أيلول.. وحُمّى الدّروس الخصوصيّة..!/ أسعد موسى عودة

|أسعد موسى عَودة| سبق منّا القول إنّنا لن نتوقّف عن فعل […]

أيلول.. وحُمّى الدّروس الخصوصيّة..!/ أسعد موسى عودة

|أسعد موسى عَودة|


سبق منّا القول إنّنا لن نتوقّف عن فعل الكتابة لكم، إلّا إذا شاءت الأقدار أن نتوقّف عن فعل الحياة. فما دامت في العمر بقيّة، إذًا، ورغم ازدحام العمل ومشاقّ الدّراسة، وغيرهما ممّا هو ليس بالعمل الخالص ولا بالتّعلّم المَحْض، ها نحن نعود إليكم، اليوم، ولا نعود من بعيد؛ فلَأنتم، دومًا، منّا، على بُعد قُبلة.

نعود إليكم على مَهبّ أيلول من جهة الشِّمال، شهرِ التّحوّلات والتّقلّبات والانكسارات والتّطلّعات؛ شهرِ الخيبة.. والأمل؛ شهرِ الاعتدال والانتقال: بين اللّيل والنّهار؛ ومن صيف إلى شتاء، عبر خريف شفيف حفيف خفيف؛ شهرٍ ارتبط اسمه بفرحة العَودة، لا إلى الوطن، بل إلى مقاعد الدّراسة ومِنَصّات التّدريس. أعود إليكم على صَهْوة أحداثٍ جِسام يشهدها المكان والزّمان، على مسرى جرحنا العربيّ المديد من الوريد إلى الوريد، تُؤْذِنُ بكبير لا بدّ آتٍ، عمّا قريب.

وأصدقكم القول إنّ احتكاكيَ اليوميّ والمتواصل باللّغة، مترجمًا ومحرّرًا وناطقًا وكاتبًا ودارسًا ومدرّسًا، أحيانًا، منذ نحو عَقدين من عمريَ الحَرُون، قد طبعني هو، أيضًا -بفضل الله ومننه عليّ، وبفضلٍ منها لا بفضلٍ منّي- بسِماتِها، وما أدراك ما سِماتُها..؟! وقبل أيّام، نُشر في إحدى الصُّحف العبريّة مُعطًى مثير، مُفادُه أنّ نحو ثلاثة أرباع (75%) طلّاب المدارس في البلاد يلجأُون إلى الدّروس الخصوصيّة. حيث يستحوذ موضوع الرّياضيّات على الحصّة الأكبر في سوق الإقبال على هذه الدّروس، وتليه اللّغة الإنچليزيّة، وتليهما مواضيع إنسانيّة واجتماعيّة وعلميّة أخرى مختلفة. وفي نظري، إنّ سبب هذه النّسبة الفظيعة من الطّلّاب الّذين يُطّرّون، طَوْعًا أو قَسْرًا، إلى ذلك، لا يُمكن أن يكون مردّه إلى عُسر لدى الطّالب فحسْب، وهو وارد، طبعًا؛ أو عُسْر لدى المعلّم فحسْب، وهو وارد ووارد، طبعًا؛ أو عُسْر في منظومة التّعليم كلّها، أصلًا، فحسْب، وهو وارد ووارد ووارد، طبعًا؛ بل هو اجتماع هذه الأَثافيّ الثّلاث (الشّرور الثّلاثة) معًا، لتستقرّ هذه الآفة في جسد المجتمع كلّه، وتنال من عافيته وماله وعِياله.

أنا لست -ولا يُمكن أن أكون- ضدّ رغبة أيّ طالب علم أو طالبة -أو لربّما رغبة والديهما، أصلًا- في الاستزادة والمعرفة والنّجاح؛ ولا ضدّ أيّ معلّم أو معلّمة كُفْء حفر اسمه في الصّخر عاليًا، بمخالب معرفته وقدُراته وأخلاقه وعطائه، فذاع صيته بين النّاس؛ على ألّا يكون هذا المعلّم ذاته هو معلّم الطّالب ذاته؛ حيث لا يكون ذلك من المنطق والذّوق والأخلاق والمصلحة الشّريفة في شيء.

