قصائد راپ/ سـميح القـاسم

يا فكتورْ/ بنتٌ مِن غزَّة هاشم/ بنتٌ عربيهْ/ تبكيكَ بحرقةِ أخت/ والأخت فلسطينيهْ

قصائد راپ/ سـميح القـاسم

"اللعب، عروسة حصان"، عماد أبو جرين، زيت وباستل، 120×200، 2003.

>

|سـميح القـاسم|

.

(ننشر هنا ثماني قصائد أنجزها القاسم مؤخرًا ونُشرت في مجلة “الكرمل الجديد”

مرافقة للقاء المطول معه المنشور في “قديتا” أيضًا)

 .

قصيدة راپ– 1

(لذكرى الإنسان الثائر الشهيد فيتوريو أريجوني)

فيتّوريو. فكتور

قُم مِن خشبِ التابوتِ المهاجوني

إنهضْ مِن قبرِكَ وانظرْ

فيتّوريو أريجوني

هُوَ ذا دمُكَ السَّاخن

مِن جَسدي يقطُرْ

وينـزُّ مِنَ الكلمات وينـزفُ

عبرَ حدودِ الأسطر

يا فكتورْ

والكوفيَّهْ

علم الأحرار وفاتحة الحريَّهْ

تعلو تتّسعُ وتكبُرْ

فوقَ حصارِ الأسوارِ الفاشيَّهْ

وعلى حلقات الأحزان الصوفيَّهْ

وانظرْ

يا فكتورْ

بنتٌ مِن غزَّة هاشم

بنتٌ عربيهْ

تبكيكَ بحرقةِ أخت

والأخت فلسطينيهْ

تبكيكَ وتُقسمُ باسم الله

وباسم الوطنِ وباسم الشَّعب

وباسم الإنسانيَّهْ

أنْ تطبَعَ قُبلتَها الحُرَّةَ فوقَ جبينِكْ

وتشدَّ يميناً بيمينِك

في عيدِ قيامةِ كُلِّ الشهداءْ

مِن أضرحةِ الكارثةِ العمياء

وسجونِ المحتلِّينَ الدُّخلاء

يوم سطوع رموزِ الحقِّ الأزليَّهْ

في فجرِ الحريَّهْ

يا فيتّوريو أريجوني

جُرحكَ وردةُ إيطاليا الجوريَّه

في أرضِ فلسطينَ المسبيَّهْ

يا سرّ معاني القدس

وأغاني القدس

وصديق النخلة والشمس

ورفيق الرايات الثوريَّهْ

وشقيق الأمميَّهْ

فيتوريو

يا عصفورَ الجنة يا فيتوريو

زيتونةُ روحِكَ في وطني أبديَّهْ

وصدى صوتِكَ باقٍ في أرجاءِ الصَّوت

ومدى ظلِّكَ داليةٌ في بابِ البيت

يا نسرَ الآفاقِ السِّحريَّهْ

وجناحاكَ الصِّدق وحسن النيَّهْ

فيتوريو. فكتور

فكتور. فيتوريو

إنهضْ. وانظرْ

وانسَ عذابَكَ فينا.. واذكُرْ

ما زِلْتَ ضمير البشريَّهْ

وجذور دمائِكَ ما زالت حيَّهْ

في روحي حيَّهْ

في شعبي حيَّهْ

في كُلِّ جهاتِ الكُرةِ الأرضيَّهْ

حيَّهْ

حيَّهْ

فيتوريو. فكتور. فيتوريو

حُباً وعذاباً ويقينا

وحنيناً.. وسلاماً.. وتحيَّهْ!

فيتوريو..

.

قصيدة راپ – 2

قلتُ: حفيدةُ جوليا دومنا

لم تستقبلْني في روما

قلتُ: أقابلُها في تورينو

لكنَّ قذائفَ نابليون بونابارت

صدَّتني عن ضفَّةِ نهرِ الپو

لم أيأسْ. طبعاً.

قُلتُ: أراها في بيزا

مائلةً فوقَ ضريحي المائلِ والمعتمْ

في أنقاضِ التاريخِ الموحشِ والمؤلمْ

سوفَ أراها.

في غوندوليرا فينيسيا الأُخرى

وستحملُ منِّي للذِّكرى

حُبي لحفيدةِ جوليا دومنا
لا يعرفُ حدّاً

هل أكشفُ سرّا؟!

جوليا دومنا.. هل أكشفُ سرّا؟

لا بأس، فشأن الوردِ الناضج

أنْ ينشرَ عطرا

لا بأسَ. وهذا شأنُكِ

يا جوليا دومنا..

.

قصيدة راپ – 3

أُحصي الأيّامَ لأنسى ما تُحصي الأيامْ

وأنا أتمشَّى في عاصفةِ الرَّملِ الحارقِ

تحت الشَّمسِ على قممِ الأهرامْ

هل تُبصرُني يا خوفو؟

هل تسمعُ صوتي يا خفرعْ؟

هل تطلبُ حفنَةَ ماءٍ يا منقرع؟

أنذا حوريس/ طفلُ الأسطورةِ

سرُّ المسكينةِ إيزيس

والوهمُ الطّالعُ من أشلاءِ الملكِ الراحل

أوزيريس

أنذا حوريس

أحصي الأيامَ لكي أنسى الأيام

وأعيشُ أعيش مَعَ الأهرام

وَهماً يتجدَّدُ

في أبدِ الأوهام..

أنذا حوريس..

.

