“القوة الأخلاقية من جماعية العمل”: محضر ندوة خصوصية العمل الثقافي لدى فلسطينيي الداخل

[slideshow id=4] ننشر فيما يلي المحضر الكامل لندوة R […]

“القوة الأخلاقية من جماعية العمل”: محضر ندوة خصوصية العمل الثقافي لدى فلسطينيي الداخل

[slideshow id=4]

ننشر فيما يلي المحضر الكامل لندوة “خصوصية العمل الثقافي لدى فلسطينيي الداخل” التي نظمها مسرح “الميدان” في حيفا وموقع “قديتا”.

شارك في الندوة التي جرت يوم الجمعة، 30 أيلول 2011، في مقر جمعية “المشغل” في حيفا، وشارك فيها: عمر برغوثي، أنطوان شلحت، روضة سليمان وحبيب شحادة-حنا. أدار الندوة الزميل هشام نفاع.

وقد جرت الندوة تحت محاور ثلاثة أساسية: (1) السياسة والثقافة: العلاقة مع مؤسسات الدولة والتمويل الحكومي؛ (2) التواصل الثقافي: خصوصية المواطنة الإسرائيلية من خلال المنظور الفلسطيني العام؛ (3) ما هي الثقافة الفلسطينية وهل تخضع تعريفاتها لاعتبارات الجغرافيا والانتماء المدني؟

(ملاحظة تقنية: تحدث المشاركون بلهجات راوحت بين العربية الفصيحة وبين العامية، ونحن في تنضيدنا لمحضر الندوة ارتأينا بلورة الصياغة النهاية بلغة أقرب إلى الفصيحة للتسهيل والتيسير، وذلك بناء على التسجيل الصوتي للندوة.)

 

هشام نفّاع:

“هناك تساؤل واحد يطرحه كلّ منا؛ لماذ انتقلنا إلى هنا بحيث كان من المفترض أن نكون في مسرح الميدان؟ نريد أن نتكلم بنوع من الصراحة.. الندوة هي ضحية الإشكاليات التي تطرحها. الندوة جاءت لتطرح إشكاليات لها علاقة بالثقافة ومؤسسات الثقافة وحوار الثقافة إلخ.. الميدان، مثل كلّ مؤسساتنا الثقافية، يوجد داخله نقاش وهنالك توجهات مختلفة ولهذا السبب ولأمور إدارية انتقلنا إلى ضيافة جمعية “المشغل”.. آمل أن الأسباب واضحة، بالرغم من أني لم أقصد التوضيح.

“وضعنا للندوة اليوم ثلاثة محاور تتعلق بالتفاعل أو الجدلية ما بين السياسة والثقافة. علاقتنا كمجموعة وكأقلية مع كلّ الأسئلة المتعلقة بالتمويل الحكومي. الأمر لثاني هو قضية التواصل الثقافي، والذي هو الناتج، بما معناه خصوصية ثقافية للأقلية العربية في الـ 48؟ أي خصوصية ثقافية نعيشها والتي هي نتاج خصوصية حالة المواطنة والخصوصية السياسية؟ والأمر الثالث هو السؤال الأوسع: ما هي الثقافة للفلسطيني وهل تخضع لمعايير كالجغرافيا؟ مثل الحالة السياسية التي تعيشها المجموعة الفلسطينية هنا؟

برأيي أهم ما في المحاور الثلاثة أو أكثر شيء بإمكانه أن يكون رابطاً بينهم هو أنها تطرح سؤالاً بحاجة إلى موقف، وموقف بحاجة إلى تطبيق.

“أحياناً، في حال وجود قضايا من السهل أن نعبر عنها بموقف مع أو ضد، وبالمقابل نكون معفيين من الترجمة العملية للموقف، هذا أمر سهل. أنا برأيي أهمية هذه المحاور والطرح الذي يطرح يمكن بالنهاية في الموقف الذي يجب أن يُطبق، بمعنى أن تكون هنالك ممارسة وليس فقط تعبير عن “مع أو ضد”.

“سوف يكون سير الندوة بأن يتحدث كلّ متحدث ومتحدثة لمدة 10 دقائق ومن ثم يكون هنالك نقاش وحوار وأسئلة التي سأشارك فيها أنا وحضراتكم. سوف نبدأ مع عمر البرغوثي، وهو باحث مستقل في مجال الثقافة والسياسة وعضو مؤسس في الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل.

“أعتقد أن عمر سوف يحكي وجهة نظره لأمر أوسع من السؤال الذي نطرحه حول الخصوصية الثقافية والسياسية لنا في الداخل. ولكن السؤال ممكن أن يسأله كلّ فلسطيني وفلسطينية هنا:

أي درجة من درجات المقاطعة أستطيع أن أسمح لنفسي بها؟ بمعنى، هل الحالة الاقتصادية تسمح للفلسطيني بالتمتع باستعمال آلية أو أداة مقاطعة مثل أي فلسطيني في رام الله، غزة أو لبنان؟”

..

عمر البرغوثي:

عمر البرغوثي

“منيح أنك بدأت في هذا السؤال. لأني لا أعتقد أنها قضية تمتع. فلسطينيو الـ 48 لا زالوا فلسطينيين، بالرغم من أن بعض السياسيين هنا وهناك نسوا الموضوع. فيأتي مع هذه الهُوية عبؤها أيضاً. نحن نعيش تحت واقع يمتاز بإنه احتلال واستعمار وأبرتهايد. لا أقصد بالأبرتهايد التشبيه بجنوب أفريقيا، أقصد نظامًا من التمييز العنصري المؤسّس والمُقنن والمطابق لتعريف الأمم المتحدة للأبرتهايد ولجريمة نظام التمييز العنصري. هذه النقطة تفرض علينا تفكيراً مختلفاً، بغض النظر إذا كنت في منطقة الـ 48، وإذا كنت رساماً، فناناً، مخرجاً، كاتباً أو عامل باطون.. بالنهاية أنا فلسطيني، وهذا يجعلني في موقع معين في نظام الابرتهايد، في موقع المضطهَد. وهذا يفرض عليّ شكلاً من أشكال النضال، بغض النظر عمّا أفعل في حياتي.. في جزء من حياتي لا بد أن أعمل في مجال مقاوم من أجل أن أغير واقع الأبرتهايد هذا وإلا فلن يتغيّر شيء. فهي ليس قضية رفاهية، إنما إجبار في حال أردت أن أعيش كإنسان حرّ وعندي تقرير مصر ومتساوٍ في الحقوق، وهذا لا يمكن أن يصير إلا بإنهاء نظام الابرتهايد الموجود، وليس بأن يعمل كلّ واحد على تحرير نفسه بنفسه.. لن تزبط.

“سوف أبدأ بقضية أن يحرر الإنسان نفسه بنفسه مع جملة من قصيدة محمود درويش “حاصر حصارك لا مفرّ”، التي بالنسبة لي لها أهمية قصوى في قضية المقاطعة. في ظلّ الحصار المفروض علينا وجزء منه الشرذمة الموجودة بين الـ 48 والـ 67 واللاجئين، إلخ.. حصار الحصار يأتي بتحرير العقول. بمعنى، قد يبدأ الاستعمار باحتلال الأرض ولكنه يتجذر باحتلال عقولنا، وهنا تبدأ محاصرة حصارنا بتحرير عقولنا. أقصد باحتلال العقول: إقناعنا عبر العقود بأننا غير جديرين بالحرّية ولا نستحقها كوننا في وضع دونيّ مقارنة مع الآخر، ولو كنا جديرين فنحن لم نبثت جاهزيتنا للحريّة. يعني حتى لو نستحقها لكننا غير جاهزين، بدكم شغل.

“والنقطة الثالثة في احتلال عقولنا، هي إقناعنا بأننا غير قادرين على تحدي جبروت المستعمر. حتى لو كنا جاهزين أو لم نكن، ليس هنالك أمل لكم بأن تتحروا لأننا أقوى وبالتالي ليس هنالك أمل. هو الجدار الحديدي كيفما سماه جابوتنسكي أو الجنرلات الإسرائيليين الجدد الذين سموه “كيّ الوعي الفلسطيني”، أو الذي سمته الفيلسوفة الفرنسية سيمون ديبوفوار إنه تغيير وعي المضطهدين، لا واقع الاضطهاد الذي يضطهدهم. الهدف هو إقناع المضطهَد بأنك لست مضطهداً جداً، إفرح قليلاً، سوف أعطيك عظمة كي تفرح لكني لن أغير واقع الاضطهاد ولكن سوف تشعر أفضل. أوسلو يعني الحواجز والمستوطنات ولكن هنالك بعض الناس يشعرون بشكل أفضل بإنه أصبح لدينا دولة ونشيد واستقلال وتغيير وعي المضطهدين ولكن لم يتغير واقع الاضطهاد.

“جزء من هذا التغيير أيضًا، كيّ الوعي، أنّ الشعب الفلسطيني هو الضفة وغزة، أما الـ 48 فهم ليسوا فلسطينيين منذ زمن، وليسوا جزءاً من الشعب الفلسطيني؛ هذا جزء من تغيير الوعي. وهذا يخرب من الجهتين. جزء يعتبر أنه عندما نحلّ قضية فلسطين فيعني أن ننهي الاحتلال في مناطق الـ 67 أي تم حلّ قضية فلسطين. أو هنا (مناطق 48) نعتبر إنه إحنا هيك هيك لسنا جزءاً من الشعب الفلسطيني لذا لا بد من الانصهار. حسناً، ليس هنالك مساواة ولكن أيضاً في أمريكا وفرنسا ليس هنالك مساواة.. لماذا نكون مفلسفين زيادة في الـ 48؟ يعني ما هو الشيء الذي نريده؟ نريد أن نتأقلم ونقبل بالواقع ونشعر أفضل قدر المستطاع.

