في حضرة سميح القاسم…لا تفتخر أيها الخبيث/ جميل السلحوت

عندما نادى المنادي في مكبرات صوت مسجد الرامة الجليلية داعيا الجمهور لحضور لقاء “دواة على السور” و”اليوم السابع” في قاعة الراحل حنا مويس، قطع الكبير سميح القاسم حديثه ليقول مازحًا “أعذرني عن الحضور، فأنا لا أقوى على ذلك”

في حضرة سميح القاسم…لا تفتخر أيها الخبيث/ جميل السلحوت

الشاعر سميح القاسم

.

|جميل السلحوت|

جميل السلحوت

أن تكون في حضرة شمس الشعر والثقافة سميح القاسم يعني أنك أمام بحر لجيّ من اللغة والبلاغة، والشعر الذي يطاول السماء، والهامة التي تعلو السحاب، والمعنويات التي تفوق ما أبدعه علم النفس الاجتماعي. إنك أمام ملك اللغة ونبي الشعر.

فالمرض الخبيث الذي تسلل إلى جسد شاعرنا الكبير يبدو أنه تسلل إلى الجسد الطيب في غفلة من الروح الثائرة المتمرّدة، ولم يكن يعرف أنّ الخبيث لا يستوي مع الجسد الطيب، وأنه إذا تسلل حبوًا سيخرج عدوا أمام إرادة إنسان ما هان وما لان، وما هادن ولا استكان، فالشاعر العظيم -رغم الوهن المؤقت الناتج عن”الكيماوي”- لم تغب حقوق شعبه عن خاطره لحظة، تماما مثلما هي القدس تسكنه، فلا يرضى بأن تكون إلا عربية حرة وعاصمة أبديه للدولة الفلسطينية القادمة لا محالة. ولم يكتم فرحته بالمصالحة الفلسطينية، وغضبه من غباء المحتل الذي تصل به الوقاحة درجة القول “الاختيار بين الصلح معنا أو مع حماس”.

وشاعرنا الذي يطارد المرض الخبيث لم تغب بسمته المعهودة عن محياة، مثلها مثل الدعابة التي ترافقه، لذا فعندما نادى المنادي في مكبرات صوت مسجد الرامة الجليلية داعيا الجمهور لحضور لقاء “دواة على السور” و”اليوم السابع” في قاعة الراحل حنا مويس، قطع الكبير سميح القاسم حديثه ليقول مازحًا “أعذرني عن الحضور، فأنا لا أقوى على ذلك”. وسميح القويّ دائما لم يغبْ عن الحفل، فقد كان حضوره هو الأقوى من خلال الصلوات والدعوات المنطلقة من القلوب داعية له بالشفاء، لم تنقطع، مثلما هي أشعاره التي دوت في القاعة نشيدا وغناء، وتقديما واستقبالا ووداعا، فلله درك يا شعبنا، ولله درك يا شاعرنا الحاضر دومًا.

وقرية الرامة الجليلية تتربع في حضن جبل “حيدر” في سلسلة جبال الجليل الأعلى، وبيت سميح القاسم المجاور لبيت ابن عمه الناقد المعروف نبيه القاسم، يقعان في قمة القرية، ويطلان على سهل الشاغور، ومنهما تستطيع رؤية ثلاثة وعشرين قرية، فهل فكر المرض الخبيث قليلا قبل أن يغزو جسد سميح القاسم؟ وهل كان يعلم أن القاسم محاط بملايين المحبين ليس في فلسطين والعالم العربي فحسب، بل في العالم أجمع؟ فبالتأكيد أنه أعمى لا يرى ولا يسمع، لكنه وقع في المحظور وسيخرج مذموما مدحورا، وسيعود بلبل فلسطين مشافى معافى، يغرد في الكون حاملا راية شعبه ووطنه، فلا تفتخر أيها الخبيث بما فعلت.

سميح القاسم لقد سعدنا بلقائك، وتعلمنا وسنتعلم منك الكثير…والشكر موصول لك.

(مدونة جميل السلحوت)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>