قصيدة راپ – 4

مطرٌ ليليٌّ يغسلُ قلبي وزجاجَ الشُّرفه

مطرٌ.. مِن غيمِ الصُّدفَه

يغبطني في دفءِ الغرفَه

ويُغازلُ قطَّةَ أحزاني

بلحافِ الوحدةِ مُلتفَّه

مطرٌ مشتاقٌ للمزراب

ولرقصِ الرِّيحِ مَعَ الأبواب

مطرٌ مشتاقٌ مثلي
لينابيع البلدِ السحريَّه

سدَّتْها أيدي الأغراب

بالفلِّينِ الأحمقِ والشَّمعِ الأحمر واللغة العبريَّه

وبسوءِ النيَّه

مطرٌ يرجعُ من زمنِ الأجدادِ ومن عهدِ الآباء

مطرٌ.. أكثر من مطر.. أكثر من ماء

مطرٌ يرجعُ بالأشياءِ وبالأسماء

مطرٌ للبرقِ وللرَّعدِ وللَّهفهْ

يغسلُ روحي وزجاجَ الشُّرفَهْ

ويُمسِّدُ أحزاني بصلاةٍ غابرةٍ

وبرجعِ غناء..

مطرٌ..

.

قصيدة راپ – 5

يا مَعقلَ جَدِّي الأكبرْ

حَيدَرْ

يا مَسْكنَ روحي يا جَبلي الأخضَرْ

أوصيكَ بفَجري الأزرقْ

وبجارِكَ. ذروتنا الأولى. جبلِ الجرمَقْ

وبحقِّ الأبناءِ المطلَقْ

أوصيكَ بنسغٍ حيٍّ يتدفَّق

وبحُلمٍ يتألَّقْ

مِن جيلٍ في جيلٍ في جيلْ

من نَقبٍ لجليلْ

وأمانٍ تتحقَّقْ

بحجارةِ سجّيلْ

يا جبلي حَيدر

أوصيكَ بسفحي والسَّهل

وقبورِ الأهل

ووصايا الأهل

فاذكُرْ وتذكَّر

يا جبلي حَيدرْ

واحرُسْ آمالَ الذريَّه

بالحريَّه

في وطنٍ يدمى وجذورٍ تتحسَّر

أذكر وتذكّر

يا جبلي يا جبلي يا جبلي.. حَيدرْ..

.

قصيدة راپ – 6

دقَّاتُكَ يا قلبي دَقَّاتُ المهباج

يا قلبي صُبَّ القهوةَ

لضيوفِ الرحمن

قدِّم فنجانَ الضَّيف

قدِّم فنجانَ السَّيف

قدِّم فنجانَ الكَيف

واعزِمْ كُلَّ الجيران

وعلى رأسِ الجبلِ الأخضرْ

جبلي حَيدَر

أشعِل ساريةَ النّار ليهتديَ الضيفان

يا قلبُ وأوسِع في الديوان

للتّائِهِ والجائِعِ والبردان

بيتُكَ يا قلبي دونَ سياج

وسياجُكَ إنسان

رحِّب بالناس

مِن كُلِّ الأجناس

مِن كُلِّ الألوان

دقَّاتُكَ يا قلبي دَقَّاتُ المهباج

والوردةُ فنجان..

.

قصيدة راپ – 7

يشفعُ لي سحرُ التاريخِ

ويشفَعُ لي سرُّ التَّكوينْ

لا.. لَنْ أهدمَ سورَ الصينْ

لكنّي أهدمُ ما هدَّمْتُ

وأهدمُ سورَكِ يا برلينْ

وحلفتُ حلفتُ

سأهدمُ سورَ اللصِّ الغاصِبِ

حولَ القُدسِ وحولَ الشمسِ

وفي بِلعينْ

يشفعُ لي غضبُ التاريخ

ويشفعُ لي غضبُ الماضينَ

ويشفعُ لي حُلمُ الآتينْ

كَفِّي تهزمُ حقدَ المخرَزِ

جُرحي يحتقرُ السكِّينْ

وأنا أجدلُ شَعْرَ الغَيمَةِ

أجدلُ ليلَ الغُربَةِ حبلاً

وعلى بابِ الفجرِ الآتي

مِن أحداقِ الغرقى في أعماقِ الحُزن العاتي

وخبايا بحرِ الظلماتِ

تتدلَّى أعناقُ السفَّاحينْ

وطُغاةِ الدُّنيا والدِّينْ

وتُضيءُ وجوهُ المولودينْ

مَشفوعينَ بطُهرِ صلاتي

وأنا يشفعُ لي سِحرُ التاريخِ

ويشفعُ لي سرُّ التكوينْ..

.

قصيدة راپ – 8

كفّوا شَرَّ اللعنةِ كفّوا شَرَّ الفتنةِ والتَّضليل

ليسَ الله تعالى سمساراً عندَ أبيكم

ليسَ الله تعالى مسَّاحاً

في “دائرة أراضي إسرائيل”..

لعبتكم مفضوحه

علبتكم مفتوحه

عُلبةُ أسرارِكمُ السّوداء

وشهادتكم مجروحه

مِن أقصى الألفِ إلى أقصى الياء

هل جئتُم مِن قصبِ السبخة

مسكونينَ بأخلاقِ الأناكوندا؟

هل جئتم مِن أعماقِ البحرِ الغامض

بثقافةِ أسماكِ القِرشْ؟

كفّوا شَرَّ العدوان

كونوا إنساناً كالإنسان

هذا وطنٌ. لا مقبرةٌ

هذا بيتٌ.. لا نَعشْ

بيتٌ لا نَعشْ

بيتٌ.. لا نَعشْ!!

 

(الرامة – آذار 2012)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>