“سقفٌ من فراشات”؛ جديد الشّاعر المغربيّ نزار كربوط

“سقفٌ من فراشات”؛ جديد الشّاعر المغربيّ نزار كربوط

يغلب على قصائد كربوط في هذه المجموعة الطّابع الشّذريّ، وهي تتناول اليوميّ في حياة الإنسان، وتركّز على الأنا الشّعريّة، وشعرنة المشهديّات، والتقاط التّفاصيل والمفارقات، إضافةً إلى الشّغف بالمتعة والحياة.

nizar karboot1

غلاف المجموعة

“سقفٌ من فراشات”، هو عنوان المجموعة الشّعريّة الجديدة للشّاعر المغربيّ نزار كربوط، والصّادرة عن دار “مرسم” بالرّباط.

وتعتبر هذه المجموعة الثّالثة في مسيرة الشّاعر، بعد “رماد عاشق”، و”أحمريّ يبتلعه السّواد”، وهي من الحجم المتوسّط، ولوحة الغلاف للفنّان المغربيّ نبيلي، إضافةً إلى أنّ العنوان مرسوم كليغرافيًّا بخطٍّ عربيّ.

nizar karboot2

الشاعر نزار كربوط

وداخل المجموعة هناك ستّة عناوين فرعيّة، هي: كأنّه شاعر؛ غياب صفر كالوري؛ مقصٌّ يلاحق معطفي؛ لماذا ترسمها عاريةً هكذا؟؛ للضّوء حكمةٌ أخرى؛ دانتيل.

يغلب على قصائد كربوط في هذه المجموعة الطّابع الشّذريّ، وهي تتناول اليوميّ في حياة الإنسان، وتركّز على الأنا الشّعريّة، وشعرنة المشهديّات، والتقاط التّفاصيل والمفارقات، إضافةً إلى الشّغف بالمتعة والحياة.

نجد أنّ موضوعات قصيدة كربوط في هذه المجموعة اقتضت بلاغاتٍ شعريّةً مركّزةً كومضاتٍ إشاريّة، فكثّف الشّاعر نصّه الشّعريّ وركّزه كإناءٍ يرشح بهندساتٍ شعريّةٍ طاويةٍ على التّفاصيل المحيطة بالذّات، وبقدر ما ترصد هذه القصائد، فإنّها تلامس تلك القيم الجوهريّة الّتي تجعل القصيدة على الدّوام كقيمٍ مرتعشةٍ وناضحةٍ بأسئلة الكينونة والوجود.

نزار كربوط

نزار كربوط شاعرٌ وكاتبٌ من المغرب، مواليد 1982 بمدينة تازة، ويقيم بالرّباط؛ وهو طبيب أسنانٍ حاصلٌ على بكالوريا علومٍ تجريبيّةٍ ودكتوراه الدّولة في طبّ وجراحة الأسنان بالرّباط.

يشرف كربوط على تحرير مجلّةSMS  الشّعريّة؛ وقد حاز على جائزة جامعة محمّد الخامس السّويسيّ للشّعر سنة 2003؛ وأسّس نادي الكتابة الأدبيّة بالرّباط سنة 2003؛ وأشرف على الصّفحة الثّقافيّة لجريدة المنبر الطّلابيّ لسنتي 2004/2005.

يشارك كربوط في العديد من النّدوات والأمسيات الشّعريّة الّتي ينظّمها كلٌّ من: بيت الشّعر في المغرب، واتّحاد كتّاب المغرب، ومؤسّسات متعدّدة داخل المغرب وخارجه.

ينشر بمختلف الجرائد والمجلّات المغربيّة والعربيّة.

 .

من قصائد المجموعة:

 

كأنّه شاعـر

.

يرحلُ بعينيهِ

في وجعِ المساءِ

يغيبُ في ساعتِهِ اليدويَّةِ

الّتي تثْقلُ على ساعدِهِ النّحيلِ

كأنّهُ شاعرٌ ضلَّ طريقَهُ

إلى حانةٍ صديقةٍ

تشاركُهُ لحظاتِ الهذيانِ

وفصولَ الوحدةِ الماطرةِ

 .

لمْ يعدْ يتذكّرُ ملامحَ الكراسي

الّتي جالسَ فيها أحزانَهُ الوفيّةَ

يسترجعُ آخرَ مرّةٍ نسيَ فيها موعدَهُ

مع قصيدةٍ صغيرةٍ

تقلّدُ مِشْيَةَ المتنبّي

وصوتَ مجازٍ جريحٍ

لمْ تلتئمْ كلماتُهُ بعد

 .

