صدري ورشةُ العصافيرِ/ طارق الكرمي

أنتِ لا تغنّينَ/ أنتِ تنشرينَ بلادَكِ/ تَنشُرينَ القتلى هادئينَ ينامونَ/ تنشرينَ كلَّ ما ذَكَرتُ لكِ (و أكثرَ مما لمْ أذكرْ..)/ على حبالِ صوتِكْ

صدري ورشةُ العصافيرِ/ طارق الكرمي

| طارق الكرمي |

طارق الكرمي

 

الدّهشةُ

أيُّ طائرٍ

مَنِ الطّائرُ الذي باضَ

الأرضَ

بيضةُ أيِّ طائرٍ هي هذي

الأرضُ

*مساءً/ طور كرم

المسيحُ الأولُّ 

في الضّوءِ الذي يخرِقُ قلبَ الحجرِ أُسافِرُ

في الضّوءِ الذي يَموجُ بي.. ثمَّ يَخبُزُ جسدي مراياهُ

سألمُسَ النّجمَ قلبي فوقَ ظهيرةِ حقلِ الرّعاةِ

سلاماً طبريّا سوفَ أحرثُ مياهَكِ المُنتهى

سلاماً على الطّفلِ يحبو على المياهِ بخطىً لها أجنحةٌ

الليلةَ أقولُ: سلاماً ليلةَ الميلادِ

اللّيلةَ أسمعُ قلبَ الأرضِ

الثّلجَ يندِفُ شظاياهُ القطنَ

ثمّةٌ نبيذٌ في العروقِ يُهَسْهِسُ

ثمّةَ خبزٌ مُستحيلٌ سوفَ أناوِلْكَ وَجهي رغيفاً يَتهَلّلُ

السّلامُ عليَّ الليلةَ هذي

جسدي كنسيةُ الخلائقِ

قلبي هوَ الجرسُ الوحيدُ (سوفَ أقرعُ قلبي)

الليلةَ وحدي (مِنْ وحدي) أولدُ..

*صباحاً/ شتاءُ طور كرم

رأسُ السّنةِ

و ماذا يعني رأسُ السنةِ لفلسطينيٍّ مثلي

أينَ سأحتفِلُ وليسَ هنالكَ إلا ساحاتٌ للرّصاصِ الأعمى وحدائقُ يتشمّسُ فيها القتلى

تحتَ أيّةِ قنطرةٍ أو غرفةٍ في الرّيحِ سأقبِّلُكِ (بعينيَّ) يا صديقتي وأهمِسُ كلُّ عامٍ وأنتِ لي

ماذا يعنيني بأن يكونَ للسنةِ رأسٌ (كرأسِ الأيلِ مُعلّقاً على جدارِ حانةٍ)

سأقولُ: مؤخرةُ السّنةِ التي تفوتُ هي رأسُ سنةٍ تبدأُ

لأقُلْ ثانيةً ماذا يعني رأسُ السّنةِ

فللقِطِّ رأسٌ و

للهاليونِ بظرٌ هوَ الرّأسُ أيضاً

لعضوي رأسُ صواعقَ أو طمرةُ مئذنةِ المسجدِ

إذاً ماذا سيختلفُ و

إنْ كانَ للسّنةِ رأسٌ فهلْ سَيُساوي

رأسَ دبّوسٍ يرِنُّ في عتمةِ شعركِ (أو في معطفِكِ الشّتويِّ يا صديقتي)

هلْ يُساوي رأسَ إصبعٍ في قدمِ الطّفلِ

أينَ سَنُعلِّقُ السّنةَ مِنْ رأسِها تتأرحَجُ لنحتفلَ

هذا العام

*صباحاً/ شتاءُ طور كرم

البسطةُ 

عن بسطة الخُضرةِ ستقفُ تنتقي ( واضِعاً في كيسكَ المثقوبِ)