“نحن في حملة المقاطعة، ومن ثم سوف أتحدث عن خصوصية الـ 48، لا نرى أن هذا الأمر مقبول على الإطلاق. نحن نعرّف الشعب الفلسطيني كما هو: يتكون من عدة أجزاء، تشرذم عبر الاحتلالات المختلفة، وبشكل تبسيطي: 48 و67 وشتات. وأعلم أنه في كلّ جزء من هذه الأجزاء هناك أجزاء أخرى.. ولكن هذا بشكل تبسيطي كي نستطيع أن نناقش الأمر.

“بالتالي، نطالب في حملة المقاطعة بالحدّ الأدنى: إنهاء الاحتلال في الـ67، إزالة المستعمرات وإلخ..، إزالة نظام التمييز العنصري في الـ 48 وعودة اللاجئين حسب قرار الأمم المتحدة 194.هنالك من يسألنا هل هذا الموقف هو موقف الدولة الواحدة مثلاً؟ في حملة المقاطعة لا نأخذ موقف حلّ الدولة أو الدولتين، نحن محايدون تماماً تجاه السؤال السياسي “دولة أو دولتين”، حتى لو كان هنالك حلّ دولتين، من غير المسموح لأيّ دولة منهما أن تكون دولة أبارتهايد. حتى لو صار حلّ الدولتين، من غير المسموح لإسرائيل أن تكون دولة أبرتهايد، لمجرد وجود دولة إسرائيل بجانب دولة فلسطين. كلّ دولة منهما يجب عليها الإلتزام بالديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي. هذه حقوق الحد الأدنى التي من خلالها ممكن أن نمارس حق تقرير المصير كشعب وليس كأجزاء شعب.

“أين خصوصية  الـ 48؟ وما هي ميزته؟ كون فلسطينيي الـ 48 واقعين تحت نظام قسري وتمييز عنصري فرض عليهم بشكل قسري، لا بد من أن يتأقلموا مع جزء من هذا النظام. بمعنى، أنا لا أملك خياراً في الـ 48 بعدم الذهاب إلى المؤسسات الحكومية الخدماتية كالمستشفيات، الجامعات، العيادات الطبية.. لا خيار عندي.. هذه هي المؤسسات الموجودة. مثل السود في جنوب أفريقيا. مؤسسات الدولة هي المؤسسات الوحيدة الموجودة ولا أستطيع أن أقاطعها. من الجنون أن يقول أحد بإنه سيقاطع مؤسسات الدولة.. هذه هي الدولة الموجودة عندي.. إذا أردت أن أغيرها لتصبح دولة ديموقراطية وليس دولة ابرتهايد، هذا أمر آخر. ولكني لا أستطيع أن أقاطع مؤسسات الدولة. من المؤكد أن حملة المقاطعة لا تقول للناس أن لا تذهب إلى الجامعات، مثلما سألتني مرة طالبة في مناظرة أجريتها بمسرح الميدان في حيفا: يعني ما نروح على الجامعات؟ من قال هذا؟ متى قلنا لا تذهبوا إلى الجامعات؟ هذا غير منطقي.. هنالك منطق أكثر في حملة المقاطعة. النقطة، أي أضعف الإيمان، هي أن لا يتم تخريب حملة المقاطعة الدولية التي تنتشر بشكل هائل على صعيد العالم، وهذا ليس فقط نحن نقوله. إنما نتنياهو وبن إليعيزر وباراك ايضاً.. أصبحت حملة المقاطعة الدولية BDS تشكل خطراً إستراتيجياً. ومؤسسة “رئوت” تقول أنها قد تتحول إلى خطر وجودي.. شوي الجماعة ببالغوا.. يعني أحمدي النجاد والمقاطعة؟ ولكن بغض النظر، هم ينظرون لها على الأقل بأنها خطر استراتيجي.. لماذا خطر استراتيجي؟ هنالك عدة أسباب: أولاً أن إسرائيل ترى بأنها لم تخترع حتى الآن أسلحة فعالة تستطيع بها مجابهة حملة مدنية شعبية سلمية تقوم على القانون الدولي وحقوق الإنسان وترفض كلّ أشكال العتضرية. لا مدخل لهم وليس هنالك ثغرة واحدة تمكنهم من التدخل من أجل التخريب. نحن ضد معاداة السامية، نحن ضد كلّ أشكال العنصرية وضد أي أحد يتكلم بإننا نريد استهداف مجموعة لسبب دينها وإثنيتها. نحن ضدّ هذا النظام الابرتهايدي الاستعماري الكونوليالي ولذلك نحن ضدّه، ولا يهمنا هويته، ما إذا كان استعمارًا إسلاميًا أو كاثوليكيًا أو هندوسيًا أو شيوعيًا.. لا يعني لي شيئاً. يهمنا أنه استعمار.. هم يحتلوننا ويدعسون على رقابنا وهذا ما نريد إنهاءه.

“في الـ 48 الخصوصية هي أنني لا أستطيع مقاطعة مؤسسات الدولة.. ولكن أستطيع أن لا أشارك في نشاطات هدفها تطبيعيّ.. بمعنى، أنهم يحضرون أشخاصًا من الأردن والضفة وفلسطينيي الـ 48.. دائماً يكون فلسطينيو الـ 48 جسر عبور ويتم استغلالهم واستخدامهم كذلك. في عزّ حملة المقاطعة الأكاديمية في بريطانيا، عندما فشلت إسرائيل بكل الطرق حاولوا وفشلوا.. وإتحاد الأكايديميين البريطاني تبنى المقاطعة، بالنهاية أرسلت إسرائيل وفداً من الطلاب الفلسطينيين، طالبين فلسطينيين وطالب يهودي إسرائيلي لإظهار صورة عن إسرائيل بتعدد وجوهها وتنوعها والتعايش إلخ.. يصبح هنالك استغلال لفلسطينيي الـ48 كجسر عبور لعرب وفلسطينيين آخرين من الضفة وغزة والشتات وللعالم.

“النقطة الثانية التي يصبح فيها تخريب لحملة المقاطعة، مثلاً هنالك فنان عالمي يكسر حملة المقاطعة ونستقبله عندنا [في 48].. هذه ورقة توت.. حتى يقول للعالم: لا تقاطعوني.. حتى أهل الدار سوف يستقبلونني وليس هنالك مشكلة على الإطلاق.. هذه تشكل تخريباً لحملة المقاطعة العالمية. هنالك أمثلة أخرى ولكن لا وقت معنا.

“النقطة الثانية في قضية المبادئ، عدا عن عملية التخريب، من لديه قدرة للمساهمة هذا أمر مهم جدا. لأنّ هذا شكل نضالي وليس هنالك بساط أحمر.. لن يفرش أحد السجاد الأحمر ويدعو للنضال؛ هذه مقاومة مدنية سلمية وشعبية. من يشعر بأنه يستطيع المساهمة فليساهم بأسلوبه.. أهم الأمور هي المبادئ الثلاثة: إنهاء الاحتلال في الـ 67، إنهاء نظام الابارتهايد وحق العودة. عدا عن ذلك، كلّ شخص يطبق المقاطعة على طريقته.. ليس هنالك شكل واحد.. ولا مقاس واحد يدخل على الجميع. كلّ مكان حسب السياق. هنا تقاطع بشكل محدد، هناك بشكل آخر. بشكل خاص في الـ 48، بوجود أحزاب تؤمن بالعمل اليهودي العربي المشترك، طبعا المقصود باليهودي أي غير الصهيوني وهذه نقطة مهمة تتفق عليها كلّ الأحزاب.”

أنطوان شلحت:

“متأكد منها هاي؟”

عمر برغوثي:

“على الأقل بشكل رسمي. لن أدخل في المواقف الرسمية للأحزاب بما فيها المشاركة في الكنيست مع كلّ ما تثيره من جدل. لأنّ هناك أمورًا في حملة المقاطعة لا ندخل فيها.. لأنها ليست قضايا إجماع. لنبقَ على قضايا الإجماع.. حقوق شعبنا غير قابلة للتجزئة. لا أستطيع أن أرتب أموري في الضفة وأريد دويلة وهكذا انتهت قضية الشعب الفلسطيني. ولا في الـ 48، أحقق بعض الانجازات على ما يسمى المساواة في ظلّ نظام صهيوني عنصري واحتلال ورفض لحق العودة وأسمي نفسي بأني أنجزت. لا بدّ من عدم تجزئة حقوق الشعب الفلسطيني.

“بغضّ النظر عن الكنيست، يوجد إجماع -على الأقل نظري- أنّ الكلّ ضد الصهيونية. ممتاز، هذا يعطينا أرضية مشتركة. ما دام الجميع ضد الصهيونية هذا معناه أني لا أستطيع أن أعمل على مشاريع مع مؤسسات صهونية وأن أقول ليس فيها تطبيع. أنت ضد الصهيونية ولا تستطيع أن تقوم بمشاريع مع مؤسسات صهيونية. لأنّ فيها نوعًا من التطبيع.. بما معناه العلاقة طبيعية بينك وبينهم. العلاقة الطبيعية الوحيدة بيننا وبين الصهيانة هي أن لا يكونوا صهاينة وينضموا إلينا في نضالنا لإنهاء النظام العنصري برمته. هذه هي العلاقة الطبيعية الوحيدة بين المستعمِر والمستعمَر. ليس هنالك أمر طبيعي آخر.. هناك طبعا العمل المشترك العادي اليومي في المستشفى مثلاً، هذه علاقة قسرية، لا أستطيع أن أتخلى عنها.

