فماذا بعدُ يا وطني؟ على هامش نكبتنا الّتي شاخت.. وأخشى أنّها شابت بغير وقار/ أسعد موسى عودة

فماذا بعدُ يا وطني؟ على هامش نكبتنا الّتي شاخت.. وأخشى أنّها شابت بغير وقار/ أسعد موسى عودة

جهلنا بلا حِلم دونه نكبة.. وعنصريّتنا بلا سماحة دونها نكبة.. وأنانيّتنا بلا إيثار دونها نكبة.. وغَيْرتنا بلا غَيْرِيّة دونها نكبة.. وبدائيّتنا بلا تحضّر دونها نكبة.. وتعصّبنا الأعمى بلا بصيرة متفتّحة دونه نكبة.. ومُنكَرنا بلا معروف دونه نكبة.. وجُبننا بلا شجاعة دونه نكبة

1836635_697503840310411_3678782576813916450_o

|أسعد موسى عودة|

asaad-qإنّ نكبتنا الفِلَسطينيّة (وكأنّ هناك نكبةً أخرى..) الّتي شاخت فينا، وأخشى أنّها شابت بغير وقار.. وفي أيّار.. وبعد ستّة وستّين (66) عامًا على ديمومة وقوعها حتّى هذه اللّحظة، تبحثُ عن نفسها فتجدها فينا؛ فهي، حتمًا، أبعد، مثلًا، من هدم أزيَد من ستّمِائة (600) قرية عاثت فيها يد الغدر والجريمة هدمًا وقلعًا وحرقًا وبطشًا وسفكًا وقتلًا وتهجيرًا، ولم تبحث، بعدها، هذه اليد السُّفلى عن تعويض معنويّ أخلاقيّ؛ بأن تبني، مثلًا، لمن نُكبوا، بدلًا منها، ولو بلدة حقيقيّة واحدة، على مرّ ستّة عقود وستّة أعشار العقد..

فالنّكبة الأكبر – يا بني قومي – هي ما ترتّب عنها تِلكمُ النّكبة فينا، اليوم، بعد كلّ هذا العمر، حتّى تركناها تشيخ وتشيب بغير وقار.. ولماذا؟ لأنّ جهلنا بلا حِلم دونه نكبة.. وعنصريّتنا بلا سماحة دونها نكبة.. وأنانيّتنا بلا إيثار دونها نكبة.. وغَيْرتنا بلا غَيْرِيّة دونها نكبة.. وبدائيّتنا بلا تحضّر دونها نكبة.. وتعصّبنا الأعمى بلا بصيرة متفتّحة دونه نكبة.. ومُنكَرنا بلا معروف دونه نكبة.. وجُبننا بلا شجاعة دونه نكبة.. ومهانتنا المرأة بلا وازع من دين ولا ضمير دونها نكبة.. وقتلنا المرأة، مطلقًا، وبلا شرف رفيع ولا سليم دونه نكبة.. وانحناء أزلام السّلطة بلا انتصاب رجال دونه نكبة.. وسلفيّتنا بلا عَلمانيّة دونها نكبة.. وعَلمانيّتنا بلا سلفيّة دونها نكبة.. فلا حياة لسلفيّة بلا عَلمانيّة ولا حياة لعَلمانيّة بلا سلفيّة.. وفقداننا البُوصلة في لجّة هذا الظّلم (وضع الشّيء في غير موضعه، أصلًا) نكبة النّكبة.. نحن ضحيّتنا.. وجلّادنا نحن قبل الجلّاد، فماذا بعدُ يا وطني؟ فهلّا تقدّمنا بأخلاق الضّحيّة وهلّا ما تخلّفنا بأخلاق الجلّاد.. عسانا ننهض من عثرتنا العثرات، أم تُرانا ننتظر نكبة أخرى وأخرى حتّى نُفيق ونَفوق بعد نُفوق؟ وماذا بعدُ يا وطني؟

أمشي

على وَسَني..

فماذا بعدُ

يا وطني؟

وعِفْتُ الجمرَ أقبِضُهُ ويقبِضُني..

وزجري الوغدَ يَفتِنُني..

فماذا بعدُ

يا وطني؟

ووِزْرُ الضّادِ أحْمِلُهُ ويحمِلُني..

فيُجهِدُني..

يُدوّخني..

يؤرّقُني ينوّمني..

ويُنهكُني..

ويُضنيني.. يُريّحني..

ويُبكيني ويُضحكني..

ويُدميني ويُسعفني..

ويُتعسني ويُسعدني..

