مفهوم (ابن البلد) لمن لا يفهم..!/ أسعد موسى عودة

|أسعد موسى عَودة| إنّما (ابن البلد) عندنا –لمن لا يفهم […]

مفهوم (ابن البلد) لمن لا يفهم..!/ أسعد موسى عودة

asaad-qadita

|أسعد موسى عَودة|

إنّما (ابن البلد) عندنا –لمن لا يفهم (لم يفهم بعد)، وفي سياق المُناخ الانتخابيّ الّذي لم يَبْرَحْنا بعد– قيمة مُضافة إلى مَن هو بذاته وفي ذاته قامةٌ ذاتُ قيمةٍ قيّمة، أصلًا. وهو (ابن البلد) بذلك لا يكون، أبدًا، دعوة إلى عصبيّة ولا إلى قبليّة ولا إلى مناطقيّة، ولا إلى فئويّة ولا إلى حزبيّة ولا إلى طائفيّة، ولا إلى حمائليّة ولا إلى عائليّة، ولا إلى أيٍّ من هذا القبيل غير الأصيل؛ فإنّه {ليس منّا مَن دعا إلى عصبيّة، وليس منّا مَن قاتل على عصبيّة، وليس منّا مَن مات على عصبيّة} (حديث شريف)؛ بل هو دعوة إلى إعطاء مَن يستحقّ ما يستحقّ، وكم بالحريّ إذا كان هذا (ابن بلد). وإنّني أجزم –وعلى مسؤوليّتي الخاصّة– بأنّ كلّ مَن لا تتحرّك في خلاياه هذه النّخوة الواعية الأصيلة المعطاء، إنّما يعاني مشكلة حقيقيّة في إنسانيّته ودينه وأخلاقه.

إنّما تطوّعنا لدعم (ابن البلد) الّذي يستحقّ بما يستحقّ؛ حُبًّا وحقًّا وواجبًا، وسعيًا لتحقيق أهداف سامية نبيلة شريفة، نريد لها جميعًا أن تعود بالخير على الجميع وعلى (البلد)، راجين وداعين ألّا (نُفَشَّل). وإنّنا لندعو، صباحًا ومساءً، وسرًّا وإعلانًا، أن يكون الموت حليفنا قبل أن نفكّر –ولو لحظة– في أن نتحالف مع هذا أو ذاك في سبيل تحقيق مطامع شخصيّة ضيّقة وضيعة، خصوصًا إذا كانت هذه على حين غفلة من النّاس وعلى حسابهم الخاصّ؛ وما أكثرهم هؤلاء الّذين (يُجيدون) هذا (الفنّ).

سُئلت وأُسأَلُ وسأُسأَل، مباشَرة أو غير مباشَرة: ما الّذي يجمعك بهذا أو ذاك وأنت كذا أو كذا؟! فإنّما أجيب: إنّني عندما عدت إلى بيتي في الهزيع الأخير من ذلك اللّيل، بعد إغلاق صناديق الاقتراع وتأمينها بعيون الصّقور لتراقب النّمور، حدّثت نفسي وحدّثت أهل بيتي بأنِ الحمد الله؛ وقد أدّينا الأمانة وقمنا بواجبنا تجاه من نحبّ، بصفته وشخصه؛ لأنّه يُحَبّ، ولكنّ ميدان السّياسة هذا ليس هو الميدان؛ فقد نشأنا نشأة أخرى وانتماؤنا أعزّ انتماء. وإنّه ما كان لنا أن نقوم بذلك لولا أنّنا (نمشي) في هذي البلاد على خيط ناي (محمود درويش)، ونؤمن –كما نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورُسُله، ولا نفرّق بين أحدٍ من رُسُله– بأنّ كلّ مَن وما يتنفّس على هذه الأرض، بشرًا كان أو شجرًا أو حجرًا؛ مُنتَجًا أو مخترَعًا؛ فكرًا أو إطارًا أو كيانًا؛ أو ما شئت، فيه من الخير ما فيه وفيه من الشّرّ، وله ما له وعليه ما عليه، وإنّما بوعيك وإرادتك وقدرتك لك أن تُحسن التّعاطي معه، وأن توظّف الخير الّذي فيه في سبيل تحقيق خير أشمل وأعمّ تراه، كما في سبيل جعل الخير الّذي فيه يغلب الشّرّ (هذا على اعتبار أنّك الخير كلّه وقد تجسّد فيك على هيئة بشر!). والإنسان غير القادر على التّواصل مع نقاط الضّوء ومكامن الخير الموجودة، حتمًا، في كلّ مَن وما سبق ذكره، إنّما هو –في نظري– إنسان مُعاق، لا أكثر ولا أقلّ. فإنّما كذلك خُلقنا مختلفين، وقد أراد الله –تعالى– لنا أن نكون كذلك مختلفين، أبدًا، لا متخاصمين متنازعين {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِين} (قرآن كريم).

وسأظلّ –كما حبيبُنا الأستاذُ الألمعيّ جواد بولس المحامي– أسلّي نفسي بقول فيلسوف المَعَرّة، الّذي يأنَفُ بعضُ عُميان البصيرة (لا البصر) من أدبه العظيم؛ إذ يعتبرونه من الدَّهْرِيّين (المَلاحِدة) (!!!) والعِياذ بالله!

مَن ساءَه سببٌ أو هالَه عَجَبُ / فَلِي ثمانونَ عامًا لا أرى عَجَبا

الدّهرُ كالدّهرِ والأيّامُ واحدةٌ / والنّاسُ كالنّاسِ والدّنيا لِمَن غَلَبا

ويا ليتنا، جميعًا، نعمل بحكمة مَن تقفّعت يدا أبيه (عبد الله بن المقفّع) {اُبذُل لصديقك دمك ومالك، ولمعرفتك رِفدك ومَحضرك، وللعامّة بشرك وتحنّنك، ولعدوّك عدلك وإنصافك، واضنَن بدِينك وعِرضك عن أيّ أحد}.

ونعود ونكرّر أنّه قد يُستطاع الكذب على بعض النّاس كلّ الوقت، أو قد يُستطاع الكذب على كلّ النّاس بعض الوقت؛ لكنّه من المُحال استطاعةُ الكذب على كلّ النّاس كلّ الوقت.

أمّا أنت أخي أبا الطّيّب، يا حضرة النّائب بعد عام وبعض عام، رغم أنف كثيرين كلانا يعرفهم جيّدًا، فسأظلّ على موعد معك ولقاء قريب، نتحادث فيه في أعجب الأعاجيب..!

وأبدًا، هو اللهُ من وراء قصدي، وهو مولايَ وحسْبي، ودونَ اليأس رجائي، وإليه كلّ ولائي.

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

وحديثنا، أبدًا، عن لغتنا ونَحْن!

(الكاتب دارس عاشق للّغة العربيّة، مترجم ومحرّر لغويّ؛ الكبابير/ حيفا)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>