رأسَ الفجلِ

رأسَ البصلِ

رأس الملفوفةِ والقرنبيطِ

رأسَ السنه

*صباحاً/ شتاءُ طور كرم

مُحتفَلُ الوحيدِ 

لا تنتظريني هناكَ

على سفحٍ في بيتَ لحمٍ

حيثُ النجومُ مثلُ الجدرِيِّ (كأنها طفحٌ جِلدِيٌّ) في ليلةِ رأسِ السّنةِ

ليسَ معي ثمنُ مبيتٍ في ليلةِ الفندقِ

لا أجرةُ التاكسي و لا حتّى

حمارُ المسيحِ لأركبَهُ صاعداً سفحاً في بيتَ لحمٍ

اتركوني هنا انتبِذُ رُكني في هذي الغرفةِ

في هذي العُلبةِ الحجريّةِ

في قوقعتي هذي

على ورقةِ النّبتِ أكتبُ بطاقةَ معايدةٍ إليَّ

أشعِلُ أصابعي شمعَ هذي الليلةِ الميلادِ

أشربُ شايي نبيذَ الفقراءِ وأعلُكُ خبزاً حافياً أبداً

الليلةَ أفكُّ رأسي وأقدِّمُها للسّنةِ

لأضحكَ قليلاً على نفسي

وأقولُ لي: كلُّ عامٍ وأنتَ طارق

*صباحاً/ شتاءُ طور كرم

رأسُ الرؤوسِ 

كيفَ لي و
أنا في ساحةِ ربيعٍ عربيٍّ
كيفَ لي أن أتميّزَ في هذي السّاحةِ (مرقصِ القتلى)
كيفَ أتميّزُ رأسَ السّنةِ من بينِ رؤوسِ القتلى
تتدحرجُ في الساحةِ حيثُ

يرقصُ القتلى

*صباحاً/ شتاءُ طور كرم

العُضوُ

كالكوبرا الملكِ

واقفاً يروغُ

سألقي بهِ يسعى

هو مَن يهتدي السَّبيلَ (ولو اعمىً)

سوفَ يَتَلَمَّسُ طريقهُ الذي يضيقُ حَدقةٍ

ويَتَّسِعُ كالحدقةِ

ليبلغَ جُحرَهُ الذي مِنْ زَغَبٍ

يَنْدى

*صباحاً/ طور كرم

الشّنظةُ شنطتي الجلدُ 

أقطعُ بسكينِ خطوي شوارعَ طور كرم

النّاسُ يقولونَ ها هو مجنونُ المدينةِ

ما يزالُ يعتِلُ شنطتَهُ الجلدَ على كتفهِ ويسيرُ

حتى لو قالوا :شنطتي حلسُ حمارٍ

شنطتي الشّقذفُ على راحلةِ السّرى

شنطتي سنامي

لا يهُمُّ

أنا أعرفُ ما في هذي الجُعبةِ الجلدِ التي على كتفي

الملغومةِ بالقصائدِ

العوازلِ الذكريةِ

أقراصِ رأسٍ تتورّمُ

الحاسوبِ المحمولِ

دَنُّ خمري

أقلامي و

ما لا تتخيّلهُ حقّاً بها

إلخ…

أقولُ ستظلُّ شنطتي فوقَ كتفي فيها الدّنيا

حتى لو كانتِ هذي الشّنطةُ الحلسَ لي..

حتى لو ستظلُّ الشّقذفَ و

سنامي

فهلْ سيعرفُ النّاسُ أنَّ الذي فوقَ كتفي هوَ منزلي وإنْ كانَ شنطةً جِلداً و

أني امرؤٌ يظلُّ يعتِلُ  منزلَهُ طيلةَ الشوارعِ و

يظلُّ يسيرُ..

*الظّهيرةُ/ طور كرم

ليستْ الأغاني وحدها تُغنّى * أيضاً إلى ريم تلحمي

أنتِ لا تُغنّينَ و

أنا لا أسمعُكِ (الحجارةُ تُصغي..)

