لا نعرف شيئا عن الشام سوى قبر أبي/ راجي بطحيش

لا نعرف شيئا عن الشام سوى قبر أبي/ راجي بطحيش

لا نعرف شيئا عن حلب سوى روايات خالد خليفة وزقاقات لن تطأها أقدامنا يوما الا لنشتري قواوير مزيفة من ترابها للذكرى، ورموش صناعية لنجمة الدراما السورية الصاعدة ووصيفتها مع إضافات الشعر المجنونة

عبد الرءوف العجوري، بلا عنوان، أكريليك على قماش، 120×150، 2011.

عبد الرءوف العجوري، بلا عنوان، أكريليك على قماش، 120×150، 2011.

>
|راجي بطحيش|

راجي بطحيش

راجي بطحيش

1

لا نعرف شيئا عن الشام سوى قبر أبي

ورحلات وهمية خبرنا عنها نحو سفح القمر رجوعا..

وهؤلاء العرائس اللواتي قدمن إلى هنا قبل مئة عام ولن يعدن يوما..

والباب الذي عندما نفتحه ستتدفق الينابيع تحت أقدامنا لتحاكي بعض تأويلات الجنة..

.

لا نعرف شيئا عن الشام سوى شعر جدتي الأسود

والمائدة التي ستمتد لنا من اطراف الجولان وحتى معلولا.. وهي  تزخر بالعرق والتبولة

المرصعة باللآلي والحمص المجبول بمواويل سحيقة والصفيحة المطلية بعجائب بساتين الغوطة

واليبرق المحشو بتعاليم غرام مسحورة ..

.

لا نعرف شيئا عن الشام سوى حسرة أختي الطويلة…

ومخبز “طيبات الشام” القذر في حينا.. وأراجيل الشام، وملحمة يا مال الشام، ومقهى ليالي الشام للرجال

وفروّج أسرار الشام.. وحانوت ذبح ومعط دجاج أبناء الشام.. ومعسل أيام الشام وغسيل سيارات أبواب الشام

.

أخرج مغبرا من بين مجسم الركام في مول “أفراح الشام” ورموشي بيضاء

وقد نسي مشغل الموقع أن يزيل ذراع الطفل الرضيع التي التصقت على وبر معطفي المصنع طبيعيًا

أنفض الاسمنت عن حاجبي

وأوقع لمعجبة كتابي الجديد حول حلف الألم والغباء..

2

 لا نعرف شيئا عن حلب سوى دندنات أمي..

ورحلاتها الوهمية مع صباح فخري في جولات عروضه عند حوافّ الصحراء الشائكة

فأمي لا تفقه الآن جملا كاملة الا عندما تصدح في مذياع الشوق… قدود حلبية..

وأمور أخرى تشبه نغمات صوفية.. ربما..

.

لا نعرف شيئا عن  حلب سوى جدائل مرقطة لا تنتهي.

والكبة نية التي تمتد من هناك.. حتى مفترق هضاب يمكننا سماع صوت الانفجارات فيه

تلك الكبة نية مجبولة بمادة هلامية لا تستخرج سوى من فروج مغنيات القصور المهجورة

وتلك اللحمة النيئة الفستقية التي توسّل صاحبها الغزال كي يستعيروه ليكون جزءا من كل هذا الجمال.

وصنوبر كان في يوم من الأيام شذرات ماس، ملت من تزيين نهود أميرات قبيحات.

.

لا نعرف شيئا عن حلب سوى روايات خالد خليفة

وزقاقات لن تطأها أقدامنا يوما الا لنشتري قواوير مزيفة من ترابها للذكرى

ورموش صناعية لنجمة الدراما السورية الصاعدة ووصيفتها مع إضافات الشعر المجنونة

 لم أعد أرى جيدا من شدة الغبار الذي أحدثه البرميل المتفجر

أخترق الفقاعة البيضاء الملبدة بالدماء، أدخل بين ذهاليز الركام

وأصطحب صبيا تنقصه رجل (لا ضير) معي جنوبا نحو ديار السخرية.. لنبتعد ونبتعد…

3

لم نعد نعرف شيئا عن لبنان سوى حلوى تدعى “ليالي بيروت” أو “ليالي لبنان”.. لا يهم..

تعدها الفتيات لحمواتهن المتطلبات كنوع من اجتياز اختبارات الإداء..

.

 لم نعد نعرف شيئا عن لبنان سوى

بيبي دول أحمر من ريش نعام من ماركة كنزو وهو يتدلى من شرخ في جدار مثقوب.

……

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>