ويُسعدني..

ويُتعسني..

فماذا بعدُ

يا وطني؟

تفوحُ الأرضُ دونيّةْ

وفوقَ الجُدْرِ فاشيّةْ

وفي الميدانِ كوفيّةْ

بغيرِ عِقالْ..

فما من عاقلٍ يَنْهَرْ..

وما من غافلٍ يَسهرْ..

ومسؤولٌ “يُطمئنُنا”..

ومسؤولٌ بنا يَسخرْ..

فماذا بعدُ

يا وطني؟

هلُمّوا يا بني قومي..

أفيقوا من جَهالتكم

وعَلّوا رأسَ نكبتكم..

بِذِي الأخلاقْ..

بكلِّ وفاقْ..

بغيرِ نفاقْ..

وماذا بعدُ

يا وطني؟

وكونوا أهلَ مِحنتكم..

وصُونوا الضّادَ عزّتَكم..

وكونوا فجرَنا الآتي..

وكفًّا تَبطشُ العاتي..

وماذا بعدُ

يا وطني؟

أيا صَحْوي..

ويا وَسَني..

ملحوظة: القصيدة، أعلاه، قصيدة مدوّرة؛ حيث إنّ تفعيلتها موصولة من بدايتها حتّى نهايتها، رغم تقسيمها إلى ستّ حُزَم شعريّة.

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

أنا الصّيّاد فميِّزِ الفرق بين:

ثُلّة وطُغْمة.. كثيرًا ما يسمعهم الصّيّاد يقولون ويقرأُهم يكتبون: “ثُلّة” في موضع “طُغْمة”، فإليك الفرق بينهما.

الثُّلّة (بضمّ الثّاء) هي الجماعة من النّاس (وتقابلها الثَّلّة (بفتح الثّاء، أي الجماعة من الغنم))، ويكون استعمالها في سياق الكلام الإيجابيّ عن هذه الجماعة؛ كما أنّ الطُّغْمة (بضمّ الطّاء) هي الجماعة من النّاس، لكن يكون استعمالها في سياق الكلام السّلبيّ عن هذه الجماعة. وخذوا علمًا – أيّها الأعزّة – أنّ الطُّغْمة هذه – كما أراها – مولَّدة مستحدَثة، وأصلها في الكلمة العربيّة الكلاسيكيّة – القديمة “الطَّغامة”، أي أرذال النّاس وأوغادهم، كما هي، أصلًا، أرذال الطّير والسّباع.

ترتّب على وترتّب عن.. كثيرًا ما يسمعهم الصّيّاد يقولون ويقرأُهم يكتبون: “ترتّب على” بمعنى “ترتّب عن”، علمًا أنّ الفرق بين العبارتين كبير؛ فمعنى “ترتّب على” وجب، بينما تعني “ترتّب عن” نتج.

يَأوي ويُؤوي.. كثيرًا ما يسمعهم الصّيّاد يقولون ويقرأُهم يكتبون: “يَأوي” بمعنى “يُؤوي”، فميّز الفرق بينهما، كفاك الله شرّ اللَّحَن والزَّلَل.

أوى يأوي (فَعَل)، أي لجأ (فلانٌ) إلى؛ وآوى يُؤوي (أفْعَل)، أي ألجأ (فلانًا) إلى.. فاحترسوا يا أدباء ويا شعراء، وقد نظرتُ هذا الخطأ، مؤخّرًا، عند أحدكم، ممّن نحبّهم وبهم نعتزّ.. وللفعل، طبعًا، معانٍ أخرى، لكنّنا قصرنا الحديث على معنى اللّجوء والإلجاء فيه..

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

على أحرّ من القهر..

نحن في انتظار صدور المنهاج الجديد في اللّغة العربيّة للمرحلتين الإعداديّة والثّانويّة، من دهاليز وزارة “المعارف”.. حيث سيتمّ فيه “الاستغناء” عن تدريس مادّتيِ النّحْو والصّرْف (القواعد) بالأسلوب الكلاسيكيّ شبه البحتْ، وهما العمود الفقْريّ للّغة العربيّة (النّحْو) وهيكلها العظميّ (الصّرف).. والانصراف إلى تدريسهما من خلال النّصّ – الأدب (لحم اللّغة وشحمها)..

نحن في انتظار صدور هذا المنهاج الجديد على أحرّ من القهر.. لنعلّق عليه بدقّة..

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

وحديثنا، أبدًا، عن لُغتنا ونَحْن!

(الكبابير)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>