أنتِ وأقصدُ أنّكِ لا تُغنّينَ حينَ تغَنّي (أو تُغنّينَ ما لا يُغنّى)

فقطَ أنتِ تنشُرينَ عُمالَ النِّقاباتِ وإضرابَ الطلبةِ

تَنشُرينَ أطفالَ الأزقّةِ بأجنحةِ النّحلِ

تنشُرينَ أرواحناً قمصاناً وراياتٍ وأشرعةَ قلوعٍ

فقطَ أنتِ تنشُرينَ سماءَ اللهِ شَرْشَفاً يَخفِقُ و الصّباحَ الخَدِرَ بالرّوائحِ

وصمتَ الطّيرِ في القرميدِ

أنتِ لا تغنّينَ

أنتِ تنشرينَ بلادَكِ

تَنشُرينَ القتلى هادئينَ ينامونَ

تنشرينَ كلَّ ما ذَكَرتُ لكِ (و أكثرَ مما لمْ أذكرْ..)

على حبالِ صوتِكْ

*الظّهيرةُ/ شتاءُ طور كرم

مطرٌ صامتٌ وصوتُكِ المطرُ * إلى ريم تلحمي صديقتي 

مع المطرِ الذي يُثمِلُ ليلتي

يَتَغلْغَلُني صوتُكِ لأغيبَ فيهِ

هلْ أقولُ: صوتُكِ هذا المطرُ النّاعِسُ الآنَ أمْ

هذا المطرُ وابِلُ صوتِكِ (فوقَ صفيحِ بيتِ في المخيمِ والمزاريبِ والعشبِ الذي يُطلِقني)

كي أتشرّبَ هذا الصّوتَ في الأعماقِ

مُغَمْغِماً الأغنيةَ السِرِّيةَ

مشغولةً بإبرةِ الرّعدِ وخيطِ البرقِ

ليظلَّ هذا الصّوتُ مهرجانَ ملائكةٍ في الأعماقِ

معَ المطرِ الذي يتَشرّبُني وصوتَكِ

مع صوتِكِ الذي أتَشرّبُهُ مُسكِراً

حيثُ تَنبُتينَ بيني والمطرِ قصبةً تترَنّحُ بينَ أصابعِ الماءِ (ناياً مِنْ ماءٍ) و

إنّي(مُهَدهَداً) بصوتِكِ أسْتَحِمُّ..

*الثّالثةُ والثلث صباحاً/ شتاءُ طور كرم

مِنْ بعيدٍ جِدّاً 

لماذا

كبريدٍ مُفَخّخٍ بالأغاني

تُرسلينَ إليَّ فمَكِ

كطيرٍ غامِضٍ جناحاهُ الشّفتانِ

لِيَعُضَّ قلبي

*صباحاً/ شتاءُ طور كرم

ولادةٌ مزدوجةٌ

كُلّما تنتبذينَ حضني مكانَكِ

كلّما تسقطينَ في حُضني

أو العكس تماماً

تأخذينَ وضعيّةَ الجَنينِ

وتماماً أنا في حضنِكِ أتكوّمُ جَنيناً

لماذا………….

*صباحاً/ شتاءُ طور كرم

العصافيرُ   

مِخدّتي محشوّةٌ (ملغومةٌ) بريش العصافيرِ

كأنَّ رأسي هذا الصّباحَ تنقِّرُهُ العصافيرُ

أفتحُ راحتي لتَشرَبَ عَرَقَ قلبي العصافيرُ

قميصُكِ النّومُ أيضاً على هُدّابهِ الرّيشُ

أنا أثرثِرُ عنكِ بِلِسانِ العصافيرِ

خِصيتا الطِّفلِ بيضتا عصفورٍ

العصافيرُ تُغيرُ على ثكنةِ الجنودِ

أيّةُ عاصِفةٍ مِنْ عصافيرَ تَصْحبُني معها إلى لستُ أدري

أيّةُ عصافيرَ تأوي إلى قرميدِ الأضلاعِ

أمامي يَخطرُ عصفورٌ يحملُ في منقارِهِ الدّنيا

مَنْ ينتِفُني ريشةً من جناحِ الرّيحِ

صدري ورشةُ العصافيرِ

قلبي يتجشّأُ عصافير..