يُردّدُ على مسامعِ قنينةِ نبيذٍ وحيدةٍ

ما يحفظُهُ منْ صرخاتٍ

وعناوينَ جرائدٍ منسيّةٍ

على طريقِ العودةِ إلى الزّقاقِ الأوَّلِ

بعدَ الصّمْتِ

 .

الإصبعُ الّذي وضعَهُ في مطْفأةِ السّجائرِ

لم يعدْ ينْبضُ كما عودتْهُ

ليالي الشّتاءِ

لم يعدْ يستدرجُ الجميلاتِ

إلى شقَّتِهِ

في الطّابقِ الأرضي

 .

باتَ يشْبِهُ الرّمادَ هو أيْضًا

يقضي يومَهُ

باحثًا عنْ لونِهِ

الّذي تغطّيهِ جموعُ المارّةِ

في شوارعِ الرّباطْ

……….

غيابْ صفْر كالوري

 .

1 /

تفاحةُ نيوتنْ لمْ تسقطْ بعدُ

إنّها لا تزالُ تبحثُ عنْ ضلعِها الغائبِ

 بين ظلالِ الأشْجار

 .

2 /

دخانُ السّيجارةِ يتحرّشُ بالكلماتِ

يبْحثُ عن مكانٍ فارغٍ في رأسي

يطفئُ فيهِ الغياب

 .

3 /

ارجعْ أيّها الغيابُ لكيْ أطيلَ النّظرَ في وجهِكَ

و أشعلَ سيجارتي في هدوءٍ يليقُ بالفِراقِ

 .

4 /

حينَ يبدأُ النّادلُ في جمْعِ الكراسي

تغيبُ صورتُهُ في فنجاني

و تتكسّرُ في يدي الكلمات

 .

5 /

غريبٌ أمرُ البياضِ، كلّما أَمْطَرْتُهُ حبرًا

صارَ الغيابُ منفاهْ.

 .

6 /

تأخّرْ قليلًا أيّها الغيابُ

إنّني أكتبُ وصيّةَ السّماء

 .

­7 /

غيابٌ كثيفٌ يرْسمُ وجهي على لوحتِكَ الرّماديّة

صديقي الفنّان:

لا تقلقْ على ألوانِكَ منَ الضّياعِ

مصيرُها بينَ يديْكَ

و مصيرُكَ قنديلٌ في السّماء

.

8 /

أطفالٌ يغيبونَ في السّوادِ

يستنجدونَ بغيمةٍ نسيتْ أنْ تحملَ معها

قليلًا مِنَ الشّوكولاته

 .

 9 /

غيابُ الشّاعرِ أمرُهُ سهلٌ جدًّا

لا يحتاجُ إلّا لقلمِ رصاصٍ

ومسدّسِ 14 مليمتر

 .

10 /

مساءُ الغيابِ أيّها العالمُ

أصبحتَ تتنكّرُ للعصافيرِ

وتبيعُ الصّمتَ في Wall Street

 .

11 /

زجاجاتُ النّبيذِ

تستنجدُ بشاعرٍ ممنوعٍ مِنَ الصّرفِ

يغيبُ في كأسِهِ الوحيدة

و يسجّلُ في هاتفِهِ المحمولِ

آخرَ مكالمةٍ لَهُ معَ السّفرْ

 .

12 /

غريبٌ أمرُ هذا الإنسان

ينسى أشياءَ بعدَ تذكّرِها

ويتذكّرُها ذاتَ غياب

.

13 /

صباحُ الخيرِ أيّها اللّيلُ
غيابُ الفراشةِ

لَنْ يُبْطِلَ مفعولَ الظّلّ

 .

14 /

الغيابُ الّذي يرسمني ماركةً مُسَجّلة

يُمْنَعُ التّقليد.

 .

15 /

أنا مجرّدُ كلمة في قاموسِ الغياب

لا أحتاجُ إلى محرّكِ بحثٍ يفتّشُ في أغراضي الشّخْصيّة

 .

16 /

بعدَ لحْظةٍ سينطلقُ العدُّ التّنازليّ

سيجارةٌ أخيرةٌ هذا المساء

ويغيبُ الدّخانُ مع الصّفر

 

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>