“آخر نقطة، قضية أثيرت مع فنانين في الـ 48. على فكرة، نحن كحملة مقاطعة عملنا على عدة لقاءات تشاورية في حيفا والناصرة وأماكن أخرى مع قيادات طلابية من جميع الأحزاب. وجميع الأحزاب وصلت إلى قناعة بأننا قادرون على أن نشارك في هذه الحملة القائمة على قانون دولي وحقوق الإنسان.. التي من الصعب على أي فلسطيني أن يختلف معهما. ولكن النقطة التي أثيرت مع بعض الفنانين هي قضية التضامن الداخلي، إذا أردنا أن نعمل مقاطعة فعالة وحساسة للسياق. ليست هناك مقاطعة في الناصرة تسير مثل رام الله أو لندن مثلاً. كلّ موقع له خصوصيته ولكن في الـ 48 هناك حاجة للتضامن والتكافل. لأنّ أيّ مؤسسة ثقافية أو فنية ستتبنى شكلاً من أشكال المقاطعة سوف تُهاجم وتُحاصر وتُعزل. إذًا لا بدّ من تضامن.. إذا كنت فنانًا أنتج موسيقى ووصلني عرض من شركة إسرائيلية ما أرادت أن تروّج لي أعمالي الموسيقية وأنا رفضت لأنّ الشركة متورطة في قضايا حقوق الإنسان والقانون الدولي.. حسناً، أنا في النهاية لا مجالات أخرى لدي.. أريد تضامنًا وأريد من المؤسسات الثقافية في الـ 48 أن تتضامن معي وتساعدني كي لا أشعر بأني إما أموت من الجوع أو أكون مبدئيًا.. إما أن أعيش بشكل ممتاز وبلا مبادئ بلا بطيخ. لا.. لماذا؟ أستطيع أن أكون مبدئيًا جداً وإلى حدّ ما أرتب أموري المادية. هناك قنوات أخرى ولكن لا أستطيع وحدي، سوف أحتاج إلى نوع من التكافل والجماعية.”

..

هشام نفاع:

روضة سليمان – فنانة مسرحية. عضو الهيئة الإدارية في مسرح السرايا في يافا. لها تجربة عريضة ومريرة مع مؤسسات ومسارح إسرائيلية. الخصوصية التي ممكن أن تتحدث عنها روضة هي أنه تحت كل الطرح الواسع، سواء كان حزبيًا مباشرًا أو نظريًا، نحن أمام تجربة معينة.

.

روضة سليمان:

روضة سليمان

“الحقيقة، أنني اعتقدت قبل أن آتي، أنه سيكون هناك اختلاف كبير بيننا. لكن أعتقد أنني أوافق على كل شيء وعلى قضية المقاطعة. مع الأسف، وصلنا لوضع، نحن الممثلين، أنه بدلا من العمل المسرحي أجد نفسي اليوم أعمل في السياسة. أنا أعمل في المسرح الإسرائيلي أيضًا، وكل المسرحيات التي أشارك فيها، مع الأسف، كلها سياسية، لذا أشعر بأنني أحارب على الجبهة. طبعا الأدوار التي تعرض علينا هي أنك تكون “العربي”، مع كل رؤيتهم للعربي. مع كل هذا، هذا هو “البارتنر”، خاصة إذا أتيحت لي فرصة مناقشة الإسرائيلي، ومناقشة التاريخ المشوّه الذي علموه إياه.

“مثال لتجربة عينية عشتها: شاركت في مسرحية إسرائيلية اسمها “الجيل الثالث”. أنا هناك كفلسطينية، ومعنا أيضًا ألمان يتحدثون عن الحرب العالمية، معنا يهود الهولوكوست. الموضوع ليس سهلا، خاصة أننا نعرف ذلك الدور الأبدي. أذكر أنه كان عندي عرض في ألمانيا، وفي نفس الوقت كانت قضية سفينة مرمرة. كان وقتها هناك نداء للمقاطعة، وأنا هناك لا أستطيع أن ألغي العرض. اتصلت بأصدقائي الفلسطينيين هناك واستفسرت أين يمكن أن نقوم بممارسة الاحتجاج، فأخبروني “أمام وزارة الخارجية الألمانية”. فرحنا، وقمنا بالتظاهر. بالليل، أثناء العرض، أنا كنت مستاءة جدا، وكان هناك في الجمهور ألمانيون وبعض اليهود الألمان، فأذكر أنه في النقاش، وهو ليس من وظيفتي كممثلة، ناديت بشكل واضح وصريح، وخاطبت الألمان وقلت لهم إنني شاركت أصلا في هذا العرض لأنّ فيه ألمانًا واعتقدت أنه عن طريقكم، بسبب الماضي والتاريخ، أن نغير قليلا في بعض الأمور. قلت لهم إنهم يستطيعون القيام بالتغيير، فسألوني ماذا ممكن أن نفعل، فقلت، بإمكانكم القيام بالمقاطعة، يعني آخر ثلاث غواصات أرسلتموها لإسرائيل، لماذا أرسلتموها، وما هي تكلفة كل غواصة؟ أنتم إذا ارتفع سعر الخبر عندكم تخرجون إلى الشوارع وتقومون بالاحتجاجات والإضرابات، وترفعون حزبا وتنزلون آخر. إذا كان ضميركم يؤنبكم إلى هذه الدرجة بسبب ماضيكم، بإمكانكم اليوم أن تعملوا “منيح” مع شعب الله المختار، لكي تنظفوا ضميركم على الاخر. آن الأوان أن تحتجوا على ممارسات الحكومة الألمانية.

“في تل أبيب، عندما أعرض نفس المسرحية، خلال المسرحية تكون الأمور على ما يرام، لكن بعد المسرحية هناك نقاش وجدل سياسيّ بيني وبين الجمهور الإسرائيلي الذي يبدأ بالخروج من القاعة، ويصرخون عليّ “قولي لشعبك أن يكون “بسيدر”". هنا أنا أنسى كل الموضوع المسرحي وأنتقل للسياسة، وأبدأ بالحديث عن السياسة الإسرائيلية والاحتلال والجدار وعن الذي يحدث في قرى لم يرفع فيها طفل يومًا أيّ حجر.

“في نفس الوقت في الجهة الثانية، وأنا فلسطينية وهذا بيتي، لكن في رام الله ينظرون إلي مع علامات سؤال وهذا أمر مزعج. الإسرائيلي يأخذني دائما لتمثيل دور العربية. في الأردن يتصلون بي للقيام بدور جندية في مسلسل، فكان شَرطي “يا ضابط يا بلاش” (تضحك).

“حقيقة، الوضع مركّب جدا. أنا أعي أنّ هذه المسرحية سياسية وأعرف العنجهية الاسرائيلية. لكن حدث مرة أنني عملت مسرحية نسوية في مسرح “بيت ليسين” أنتقد فيها مجتمعي الذكوري، أحكي عن حياة امرأة. في نفس الفترة صارت الهجمة على غزة، وأنا شاركت في مظاهرات. وفي يوم من الأيام اتصلوا بي من المسرح وسألوني: “إنتي حكيتي شي ضد إسرائيل في الإعلام؟” قلت إنني ضد السياسة الإسرائيلية. فنزّلولي المسرحية رغم أنها كانت ناجحة ومطلوبة حتى في أوروبا.

“أسمع أيضًا نداءات تطالب بأن لا نقبل دعم مؤسسات وصناديق إسرائيلية لمؤسساتنا الثقافية. يعني وزارة الثقافة الإسرائلية ليست صهيونية؟ في حرب “سلامة الجليل” ألم يخصموا من رواتبنا على مدار 6 شهور ضريبة 18% دعمًا للجيش؟

“أنا أقول إنني مع المقاطعة لكن ليس لمسارحنا هنا لأنّ هذا مرادهم. ظرفنا خاص جدا ووضعيتنا خاصة ومميزة، ولا نريد أن نتنازل عن موقعنا هنا، هم يريدون أن نذهب إلى دولة غزة ودولة رام الله. هذا عدا أن الميزانيات التي تصلنا ليست كالتي تصل المؤسسات الإسرائيلية.”

..

هشام نفّاع:

هناك تجربة خاصة في “المشغل” وهي محاولة إدارة مؤسسة ثقافية مع قرار واعِ وواضح مسبقاً بأن لا تتوجه المؤسسة لأي تمويل من مؤسسة إسرائيلية. هناك سؤال إذا في إمكانية أن يتم التطرق إليه في مداخلتك. نحن نتوجه إلى دولة إسرائيل وإلى الحكومات والمؤسسة الإسرائيلية بمطالبة بميزانيات على كلّ شيء.. ميزانيات للخدمات الصحيّة ونقول هذا حقنا.. ميزانيات للخدمات التعليمية ونقول هذا من حقنا.. وميزانيات للخدمات الدينية لجميع الطوائف، حتى لمن يدعي أن لديه طرحاً آخر وعصاميًا وإلخ.. ونطالبه كمطلب مدني للمواطنين. هل هذا المعيار لا يمكن أن يسري على المطالبة بحقوقنا كمدنيين لحاجتنا وممارستنا الثقافية؟ هل هنالك فرق نوعي؟

..

