الثورة بجد/ يوسف رخا

“ليس فردوس رضاك يا زئير الكون كيف اصطفيتني”

الثورة بجد/ يوسف رخا

"ثورة"- بريشة: غريغوري يانغ

|يوسف رخا|


 (عن قصيدة “الأسد على حق” لألن جينسبرج)

 

يوسف رخا

أرجع من الإسكندرية عبر طنطا لأجد الثورة أسفل سريري

ومَثنيَّ الجذع على ضوء أبجورة الكومودينو، وجهي بمحاذاة المُلّة[1]

أتبيّن الملايين تركض وتدافع عن نفسها بالحجارة، كل واحد عقب سيجارة لا يزال مشتعلاً

يرفعون لافتات كالطوابع ويحفرون شعارات أكبر من أجسادهم على الباركيه، أتسمّع هتافهم

 

وكأس الفودكا الأخيرة لم تتبخر من جمجمتي منذ واحد سكندري[2] لم يُعمَل في رشدي[3]

عظمي المخمور يقرقع وأنا أغالب البكاء ممزِّقاً ملابسي في الشباك:

الثورة حصلت يا أولاد القحبة، الثورة حصلت بجد!

 

وقد تركتُ حبيبتي في شارع بن الفارض عند بتاع المخلل تستقبل الفلول

مفتقداً لا الواحد ولا البحر، لا وجه أمها المترمل منذ ساعات ولا أباي الميت قبل عشر سنين

ولا خلف مقهى الأحمدية ولياً كان ذَكَرُه -ضمن الكرامات- أكبر من هراوات الشرطة العسكرية

بل أذني التي ابتلت في الأظاريطة[4] لأنّ دموعها كانت تقطر من سماعة الموبايل

 

ألطّخ ملابسي بالحبر الأحمر وأُسرع إلى العمل لأرقد على عتبة المدير

لم تكن الثورة مع الزملاء ولا في المترو ولا حتى في حناجر شهداءٍ يُبعَثون بلطجيةَ أمنٍ مركزيّ

هائماً في ملكوت سكك حديد مصر كيف لم أضبطها حتى هربتْ إلى غرفتي؟

 

مضعضعاً بعدما نمت ليلتي في حمام المصلحة أوشوش عامل البوفيه: بلا ثورة، الحياة لا تُحتَمَل

هل تعرف أنّ ابن الفارض قال إنّ موت العاشق حياة والقتل أفضل من الهجر

المؤسف أنه كما أنّ لا تغيير بلا مذابح كذلك لا زمن بلا انتظار، هل تعرف الملائكة…

الملائكة؟ يسألني متهكماً وهو يتحسس صلعة كالجلمود ويطالعني بشفقة، يقرضني خمسة جنيه

 

أسعى إلى إحدى اللبؤات أسداً يحمل كشكولاً لأخبرها بأنّ الثورة ليست في ميدان التحرير

ومحتسياً فرابيه من مؤخرة سموذي[5] بعد ثالث دابل إسبريسو في أحد فروع سيلانترو

أزعق في كاتوليكي مراهق من فوق شاشة اللابتبوب: لا شيء اسمه الغيرة القضيبية!

 

من الدقي إلى التحرير مرات عديدة صحبة شاعر شاب هو الآخر من طنطا

أتأكد من فشل الجهود حين لا ترد حبيبتي على الموبايل وهي ثكلى

وإذ جلس زيزو مع فتاة أردنية ليلة جاءني التليفون، هل كان مصابها المفاجئ عقد ارتباطنا؟

عندما ترد أخيراً أقنع صاحبي الشاعر أن اعتصاماً بجد في غرفتي، ننطلق بلا سلاح

 

وزاحفاً ورائي على ركبتيه من جنب الكومودينو بشورته البرميودا كمندسّ يتلصّص

جموع المحتجين حول كعكة حجرية هي عبارة عن نعل قديم، مثلما كنا تماماً

الدبابات علب ثقاب والإف-١٦ كالدبابيس وغوغائيون سفلة، بين المُلّة والمرتبة قناصون بالليل

 

نضاجع المخدات بعد أن أقول لصاحبي إن الله في القضبان والثورة بلا واي-فاي

أتخيل حبيبتي راكعة أمامي ببلوزتها السوداء، فجيعتنا الفردوسية وأنا أقذف في حلقها

وحين توقظنا أمي في الصباح لا أقاوم، أرى الخادمة ومكنستها الكهربائية عليها ختم النسر

أرى العَلَم يرفرف في أيدي مخلوقات فضائية وأعرف أننا لن نهزم إسرائيل

يغتاظ صاحبي والقذى في عينه حين يمتد خرطوم المكنسة تحت السرير

مع ظهور الخيش والصابون أمنعه عن الخادمة بصعوبة: لا فائدة من اغتصابها!

الآن ليس سوى صوت المكنسة وهو يبكي، لا دم ولا حديد يعود باركيه الغرفة نظيفاً وخالياً

وحيث كانت الدواوين على الرفوف زجاجات ديتول وبليدج، إسفنجات وخرق منمقة

فجأة يشهق سريري على صوت السرينة، تشتعل الملاءات وتنفجر المرتبة

يتفصد الكومودينو عن أسد هصور يزأر ويختفي صاحبي والكتابة على الحيطان:

سنوري حين يمارس الجنس يقذف كل عشرين دقيقة ولسانه أخشن من ورق الصنفرة[6]

 

أيتها الحبيبة المنتحبة يا مانحتي الأورجازم النهائي لقد انعقدت حياتانا بالموت

لقد رأيتُ الآتين والغادين قبّلت ذوي اللحى وجريت من شاهري السنجة على سلالم المترو

حملتُ سيدي مجاهد إلى ظلمة القبر لأُطمئن أباك ونعست مقرفصاً بين مقصورتين

لقد وجدتُك أسفل سريري وجيش أمي في الغرفة، سلّمت رقبتي لفم الأسد.

 

(تتوفر مجموع القصائد “يظهر ملاك” ليوسف الرخا، للتحميل كملف “بي-دي-إف” في هذا الرابط)



[1] ألواح الخشب التي يوضع عليها فرش السرير.

[2] واحد سكندري لم يُعمل يعني مضاجعة لم تتم في الإسكندرية.

[3] حي سكندري.

[4] حي سكندري.

[5] فرابيه frappe وسموذي smoothie: مشروبات.

[6] ورق الزجاج، ورق الرمل.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

1 تعقيب

  1. ما هذا؟
    أقصد, ما المكتوب هنا!!؟
    نثر؟
    وهل يجوز ان يكون النثر بلا إيقاع ولا صور؟
    فقط بيرة وحذاء وكلونيا ومضاجعة وأشيء حداثية خالية المضمون!!

    أقصد, ما الفرق بين قصيدة فارغة مثل هذه, وشيخ سلفي رأسه فارغ مث ذلك…. ما الفرق بينكما؟
    كلاكما امتهن مهنة ليس جديرا بها.. والسلعة المتاجر بها واحدة.

    أرحمو ربنا

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>