لأنّ هذا الكرمل لي../ أسعد موسى عَودة

لأنّ هذا الكرمل لي../ أسعد موسى عَودة

اِبتعدْ لأراك – قالها درويش من قبلُ ومن بعد.. فابتعدتُ لأرى أوضح وبعدسة أوسع وبؤرة أعمق.. إلى المكان والزّمان والإنسان.. وأظلَّ أنتصر.. بإذن عزيز مقتدر

|أسعد موسى عَودة|

asaad-qلأنّ هذا الكرمل لي؛ مشّيتُه ومشّاني.. خاصرتُه وخاصَرني.. همستُ في عُشّه وهمس في قلبي.. ربّتُّ على صخره، رسمتُ ألعابي بحجارته، خبّأتُ بكفّيّ فراشاته، داعبتُ ريش وُرْقِه، وربّيتُه وربّاني.. تنفّستُ شتاءه واستحممتُ بصيفه.. صعدتُه وهبطتُه وتسلّقتُه وقفزتُه.. زرعتُه وقلعتُه وقطفتُه وعصرتُه وغمّستُه.. استطببْتُه وتطيّبتُ به.. أكلتُ خَضارَه وشربتُ عيونَه.. افترشتُه والتحفتُه.. أصّلتُه وفصّلتُه وسمّيتُه.. استوطنتُه وبنيتُه وعمّرتُه وعَمَرتُه.. سكنني وسكنتُه.. قرأتُه وكتبتُه.. وكنتُ منه وكان منّي.. ولأنّي له وهو لي.. اخترتُ أن أجدّد عهدي به وعهدَه بي..

دون مملكتي؛ في أرض ميلادي وميعادي.. أرض أجدادي وأحفادي.. شُقّة ألمانيّة ذكيّة، عُلويّة نَدِيّة طريّة، طَلقة حميمة دفيئة غير فتيّة.. تؤوي، اليوم، فتوّتي وفحولتي وعبادتي وقراءتي وكتابتي وصناعتي وحبيبتي.. تؤوي، اليوم، أسئلتي وأجوبتي.. على مرتفع آخرَ من مرتفعات كرملنا الأخضر الأسمر الأشقر.. أوَتَدرين لماذا يا لُغتي؟ لتبقَي أنت إلى القِبلة قِبلتي.. وبعد القِبلة قِبلتي.. ولأنّه لن يثنِني عن حمايتي جميعَ من أحبُّ ويُحبّني.. آهِ.. كم أحبُّه ويُحبّني.. وعن حمايتي وحماية ما أريدُني.. على درب الصّواب، وبما يُرضي الرّحيم التّوّاب.. إلّا الغياب.. ولئلّا أكون مدينًا بغير الحبّ لبشر.. لا قَبْلًا ولا بَعْدًا..

هو حول وبعض حول، عقدنا عليه آمالًا فسيحة.. في كلّ وادٍ وعلى كلّ صعيد، دنيويٍّ وأُخرويٍّ وبَرْزَخِيّ.. سنُراكِم فيه – بحول الله – طَوْلًا بعد طَوْل، ثمّ نعود على سحاب أبيض، من حُلم وشوق وفرح؛ لنبني – من جديد – أعمدة نور من بشر وحجر.. في أرضنا، أرض الأزل، على حدّ الأبد.. ولْيُحاوِلْ أن يَعترض لي أنثى أو ذكر..

اِبتعدْ لأراك – قالها درويش من قبلُ ومن بعد.. فابتعدتُ لأرى أوضح وبعدسة أوسع وبؤرة أعمق.. إلى المكان والزّمان والإنسان.. وأظلَّ أنتصر.. بإذن عزيز مقتدر.. هذي هي القصّة وما فيها.. وإنّما الأعمال بالنّيّات.. وإنّما لكلّ امرئٍ ما نوى.. فلْيُنِلْنا اللهُ ما ننوي؛ ليَسعد البشر، أبدًا، بعد شقاء.. ولْيُسامحْنا جميعًا مَن بلا عَمَدٍ رفع السّماء.. وكلّها تجاربُ للحياة.. وكلّها موادُّ للأدب..

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

هنيئًا لمصرَ دستورُها.. وذكرى ثورة كانونها..!

هنيئًا لمصرَ دستورُها.. داعيًا ربّ اللّغة، صباحًا ومساءً وسرًّا وإعلانًا، أن يكون سليمًا من أيّ عيب لغويّ؛ بخلاف ما يجري على ألسنة كثير من المتحدّثين عنه وفيه، من عيوب لغويّة.. ينهدّ لها الهرَم ويجفّ الأزرق وينحطّ الأكَم.. عيب يا مدرسة الأمم..

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

هل علِمتُم؟

هل علِمتُم؟ الحبّ أنواع ثلاثة: حبّ الفَقْد، وحبّ الحَدّ، وحبّ الوَجْد؛ فحبّ الفَقْد كفيل بأن يُفقِدَ المحبَّ حبيبَه إذا لم يُحسِن الأوّل حبّ الأخير؛ فسعى، مثلًا، لتملّكه أو إلحاق الأذى به أو بغيره من أجله. أمّا حبّ الحَدّ فلا يتجاوز به المحبّ حدّ الكلام. وأمّا حبّ الوَجْد فهو ما وَقَر في القلب وصدّقه العمل، وهو الحبّ الحقيقيّ السّليم المُستَدام المُستَديم..

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

سُئلتُ.. وأجيب..

سُئلتُ عن لغة أهل النّار، وقد تواتر في الأثر ولدى البدو والحَضَر أنّ العربيّة الأزليّة الأبديّة لغة أهل النّور (الجنّة) – فما لغة أهل النّار؟ بحثتُ ولم أجِدْ جوابًا علميًّا شافيًا عن هذا السّؤال العلميّ المشاكس.. من صديقيَ الذّكيّ، أبي الطّيّب أيمنَ العربيّ. علمًا أنّه لم يَثبت بعدُ –لا عقلًا ولا نقلًا– حتّى كون العربيّة هي لغة أهل النّعيم، فكم بالحريّ أن تثبت لنا لغة أهل الجحيم.. فإنّما تلك من المسائل الّتي لم تتوافر معرفتها بعدُ –في رأييَ المتواضع– لعلم مخلوق دون علم الخالق..

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

وحديثنا، أبدًا، عن لغتنا ونَحْن!

(الكاتب دارس عاشق للّغة العربيّة، مترجم، ومحرّر لغويّ؛ الكبابير / حيفا)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>