حبيب شحادة حنّا:

حبيب شحادة حنا

“منذ تأسيس المشغل عام 2007، كان القرار الإداري والرؤيا السياسية أن لا نطالب بأي تمويل من المؤسسات الإسرائيلية لأسباب عديدة. أهمها، لوجود نوع من الزئبقية وازوداجية الثنائيات التي نعيشها بشكل يومي. لا يمكن تحديد موقف واحد بشكل دائم تجاه هذه القضية. في العام 2007 عندما تأسس المشغل قلنا بشكل واضح بأننا لا نريد أن نحصل على أيّ دعم من وزارة الثقافة الإسرائيلية. حتى اليوم، نحن نعيش ونرفض أيّ دعم من مؤسسة أو شركة إسرائيلية أو أمريكية أو دعم أمريكي من مؤسسة أمريكية متعلق بمدى دعمها للمشروع الصهيوني.

“ولكن هذا تفكير وردي، وندفع ثمنه بشكل يومي لا على مستوى شخصي كحبيب إنما على مستوى أن المشروع الثقافي في المشغل يتنقص منه بعض الأشياء المهنية بسبب شحة الموارد الموجودة لدينا.

“على سبيل المثال، المشغل أيضاً كجمعية والذي مشروعها الرئيسي والأساسي تعليم الموسيقى باللغة  العربية، وأشدّد على هذه النقطة، أنّ مُدرّسي الموسيقى في المشغل الذين يُمررون مواد التربية الموسيقية هم عرب، وذلك للتواصل مع الأطفال بشكل مباشر مما ينجع من المشروع التربوي الموسيقي. المشكلة الأكبر أنّ النقص في الميزانيات لا يعطينا إمكانية أن نعمل مشاريع إضافية (تزيد) عن مستوى الحصة التي يحصل عليها الطالب، ونحن في المعهد الموسيقي -وهذا جدال داخلي أيضاً- نعتقد بأنه يجب أن نكون ناشطين في كلّ بيت وحارة وشارع ونذهب إلى الناس ونحضرهم إلينا وهذا يطلب عمل أكثر مما يحصل اليوم ويحتاج إلى ميزانيات هائلة لتحقيقه.

“أحياناً، أنا بشكل شخصي أيضاً ومن تجربتي الشخصية هناك تناقض ما بين المشغل وما بين ما يحصل فيه وبيني شخصياً.. حين أذهب لتلحين عمل مسرحيّ مُموّل من وزارة الثقافة الإسرائيلية، فهذا تناقض. لماذا لا يحصل “المشغل” على تمويل وأنا أحصل؟ كان هنالك نقاش. ولكن (قررنا) لنبقِ المشغل نظيفاً ولنتوسخ نحن.

“الأمر صعب صحيح، لكن هناك أشياء تتحقق. اليوم نحن في معضلة ولكن نحن قادرون على تمويل أنفسنا ذاتياً وحصلنا على تمويل من مؤسسات فلسطينية مثل مؤسسة “التعاون” ومؤسسة “عبد المحسن القطان” ومؤسسات أمريكية غير صهيونية، وبإذن الله سوف نحصل على تمويل من الإتحاد الأوروبي قريباً.

“هذا موضوع سياسي وكبير من الدرجة الأولى، وقد بدأت بالحديث عن التناقض الشخصي.. حين أقوم بتلحين موسيقى وكنت بحاجة إلى عازف آلة “الأوبوا” والعازفون الموجودون هم يهود.. عندما أملي حتى آخر نغمة من النغمات التي سيعزفها العازف أنام مرتاحاً. ولكن في حالة الإرتجال الموسيقيّ أرفض التعامل مع عازف إسرائيلي رفضاً كاملاً لأنّ ما يحدث هنا هو مشاركة بالعمل الموسيقي وكأنه يصبح شريكاً لي بالنتيجة. حول هذه المسألة وصلت إلى قناعة وحلّ بيني وبين نفسي وهنا نجد تناقضًا أيضاً.

“عندما نمتنع عن التمويل من شركات إسرائيلية (من جهة)، ولكننا مجبرون أن نقوم بتحضير طلابنا، وهذا هاجس الأهالي، لإمتحان البجروت في الموسيقى (التوجيهي)، وهنا يجب علينا أن نكون بعلاقة مباشرة مع وزارة الثقافة الإسرائيلية.. وليس غلطاً أن نقوم بالامتحان، لأنّ أيّ مدرسة يجب أن تقدم طلابها إلى هذا الامتحان. وهنا حصل لقاء بيننا وبين الوزارة من خلال رئيس إدارة الجمعية، ووضع الجمعية وفترة عملها ملائم لشروط تقديم الطلاب إلى الإمتحان من أجل نيل شهادة البجروت في الموسيقى.

“هذا أكبر تناقض.. أنا رافض التعامل مع المؤسسة ولكني مجبر بالتعامل معها من أجل هدف تربوي.

“وكأنّ الشعور اليومي بالمقاطعة، بأن الطبيب الذي يعمل على بحث أكاديمي في معهد أكايديمي إسرائيلي هذا شيء جيد ولكن الفنان الذي يمثل في فيلم إسرائيلي، وأي أحد منا يشعر كذلك بأنه يجب أن يبقى صاحياً أثناء عمله في المشروع لأنه في حالة تقرب دائم بالغدر.

“ما بين هذا الجانب بأنّ الأكاديمي في الجامعات الإسرائيلية أمر يفتخر به في حال قام بتجديد ما على مستوى الأبحاث مثلاً، وبين موضوع الثقافة وعلى رأسه الموسيقى، والتي لا يمكن تمثيل إسرائيل موسيقياً في أي مهرجان عالمي لأننا لا ننتمي إليها. وماذا يحدث هنا؟ يُستهان في موضوع الموسيقى والثقافة وأكثر ضحية يدفع ثمن هذه الحملة هو الفنان نفسه. وكأنّ أمور الجميع تسير على ما يرام أما الفنان فـ “قاعد على خازوق” كلّ الوقت. المشروع ممكن أن يتوقف، مثل مشروع المشغل، إذا بقينا على هذا العناد ممكن أن نغلق أبوابنا ونمشي.

“السؤال ما هو الأفضل؟ أن يصل فنان إلى الناصرة عن طريق مطار بن غوريون أو أن لا يأتي؟ أنا كفلسطيني يحق لي أن أستهلك ثقافياً وفنياً الفنّ العالميّ في حيفا أو الناصرة أو رام الله.. ولكن في النهاية، الكلّ يمرّ من خلال إسرائيل. هذه الأشياء نتحدث عنها يومياً وقد توجه ولا زال يتوجه إلينا يومياً مؤسسات ترغب بإعطائنا منح، أمثال “مفعال هَبايس” ولكننا نرفض. طبعا هناك من يقول عنا إننا أغبياء وهناك من يقول عنا إننا متطرفون.. ولكن حتى الآن المشروع مستمر وأطفال المشغل هم من أهل البلد ومن كافة التيارات السياسية واليوم أصبح المشغل يعمل بشكل قطري: هناك فرع في قرية الرامة ونُشرف على فرع في الرملة. من دون دعم وزارة الثقافة الإسرائيلية نستطيع إنجاح المشروع ولكن بالنهاية الميزانية التي نملكها هي 67% من الميزانية التي نحتاجها.”

..

هشام نفاع:

الكاتب والناقد والصحفي أنطون شلحت. تطور الثقافة الفلسطينية بعد النكبة، هل يمكن أن نقرأ هذا التطور بمعزل عن هذه الأسئلة التي نطرحها اليوم؟

.

أنطون شلحت:

أنطون شلحت

“في سنوات الستين، كتب الكاتب توفيق فياض رواية “المشوهون”، وأعتقد أنها مهمة جدًا. فهي تعبر عنا نحن عرب 48 والمداخلات هنا أكبر إثبات على ذلك. نحن برأيي المتواضع. وقالها كتير قبلي: نحن إسرائيليون ناقصون وعرب ناقصون وفلسطينيون ناقصون. ناقصون بكل مركبات الهوية القومية والمدنية التي يمكن أن نجملها لتعريف هذا الكائن المشوّه الغريب العجيب- “فلسطينيو 48″. طبعًا هذا موضوع واسع للغاية، لذلك سأحاول أن أختصر الموضوع بلغة البرقيات.

“الأخ عمر، نحن لا نختلف على شيء كما ذكرت الأخت روضة بالنسبة للمقاطعة، وأعتقد أن إشارتك لتقرير معهد “رئوت” الذي يتحدث عن المقاطعة أو ما يسمونه هم “نزع الشرعية” على أنه خطر يوازي الخطر الإيراني، هناك فقرة تتحدث عن دور عرب 48، وتقول إنّ لهم دورًا مستقبليًا في مسألة نزع الشرعية، ولذلك ترى أنّ لعملية المقاطعة خطرًا مصيريًا يتعلق بمستقبل إسرائيل.

