إبراهيم معلوف: عازف على أرباع النغم

إبراهيم معلوف: عازف على أرباع النغم

يحمل معلوف، المولود في بيروت والمقيم في باريس حاليا، موهبة فنية في عزف نغمة الربع على البوق، والتي تسمح له بلعب المقامات والنظم الموسيقية التقليدية العربية. ورث معلوف تلك الحصيلة من الأساليب التكيفية عن والده، عازف البوق الكلاسيكي المبجل نسيم معلوف.

5_-_Ibrahim-MAALOUF-web-6037

| ناتي شينين، “نيويورك تايمز” – ترجمة: محمود علي |

أدى إبراهيم معلوف عزفًا منفردًا على آلة البوق ليلة الاثنين في “ديزيس كلوب كوكاكولا”، كجزء من مجموعته العزفية الأولى. إلا أن عزفه كان كضوء ساطع أضاء أعماق فنه. قبل ذلك بلحظات استغرقت فرقته الموسيقية في مقدمة مغوية على إيقاع 8\7، ليتابع معلوف ارتجاله منفردًا على ذات النبض الموسيقي، كرشقات سريعة مفاجئة على نغمة يشوبها الغموض. انتقل معلوف في لحظة ما إلى ما بدا كمقطوعة كلاسيكية لآلة البوق، مفصحًا عن تحكم عصم من الخطأ في آلته، قبل أن ينتقل إلى سلسلة من الزخارف الموسيقية المتهدجة والطلاسم المرتجفة.

يحمل معلوف، المولود في بيروت والمقيم في باريس حاليا، موهبة فنية في عزف نغمة الربع على البوق، والتي تسمح له بلعب المقامات والنظم الموسيقية التقليدية العربية. ورث معلوف تلك الحصيلة من الأساليب التكيفية عن والده، عازف البوق الكلاسيكي المبجل نسيم معلوف. يلعب كلا الموسيقيان على بوق معدل يتميز بصماماته الأربعة، بدلا من البوق التقليدي ذي الثلاث صمامات، ليستخلصا أسلوبًا دقيقًا للغاية يجاوز المعايير الأكاديمية الغربية.

استغل معلوف الابن، 34 عامًا، تلك المرونة وحولها إلى حياة مهنية قادته إلى الشهرة في فرنسا، متجولًا وسط نطاق واسع من موسيقي “فيوجن جاز”، “هيب هوب”، موسيقى الأوركسترا، وموسيقى البوب العالمية. حيث قدم منذ سنوات قليلة مقطوعة موسيقية مؤرقة الجمال لفيلم “La Proie du Vent” الذي أنتج عام 1927 بطولة رينيه كلاير، ومستوحاة من أعمال مايلز ديفيس مع لويس مال. ضمن الألبوم الناتج، “ويند”، مشاركة عازف البيانو الذي اعتاد المشاركة مع معلوف، فرانك فويشت، إلى جانب العديد من النجوم الأمريكيين: عازف الساكس ذو الصوت الصادح مارك تورنر، عازف البيز جيتار لاري جرينادير، وعازف الدرمز كلارنس بين.

وقاد معلوف نفس الخماسي في “ديزيس كلوب كوكاكولا” موجهًا التحية إلى إحدى أعظم مطربات العالم العربي، أم كلثوم. ليمثل ذلك إنجازًا هائلًا على صعيد التبادل الثقافي، وعرضًا متشربًا لقيمة الحب الشديد، حيث تكونت المعزوفة بالكامل، والتي استمرت لـ75 دقيقة، من توزيع معلوف لأغنية “ألف ليلة وليلة”، التي قد تصنف بين أفضل أعمال أم كلثوم. رغم أن المعزوفة كانت متسعة النطاق ومطرزة على أصعب التفاصيل، إلا أن معلوف لم يستخدم أي نوتة موسيقية، حيث يلعب عادة لفترات طويلة مغلقا عينيه.

استحضر معلوف عبر الكثير من عزفه الكاريزما الخاطفة لسطور أم كلثوم، مصدرًا أنغامه ببراعة شديدة وبأسلوب مؤرق لتخدم اللحن. أما فريقه، شديد البراعة مع مرونته، فقد تألق وانتشى وراءه، ليتقدم عليه أحيانا بإيقاعه الدوري. حيث تحددت إحدى سمات عزفهم في نغمات البوق والصوت الصادح، أو في مزج الألحان بالثرثرة. أما المعزوفات المنفردة، والتي كانت موجزة مع قوتها، فقد أشارت إلى منبع تلك الموسيقى، حيث نسج تورنير طريقه عبر نسيج من الموازين الموسيقية المزاجية، أما جرينادير فقد فضل استخدام نغمة هجومية صلبة، وكأنه يحاكي صوت العود العربي.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>