ثماني قصائد/ ظافر سينوكاك

ماذا أصنع بك أيتها القارة القديمة/ إنك لا تستطيعين حتى تدفئتي

ثماني قصائد/ ظافر سينوكاك

 

ثماني قصائد للشاعر التركي ظافر سينوكاك

 

| نقلتها من الألمانية: سالمة صالح*|

ظافر سينوكاك

 

 

تصرفت كما لو كنت في حلم

أراد المرء أن يعرف فيما بعد

ما الذي كنت قد فكرت فيه خلال ذلك

وبأي لغة.

ليس ثمة ما يقال

حين يصمت طائر أمام آخر

بأي لغة يحل الليل

بأي لغة لا يأتي النهار أبدا

يريد المرء وضوحا إذن

وينام قلقا

عند جدار، غامضا

ودافئا عند الملامسة رغم ذلك

هل ثمة أحد آخر هنا

ماذا أصنع بك أيتها القارة القديمة

إنك لا تستطيعين حتى تدفئتي

جئت أجري من الشرق

وجدتك في أفكاري المتعبة

قد انكمشت وأنت تمشين على عكازات

سرير موتك ليس هادئا

ذهاب وإياب في كل مكان

لصوص هوية في تلاحم

نزاع حول صلاة الميت

أيام معدودة

حتى يغلق بيتك

أمام بيتك تشتعل الحرب

أعترف أنني لست حتى حزينا

لقد فقدت حواسي في الطريق

آخر ما أملك

لن يكون أي شيء كما كان ذات يوم

حين يبقى كل شيء كما كان

الجثث وحدها تصبح أكثر شيخوخة

يذهب الشبان إلى الحرب

ولا يجدون عدوا

وهكذا يمضون بعيدا

ولا يعودون أبدا.

سيسقطون في النسيان

وهذا من حسن حظهم

بمفتاح متغير

أفتح بيتي

إنه بني هكذا

من خشب غير متشابه

لا أحد ينتبه إلي وأنا أدخل وأخرج

يعتقد المرء أن لا بيت لي

لا أنتظر زائرا إلا في الليل

حين يستقر موتى عائلتي

لا مرئيين

 عندي

يحمل كل منهم حياته معه

أمتعة من مقاسات مختلفة

نحشرها جيدا هنا حيث لا يزال ثمة مكان

لا يبقى وقت لفتحها

لأنهم لا يأتون إلا لليلة واحدة

يأتون ليأخذوني معهم وحسب

قبل أن يحترق

بحثت عنه طويلا، بركاني

خلال رحلات التاكسي في بطون المدن

وفي الطائرات فوق قمم جبال تغطيها الثلوج

أحسست بقربه في بعض المناطق

لهيب مثلج فوق جلدي

إلا أن الجلد تحت جلدي لم يمس

كيف كان لي أن أعرف كم جلدا كان لي

من غير أن أقشر نفسي

أن أخلط نفسي مع عسله

أن أذوب في  صهيره

البركان الذي ولدت منه

لا أستطيع أن أتذكر أين كان

إن كان جبلا جوالا

باردا أو ساخنا

مليئا بالشوق إلى أرض جديدة

أعموا أبناء هذه البقعة

بعيدا عن منازلهم

وأرسلوهم في رحلة

حول العالم

هكذا ظن المعميون

في كل مكان أنهم في وطنهم

تعلموا لغة لا يتحدث بها أحد

إلا أن المرء عند البحر وفوق الهضاب

لا يزال يتحدث حتى اليوم

عنهم

أولئك الذين لم يرهم أحد

يعودون ذات يوم

وتسقط بنات هذه البقعة

في حب الغرباء

الأب يكسر الخشب في الحديقة الأمامية

الأم تطعم الحيوانات

وأنا

لا أدري

إن كنت خشبا

أم حيوانا

أردت أن أحتفظ بكل شيء من عندك

هكذا جاءت النهاية

كانت النهاية في نفس الوقت البداية

لحظة

تترك أثرا

طيلة صيف كامل

انفتح طريق

تفرع في طرق كثيرة

لا يأمن المرء على نفسه في أي منها

إلا أن واحدا منها أقرب من الآخر

أيها نسلك

أيها نتجنب

لم أستطع مغادرة مكاني

لم أستطع أن أتخذ قراري

إلا أنني لم أكن أقرب إليك

كما أنا في هذه اللحظة

لماذا يتوجب على المرء أن يقوم برحلة حول العالم

ليكون مع شخص

ليتيه في طرق

لا وجود لها

أحلم أنك جئت بكل شيء معك

المفتاح الذي نقفل به على أنفسنا

الذي يفتح لنا

ما فقدته في لحظة

سيكون لك طيلة حياتك

يقسم اليوم إلى خمس شرائح

من كل شريحة يشرب فم

تكون خمسة أفواه في البئر

طيلة الليل

بين حمرة الفجر

وزرقة المساء

للثمرة ذات الألوان الخمسة

شيء من الصباح

وشيء من المساء

هل يصبح المرء خالدا

لأنه فكر نهارا في الليل

وليلا في ألوان النهار

من خمسة أفواه لن تنضب

تقسم الثمرة في حياتها اليومية إلى خمس شرائح

ينبثق من كل شريحة فم

فم يعطي ويأخذ

في كل كلمة ينطق بها

يكمن واحد يخفيه

يبقي سره

إسم آخر لليل

لأن الجميع يشربونه خلال الليل

يريد أن ينام خلال النهار

في زهرته

        (كاتبة ومترجمة عراقية، برلين/ عن كيكا)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>