“الآن، بالنسبة لسؤال الهوية. نحن فلسطينيون، وما في نقاش على ذلك، لكن حان الوقت بعد مرور 63 سنة على النكبة أن نطرح الأسئلة المطلوبة: هل اختيارنا للهوية الفلسطينية كان اختيارًا واعيًا أم قسريًا؟ هل قبلنا الهوية الفلسطينية عن اختيار أم لأنّ الهوية الإسرائيلية هي هوية مغلقة ورفضتنا؟ لأنّ ثقافتنا السياسية، إذا بترجعوا لأعداد مجلة “الجديد” في سنوات الخمسين، عندما كان كاتب معين يكتب قصة كانت تنشر تحت عنوان “قصة عربية إسرائيلية”.. يعني كان في هجس ربما بهوية عربية إسرائيلية حتى من حزب مناهض للصهيونية.

“الأمر الثاني الذي يجب أن يطرح هو إلى أيّ حدّ نحن نشكل جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني. هذا موضوع كبير ونحن أحيانا نطلقه على عواهنه؛ “نحن جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، ومنظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد، إذًا هي ممثل لنا”. لكن هذا موضوع كان عليه نقاش كبير في سنوات الثمانين، عندما كانت هناك محاولة لعقد مؤتمر للجماهير العربية في الداخل عام 1981، والتي برأيي كانت تعتبر المحاولة الأولى ربما لبناء ما يُسمّى بالاستقلال الذاتي، أو نوع من الاستقلال الذاتي. في ذلك الحين أصدر وزير الأمن مناحيم بيغن أمرًا بحظر المؤتمر، فصدرت وثيقة إعداد لهذا المؤتمر، وفيها جملة: “نحن جزء حيّ ونشيط وواعٍ من الشعب الفلسطيني” من أجل التحايل على “مسألة جزء لا يتجزأ”.

“2) كان نقاش أيضا في منتصف الثمانينات: هل منظمة التحرير تمثل كل الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده؟ وكان هناك رد من صفوف عرب 48 بأنّ منظمة التحرير تمثل الشعب الفلسطيني في مناطق 67 وفي الخارج، أما الجماهير العربية فلها ممثلوها- وهذه وقائع تدخل في إطار المسكوت عنه.

“هناك مسألة أخرى هي مسألة الحقوق القومية والمدنية. هناك قوى سياسية تؤمن بأنّ الحقوق المدنية هي المعبر الآمن إلى الحقوق القومية. أنا لا أومن بذلك. يعني أنا مع الحقوق المدنية، لكنها لن تكون معبرًا للحقوق القومية للفلسطينيين، لأنها متعلقة بتغيير النظام وطبيعة الدولة، ويصبح هناك سيناريوهات أخرى غير تلك المطروحة اليوم، بما في ذلك سيناريو الدولتين الذي طوّره البعض “لدولتين للشعبين” والتي أعتقد أنها أسوأ من الدولتين، وإذا أتيح المجال سأتوسّع في الموضوع. الآن، في ظلّ الخصوصيات والتشويهات والتعقيدات المختلفة، أنا أعيش التناقض الذي تحدث عنه حبيب. أنا لا أجد أي غضاضة في التوجه للمؤسسات الإسرائيلية، بما في ذلك التي تقدم دعما لنشاطاتنا الفنية والثقافية بشرط ألا تكون مرهونة بممارسة الرقابة الذاتية– وهذا الملف يجب أن يفتح. بمعنى أنه صحيح أنّ هناك رقابة للمؤسسة، لكن يظهر لي أننا نحن كفلسطينيين، بسبب التشويهات التي تحدثت عنها، طوّرنا نوعًا من الرقابة الذاتية التي أصبحت أيضًا تصل في بعض الظواهر والوقائع إلى مصادرة العقول. يعني أنا أذكر عندما عملت في الإعلام المحلي، كنا أحيانا عندما نكتب شيئًا نتساءل إلى أيّ مدى ستغضب هذه الكتابة الرقيب. هذا التساؤل طوّر عندنا في منظومتنا النفسية ومنظومتنا الذهنية نوعًا من الرقابة الذاتية يكون فيها، أحيانا، العقل غائبًا. لذا، إذا استطعنا أن نحصل على هذه الميزانيات من دون مصادرة العقل، أعتقد أنّ لا غضاضة في ذلك. أظن أنّ المُموّل أيضا “مش غافي”… الآن هناك هجمة من اليمين على الصندوق الجديد، فقام بمنع تمويل مؤسسة معينة لا تتناسب مع “اللايت” الموجود في الصندوق الجديد (“زوخروت” وتحالف النساء من أجل السلام). الرقابة ما زالت تمارس بصرامة خاصة في السنوات الأخيرة الفائتة.

“أنا أعتقد أننا كفلسطينيين إذا طرحنا كل هذه الأسئلة سنصل إلى أجوبة لا تحول حصولنا على ذلك إلى نوع من الترف أو “التطرف”– يعني شيء شبيه بالممانعة السورية؛ بين الاستسلام والمقاومة.

ولكن السؤال الأساسي الذي يجب أن يُطرح: هل القضية الفلسطينية هي صراع سياسي على الحدود أم نعيد القضية الفلسطينية إلى المربع الأخلاقي؟ مأساة القضية أننا أخرجناها من المربع الأخلاقي، وآن الأوان أن نعيدها إلى هناك، ونتيجة ذلك ستقودنا إلى طرح كل الأسئلة وتقديم أجوبة مريحة لنا وللقضية، وخصوصا أنه بالإمكان الاستفادة بذلك من نصوص كتبها أناس غير فلسطينيين وغير عرب.

“هذا باختصار شديد، حاولت أن أقدم هواجس وأطرح أسئلة أكثر من أن أقدم أجوبة.”

..

هشام نفاع:

سؤال أود أن اطرحه على جميع المتحدثين والمتحدثات. هناك نوع من الانطباع بأننا خرجنا من هنا متفقين، وهذا لا يعجبني (لذلك أنا أدير الندوة). هل هناك إمكانية لوضع معايير، ما المسموح، ما الممنوع، ما الأخلاقي، ما الوطني، ما غير الوطني، ما المفيد سياسيا؟.. هذا الشق الأول؛ الشق الثاني: هل أصلا لازم نفكر بوضع معايير ولا نترك الأمور للتجربة العينية لكل شخص؟

.

عمر برغوثي:

“الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية لإسرائيل التي بدأت عام 2004 تحاول منذ ذلك الوقت وضع معايير لفلسطينيي 48. من ينظر إلى موقعنا في الإنترنت سيجد معايير للـ67، معايير للشتات، معايير لعرب غير فلسطينيين، معايير للدوليين. المنطقة الوحيدة في العالم التي لم نحدد لها معايير، وكانت عقدة بالفعل من 2004 هي منطقة 48، وأنا سعيد أننا اليوم قبل ساعات أنجزنا المسودة الأولى التي أتت عبر لقاءات عديدة في 48، في الأساس مع عدد كبير من المثقفين والطلاب والناشطين. رح يصير قريبا في رام الله ولازم في رام الله وليس هنا عشان شوية حرية أكثر، لكي نناقش هذه المعايير للمقاطعة الأكاديمية لإسرائيل في مناطق 48، وما هو شكلها. لا يمكن أن نتكلم من دون معايير. لأنّ على كل واحد يعتبر التطبيع هو كل ما يقوم به الآخرون أما أنا “فشريف نظيف” والذي أقوم به “صح”. هذا غير مقبول، لا بد أن يكون هناك معيار موضوعي. ولا مرة يرضى الجميع بالمعايير لأنها تلحق ضررًا على البشر. يعني أنا مثلا الآن استثمرت مالًا وبدي أجيب ليونارد كوهين. كوهين جاء إلى إسرائيل، وأضرّ بالمقاطعة.

“لا بد من أن تكون هناك أولية للمبدأ وللعمل الجماعي والعمل الوطني على حساب العمل الفردي وليس هناك مقاومة بلا خسارة. غير ممكن. لازم يندفع ثمن، لكن كلما كان هناك نوع من التعاون يكون توزيع الثمن بشكل أسهل.

“تمثيل إسرائيل بأيّ شكل من الأشكال هو أهم معيار. 48 و 67 وأيًّا كان- مرفوض تمثيل إسرائيل في العالم. من غير الممكن أن يكون هذا الأمر مرضيًا عنه. تمثيل إسرائيل –دولة عنصرية احتلالية– في أيّ محفل عالمي يخرق تمامًا المقاطعة، على كلّ المستويات وفي جميع المجالات. يعني الذهاب لتمثيل جامعة بن غوريون ليس تمثيلا في هذا السياق، ولكن إذا ذهبت الجامعة لتمثيل إسرائيل، فهذا مرفوض.

“النقطة الثانية: “جسر العبور”. لا يمكن أن نرضى بأن يكون عرب 48 جسرَ عبور للمصريين وللتونسيين والضفة لتطبيع العلاقات أو لكسر المقاطعة العالمية. على سبيل المثال، مهرجان حيفا السينمائي الدولي اللي رح يصير قريبا. هذا المهرجان شأنه شأن جميع المهرجانات الإسرائلية– مقاطعة، لأنّ هدف هذه المهرجانات تبييض صفحة إسرائيل وجرائمها أمام العالم، وإظهارها كدولة طبيعية فيها ثقافة وهايتك وحياة طبيعية.

“لما كين لودج، ولمّا جون لوك غودار، يعني فنانين عالميين كبار، ومايك لي، يقاطعون ويأتي مخرج/ة فلسطيني يشاركون بفيلم لهم بادعاء توعية الإسرائيلي “لأنّ فيلمي مختلف” فهذا كسر للمقاطعة. هذا التخريب الكامل لحملة المقاطعة بحاجة لمعايير أساسية.”

