حرباء

تمنيتُ لو كنتُ
بومة:

قلبي يرجف تحت أضلاعي
عيني تستدير ببطء
لتحدس،
ثم ترى
ولساني معقود
أخرس.

حرباء

لوحة "الصرخة" لإدوارد مونك

|زكريا محمد|

الحِلمُ بومة تقضم أظافر صمتها

والجهالةُ عصفور صارخ منذ الفجر

تمنيتُ لو كنتُ بومة:

قلبي يرجف تحت أضلاعي

عيني تستدير ببطء لتحدس، ثم ترى

ولساني معقود أخرس.

لكنني لم أكن بومة صمت

ولا عصفور جهالة

كنت بينهما:

حرباء ظهيرة يصلب نفسه على كل غصن:

جسده يمتص الألوان، ويغربلها

يده الحذرة لا تفلتُ عودًا حتى تمسكَ غيرَه

شاقا طريقه نحو مغيب الشمس.

(إني أتيح لكم حرباء تَنضبةٍ

لا يرسل الساقَ إلا ممسكاً ساقا).*

قولون

لا شيء عند الشاعر ليقوله،

لا شيء.

ما من أفكار عنده

وما من كلمات حتى.

فقط يرمي حصاة في داخله

يسمع صوت سقوطها في بركة معدته

ثم صوت عبورها في ممر القولون المعتم الطويل.

الأمل

جذع منصوب في مراح إبل

وأنا بعير أجرب.

كلما آلمني جربي

حككت بالجذع كتفي وظهري.

الأمل خشبة منصوبة نحكّ بها جربنا..

لوزة

اللوز شجرُ عَجالة

نَوْره قبل ورقته

اللوز لسان فالت

يهذي

كل قضيب نبوءة معكوسة.

حديد سياج

فوق رأسي قرنا غزال مها طويلان.

النسيان يأخذني من قرنيّ

ويلعب بي.

أتذكر فقط حين يَقتلع النسيان قرني

أمسك بالقرن النازف وأتذكر.

الذكرى قرن مجروح ينزف من جذره.

أتذكر،

لكن الذكرى غائمة

حتى أنني لم أعد أدري من أنا حقا!

أأنا ظبية مها،

أم شجرة خروب،

أم حديد سياج برؤوس مدببة؟!

* البيت ينسب لأبي دؤاد الإيادي. البيت، والتنضبة: شجرة حجازية شاكّة، تتخذ منها السهام. يقول الجاحظ في الحيوان عن الحرباء: (هو يقلّب بوجهه أبداً مع الشمس حيث دارت، حتى تغرب.. ثم تراه شابحاً بيديه، كما رأيت من المصلوب).


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>