لكنّني، طبعًا وجَهْرًا، ضدّ أن تصبح هذه “الدّروس الخصوصيّة” نَهْجًا وطريقة، ومصدر دخل إضافيًّا -أو لربّما عند البعض رئيسيًّا- هو ليس أخلاقيًّا ألبتّة. وإذا ما صدقت هذه النّسبة -وهي على الأرجح كذلك- فإنّها -في نظري- تستدعي، الآن وليس غدًا، بحثًا علميًّا أكاديميًّا شاملًا لاستبيان الأسباب وطرح الحلول، وعمل المؤسّسة والمجتمع بها، سريعًا وقبل فوات الأوان. ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

 

سُئِلْتُ.. فَأجَبْتُ..! والصّيّاد..!

ستعود الفِقْرتان إلى مِنَصّة التّعليم عمّا قريب، ريثما نعود..! ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

 

حكاية.. ولغة عربيّة..

قال أشعَب {(ت. 771 م.) ظَريف من أهل المدينة، نشأ في صُحبة أولاد الخلفاء. عمّر طويلًا. كان حَسَن الصّوت شديد الطّمع. أخبارُه في كُتب الأدب كثيرة} لصديقه: أهدِني هذا الخاتم الّذي في إصبعك لأذكُرَكَ به في سفري! فقال الصّديق: إنّه ذَهَبٌ وأخافُ أن تذهَب، ولكن خُذ هذا العُود؛ لعلّك تعود! وأعطاه عُود ثِقاب..!

(الكبابير/ حيفا)

 

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

6 تعقيبات

  1. الأخت العزيزة شبيحة!
    بحثت لأستدلّ على من تكونين جنسًا في تعليقيك الأوّلين فلم أعثر، وقد جاء في العُنوان: “شبيحة قال”. لكن يبدو أنّه…
    أمّا بالنّسبة إلى ما تفضّلت به في خصوص عزيزنا البروفسور سليمان جبران.. فأقول لك إنّ هذه اللّغة لا تُبقي على أحد (لا ترحم أحدًا)، وإنّه لا يُحيط بها إلّا نبيّ.. فقد أخطأ – ولا يزال – فيها كبار النّاس، فحال الدّنيا هكذا أبدًا. وأوجّهك في هذا السّياق إلى كتاب: “درّة الغوّاصّ في أوهام الخواصّ” لأبي محمّد القاسم بن عليّ الحريريّ، صاحب المقامات، متحدّثًا فيه عن الأخطاء اللّغويّة لدى خواصّ النّاس دون عوامّهم!
    واسلمي لأخيك،
    أسعد عَودة / الكبابير / جبل الكرمل / حيفا

  2. الاخ اسعد

    في مقالة له بعنوان “وعليه قس “يقول بروفيسور سليمان جبران:

    “…الامعات المعطلي التفكير …”

    فكيف لي ان اشكك بما يكتبه بروفيسور في اللغة العربية ؟
    من هنا ترددت وشككت بما قرأته في “اللسان “!

  3. شكرا يا أ خ أسعد !

    انا شبيحة مش شبيح ;) ههههه

    “واسلم ودم ” !

  4. شكرًا للأخ شبيحة!
    إذا قال “اللّسانُ” فصدّقوه / فإنّ القول ما قال اللّسانُ
    وكثير ممّا نسمع ونقرأ ليس صحيحًا؛ صفة المذكّر غير العاقل تُجمع بالألف والتّاء، أمّا صفة المذكّر العاقل – موضوع حديثنا – فلا تُجمع بالألف والتّاء إلّا سَماعًا لا قِياسًا، عدا جمعها قياسًا جمعًا مذكّرًا سالمًا. وما دام ما يُسمع اليوم لم يُعتمد رسميًّا بعد، فعلينا التزام ما جاء في المعاجم المعتمدة.
    واسلم لأخيك،
    أسعد

  5. لقد استعرت كلمة اصدفها من العامية !!! لا تسألني لماذا هيك طلعت معي !! قصدت لماذا اجدها …اذا صح التعبير !

  6. سيد اسعد عودة شكرا لك على هذه الزاوية الثرية!

    عندي سؤال لو سمحت !

    هل يصح جمع كلمة امّعة ب امعّات ؟ ام امعون فقط ؟ بمراجعتي للسان العرب وجدت الجملة التالية ” ولا تجمع بالالف والتاء ”
    لماذا اصدفها كثيرا بالالف والتاء ؟

    جزيل الشكر لك على منحي بعضا من وقتك .

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>