الغضب: دياسبورا الشباب/ مروان فريح

الغضب: دياسبورا الشباب/ مروان فريح

الشيخ صياح الطوري لم يعتقل لأنه يدافع عن عراقيبه، ولا لأنه يناضل، ولا لأنه يبني وأقزام صهيون يهدمون. اعتقل لأن إسرائيل لم ولن تنجح في إدخال العراقيب داخل “جيبتها الصغيرة”، داخل بقالة برافر الجزار. نعم، اعتقال صياح استهداف للشعب النقباوي بأكمله.

ghadab

| مروان فريح |

مخطط برافر لم يكن يوما مصادرة أراضٍ، لا هو نهب ولا سلب ولا استيطان، هو مترادفة أوسع من أن تلفظ فيما سبق من حروف، هو باختصار: “نكبة ثانية تحلّ على أبناء هذا الوطن”، نكبة يُريدونها بنكهة الصّمت والوجوم والتخاذل، لكنها لن تكون البتّة كما أرادوا فللأَرض شعب قادر على حمايتها، للأرض شعب ينبض بلون ترابها.

الشيخ صياح الطوري لم يعتقل لأنه يدافع عن عراقيبه، ولا لأنه يناضل، ولا لأنه يبني وأقزام صهيون يهدمون. اعتقل لأن إسرائيل لم ولن تنجح في إدخال العراقيب داخل “جيبتها الصغيرة”، داخل بقالة برافر الجزار. نعم، اعتقال صياح استهداف للشعب النقباوي بأكمله.

لا الماء لا الكهرباء، ولا ملذات الحياة تغلبت على “٥٠” عاما من المقاومة، فكيف سيتغلب برافر على من غلب الحياة.. أوَيسطرهم بساطوره..!؟

جاء في خطاب ألقاه “مناحم بيجين” بتاريخ 7 أبريل عام 1955: “لن يكون سلام لشعب إسرائيل ولا لأرض إسرائيل، ولا حتى للعرب – ما دُمنا لم نُحرّر وطننا بأجمعه بعد، حتى ولو وقّعنا معاهدة الصُّلح”.

في الوقت الذي يشهد العالم تطورا وتقدما مذهلا خاطفا للأبصار على كافة الأصعدة والمستويات، فإن شريحة مجتمعية كاملة تحيا دون مستوى الحياة وفوق مستوى الكرامة والكبرياء في آن، هذه الفئة السكانية التي أشير إليها هنا، تقطن قاب قوسين أو أدنى من سور بيتك ولربما من جدار غرفتك الذي تستظل به، وتترك له مساحة شاسعة كي يفرض وجوده عليك، ألم يأن الوقت كي تهدم هذا الجدار الذي يتسلل إلى عمقك؟ ألم يأن الوقت لمعاملته كوهم عابر تدوسه الإرادة ؟ ألم يحن الوقت لتفرض وجودك على كل التفاصيل المحيطة وتحدد الأمكنة التي ترتضيها لك ولمن بعدك في هذه البلاد؟ هذه الأمكنة أو لنقل كل الأمكنة حقك ووجودك وهويتك.

بدو النقب، القرى المهجرة، مخطط برافر…، حقل كامل من المصطلحات، وبعد هذا كله وذاك، حينما تسأل شباب “السيميلاك” اليوم عن برافر، تخجل من نفسك ومنهم ومن هذا الجواب العاري من الحياء، نائم الضمير: “برافر رح يمر، قلنا آه وقلنا لأ، خلينا بحالنا، واحنا مالنا.. مظاهرة ليش..!؟ كله كلام فاضي، مضيعة وقت.. خلينا نأرجل ونلعب شدة أحسن، بلا منه وجع هالراس، ويخلف ع إسرائيل..”

اغضب أيا نقباويُّ أعلن للورى

واكتب بأنك ثائر لا تُشترى

هو باطل هو زائل

حكم الصهيوني باطل وتقهقرا

املأ ميادين البطولة كي تُرى

واجعل هدير الشعب يهتف ثائرا

حرٌّ أنا حريتي

 تعني بأني لا أهادن غادرا

اثبت فإن الغدر يرجع خاسرا

فإذا انحنيت غدوت عبداً صاغراً

أسقِط خيانة من بغى وتجبرا

فالله يمكر فوقهم فاصبر ترى

كن مؤمناً متيقناً

عقبى الأمور لمن إلى الله سرى

اغضب، لا تصمت مع الصامتين، فبرافر لن يخشى من عرب في الشارع هم ثائرون، وعلى صعود الباص والنزول منه هم جاهلون.. سيخشى فقط إن التحموا واعتدلوا الصف ومن ثم ثاروا.. شرف المحاولة على الاستسلام نجاح.

النجاح ليس في ردع برافر، أو في قيمته وقت تنفيذ المخطط الغاشم.. بل في إيصال رسالة إلى بني صهيون، أننا عن حقنا لسنا بصامتين، لسنا بصاغرين..

يقول “أبا إيبان” وزير خارجية إسرائيل في مقال له عام 1965م بمجلة “فورين أفيرز” الأمريكية: “ليس من السخف أن نتصوّر قادة العرب يطالبون في المستقبل بإلحاحٍ بالعودة إلى حدود عام (1966) أو عام (1967) تماما، كما كانوا يطالبون بالعودة إلى حدود عام (1948)، تلك الحدود التي رفضوها في الماضي”، وهذا ما يحدث بالفعل!

النظام السياسي في إسرائيل يزكي الخلافات ويبني الفتن النائمة تحت الرماد عندما يحتاج، ليشعلها عندما يحتاج، ويشعل الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، فيزكي اختلافاتهم ويستغلها .
إسرائيل تدرك جيدا ضعف موقفها، وهشاشة وجودها، وأن استقرارها مرهون بضعف الشعب، أن يغيب بالجهل والخلافات والقهر والفتن والحروب الداخلية .وكلّما شعر طرف من الأطراف المشحونة بالخوف من الطرف الآخر، فانه يلجأ إليها، إلى النظام. فكانت هذه هي الاستراتيجية الأولى التى عمل بها الاحتلال واستمرت بها الأنظمة من بعد المستعمر، فاستعمروها داخليا بدلا من المستعمر الخارجي .توقن أنه عندما تتحد هذه الأطراف فإنها ستشكل خطرا على مخططاتها، لذا تعمل بكل قوتها عن طريق أجهزتها الأمنية على نشر الذعر لتزكية نار الفتن كلما تراءى لها أن الوضع سيستقر، فالفتن تحتاج الى أن تسخن كل فترة لشحن النفوس والطوائف .نعم، فالنظام يخشى الأفكار المتماسكة المترابطة، ذات الإمدادات الوحدوية، فالأفكار العدو الأول لهذه الأنظمة .

برافر نشر الفساد في جميع المؤسسات مدمراً البنى التحتية عن طريق رجاله الفسدة، ممن يدينون له بالولاء وليس لهم إلا ملْء بطونهم ونهب خيرات البلاد، يعملون كحكام فى مؤسساتهم فيستقطبون المنافقين الذين يسبحون بحمدهم كما سبح هؤلاء بحمد رؤوس النظام ليحصلوا على مكافأة النفاق وولائهم للنظام .

والذين يعتقدون أن إسرائيل كارثة حلّت بشعب فلسطين وحده، وأن ما تُبيّته إسرائيل من عدوان وتوسع لا يتعدى فلسطين، يجهلون الحركة الصهيونية وأهدافها ومخططاتها الاستعمارية.

 

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>