تمّوز عَصّار الخشب..!/ أسعد موسى عودة

|أسعد موسى عَودة| اليوم، الجمُعة، هو الأوّل من تمّوز، أ […]

تمّوز عَصّار الخشب..!/ أسعد موسى عودة

|أسعد موسى عَودة|

اليوم، الجمُعة، هو الأوّل من تمّوز، أو الفاتح منه، لمن لم يُصبِح يُغيظه اصطلاح “الفاتح”، عمومًا..! وفي تمّوز – وعلى المستوى الشّخصيّ، طبعًا – لي مناسبتان كبيرتان: ثورة أغلى الرّجال وأشجَع الرّجال وأخلَص الرّجال وأنبل الرّجال، الزّعيم الخالد، أبي خالد، جمال (في الثّالث والعشرين منه)؛ وميلاد سِبْطَي أمّي وأبي (ابنة أختي وابنها) الأولى والأخير – على ما يبدو – أمَة الحيّ الزّكيّة، وبشير الدّين الجميل (في الثّاني والعشرين والسّابع والعشرين منه، على التّوالي)؛ وهي أوّل عُنقود جيلنا الثّالث؛ وهو ليس آخره.. بإذن الله! ومناسبة أخرى ثالثة عزيزة جدًّا، لن أبوح بها، حفاظًا على أمنيَ الخاصّ والعامّ..! أمّا تمّوز، اصطلاحًا عينيًّا، فهو – كما تعلمون – الشّهر السّابع من السّنة الميلاديّة الشّمسيّة، والكلمة سُرْيانِيّة – سُومَرِيّة، حيث هو هناك الشّهر العاشر؛ وهو كذلك، اسمًا وترتيبًا، في التّقويم العبريّ القمريّ. و”تمّوز” هو إله الخِصْب في حضارة بلاد الرّافديْن (المناطق الواقعة بين نهرَي دجلة والفرات، أو عراق اليوم، عمومًا، الّتي سمّاها العرب المسلمون: بلاد السّواد؛ لشدّة خُضرتها، كثرتها، وامتدادها)، ولا سيّما الحِقْبة البابليّة منها؛ حيث المراحل الكبرى في بلاد الرّافديْن هي: السُّومَرِيّة؛ والأكَّدِيّة؛ والبابليّة؛ والآشوريّة؛ والكِلْدانيّة، والّتي تعود إلى آلاف السّنين قبل الميلاد ومئات السّنين بعده. و”تمّوز” هو أدونيس؛ إله الجمال والخِصْب والانبعاث في بِيْبْلُوس (جُبَيْل) عند الفينيقيّين. فهو، إذًا، “تمّوز” في بلاد الشّام والعراق؛ وأحيانًا، يُولْيَه، في مصر (تحريفًا ليُولْيُو؛ اسم الشّهر في الحضارة الرّومانيّة؛ نسبة إلى يُولْيُوس قيصر، إمبراطور الرّومان الأوّل)؛ وهو جويلية في تونُس والجزائر – بلد المليون شهيد؛ ويُوليوز في المغرب؛ ويُوليه في موريتانيا – بلد المليون شاعر. ومن جملة ما قيل فيه من أمثال شعبيّة: “في تمّوز بْتِغْلِي المَيِّة في الكُوز” (إناء أصغر من الإبريق حجمًا – فارسيّة)، و”في تمّوز بِسْتْوِي الكُوز” (“كُوز الصّبِر”)، و”تمّوز عَصّار الخشب”..! ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!


سُئِلْتُ.. فَأجَبْتُ..!

جاءني روائيّنا الواعد، المارد الصّاعد، “بُو شذا” (أبو محمود) – وفي جملة تعقيبه على مادّتنا من الأسبوع الفائت – بالسّؤال التّالي: “كتبتَ في مطلع مقالتك: “لا أدري لماذا هذه الأعداد العُقود، تحمل في طيّاتها دلالاتٍ أبعد من مجرّد كونها تزاوجًا بين أرقام”؛ ولم تكتب: لا أدري لماذا تحمل هذه الأعداد العُقود في طيّاتها دلالاتٍ… هل يجوز الوجهان؟ وهل هي مسألة أسلوبيّة فحسْب؟”.