حبيب شحادة حنا:

“هناك إشكالية في هذا الموضوع. الممثل أو الشخص المشارك ليس هو من يحدد المشاركة، فأحيانا هو موجود ضمن مشروع فرنسي على سبيل المثال.”

عمر:

“نحن نتحدث عن صاحب المشروع، منتج أو مخرج.”

هشام:

“حبيب، برأيك هل ممكن أن يكون هناك معيار ملزم؟”

حبيب:

“يا ريت، وأنا كنت بحب أكون جزء من المشاركين في وضع هذه المسودة. الأهم، إنه في حال حددت معايير واضحة، أن يشارك الجميع في الالتزام، أشخاصًا ومؤسسات وأحزابًا.”

روضة:

“أريد أن أتحدث عن التغيير الذي نحاول إنجازه من خلال هيئة إدارة مسرح السرايا. كما تعرفون، في نفس مبنى مسرح السرايا هناك مسرح آخر اسمه “المسرح العربي اليهودي”. لا نعرف مدى الشراكة بين المسرحين ونوعيتها. دائما كان عنا تساؤلات وتشكيك ودائما هناك إشكاليات في هذا الموضوع. مر علي الآن شهر في هذا المكان، وتنازلت عن عملي فيه كممثلة من أجل إنجاز هذا التغيير: أول شغلة عنا قريبا مهرجان لمسرح الأطفال سيقوم به المسرحان سويا، وكنا دعونا فرقة من المغرب، وأنا كمان مشاركة في المهرجان، لكنني رفضت مشاركة الفرقة المغربية ولغيت الموضوع كليا، وأعضاء الهيئة الإدارية الجديدة وافقوا معي. وبالنسبة للبرنامج الذي نجهزه للمستقبل، أعتقد أنّ المعايير التي نتحدث عنها مهمة جدًا، لن نقبل بكل تعاون أو عمل. نحن نريد مسرحًا فلسطينيًا “بْيور” (نقيًا). كل هذه الأمور ستحدد والمسودة التي تحدثت عنها ستساعدنا، وعلى هذا أن يسري على جميع مؤسساتنا الثقافية.”

عمر:

“نقطة طرحت وهي الصناديق الإسرائيلية الحكومية والبلديات إلخ، كيف يكون التعامل معها؟..  منذ بداية مشروعنا، هذه الجزئية كانت واضحة في المعايير التي طوّرناها. كدافعي ضريبة، فلسطينيو 48 مثل أي مواطن يستحقون خدمات معينة في جميع المجالات– هذا حق كمواطن وليس منّة من الدولة. ما يحق لليهودي في الثقافة يحق لي كعربي. بدي أجيب مثال: إذا بدي أخرج فيلم، هناك صندوق الأفلام التابع لوزارة الثقافة الذي لا يشمل شروطًا سياسية ويعطي المنحة بحسب معايير فنية، وليس هناك استغلال سياسي لهذا التمويل. دعوني أوضح الموضوع أكثر: لما مخرج إسرائيلي يأخذ تمويل من الدولة لإنتاج الفيلم لا نعتبر ذلك مخالفا للمعايير، أما إذا شارك في مهرجان سينمائي دولي لا نطالب بمقاطعة الفيلم لسبب تمويل الوزارة في الإنتاج، فنحن نقاطع إذا أخذ تمويلاً لعرض الفيلم، لأنّ هذا يندرج في إطار الترويج “لماركة إسرائيل” [Brand Israel] كماركة ‘حضارية وديمقراطية’ الخ. نحن نميز بين الانتاج وبين الترويج.”

أنطون:

“طبعا بالإمكان يكون في معايير ويجب أن لا يجري مط هذه المعايير. يمكن نحنا متأخرين في ذلك. هناك قضيتان أعتقد أنهما أساسيتان في وضع المعايير. أولا منع التمثيل– وهو موضوع سيُواجه بحملة شعواء لأن هناك أناسًا يعتقدون أنّه إذا إسرائيل طلبت منا أن نمثلها فهذا إشارة إلى تغيير ما. المسألة الثانية التي يجب أن يدور نقاش حولها، هي أن نضع حدودًا فاصلة في قضية التطبيع وخصوصية عرب 48 وبين مسألة الحوار. أنا أعتقد أنّ هناك أهمية كبرى للحوار الذي نجريه مع الإسرائيليين ليس تحت سقف توعية الإسرائيليين لأنّ “ضرب الميت حرام”.. هذه قناعتي، ولكن هذا الحوار مهم ولنا فيه دور مخصوص ولم تسقط الحاجة إليه حتى الآن، على الرغم من حملة المقاطعة. يجب أن يكون الحوار على أساس أنه حوار وليس تطبيعا.”

.

أسئلة من الجمهور:

1. ما أخشاه من حملة المقاطعة هذه هو أن نصل إلى عنصرية معينة في نطاقها، إذا أردنا أن نمارس المقاطعة على صعيد شخصي، ليس فقط المؤسسات، نحن كأفراد نعمل بالفن والثقافة، لنا علاقات واحتكاك مع أفراد من المشهد الفني الإسرائيلي، هناك ظروف عمل موجودة، عندهم غير موجودة عندنا، كغرف التدريب مثلاً، يأتون للتحدث إليك، هؤلاء لا يمكن مقاطعتهم، هناك شيء غير عملي، شيء غير إنساني، هذا تمييز بين الناس من دون أن تعرف آراءهم السياسية. (جوان صفدي)

2. أود أن أقدم ملاحظة بالنسبة للفلسطينيين في مناطق الـ48، نحن نكرر الحديث عن موضوع “الاستثناء” وأنا لا أعتقد بأنّ هناك أيّ استثناء. خطاب الاستثناء هو خطاب مثير للشفقة ممن يشفقون على أنفسهم، نريد أن نعيش مرتاحين مادياً، هنالك صفقة وربح، وبالتالي نتواطأ ونجد مخرجاً من الموضوع. لماذا؟ الانسان يريد أن يتحرر من نظام قامع، النظام الإسرائيلي نظام غير شرعي. في الأدبيات الفلسطينية هنالك مراحل فكرية، والتفكير دائماً يبهت وهج وسيلة المقاومة، القضية قضية وعي، هذا صحيح، ولكن النقد الأساسي هو أنّ المقاطعة فيها جانب من محاكم التفتيش، السؤال؛ كيف يمكن أن أضعها في سياق مشروع تحرري أوسع وأكثر جذريةً، يسعى لتقويض النظام الإسرائيلي بشكل مباشر؟ صنمية المقاطعة، وليس المقاطعة بحدّ ذاتها. في تاريخنا، في كل مرة استعملنا أداة مقاومة، قلبت علينا. أفكر بالموضوع الآن، وكأنه علينا أن نحمل عدسة مكبرة ونبحث عن المطبع وغير المطبع… المقاومة كفكرة تنفع في سياقات دولية، كأداة مقاومة، أما سياقنا فالمقاطعة شيء سلبي، بمعنى الإمتناع، من دون مشروع يبني عملية التحرر. من يجلس في لندن ويقاطع المنتجات الإسرائيلية هو يمتنع عن مساندة الاحتلال، هذا جيّد، ولكن هذا لا ينفعني، هو ليس بحاجة لبناء مشروع تحرر، أنا بحاجة. (إسماعيل ناشف)

3. نتحدث عن استثناءات، من ناحية الـBDS، انتم تقولون إنني، مثلا، يمكنني أن أذهب إلى الجامعة، ولكن عليّ أن أتوقف في مكان معيّن. يمكنني أن أتعلم في الجامعة ولكن لا يمكنني أن أمثل الجامعة، يمكنني أن أعمل في إنتاج فيلم مع إسرائيليين، لا يمكنني أن آخذ جائزة على هذا الفيلم. أنا لا أنتقد، أنا أسأل: كيف نعمل هذا الشيء؟ ما هي المعايير؟ السؤال الآخر ما هو موقف الـBDS  من فرقة تأتي لتعزف في حيفا متضامنة معنا، ولكنها تدخل عبر مطار بن غوريون، أو بتأشيرة إسرائيلية؟ (فراس خوري)

4. في سنوات الثمانينات كان هناك قائد جماهيري يهودي في “سياتيل” نظّم نضالاً جماهيريًا وشعبيًا أدّى إلى إنجازات ضخمة في مجال الحقوق للسكان المحليين. أريد أن أعطي أمثلة لأشكال النضال التي استعملت: مثلاً تذهب مجموعة كبيرة إلى اجتماع جماهيري في قاعة البلدية، مجموعة مكونة من مئتي شخص، أكلوا الفاصوليا قبل أن يذهبوا ثم دخلوا القاعة. لقد فُض الاجتماع بسبب الرائحة! الآن مع احترامي للجميع، من يمكنه أن يمنعك من أن تضرط؟ مثال آخر، ذات المجموعة وقفت في الدور في مراحيض المطار، وأغلقت المراحيض أمام مئات المسافرين! هنا في البلاد يوجد مشروع مماثل يتبلور، وهو مشروع رقص الدبكة في الشوارع. شباب، يهود وعرب، واعون سياسياً، يرقصون الدبكة في شوارع تل أبيب ويغلقون الشوارع. هذه حركة شعبية نضالية لها تأثير. السؤال هو: المقاطعة أم بديل للمقاطعة؟ (ولاء سبيت)

5. أنطوان طرح وجهة نظر، أنّ الحصول على الدعم من وزارة الثقافة الإسرائيلية لا يسبب لرقابة استحواذية، الخوف من أن أقول هذا ولا أقول هذا، لأحمي هذا الدعم المادي الوزاري. ولكن لدي سؤال لعمر: أنا مستغرب بالنسبة للمعايير، من أعطاكم الحق والشرعية لتجلسوا في رام الله وتضعوا المعايير للناس؟ بأيّ حق توضع لمليون ونصف شخص في الداخل معاييراً لحياتهم الثقافية؟ (رياض مصاروة)

6. أنا برأيي هناك تراكمات كثير بالتجربة لقضية المقاطعة. مشاريع كثيرة حاولنا أن نمررها في حياتنا السياسية كعرب في الداخل، علينا أن نستفيد من فهم الماضي، الماضي غزير ومليء بالتجارب لكيفية بقائنا ضحكنا على ذقون القتلة! برأيي يجب ان نستفيد من المقاطعة ومن معركة البقاء.

