وردةُ البارودِ جماهيريّةُ النّملِ/ طارق الكرمي

وردةُ البارودِ جماهيريّةُ النّملِ/ طارق الكرمي

كالخُلُدناتِ سوفَ نحفرُ في رملِ غزّةَ (منازلَ طارئةً)
عميقاً سوفَ نحفرُ كالخُلُنداتِ طُهراً في ليلِ المهانةِ
في غُذافِ عتمةٍ أريكةً ومركباً للشّمسِ

كيث كولويتز، "الموت يلاحق امرأة"، 1934

كيث كولويتز، “الموت يلاحق امرأة”، 1934

>

|طارق الكرمي|

طارق الكرمي

طارق الكرمي

 (المجزرةُ 4)

هللويا أربعةَ أطفالٍ يختمونَ بحرَ غزّةَ في زجاجةٍ

يا اللهُ

على رملةٍ لها ملمسُ لحمِ

أولادكَ الاربعةِ

4 أبيدوُا تحتَ قدميكَ وعلى مرآكَ يا اللهُ

كانوا يرسمونَ وجهَكَ على الرّملِ

كانوا ينحتونَ اسمَكَ في الماءِ

كانوا يصنعونَ لكَ تمثالاً صاخباً من رملةِ شاطئِ غزةَ

أربعةُ الأطفالِ الآنَ همْ

أسماكُكَ بأربعةِ الألوانِ

أسماكُكَ التي حولكَ الآنَ في السماواتِ

تتقافزُ في ماءِ عينيْكَ يا اللهُ

(صباحًا/ طور كرم)

.

(الحربُ ما بعدَ الأخيرةِ)

كالخُلُدناتِ سوفَ نحفرُ في رملِ غزّةَ (منازلَ طارئةً)

عميقاً سوفَ نحفرُ كالخُلُنداتِ طُهراً في ليلِ المهانةِ

في غُذافِ عتمةٍ أريكةً ومركباً للشّمسِ

بأظفارنا في الهواءِ المُسلّحِ خنادقَ

في لحمِ الهَوْلِ درعَنا

تحتَ الجدارِ ما بعد الأخيرِ وردةَ البارودِ وجماهيريةَ النّملِ

سنحفرُ الخطوةَ على صخدِ المياهِ

في رجفةٍ للأرضِ

هلْ أسمعُ مدفعَ الرّعدِ أم المدافعَ

غيماً رصاصيًّا أمْ شتاءَ الجحيمِ

الأطفالُ سيحملونَ جماجمهمْ قناديلَ ويُطوِّفون ليلَ القيامةِ

سوفَ يصعدونَ سلالِمَ من عظمِهمِ إلى اللهِ

سلاماً أيها الطفلُ بينَ الحُلمةِ والرّصاصةِ

أيتها البلادُ بينَ القُبلةِ الحارقةِ والقذيفةِ

سلاماً أيها الوليدُ بينَ زلزلةٍ وصاروخٍ تأتي لِتُقرِئَنا الحياةَ صريحةً

أيها الصّمتُ المُدوّي..

مُغلغلةً ستظلُّ غزّةُ تحفرُ فينا..

(صباحًا/ رام الله)

.

(مطَلٌّ)

بعدَ أن زنت الصواريخُ ببيتي.. بعدَ أن سقطتْ تهوي سماءُ بيتي…

فقط أخذُتُ النافذةَ وركضتُ

فقط النافذة

النافذة التي لذتُ بها

النافذةُ فقط..

لأظلَّ أُطِلُ منها عليَّ

عليكِ تُرضعينَ البلابلَ

على اللهِ

وعلى منامِ القتلى في الحديقةِ..

(صباحًا/ رام الله)

.

(المسافاتُ)

الشوارعُ كلُّها

سِكَكُ نملِ الأرضِ

الدّروبُ الضّريرةُ

المماشي

الارصفةُ

قابَ خطوَتَيَّ أو أقصرُ

(صباحًا/ طور كرم)

.

(للّتي هي أنتِ)

للتي أسْلَمَتْني بندقيةَ عينيها في الحربِ.. للتي أَوْجَعَتِ الحجرَ في أضلعي هذا المساءَ.. للتي وَهَبَتْني آخر رقصةِ الجِنيّاتِ.. للتي قالت لي: اصعد شكيمَ كي تُعانِقَ اللهَ داخلي.. للتي أقرأتني الرّيحَ في شَعرِها.. للتي وَلَدتني الليلةَ على طبقِ راحتيها وأرضعتني من أصابعِها شهوةَ الناياتِ..
للتي أكونُها
للتي ستكونني
للتي

..

(مساءً طور كرم)

.

(حذاؤكِ بلا قدميكِ حافٍ)

حذاؤُكِ
الذي لهُ برقُ حافرِ الفرسِ
حذاؤكِ الذي مشى طائراً في ممرّاتِ منامي
الذي سرى كقاربٍ على موجةِ وجعي
وقفَ على بابي ضدَّ بساطيلِ الجنودِ
حذاؤكِ الذي أعطى الشوارعَ دروبَها
غبارُهُ المُضوَّاُ مخدراتي
والذي علّقتهُ جرساً على عموديَ الفقريِّ
وأسمى طُرقاتِ عمري
.
حذاؤكِ الذي من ماركةِ جِلدي
سأحرسُهُ بحياتي..
(ليلاً/ رام الله)

.

