هويات

لسببٍ ما
كان شاردًا في الصباح
كغيمةٍ في بئرْ
ولسببٍ ما
كان شاردًا في المساء
كقمرٍ في بئرْ
ولسببٍ ما
أفرغ ما في جوفه
في السقفْ
في زجاجة النبيذْ

هويات

|أشرف الزغل|


-1-

الشبابيكُ تعوي على صاحب البيتِ
“خذني إلى البحرِ
حتى أرى أقربائي
الذين تركتُ على الرمل حين اشتهيتُ المسافة”

صاحبُ البيت يهربُ
تقذفه الأرضُ
“خذني إلى جبلٍ أعرفهْ”

صاحبُ البيت يهربُ
يوقفه البابُ
“خذني إليها
حبيبتك الراحلةْ
يدها لا تزال تُدغدغُ قلبي العجوزْ”

صاحبُ البيت يبكي ويضحك.


-2-

كلما غسَلَتْ الستائرَ

من الريحِ القادمةِ من بيتها القديم

كلما مسَحَتْ الوقتَ عن حذائها

كأنها تهشُّ ذباباً عن وليمةٍ باردة

كلما أشعَلَت الشبابيكَ

بعينٍ عاتبةٍ على ديسمبر

كلما تقيأَتْ على أرضِ البيت

كلما أرادَتْ أن تضعَ رزنامةً جديدةً على الجدار

سمعَت طرقاتٍ على البابْ

الطريفُ في الأمر

أنها لم تفتح البابَ حتى اللحظة


-3-

فمٌ يابسْ
عينان عاريتان
ومعلقتان في السقفْ

يدان رطبتان

زجاجةُ نبيذ فارغة
وكرسيٌّ مثقوبْ

لسببٍ ما
كان شاردًا في الصباح
كغيمةٍ في بئرْ

ولسببٍ ما
كان شاردًا في المساء
كقمرٍ في بئرْ

ولسببٍ ما

أفرغ ما في جوفه
في السقفْ
في زجاجة النبيذْ
في الكرسي
في البئر
في الغيمة


-4-

قال لي بعد آخر محاولةٍ للسَفَرْ:

“عندما وضعتُ أذني على سكةِ الحديد

لم أُعر انتباهاً للقطار القادم

أدهشني ما في القضيب المعدنيّ من موسيقى

موسيقى معدنية مجانية

لمن يحبون الانتظار

حتى لو خسروا رؤوسهم في حادثٍ مروريٍّ سريع”.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>