مروان عوكل مات بصمت لكن صوته سيظل مجلجلاً/ وليد ياسين

. |وليد ياسين| ودعت شفاعمرو والوسط الفني الفلسطيني في ا […]

مروان عوكل مات بصمت لكن صوته سيظل مجلجلاً/ وليد ياسين

الراحل مروان عوكل. لم يخف من السرطان بل تحدث إليه!

.

|وليد ياسين|

ودعت شفاعمرو والوسط الفني الفلسطيني في الداخل يوم أمس الأربعاء، 28/12/2011، الفنان القدير مروان عوكل، الذي انتقل إلى جوار ربه، بعد معاناة مع مرض خبيث ألمّ به ورافقه منذ تموز الماضي.

لقد خسرت شفاعمرو والوسط الفني الفلسطيني فناناً وإنسانا بكلّ ما تعنيه الكلمة، له دوره الكبير في ترسيخ الحركة المسرحية، ليس على صعيد بلده شفاعمرو، فحسب، بل وفي حيفا والناصرة، وكل المدن والبلدات العربية التي لعب على مسارحها، سواء في إطار المسرح الناهض، ثم بيت الكرمة، ثم المسرح الثائر، والمرايا والأفق والعندليب وفرينج، وغيرها من مسارحنا في الداخل.

رحل مروان عوكل وهو في أوج العطاء الذي لم يقعده عنه حتى المرض الخبيث الذي لم يمهله توديع سنة أخرى من العطاء، فاختاره لجوار ربه بعد أيام قليلة من احتفائه بعيد ميلاده الستين، وقبل أيام قليلة من إطلالة العام الجديد.

رحل مروان عوكل وهو مرفوع الهامة؛ لم يطأطئ رأسه يوماً، ولم يساوم على مهنته وشرفها، بل ضحّى من ماله الخاص، ككثير غيره من الفنانين، من أجل مواصلة الإبداع المسرحي ورسم البسمة على شفاه أطفالنا والتي أولاها الأهمية البالغة خلال سنواته الأخيرة، من خلال مسرح العندليب ومؤسسة المرايا للابداع، ومن قبل من خلال مسرح بيت الكرمة، حيث كان مديرا لمسرح الدمى طوال عدة سنوات.

منتصب القامة ومرفوع الهامة واجه مروان عوكل نبأ إصابته بمرض السرطان الخبيث في تموز الماضي. وفي أحد آخر اللقاءات الصحفية التي أجريت معه، تحدث لموقع “بكرا” في الرابع من كانون الأول الجاري، عمّا شعر به عندما تلقى النبأ. تحدث مروان بمرحه المعهود، رغم الألم، واعتبر السرطان سببا مقنعا جعله يتوقف عن عادة التدخين التي زاملته لأكثر من أربعة عقود، ورفض فكرة أن يقعده المرض عن العطاء أو يحبطه ويقلل من عزيمته، وهو الذي كان حتى يومه الأخير مرتبطا بعملين مسرحيين جديدين لمسرح الفرينج هما: “قواريط أمين” و”يا شمس يا لا تغيبي”.

واصل مروان الحديث عن مرضه بكلّ جرأة وشجاعة في وقت يحاول فيه من ابتلي بهذا المرض الخبيث إخفاءه عن الناس. قال: كان رد الفعل الأولي لي عندما علمت بأمر مرضي أن تحدثت مع “السرطان” وقلت له: أنا لم أدعُك لتدخل جسدي لكن بما أنك أتيت بمحض إرادتك فدعني أعتبرك صديقي المقرب الجديد ونتّفق على ألاّ تؤذيني ولا أؤذيك…”

هكذا وبكل قوة، واجه مروان المرض وحاول مواصلة الوقوف على قدميه شامخاً حتى جاء حكم الله في لحظة خلفت حزنا كبيرا في نفوس كل من عرف مروان وعاشره طوال سني حياته.

رحل مروان عوكل بصمت.. لكن صوته المدوي على خشبة المسرح، وعلى أرض الحياة، سيبقى مجلجلاً، لأنّ مروان، وإن كان يلجأ إلى مهنته للتعبير عما يجيش في صدره من ألم إزاء أوضاع مجتمعنا، فقد كان بمثابة “زنبرك” في الحراك السياسي والشعبي في بلدته، وله من المواقف ما يثير الفخر والاعتزاز في قلب كلّ شفاعمري.

نحن الذين عايشنا أيام النهضة للمسرح الشفاعمري في السبعينيات، لا يمكن أن ننسى مروان عوكل، الذي كان سفير شفاعمرو آنذاك في المسرح الناهض، الذي كان بمثابة المسرح العربي الوحيد الذي زاول الاحتراف الفني والذي احتضن الرعيل الفني البارز من الفنانين الذين واصلوا مسيرتهم الفنية عبر مسارح أخرى، وحقق بعضهم المجد محليا ودوليا. مروان عوكل كان أحد هؤلاء، لكنه كان كالنبي الذي لا كرامة له في وطنه. فعلى الرغم من دوره الكبير في إحياء ونهضة المسرح الشفاعمري، إلا أنه لم يكن حاضراً بما يكفي في وعي الذين يفترض فيهم رعاية المواهب الشفاعمرية المبرزة. لقد صارع من أجل ترسيخ مؤسسة المرايا للإبداع التي أدارها حتى رحيله.. وكان كل ما حظي به من تكريم في شفاعمرو هي تلك القطعة النحاسية التي قدمتها البلدية لعدد من الفنانين المسرحيين خلال حفل تكريمهم في سنة مئويتها. وبما أننا تعوّدنا في مجتمعنا ألا نكرّم المبدعين إلا برحيلهم، فإننا نأمل أن يقوم هنا في شفاعمرو من يمنح مروان عوكل وأسرته، ما يستحقونه من تكريم حقيقي بترسيخ اسمه، على الأقل في ذاكرة الشفاعمريين، ودعم استمرارية مؤسسة المرايا كي يبقى اسم مروان عوكل ورسالة مروان عوكل ماثلين في ذهن كل شفاعمري.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>