7. ربما يأتي تعقيبي متأخراً، أشعر بأنّ الندوة كرست كلها لقضية المقاطعة بالرغم من أني كنت أتوقع نقاشاً حول الخصوصية الثقافية، جانب المقاطعة هو أحد جوانبها. لا أعرف إذا كان هناك جولة إضافية من التعقيبات التي ستتطرق إلى أسئلة عديدة حول تاريخ الحركة الثقافية في الداخل، التي كانت ما بين شعر المقاومة التاريخي، ثم بعد النكسة وانكشافنا للعالم العربي، ووصولاً لاستفادتنا المادية والتعامل مع الصناديق. قد يكون مشروع قصة أو قصيدة أو مسرح تأسس من دون دعم مادي، ومبادرات فردية غير مدعومة مادياً تأثر أكثر بكثير من مؤسسات كبيرة. نحن انجرفنا إلى هناك لأنه عادةً أسهل وألذّ أن نتكلم في السياق السياسي… بما أنّ هذا الموضوع أخذناه إلى اتجاه المقاطعة والمعايير، أود أن أقول: نحن نشتغل سياسة، سياسة على خلفية أخلاقية بحقنا كأبناء البلاد الأصليين، وكأقلية قومية أصلانية، هذا يعطينا قاعدة أخلاقية. لا يمكن وضع معايير محدّدة، لأننا بين كل معيارين سنجد مئة حالة تحتاج إلى معايير جديدة. النبراس سيبقى لأيّ فرد كائن أو مجموعة سياسية هي الأسئلة المركزية المستندة إلى القواعد الحقوقية الأخلاقية وتقييم الأمور بحسب أين تصب، وقد نُخطئ، ونكتشف أننا ما كنا نفعله قبل سنوات كان خاطئًا، وأنّ ما حاربناه قبل سنوات كان صحيحاً. (باسل غطاس)

8. عمر ذكر أنّ مقاطعة فنان معيّن ممكن تشكل عليه ضغوطات فطلب أن يكون هناك تضامن من باقي المؤسسات والفنانين مع مقاطعته بالداخل، السؤال هو ما دور المؤسسات في  رام الله بهذا الشأن؟

9. هناك استسهال للفن والثقافة. أنا حسب رأيي إذا إيلي سليمان شارك في مهرجان في تورونتو يشارك فيه مخرجون يهود أو مخرج سينمائي فلسطيني أخذ تمويلا من صندوق إسرائيلي، هذا يكاد لا يساوي شيئاً أمام التطبيع الاقتصادي الموجود! يشتغلون في السينما الإسرائيلية؟ فليكن! التطبيع الاقتصادي يحرق فلسطين ويحرقنا ويحرق القضية أكثر من كل شيء آخر، هو السرطان الذي يضرب القضية الفلسطينية، وليس التطبيع الثقافي، وأنا أستعمل مصطلح التطبيع الثقافي بشكل مجازي لأننا نتفق أنه ليس هنالك حدوداً لهذا الاصطلاح.. الأمر الثاني هو الاختلاف بيننا وبين رام الله أو غزة أو الدول العربية. نحن ليس عندنا أجهزة تصيغ الرأي العام، ليس عندنا رأي عام ولا صناعة قرارات، لا مراكز ثقافية تعاقب ولا نقابة فنانين تطرد وتحدد المعايير، لذا، كل اللعب في دائرة “إفعل ولا تفعل”، لا يوجد من يطبقه أو يروّج له. ليس لدينا آليات لنقول: تفضلوا يا جماهير شعبنا، هذا كتيب إرشاد المقاطعة وسيسري تطبيقه على كل الفلسطينيين في الداخل. هذا غير ممكن، وسيواجه خلافات حزبية وخلافات بين مختلف الأطياف الاجتماعية والسياسية عندنا. نحن أقلية صغيرة بالعدد، وبالوقت ذاته صغيرة بالعقل أيضاً، ناقصين عقل إحنا.. لا يوجد قوة اقتصادية ممكن أن تجبر فنانًا إلى أين يذهب وإلى أين لا يذهب، أنا أفكر أنه يجب أن نجد حلاً بديلاً، وهو حملة توعية طويلة الأمد تركز على الضمير الإنساني الحي في كل فنان، أما أن تخرج لائحة “خذ من هذا ولا تأخذ من ذاك” فهذا صعب جداً.. نقطة أخيرة؛ سؤالي لأنطوان كإنسان متابع للمشهد الثقافي الفلسطيني مدى سنوات طويلة.. هل ترى أن وضع الأقلية يسمح بالاندماج في حملات المقاطعة، ولو على سبيل الشعار؟ (علاء حليحل)

10. لدي سؤال عيني، أشعر وكأنني أطلب فتوى من شيخ! هناك عرض قريب لعمر فاروق في الناصرة، ورغم أنّ الدعوة من مبادر فلسطيني، إلا أنّ فاروق يشارك أيضاً في مهرجان إسرائيلي في الوقت ذاته. هنالك خوف من الانجراف في المزاودة، ولكن هناك خوف آخر بأننا لا بد أن ندعم المجهود الجبار الذي يبذل لمقاطعة إسرائيل. (مقبولة نصار)

11. أريد أن أعطي ملاحظة حول ما قاله أنطون حول الربط بين مسألة الهوية ومسألة المقاطعة، حسب رأيي الربط غير صحيح في هذا الشأن ولكن لئلا أفهم بشكل خاطئ… اليوم أهم أسلوب نضال موجود لدى الشعب الفلسطيني هو أسلوب المقاطعة خاصةً بعد غياب أساليب نضالية أخرى، ولكن علينا أن نعرف النقد لنحسنها، حملة المقاطعة لا علاقة لها بفلسطنة القضية، هي تعتمد على القانون الدولي، وعلى الخطاب الكوني والدولي، وتقول إنه يجب إنهاء الاحتلال، بالأساس هي من أجل إنهاء الاحتلال، بينها وبين النكبة، كمركب للهوية الفلسطينية، لا يوجد علاقة، لذا ربطها بالهوية غير صحيح. هي دولية، وغير فلسطينية في نفسها. هذا يتماشى مع خطاب أبو مازن، أنا لا أذمّ، ولكن يجب أن نعرف أين موقعها، إسرائيل دولة شرعية تحتل مناطق أخرى، يجب مقاطعتها. الخطاب مبني على أن إسرائيل غير ملتزمة بمبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، برأيي مسألة المقاطعة حسمت في الداخل، وهي موضوع الاندماج، هناك تخبطات وأسئلة فلسفية وجدية، نحن نرفض الاندماج وتأثيره على الهوية، وهذه صورة من صور المقاطعة. (حسن جبارين)

..

أنطون شلحت:

“سأبدأ من تعليق حسن، ربما من الأفضل أن يجيب عمر على هذا السؤال، ولكني أعتقد أن حركة المقاطعة ليست مرتبطة فقط بإحتلال مناطقة الـ67. جرى الحديث عن ثلاثة محاور، وهكذا افهمها أنا أيضاً، إنهاء الاحتلال ووضع حد للأبارتهايد الاسرائيلي وحق العودة.

“هنالك سؤال حول الاندماج بالمقاطعة، لعلاء، وأنا أقول إنه طبعاً يمكن أن نندمج، ولكن ليس على طريقة إما الكل أو لا شيء. مسألة مقاطعة التمثيل الإسرائيلي مسألة جداً مبدئية ترتبط بقضية. من يقول إنّ وضع معايير يجب ان يكون على طريقة افعل ولا تفعل. يمكن وضع معايير مبدئية من دون أن نحمّل الأمور اكثر مما تحتمل. نحن لدينا دور في المقاطعة، خاصةً بما انه هناك مشاريع ثقافية في منطقة الغسق، الرؤية فيها ضبابية، مثل السؤال الذي طرحته مقبولة. أنا اعتقد انه يجب أن نقاطع. للأسف، لا ننكر ان هناك تخبطات، الأسئلة التي طرحها علاء وحبيب أسئلة جوهرية، قبل فترة أتى المخرج الغجري أمير كوستاريتسا، واختلفنا في البيت، صار هناك انشطار، قسم ذهب، قسم لم يذهب. من المهم أن يصبح هناك تحديد في هذا الموضوع في نقاشاتنا في مثل هذه الندوة ونقاشاتنا اليومية. وانا طرحت بعض الأسئلة وقلت أني لا املك أجوبة.

