ملح بدون بحر/ تمارا ناصر

.. |تمارا ناصر|   يصعب علي حتى هذا اليوم تعريف ماهية ال […]

ملح بدون بحر/ تمارا ناصر

أفيش "ملح هذا البحر"

..

|تمارا ناصر|

 

يصعب علي حتى هذا اليوم تعريف ماهية السينما الفلسطينية. أجد نفسي ارتبك من جديد في حسم مسألة ما إذا كانت موجودة أصلا. أدّعي أحيانا  أنّ لا مكان لهذه التساؤلات، وأنه يجب الترحيب بكلّ عمل له صلة بالإنسان الفلسطيني.

تؤرقني مسألة كوني مواطنة ابنة لأقلية عربية في دولة يهودية، ثم أنّ أبعاد وتأثيرات كوني طالبة في السينما تزيدني أرقًا. واقعي يفرض علي تحمّل مسؤولية ذات طابع مختلف، ذات طابع سياسي واجتماعي مع أو بلا موافقتي. أعمل على تصليح وتصحيح صورتنا المهشمة في السينما العالمية خاصّة هوليوود، لكن هل يجب أن يكون هذا همّي الوحيد وهدفي الأول والأسمى؟ هل يجوز لي مستقبلا الخروج عن سياق وواقع الإنسان الفلسطيني وخلق سينما “طاهرة”؟ سينما من أجل السينما؟ هل هذا ما أريده أصلاً؟ هل يمكنني إدخال حق العودة في مشهد ساتيري؟ وكيف سيتلقاه جمهورنا؟ وجمهور الأغلبية؟ وهل يجب أن يهمّني جمهور الأغلبية اليهوديّة؟ من سيشاهدني في نهاية المطاف؟ يشلّني كل هذا اللغط والتخبط، بسببهما لم أنتج ولو فيديو أو فيلما واحدًا. أجّلت الكورس العملي الوحيد في الموضوع للسنة الأخيرة (أدرس السينما نظريا) على أمل أن تكون لدي تخبطات أقلّ وطاقة اكبر.

يدربوننا على الصبر. يُقال إنك تنتشي من لذة ما عند صبرك على فيلم حتى انتهائه. لا أعرف، ممكن؛ ففي فيلم “ملح هذا البحر” اللذة الوحيدة التي شعرتها هي معرفتي المسبقة أنني سأقوم بعد انتهاء الفيلم بكتابة نقد أو أيّ كلام مصفوف كي أنفس عمّا في داخلي.

آن ماري جاسر، مخرجة الفيلم، قالت في مقابلة لها إنّ اختيارها للممثلين كان عشوائيًا وإنّها لم تفكر عند كتابتها للسيناريو في سهير حمّاد كبطلة لفيلمها. عدم احتراف سهير للتمثيل كان واضحًا. التمثيل بالإجمال في هذا الفيلم حسب رأيي كان دون المتوسط، الشيء الذي زاد شعوري بأنّ كلّ شيء في هذا الفيلم مبتذل (عدا عن مشهد سرقة البنك). التمثيل والسيناريو والحوار ومشاهد “النوستالجيا” في الدوايمة ويافا والبلاد. النوستالجيا حسب رأيي كان مبالغًا بها ومشككًا في “شرعيتها”. شخصيًا، لم أتعاطف مع مشهد “التقيؤ” بعد اكتشافها أنّ بيت جدّها تسكنه شابة يهودية، مقارنة بمشهد التفتيش في المطار في بداية الفيلم. شعرت بأنّ الفيلم يتوسّل ويطلب راجيا من المشاهدين أن يشعروا بتعاطف بينما كان يمكن أن يحصل هذا عفويا، من دون جهود مضنية.

هناك محاولة للموازنة بين الموضوعية وما يحصل فعلا على أرض الواقع. لم يغيّر عندي شيئًا أنّ الشابة التي تسكن بيت جدّها تملك فناجين كتب عليهم “نعم لإنهاء الاحتلال”- لم أحبّها أكثر أو أكرهها أقلّ. ربما تكون هذه اعتبارات “ما بعد الفيلم”. دعوني أذكّر بأنّ الفيلم حاصل على إحدى جوائز مهرجان “كان”، وأنهم يدّعون أنّ الفيلم “موضوعي”. وبالنسبة للتصوير فلم يكن هناك شيئا مميز يستحق الذكر، ناهيك عن أنّ الهومور (الفكاهة) كان تقليديا حتى الموت.

أظنّ أنّه يمكنني طرح السؤال الآن بهذا الشكل: كيف يمكن جعل فيلم مثل “ملح هذا البحر” بنفس صبغة النوستالجيا ونفس العبر التي يحاول إيصالها، على أن يكون فيلما أكثر جرأة وأكثر تحديا وأكثر متعة؟

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

2 تعقيبات

  1. بالاضافه الى اللكنه التي تتكلم بها البطله
    مزعجه جدا ولا تُطاق
    مقالك حلو:)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>