لا شيء يهم/ راجي بطحيش

سأدس سم الفئران في كل مكان، وسأطرد القطط إن هي لم تتناول سم الفئران، وسأشتري كافة المبيدات الممكنة للكائنات، والكثير من الأسيد الذي يذيب الأنسجة

لا شيء يهم/ راجي بطحيش

 

شون بين من فيلم: This Must Be the Place


|راجي بطحيش|

 

القمامة

أزيح القمامة من جانب إلى جانب آخر، أجد بين القمامة ورقة كتبت عليها كلمات كانت ستغير كل شيء، نظريًا على الأقل؛ ولكن لا شيء يهم…

لا شيء بات يهم، فكحلي الذي ساح فجأة لن يجد من يجمع فتاته الذي جف ليستحضره من جديد… كما أن براعم جثتي أخذت تنور لتصطف الديدان بأدب شديد عند بوابة نومي.

أزيح القمامة من جانب إلى جانب آخر، أجد بين القمامة بطاقة تعريف لحبّ عابر قد يصبح غير عابر، أفرز البطاقة في الجانب المعد للحرق.. نظريا على الأقل… فلا شيء يهم.

لا شيء بات يهم؛

وأحمر شفتيّ الذي تشقق سطحه فجأة لن يجد بعد اليوم من يضع كفتيه في فضاءات سقوطه ليلملم شذراته المتناثرة ويمضغها، كما أن براعم جثتي تنوّر وتنوّر وتتجمع الأتربة في هضاب متناسقة حول مستطيل فارغ بطول قامتي.

أزيح القمامة من جانب إلى آخر، أفرز القمامة الخيّرة عن القمامة الشريرة واحتار أين أضع هذه الصورة. صورة أول رحلة مجون إلى باريس بملابس قبيحة كانت تميز بدايات التسعينات من القرن الماضي. أضع الصورة في القمامة الخيرة التي لا يتم إعدامها فورًا، مع أن مظهر الملابس والشارب الدقيق الغريب يبعث على الانتحار؛ فلا شيء يهم.

لا شيء بات يهم..بحق.

والبرَق الذي تموضع طويلا على طلاء أظفاري بات يتساقط بسرعة مذهلة وكأنني عامل\ة تنظيف، لن يجد هذا البريق بعد الآن أميرة ليل -تعرف الكثير- تضع وجهها متوسلة تحت أظفاري لتلتقط خدودها أو ربما طرف لسانها قطعة لمعان تجعلها أصغر وأقل حزنا..

تنبت أطراف جثتي كأشواك هذه الصبارة العتيقة التي القيت بها دون تفكير في خانة القمامة الشريرة..

.

الحاجيات

أسير عبر أرض مكشوفة، شاسعة مفتوحة لا مفرّ فيها من حريق الشمس وذلك الهاون،

أنظر على استطالة ظلي عند نقطة محددة،

أدخل سوبرماركت جديدًا وأبحث عن صبغات طعام اصطناعية…

ماذا تتطلب الوحدة أيضًا من حاجيات… سأتلو القائمة…

سأتناول في اليوم الأول أرزا أصفرَ،

وفي اليوم التالي أرزا أخضرَ،

وفي اليوم التالي أزرقَ،

ومن ثم زهريا،

وسأقسم علبة الأناناس المحفوظ منذ قرون على أيام الأسبوع. في كل يوم دائرة جديدة مفرغة.

لا شيء يهم.. ولا حتى أن يكون الأناناس قد تم استيراده خصيصا من واحة قرب القمر…

.

أسير عبر أرض مكشوفة، شاسعة مفتوحة لا مهرب فيها من رائحة اللحم البشري المحروق وغضب السماء. أنظر إلى ذراعي وهي تتساقط أرضًا بعد أن بترها الشبق.

أدخل سوبرماركت جديدًا وأبحث عن أشخاص جميلين وسداسية علب سردين.

ماذا تتطلب الوحدة أيضا من حاجيات… سأتلو القائمة…

بيض كثير.. في اليوم الأول.. في الصباح والعصر والمساء،

وفي اليوم الثاني والثالث وكذلك الأخير..

والتونا في كل يوم مع البيض أو بدونه.. وكذلك اللبن،

والكثير من القيء،

وسأقسم البطيخة الرملية على أيام الأسبوع… في كل يوم هلال جديد يبكي بذورًا.

لا شيء يهم.. ولا حتى أن يكون البطيخ مهندسا وراثيا بحيث يخلو من البذور وحتى يعبق بالسكر والشجن.

.

أسير عبر أرض مكشوفة، شاسعة مفتوحة لا مهرب فيها الوجود.. فالبكتيريا ترتع بين جبيني وآخر قبلة

أدخل سوبرماركت جديدًا وأبحث عن شركاء بدائيين افتراضيين للفراش الريفي.. أو للسجادة الأوروبية المهترئة… وسم فئران..

ماذا تتطلب الوحدة أيضا من حاجيات… سأتلو القائمة…

سأدس سم الفئران في كل مكان، وسأطرد القطط إن هي لم تتناول سم الفئران،

وسأشتري كافة المبيدات الممكنة للكائنات، والكثير من الأسيد الذي يذيب الأنسجة،

وسأقسم السم الذكي هذا على أيام الأسبوع.. في كل يوم قافلة جديدة من ضحايا الخطيئة.

لا شيء مهم.. ولا أريد أن يشاركني كائن خفة العدم..

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>