ Medal of Honor، (اللعبة المثيرة للجدل التي تتيح للمستخدم ان يتقمص دور محارب من حركة طالبان): المبدأ البديهي ذاته، عليك أن تفوز وتتقدم بأقل خسائر ممكنة، وطبعا دون أن تفقد “حياتك” قبل الـ Game Over. إنها أكسيوما اللعب.

ولكن هذه البديهيات لن تمر سالمة تحت يد المبرمج والمصمم الهولندي جيس فينبروكس صانع لُعبة “كاروشي”. اللعبة التي يتقمص فيها اللاعب دور موظف ياباني مدمن على العمل، هدفه في اللعبة… أن يموت.

تعني كلمة “كاروشي” باليابانية “الموت نتيجة العمل الزائد” وقد صمم فينبروكس اللعبة أثناء دراسته في جامعة الفنون في كيوتو، اليابان. اللعبة الأولى تكونت من 25 مرحلة، وبعد النجاح الذي لاقته تم إنتاج أربعة أجزاء أخرى تحوي مجتمعة 210 مراحل. بعد “كاروشي” الأولى تم تصميم “كاروشي 2″ التي يصنفها المصمم كأفضل نسخة، بحيث تحوي أيضًا على إمكانية تصميم مراحل جديدة.

المرحلة الثالثة “كاروشي في المصنع” هي أكثر المراحل تعقيدًا وتستدعي التفكير والمنطق أكثر من غيرها. النسخة الرابعة كانت النسخة التي نشرت “كاروشي” في جميع أنحاء العالم حين تبنتها شركة “Armor Games” الشهيرة. والنسخة الأخيرة “سوبر كاروشي” التي تساعد فيها الشخصية زملاءها في العمل على الانتحار.

عن نفسي، لقد استطعت تجاوز 110 مراحل فقط، بعض المراحل عادية ولا تنم عن ذكاء وإبداع خارقين، ولكن مراحل أخرى كثيرة متقدمة تبقي اللاعب دون أي طرف خيط يقوده للحل… وكما قال القائد الخالد “كاروشي”: كسّر رأسك يا أخي!

يكتب المصمم فينبروكس في موقعه البسيط: “بدأت صناعة الألعاب كهواية، حاولت إنتاج العاب مبدعة وخاصة يمكنها أن تفاجئ اللاعب وتعطيه تجربة مغايرة… نجاح كاروشي المذهل بدأ بالحقيقة من نكتة بسيطة، فتصميم الشخصية المركزية في اللعبة تم خلال 10 دقائق!”

كاروشي، لعبة ستقودك حتمًا لإدمان تقمص دور الموظّف اليائس من عمله إلى درجة الانتحار، حسنًا، بما أني الآن أجلس في مكان عملي، وأكتب هذه السطور، أو ألعب “كاروشي” بدلًا من انجاز المهام المتراكمة.. يبدو أنني أيضًا على درب الكاروشي… غدًا سأنجز المراحل الـ210، وأودع الانتحاري كاروشي وداعًا أخيرًا… أودع شهيد الطبقة العاملة.

http://www.karoshigame.com

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

2 تعقيبات

  1. أنا انتحرت من زمان مجد. بس عفكرة، العنوان مسروق! “يا عمال العالم انتحروا” هدا عنوان قصيدة جوان صفدي اللي بتحكي عن العبودية العصرية.

  2. حسنا مجد لقد قررت ان لا العب اللعبة وان اتحكم برغبتي بالاطلاع عليها علني انجز المهمات المتراكمة علي قبل ان انتحر :)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>