“أنا لم اقصد أن اشكك في كوننا فلسطينيين أم غير فلسطينيين، أنا قلت انه يجب أن نسأل إذا نحن فلسطينيين اختياراً أم أن هناك عوامل أرغمتنا أن نكون فلسطينيين، وهذا يجب بحثه خاصةً في نطاق الأجيال الشابة. سؤال: من أنا؟

“بالنسبة للخصوصية الثقافية التي تحدث عنها الأخ باسل، أنا فكرت في أن الخصوصية الثقافية في العلاقة مع الشعب الفلسطيني ومع إسرائيل من خلال النشاط الثقافي وليس الخصوصية الثقافية كيف انعكست على النص الإبداعي، لذلك تمركزت بالإجابة على هذا الجانب.”

عمر برغوثي:

“إسماعيل يسأل لماذا الاستثناء؟ مقابل علاء وباسل اللذين يريدان استثناءً مطلقًا: نحن بوضع خاص، نحن فوق البشر، الثمانية وأربعين لا ينطبق عليهم ما ينطبق على السود في أمريكا، ولا على جنوب أفريقيا، “لا تطبقوا علينا معاييرَ، لا تضعوا علينا شروطًا”… أنا أرفض هذا! أنا اعتقد ان خصوصية الـ48 هي بسبب الوضع السياسي والاقتصادي والقانوني الخاص، ليس لأن الجينات مختلفة. هذه الخصوصية تكتسب قوتها لأنّ القوانين مختلفة. من يطبق المقاطعة في رام الله ونيوزيلاندا لا يكون لديه نفس النتائج للذي قاطع في حيفا. الهدف ليس أن نطلق النار على أرجلنا، هذا يفرض علينا التفكير بخصوصية، هدفنا ان نوجد بشكل جماعي شكلاً مقاومًا هدفه النهائي إيجاد الثلاث حقوق الأساسية، إنهاء نظام الابارتهايد، حق العودة، وانهاء الحل العسكري في السبعة وستين كحد أدنى لحق تقرير المصير.

“بالنسبة لمحاكم التفتيش، وانطرح بعدها سؤال مرتبط بمن اعطاكم الحق بوضع المعايير، اظن انه هناك فهمًا خاطئًا لحملة المقاطعة، ليس عندنا شرطة ولا جيش ولا نأمر ولا ننهي. حملتنا هي حملة أخلاقية، سلاحنا الوحيد هو الاقناع الأخلاقي، ولكن من أين يأتي الضغط الأخلاقي؟ من أين القوة الأخلاقية؟ من الجماعية! تفاعل جماعي، كان تفاعل وعمل جماعي، ولكن عدم وجود معايير، لا معايير، هذا خطر، فوضى كاملة.

“حملة المقاطعة، BDS، ممثل فيها جميع الاتحادات المهنية والنقابية والاحزاب السياسية الرسمية في منظمة التحرير وخارجها، جميع الأطر النسوية والشبابية، نحن لا نتحدث عن برج عاجي، جزء كبير جداً من المجتمع الفلسطيني في الوطن والشتات ممثل. من أين لنا القوة الأخلاقية ونحن نعمل تحت سلطة في رام الله تشرعن التطبيع تماماً؟ الشغل ليس أسهل في رام الله، تحت نظام سياسي قائم على التطبيع. القوة الأخلاقية من جماعية العمل. لا يوجد ديمقراطية مباشرة، لا يوجد برلمان في العالم يمثل الجميع، لم ينتخب أحد الفنانين، نعم، ولكنهم يمثلون فئات كثيرة ومتعددة ومحترمة في المجتمع الفلسطيني.

“بالنسبة لدور المؤسسات في رام الله وهل يوجد معايير.. بالنسبة لهذا السؤال، معاييرنا أعلى من معايير السلطة، كل المؤسسات الثقافية الفلسطينية في الضفة الغربية ملتزمة رسمياً بالمقاطعة، بالرغم من أنّ هناك كثيرين من يطبعون تحت الطاولة. التطبيع لم يعد مقبولاً، اليوم الوضع تحسن عن قبل ثلاث سنوات. حملة المقاطعة هي مواجهة لعقلية العبد التي تقبّل أقدام السيّد من أجل تمويل.

“عندما قاطعت جامعة جوهانسبورغ جامعة بن غوريون، أرسلوا وفدًا إلى الضفة في محاولة لإيجاد ثغرة للتنصل من القرار، جلسوا مع جميع المؤسسات الأكاديمية في فلسطين، حاولوا اقناعهم بأن يتعاملوا مع جامعة بن غوريون في علاقة ثلاثية، والجميع رفض رفضاً قاطعاً. هذا مثل لوعي جماعي وتطوّر ملموس وجدّيّ، هذا كان النجاح الملموس الأوّل لحملة المقاطعة الأكاديمية على صعيد توحيد الخطاب الرسمي والشعبي.

“بالنسبة للتطبيع الاقتصادي هو خطر، نعم، التطبيع السياسي أخطر، ولكن التطبيع الاقتصادي أيضاً، والفرق أنّ التطبيع الاقتصادي يصعب مواجهته. هذا بزنس وأعمال وفوائد وعقود، ولكني لا أستخف في دور الثقافة والاكاديمية والفنون.. صرنا نرى، حتى في رام الله، التي هي أسوأ من حيفا بكثير، أنا أرى أنّ هناك دورًا في الثقافة للضغط على الاقتصاد.

“تعقيباً على أفعل ولا تفعل، هذا غير موجود أبداً في ما نقوله، نحن سلاحنا سلاح أخلاقي، الحدّ الأقصى مما يمكن أن نفعله هو أن نصدر خبراً صحافياً يندد بمشاركة المثقف في عمل ما يخالف المعايير. لا نهدد بقتل، ولا نذكر اسمًا ولا محاكم تفتيش، ما عنا هاي الأساليب، لا نستخدمها، ولكن مجرد أن يُذكر أنّ جمعية تخالف معايير المقاطعة فهي تراجع نفسها، لأنّ المقاطعة شعبية.. أنا أقرأ من مقدمة نداء المقاطعة، لنعرف ما هي المرجعية: “إن الاضطهاد الكولونيالي الإسرائيلي للشعب العربي-الفلسطيني يستند بالأساس على الفكر الصهيوني العنصري، ويتضمن الأشكال الرئيسية الثلاثة التالية: (1)  رفض إسرائيل الاعتراف بمسؤوليتها عن النكبة وما شملته من تطهير عرقي أدى إلى خلق قضية اللاجئين الفلسطينيين وإنكار حقوقهم المكفولة في القانون الدولي، وأهمها حق العودة والتعويض؛ (2) الاحتلال العسكري الاستيطاني للضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) وقطاع غزة بما يخالف القانون الدولي؛ (3) التمييز العنصري الشامل ضد فلسطينيي مناطق 48 (حاملي الجنسية الإسرائيلية) والتفرقة العنصرية الناجمة عنه، بما يشبه نظام الأبارثايد في جنوب أفريقيا.”

“في كل مكان نحكي الحقوق الثلاثة، صارت اسطوانة، هذا هو الحد الأدنى، ولا مرة قبلنا خطاب إنهاء الاحتلال، أبداً وإطلاقاً، ولم نأخذ أبداً موقفًا يؤيد حلّ الدولتين، نحن لا نتخذ موقفًا سياسيًا معيّنًا من تصور حلّ، ولكن نحن نتكوّن من كل الفئات الحزبية، بغضّ النظر إذا كنت مع حلّ الدولة او الدولتين، هذه الحقوق هي الحد الأدنى.

“النقطة الأخيرة حول عمر فاروق، حملة المقاطعة طالبت بمقاطعة حفلتي عمر فاروق، بالتأكيد طالما مقاطعين حفلاته الإسرائيلية لا يمكن أن ننظم له حفلات فلسطينية. مثال ليونارد كوهين جيد، حاولنا ست أشهر أن نضغط عليه ليلغي الحفلة في تل أبيب، لم ننجح، فضغطنا على آمنستي وأجبرنا آمنستي على الإنسحاب. وزيرة السياحة الإسرائيلية طلبت من رئيس بلدية الناصرة ان تنظم حفلة لليونارد كوهن في الناصرة، فجأة صار ليونارد كوهن يريد أن ينظم حفلة للفلسطينيين! تكلمنا مع الزملاء والإخوان في الحزب الشيوعي ورفضوا اقتراح الوزيرة.”

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

1 تعقيب

  1. أحببت هذا النقاش، وربما أشير إلى أن وجود ما يشير إلى الالتزام بالقضية في اللباس أو الكلام قد يفيد عند وجود ضبابية في الموقف أو ريبة من تفسير وضع ما على أنه تطبيع للعلاقة مع من لا يلتزم بالحقوق الفلسطينية.
    أتمنى لكم التوفيق في كل خطوة، وأتمنى أن أرى كتاب اﻷستاذ عمر البرغوثي مترجما إلى اللغة العربية؛ فالوضع في البلاد العربية سيء، والشركات التي تدعم الاحتلال تتكاثر فيها،والشعوب تبدو متعاطفة لكنها تجهل كثيرا مما يجري اليوم. وربما أعتب على حملات المقاطعة أن تعتبر هزيمة الستوم وفوز الائتلاف المنافس حسب نظام المناقصات بمشروع قطار الحرمين نصرا لها وتأييدا للمقاطعة مع أن الشركة تعمل في مشاريع أخرى مع أرامكو وشركة الكهرباء السعودية.

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>