فإليه وإيّاكم – أيّها الأعزّة – الجوابَ: “لماذا” أداة استفهام لها حقّ الصّدارة، يُسأل بها عن العلّة والسّبب، وهي مكوّنة من اسم الاستفهام “ماذا”، الّذي يُسأل به عن غير العاقل – المكوّن – بالتّالي – من “ما” الاستفهاميّة، واسم الإشارة “ذا” – ودخول حرف الجرّ “اللاّم” عليه، حيث يكون إعرابها: اللاّم حرف جرّ مبنيّ على الكسرة، و”ماذا” اسم استفهام مبنيّ على السّكون في محلّ جرّ اسم مجرور بحرف الجرّ. وهذان الجارّ والمجرور إمّا أن يكونا متعلّقيْن بفعل – كاقتراحك أخي أبا شذا – وإمّا أن يكونا متعلّقيْن بمبتدأ مؤخَّر؛ كما جاء منّا. فتظلّ المسألة مسألة أسلوبيّة، كما تفضّلت، يحكمها وقع المباني والمعاني في خَلَجات النّفس ودهاليز العقل. ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

الصّيّاد

المُحامِيِّين..؟ أم المُحامِيِين..؟ أم المُحامِيين..؟ أم المُحامِين..؟

كثيرًا ما يسمعهم الصّيّاد يقولون ويقرأُهم يكتبون: “المُحامِيِّين” أو “المُحامِيِين”، أو “المُحامِيين”، تعبيرًا عن جمع الاسم المنقوص، “المُحامي”، جمعًا مذكّرًا سالمًا منصوبًا أو مجرورًا. وهذه المحاولات الثّلاث خطأ كلّها، طبعًا؛ فتشديد ياء الاسم المنقوص (أو مُضاعفتها) وإثبات “ياء” الجمع المنصوب أو المجرور – في المحاولة الأولى – غير وارديْن، أصلاً؛ كما أنّ إثبات “ياء” الاسم المنقوص وكسرها – في المحاولة الثّانية – غير وارد، أيضًا؛ وذلك لضرورة إعلالها بالحذف؛ حيث وردت ساكنة بعد حركة تجانسها (كسرة الميم) وسكون ما بعدها (ياء الجمع المنصوب أو المجرور)، وهو ممّا لا يُقال في العربيّة، مطلقًا؛ كما أنّ إثبات الياءَيْن (ياء الاسم المنقوص وياء الجمع المنصوب أو المجرور) – في المحاولة الثّالثة – غير وارد؛ وذلك منعًا لالتقاء ساكنيْن (الياءان ساكنان). فقولوا واكتبوا: “المُحامِين” (المحاولة الرّابعة)، ولا شيءَ آخرَ في هذا السّياق. ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!


هكذا يكون التّواضع والعقل.. لمن لا يعلم..!

كان عمر بنُ عبد العزيز {61-101 هجريّة / 681-720 ميلاديّة، الخليفة الأَمويّ الثّامن، وخامس الخلفاء الرّاشدين، من حيث المنظور السُّنّيّ، وسِبْط (ابن بنت) الخليفة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه} يجلس ذاتَ ليلةٍ بين أعضاء حاشيته، وفَجْأةً انطفأ المصباح..

فقام عمر بنُ عبد العزيز فأصلحه فأشعله.. فاحتجّ أحد رجاله.. وقال له:

يا أمير المؤمنين.. ما كان يليق بك أن تفعل ما فعلت.. وحولَك خدمُك.

فابتسم أمير المؤمنين وقال: ما ضَرّني؟ قمتُ وأنا عمر بنُ عبد العزيز ورجَعتُ وأنا عمر بنُ عبد العزيز.

بل نقول له نحن، الآن: بل رجَعت – يا أمير المؤمنين! – وأنت ألفُ عمر بنِ عبد العزيز..!


لَشَدّما يبعث فيّ السّرور ويُضيء فيّ الأمل، تلقّي تعليقاتكم على، وتساؤلاتكم عمّا تطرحه هذه الزّاوية، عبر العُنوانيْن المُسجّليْن أدناه. وإلى لقاء آخر، إن شاء الله! وحديثنا، أبدًا، عن لغتنا ونَحْن!

(الكبابير/ حيفا؛ asarabic@gmail.com؛ www.assadodeh.net)


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

2 تعقيبات

  1. المناسبة الثالثة هي انتصار حزب الله على الصهاينة, شكرا على التلميح, أنتظر مقالك على نار.

  2. وكمان الاسم المحلي المرادف لشهر تموز هو (سلاّق العجر) والعجر هو الثمار الفجة غير الناضجة. وسبب التسمية هو أن الشمس اللاهبة وبالتالي درجات الحرارة المرتفعة ، جاءت لتنضج الثمر العجر كثمرة التين والعنب.
    ويسمي الناس أواسط الصيف باسم (الصيف الأحمر) إشارة إلى أنه حارٌّ وقائظ مثل جهنم الحمراء. وهم يبررون ذلك بانه ضروري لإنضاج التين والعنب، فهم يقولون (تموز العنب والتين).
    و”في تموز بتدفا العجوز” كناية عن ارتفاع درجة الحرارة حتى أن العجوز ذات الجسم الحساس للبرد تشعر بالدفء…

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>