(بقعةٌ)

لما فتحتُ أفتضُّ نافذتي (صُبْحاً(
لطَمَتْني الشّمسُ
غسلتُ قميصي و

شطفتُ أرضَ الغرفةِ
لكن
من أينْ ظلّتْ لطخةُ الضّوءِ
تصرخُ على الأرضيةِ وعلى قميصي..

(صباحًا/ رام الله)

.

(ابتداءٌ)

في الصباحِ
مِنْ على شرفتي التي تُطِلُّ
مِنْ على شرفتي التي يسندُها ظِلُّ صدركِ
في الصباحِ تحديدًا
أريدُ لهذا العصفورِ أن يطعنني بمنقارهِ في قلبي
فتسيلُ القهوةُ..
(صباحًا/ رام الله)

.

(اليقظةُ)

أحلمُ

أنْ أفتحَ البابَ

فيدخلُ بيتي

(ليلاً/ طور كرم)

.

(اشتعالاتٌ)

سأترُكُ النّوافذَ ترمقُني (بطعنةِ ضوءٍ في عينيَّ)

سأترُكُها تفتحُني على صبحِ العالمِ

إلى ضجّةِ حليبِ النّومِ على جبلِ الضّحى

سأتركُ النّوافذَ

تتوزّعني وكأنها الفخاخُ التي ستُسقطُني في السماواتِ

ومفتوحاً ستتركني.

أنا البيتُ الذي لنْ تُفقَأَ نوافذهُ

(الظّهيرةُ/ رام الله)

.

(النّصيحةُ)

لا تنامي عاريةً يا فتاةُ

لا تمُدّي جسدَكِ كالأرضِ

لا تنامي عاريةً

وإنْ كنتِ ستفعلينَ

فلتُغلِّقي منافذكِ شديدًا

سُدّي أَنْفَكِ بالفلينِ

أذنيكِ بالقطنِ

الحدقةَ التي بينَ ساقيكِ بالشّمعِ الأحمرِ

إلخ..

غلِّقيها شديداً

حذَرَ النّملِ الذي..

(مساءً/ رام الله)

.

(أزَمَةٌ)

المرحاضُ الوحيدُ
في مكتبِ عملي
وضعوا عليهِ (غير صالح للاستعمالِ)..
لكن
أينَ أبولُ أفكاري..

(مساء/ رام الله)

.

(انثيالاتٌ)

يَدُ مَنْ تلكَ التي تحوسُ جيبي (المثقوبةِ).. يدُ مَنْ طرَقتْ تطُرُقُ قلبي.. يدُ مَنْ قطفتْ وجهي زهرةً في قذى النّافذةِ.. يدُ مَنْ صفعتْ بابي.. يَدُ مَنْ في فازعةِ الليلِ نبتَتْ شخصًا ما بــ 5 أرجل يركضُ.. يَدُ مَنْ لوّحتْ لي (كطيرِ وحيدِ الجناحِ) في محطّةِ القطارِ وكالمجذافِ الأخيرِ في موانئِ العصافيرِ.. يدُ مَنْ وهي تصافحني أكلتْ يدي.. حفرَتْ في أرضِ جسدي قبرًا للبلادِ.. في حزوزِها الكتابُ السِّريُّ.. يدُ مَنْ خلقَتْ رودانَ النّحاتَ.. يدُ مَنْ ستقبضُني في لحظةِ يَدِها.. يا يدَ اللهِ..
يدُ مَنْ..
يَدُ مَنْ..
(ليلاً/ رام الله)

.

(الحبُّ الآنَ)

في الحبِّ الذي بمواد حافظةٍ
في هذا العالمِ الفاسدِ
كمْ ثقبُ أوزونَ في المرأةِ..

(ليلاً/ رام الله)

.

(انفجارٌ)

أمامَ إصبعكِ (النّحيلة)..
أمامَ مخلبِكِ في العتمةِ
أمامَ دُبّوسِ شعرِكِ
فمِ نقّارِ الخشب
إبرةٍ تخيطُ قميصَ الهواءِ
أمامَ شوكةِ سمكةٍ
.
.
.
ما قلبي إلا دُمّلةٌ ماسِيّة
(ليلاً/ رام الله- فلسطين)

.

(هَبَباتٌ)

في مهَبِّ أنفاسِكِ

خِلَلَ أنفاسِكِ تعصِفُ هدأةً

أُحسُّ أشرعةَ العالمِ

ارتعاشةَ عَلَمِ بلادي

(صباحًا/ رام الله)

.

(مطرٌ آخرُ)

ها أنا أُقلِعُ الآنَ
في الطّيرِ الحديدِ
الأرضُ تحتي حصاةٌ
غادرتُكِ اليومَ حبيبتي و
بكيْتُ
بَكَيتُ أبكي

حتّى فتحَ النّاسُ
المِظلّات..
(الظّهيرةُ في مطار قرطاج/ تونس-على متن الطائرةِ المصرية)

.

(تصويبٌ)

مُسَدَّسيَ الخاصُّ
سَأَحشو مَخزَنَهُ بأَصابعِ أطفالِ بلادي
ثمَّ مُصوِّبًا أطلِقُ على

أعينِ الجنرالاتِ و

الخونةِ

(الظّهيرةُ/ رام الله)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

1 تعقيب

  1. وتبقى الأروع ياطارق

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>