هل ينتهي العالم؟

بي رغبةٌ
أن أعود إلى أوائل أيّام البشر
حين كان الكلام لم يُخترَع بعد
فلم يكن الحبّ يسمّى حبّاً
ولا الألم ألماً
ولم يكن أحدٌ يتحدّث عن ذلك.

هل ينتهي العالم؟

|سمر عبد الجابر|

سمر عبد الجابر

فجر عيد ميلادي-

أصحو فجأةً

بي رغبةٌ شديدة

لأن أقع في حبٍّ جديد.

عامٌ آخر يمضي

أفكّر:

كيف الثواني الصغيرة الصغيرة

تتراكم لتصبح عمراً.

أتذكّرها بين حينٍ وحين

الأيّام التي كنت أصحو فيها بحزنٍ شديد

ظننت أنه لن يزول أبداً.

حين تكون الأشياء جيّدةً

أفسدها

بقلقٍ أكيد

من أنها ستسوء مجدّداً.ً

هذا الموّال الحزين

الذي كان يُدمع عينيَّ عند سماعه

لماذا لا يفعل ذلك الآن

وبي رغبةٌ شديدةٌ في البكاء.

لكي أنقذ نفسي من رتابة الحياة

أسترجع أحياناً تلك السعادة الغامضة

في اليوم الأوّل لي في هذه المدينة.

لكنّ الحزن

كما الغبار

لا مهرب من تراكمه مجدّداً.

عناقنا الأخير

كان أقصر

من أن لا أفتقدك

فوراً

بعد أن غادرت.

أريد أن أصبح في الثمانين من عمري

وبالكاد أتذكّر شيئاً.

أعرف أنّي حزينة جدّاً

حين أحاول عبثاً

تذكّر آخر مرة شعرت فيها بالسعادة.

كم أمضي من الوقت

وأنا أفكّر

بأنه عليَّ أن أفكّر أقلّ قليلاً.

حين أشعر بالسعادة

أستغرب الأشياء التي كانت قبل قليلٍ

أسباباً لحزني.

كم أحسدهم

أولئك الذين لا يزالون يؤدّون الصلاة

بجدّية بالغة.

أتخيّل احياناً

السكون الهائل

الذي سوف يعمّ الأرض

حين ينتهي العالم.

حين أدرك أنّ العالم سينتهي

سأقترح عليك أن نمضي ما تبقّى من وقت

في ممارسة الحب.

وقد أذهب إليكم واحداً واحداً

وأخبركم أشياء لطالما أردت قولها.

وفي النهاية، سأقف على شاطئ البحر

في انتظار ما سيحدث.

هل أكون على قيد الحياة

حين ينتهي العالم؟

هل سينتهي العالم؟


ذاك الحبّ لم يعد يعني لي شيئاً

ذلك اليوم

حين قتلتُ الفراشة عن قصد

لم أفكّر أنّي ربّما أقتل معها

فرحة طفل

كان سيلتقيها ذات صباح.

هل حقّاً تدعو الفراشات بالسوء

لمن يؤذيها؟

بي رغبةٌ

أن أعود إلى أوائل أيّام البشر

حين كان الكلام لم يُخترَع بعد

فلم يكن الحبّ يسمّى حبّاً

ولا الألم ألماً

ولم يكن أحدٌ يتحدّث عن ذلك.

ماذا يحلّ بأرواح الحشرات التي نقتلها؟

ماذا يحلّ بأرواح النباتات التي لا نعتني بها؟

بعد أن ماتت الصبّارة

لم يعد ثمة ما أعتني به حين أعود إلى الغرفة

لم يعد ثمة من ينتظرني.

وحين كانت تحلّ عتمةٌ شديدة فجأةً

كنت أحسبها روح الصبّارة

تحلّق بحزنٍ شديد.

حدّثني قلبي، قال:

لك عندي خبران

أحدهما مفرحٌ والآخر محزن

سألت: ما المفرح؟

قال: ذاك الحبّ لم يعد يعني لي شيئاً

قلت: وما المحزن؟

قال: ذاك الحبّ لم يعد يعني لي شيئاً.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

3 تعقيبات

  1. كانت حدود فلسفتك المطروحة أعلاه أوسع من حدود نصٍّ أو نصّين..

    نصّاك تمدّدا في داخلي. رائع.


    كم أمضي من الوقت

    وأنا أفكّر

    بأنه عليَّ أن أفكّر أقلّ قليلاً.

  2. شكرا منذر
    :)

  3. الله شو جميل
    قليلا ما استمتع بالشعر…. هنا كنت مستمتع من البداية للنهاية…

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>