رقصة الجبل / سارة الرايس

رقصة الجبل / سارة الرايس

وماذا عن أصواتهم؟ الغناء مع الرقص واجب، والمنطقة غنية بالشعراء، لذلك فالقصائد ترافق الرقصة الجماعية، قصائد مغناة باللهجة الأمازيغية، عن الحب، الغزل، الوطن، الحياة وأشياء أخرى عديدة.

حادة أوعكي

حادة أوعكي

| سارة الرايس |

تفاجئك حركتهم الجماعية المنظمة ورقصهم المستمر، صفين متوازيين لنساء ورجال، يتحركون في خفة وتناغم على إيقاعات آلة “الدف” (المسماة بالبندير في المغرب)، تحت قيادة المايسترو المسن العبقري الذي لا يتعب “موحا والحسين أشيبان”، راعي الغنم، المناضل، الجندي في الحرب العالمية الثانية ثم المايسترو، كما لقبه الرئيس الأمريكي ريغان عندما شاهده أول مرة سنة 1984، أو النسر كما يقلبوه راقصوا فرقته، لقب يعود إلى الرقصات والحركات التي كان يؤديها، الأشبه بحركات الاكروبات.

ارتبط اسمه برقصة “اَحِيدُوس”، (كلمة أمازيغية تعني الرقصة الجماعية)، التي تكاد تكون أسلوب حياة في مناطق الأطلس المتوسط (توجد وسط القسم الشمالي من المغرب الأقصى)، ووسيلة اتخذتها القبائل الأمازيغية منذ قرون للتعبير عن مشاعر السرور والفرح، وسيلة تعبير مليئة بالحياة والبهجة لم تقتصر فقط على الأعراس، وإنما تُرقَص “اَحِيدُوس” في كل الحفلات وفي الصيف بعد الحصاد.

يعتبر العنصر النسائي مهما جدا في هذه الرقصة، ويعكس ذلك تقدير الرجال لمكانة المرأة بالذات في تلك المنطقة، حيث ترقص النساء بجانب الرجال، في حركات متقاطعة أو متقابلة أو دائرية أو أنصاف دائرية، على ألحان الدفوف والضرب على الأكف، في تناغم ووئام، لوحة راقصة ساحرة، كأنها هزة أرضية خفيفة أو موجات أو حتى عواصف، بالذات عندما يشكلون هؤلاء الرجال والنساء صفا ويوحدون حركتهم، لا تتخللهم غلطة واحدة.

وماذا عن أصواتهم؟ الغناء مع الرقص واجب، والمنطقة غنية بالشعراء، لذلك فالقصائد ترافق الرقصة الجماعية، قصائد مغناة باللهجة الأمازيغية، عن الحب، الغزل، الوطن، الحياة وأشياء أخرى عديدة، تغنى بشكل جماعي من الراقصين، أو بشكل فردي، وهذا أيضا له طابعه الخاص وأصواته الاستثنائية.


حادة اوعكي المتمردة على أعراف الجبل

“حادة”، كملامحها وجميلة الوجه كنساء الأطلس، تمردت على تقاليد هذه المنطقة وفرضت نفسها وصوتها على بلد بأكمله، بدأت في 1969 مع المغني “بناصر اوخويا”، حيث كان الغناء محرما على سيدات المناطق الجبلية، ستينات تلك المنطقة لم تكن لها علاقة بزمن الأبيض والأسود، ولكن حادة نجحت في كسر كل القيود وصالت وجالت هنا وهناك، تقول حادة في إحدى المجلات الفرنسية أنها لو لم تطلب الطلاق من زوجها لما أصبحت مغنية وشاعرة حرة، عارضتها أسرتها، لكن الصلح كان سهلا بعد النجاح الذي حققته.

حادة لا زالت تحقق ذات النجاح ولها فرقتها الخاصة من عازفين وراقصين، يتجولون معها في المغرب وخارجه، وهي مثل أعلى للعديد من نساء منطقتها.

الشيخة شريفة: صوت الجبل الجبار

شريفة اتخذت من حادة اوعكي مثلها الأعلى، صاحبة الابتسامة الساحرة والنظرة “الغوتيك”، أو هكذا وصفتها لما رأيتها أول مرة في مهرجان منذ سنوات، مهيبة كمغنية اوبرا، وصوتها كالجبل، جبار، أو أكثر.هي أيضا ابنة لراعي غنم، وكأغلب بنات هذه المنطقة، لم تذهب للمدرسة، اكتشفها المغني الشهير “محمد رويشة”، رافقته في الثمانينات ككورال، وفي اواخر التعسينات انطلقت بقوة كشيخة (لقب يطلق على مطربات التراث الشعبي والغناء الامازيغي في المغرب، الاثنين مختلفين ولكن اللقب واحد)، 2000 كانت سنة الحظ للشيخة شريفة حيث صدر البومها “بربر بلوز” Berber Blues” عن الشركة الفرنسية Long Distance Label.

 

 

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

1 تعقيب

  1. الف شكر ع المعلومات المفيده

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>