شاهد عيان – “بدون موبايل”/ محمود أبو الهيجاء

فيلم إبداعي تماما بكوميديا جادة هي الاولى من نوعها فلسطينيا. وهكذا قالت احدى المشاهدات بعد انتهاء الفيلم انها اول مرة تضحك فيها جراء فيلم فلسطيني قال لنا عبر الكوميديا وباختصار شديد إن إسرائيل مُسرطِنة لا أكثر ولا أقل

شاهد عيان – “بدون موبايل”/ محمود أبو الهيجاء

|محمود أبو الهيجاء|

محمود أبو الهيجاء

من قرية “اكسال” القريبة من الناصرة، جاءنا سامح الزعبي ابن هذه القرية، بمفاجأة ابداعية هي عبارة عن فيلم روائي طويل حمل العنوان أعلاه: “بدون موبايل”.

الفيلم يتحدث بصورة مباشرة عن شاب “ملتهب” عاطفيا في القرية ذاتها، يبحث عن الحب مع أية فتاة كانت والهاتف الخليوي وسيلته المثلى فلا يستقيم في عمله ولا في دراسته ولا في مساعدته لوالده في فلاحة قطعة الارض الزراعية

التي يمتلكها. بطل الفيلم شاب هادئ الطباع مبتسم طوال الوقت تقريبًا، بينما والده حاد المزاج ويكره الهاتف الخليوي على نحو مطلق، والسبب ليس هاتف ابنه وانما برج الاتصالات الاسرائيلي المنصوب على مقربة من أرض القرية، لأنّ الوالد سليم يعتقد جازما أنّ هذا البرج بأشعاعاته إنما سيخلف السرطان عند أهل القرية.

وبحبكة فكاهية عالية الصنعة، تدور أحداث هذا الفيلم الذي يتحدث من جهة ثانية وبصورة غير مباشرة عن التباس العلاقة بين الجيل الشاب وجيل الآباء، الالتباس الذي لن ينهيه غير إدراك طبيعة الصراع مع برج الاتصالات الاسرائيلي الذي يرمز هنا إلى دولة اسرائيل. فجيل الآباء الذي عاش النكبة وعاش أحداثها وعرف كيف حدثت، يدرك طبيعة الصراع على حقيقته وهو يرى أنّ الخطر الذي يهدّد الحياة بمرض السرطان إنما هو في الأساس خطر احتلالي، بينما الجيل الشاب، هناك في حدود هذا الفيلم، تائه في خديعة التكنولوجيا وحداثة العصر المنفتحة على حريات التعبير العاطفي أيًا كان شكله وطبيعته، فلم يكن يقتنع بما يقوله جيل الآباء بصدد هذه المسألة، لكنه وبعد ان يصطدم بسياسات التمييز العنصري الاسرائيلية، يعود ليتحد عبر بطل الفيلم الشاب مع أبيه في مواجهة برج الاتصالات الاسرائيلي عبر تجمع سلمي صيغ بحبكة درامية فكاهية. غير أنّ هذا التجمع لن يقلع برج الاتصالات من مكانه الذي ستعززه الشركة الاسرائيلية بعد هذا التجمع بحراسات مسلحة.

ويخلص الفيلم إلى ان الطريق الامثل لمواجهة البرج لن تكون الا عبر الاعتناء بالارض وزراعتها، أي التشبث بها والتمسك بكل ذرة من ترابها.

الفيلم يحتمل قراءات أخرى أعمق لكنه وكيفما كنا سنقرأه، فيلم إبداعي تماما بكوميديا جادة هي الاولى من نوعها فلسطينيا. وهكذا قالت احدى المشاهدات بعد انتهاء الفيلم انها اول مرة تضحك فيها جراء فيلم فلسطيني قال لنا عبر الكوميديا وباختصار شديد إن إسرائيل مُسرطِنة لا أكثر ولا أقل.

(عن “الحياة الجديدة”)

 

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>