*صباحاً/ شتاءُ طور كرم

ميلادُ الـ44 قلباً   

حتى في الظّهيرةِ ينبِضُ نجمُكِ قلبَ اللهِ

هللويا…

أسمعُ موسيقى أجنحةٍ سلامٍ

أسمعُ ملائكةً مثلَ النّحلِ حولَكِ اليومَ

أبصِرُ الطّيرَ إذ تتخاطفُ اسمَكِ (سيدَ الأسماءِ الحُسنى)

أيُّ أصابعِ الأطفالِ سوفَ تكونُ لكِ الشّمعَ كُلَّهُ هذا اليومَ

44 قُبلةً سأرجمُكِ بها في يومِكِ الميلادِ هذا

44 بطاقةً أرسِلُها مِن أنفاسي

44 وردةً يَغمِزنَ لكِ في حديقةِ عمري و

أنحني لأقطِفَني لكِ وردةً ترعِدُ دائخةً برائحتِكِ

هذا القلبَ على طبقِ راحتيَّ

أنحني لأقولَ: لميلادكِ ال 44 عُمراً في سطوةِ الحياةِ

44 حياةً لكِ في أبدِ هذا العُمرِ

اليومَ سيبلغُ فيكِ العمرُ 44 أبداً لما بعدَ الحياه

*الثالثةُ صباحاً/ شتاءُ طور كرم

ساعةٌ بيولوجيّةٌ   

ليسَ لديَّ مَنْ يَلكُزُني صُبحاً في السّابعةِ كي أصحو

لا ديكَ يضرِبُ صَنْجَهُ (في الكونِ) كي أصحو

لا امرأةً يخدِشُ مِخلبُها منامي ليسيلَ الحليبُ وأصحو

لا طيرَ ينقُرُ عينيَّ حبّتَيْنِ

لا مِنْ أَحَدٍ..

مَنْ سوفَ يُصَحّيني صُبحاً تمامَ السّابعةِ كي أُبكِّرَ للحياةِ

لأكدَحَ جَحشَ سوقِ الحياةِ

الآنَ هي الرّابعةُ فجراً والمنامُ يفتحُ لي فمَهُ لأدخلَ

لكنْ كيفَ أصحو في السّابعةِ صباحاً

أفكِّرُ الآنَ (وهلْ مثلي يُفكِّرُ..)

هلْ لي أنْ أُخرِجَ قلبي (مِنْ قَفَصي العظميِّ) و أضعَهُ على الكومودينو

بجانبِ رأسي

أعَيِّرُهُ ضَبْطاً (كما العَبوَةِ) على سابعةِ الصّباحِ

يُنبِّهُني لو كنتُ المَيتَ صباحاً تمامَ السّابعه..

*الرّابعةُ فجراً/ شتاءُ طور كرم

الدّنيا مريضةٌ   

والآنَ يا ابنتي وأنتِ المُصابةُ بذاتِ الحَلقِ

بالجمرةِ جحيماً و

أنتِ الآنَ ريشةٌ منتوفةٌ مِنْ جناحِ الأسفِ (والنّايُ الذي يعتذِرُ أمامَ أصابعِ اللهِ )

مَنْ سيقولُ لي: بابا ثمَّ يرتمي عليَّ قذيفةً مِنْ فراشاتٍ وتُفّاحٍ

كيفَ سيرفعُ الطّيرُ الحديقةَ الدّنيا بمنقارهِ

يا ابنتي يدُكِ الزّهرةُ المُغمَضَةُ

أصابِعُكِ تلهَثُ شمعاً ضريراً (في فحمِ ليلي)

مَنْ مِنْ رأسِ إصبَعِهِ غيرُكِ

مِنْ مِنَ الفوّهةِ السِّريّةِ لاصبعِهِ غيرُكِ

سوفَ يُطلِقُ على صدري العصافيرَ

يا ابنتي

*الرّابعةُ والنّصفُ صباحاً/ طور كرم

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>