مصر الّتي في خاطري وفي فمي..!/ أسعد موسى عودة

|أسعد موسى عَودة| يكاد لا يكون هناك شيء يسرقني من درسي […]

مصر الّتي في خاطري وفي فمي..!/ أسعد موسى عودة

|أسعد موسى عَودة|

يكاد لا يكون هناك شيء يسرقني من درسي وعملي واشتغالي بالشّأن اللّغويّ بوجه عامّ إلّا وجه مصر، حدثًا وحديثًا؛ فكم بالحريّ إذا كان هذان، الحدث والحديث، متعلّقين بأوّل انتخابات حرّة (ونزيهة) تشهدها المحروسة لوظيفة -لا لمنصب- رئيس الجمهوريّة، الّتي يعتبرها البعض الجمهوريّة (الحقيقيّة) الأولى، ويعتبرها البعض الآخَر (النّاصريّون) الجمهوريّة الثّالثة، والّتي أسماها عمرو موسى، أوّل من أسماها، الجمهوريّة الثّانية. وقد كنت رجوت -منذ البداية- أن يكون عمرو موسى هو من يضطلع بوظيفة الرّئيس، إيمانًا منّي بأنّه، قيمةً وقامةً ومنطقًا ولغةً، وبما له وما قد يكون عليه، هو رجل هذه المرحلة الفاصلة في مشروع إعادة بناء مصر.. لكنّ الشّعب الّذي بات سيّد المرحلة، قد قال كلمته؛ فحلّ عمرو موسى، برصيد فرد أحد -غالبًا- في المركَز الخامس؛ يليه الدّكتور عبد المنعم أبو الفتوح والأستاذ حَمدين صبَاحي، الممثّلان الشّرعيّان لثورة 25 يناير، في المركَزين الرّابع والثّالث على التّوالي؛ والفريق الدّكتور أحمد شفيق الّذي لا نريده “شفيق يا راچل”! والدّكتور محمّد مرسي الّذي نربأ به عن أن يكون “مرسي عاوِز كرسي”! في المركَزين الثّاني والأوّل على التّوالي، ليلتقيَ الاثنان في جولة الإعادة في حَزِيرانَ هذا، و”حزيران في قلبه نِيران”؛ كما جاء في “أمثال العوامّ في شهور العام”.

وثاني هذين الأخيرين محسوب على أشباح النّظام السّابق، وأوّلهما هو المرشّح الحزبيّ المعلَن الوحيد، مرشّح حزب الحرّيّة والعدالة، الذّراع السّياسيّة لجماعة الإخوان المسلمين، وقد ثبت أنّ هذين الكيانين، النّظام والإخوان -وكلٌّ بطريقته- لا يزالان هما ماكينتيِ الحشد السّياسيّ الأكثر حضورًا وتنظيمًا وفاعليّة وتأثيرًا في مفاصل المجتمع المصريّ.

ولكنّ الأكيد، قَبْلًا وبَعْدًا، أنّ ثورة 25 يناير في مشهدها الأعلى، هي الأعلى صوتًا من أيّ صوت؛ باحتساب ما جناه ممثّلاها أعلاه من أصوات، أو باحتساب ما جناه ابنها وفتاها الثّورويّ النّاصريّ، حصان هذه الانتخابات الأسود، حَمدين صبَاحي وحدَه، الّذي حلّ ثالثًا بين الخمسة المليونيّين الأوائل، وجاء ترتيبه الأوّل في قاهرة المعزّ وإسكندريّة الإسكندر الأكبر، معقِل الإخوان المسلمين، أصلًا. فقد باتت ثورة 25 يناير، إذًا، قوّة راسخة متغلغلة، تعيش حالة سيرورة وصيرورة طبيعيّتين ستوصلانِها -بعد أربع سنوات، حتمًا- إلى القصر الجمهوريّ، ولتكن هذه السّنوات الأربع القادمة اكتنازًا إضافيًّا لمزيد من التّجربة والتّعلّم والدُّرْبة والتّبلور والمواجهة الصُّلبة البنّاءة مع من سيُديرون مقاليد الحكم، الّذين إمّا أن يدركوا أنْ لن تقوم لهم حياة -بعد اليوم- إلّا بتحقيق مطالب الثّورة: “عِيش- حُرّيّة- عدالة اجتماعيّة- كرامة إنسانيّة”، والتّعامل مع رموزها من أجل النّهوض بمصر على قدم المساواة بين جميع أبنائها، بلا تهويش ولا “تكويش” ولا تهميش؛ وإمّا أن تتكشّف الأيّام عن سوء طويّتهم وخلل أدائهم، وهنا يكونون قد وضعوا أقدامهم هم على أوّل الطّريق السّريع نحو زوال سياسيّ لا يزول، بعد أربع سنوات أو أقلّ.. “إنْ أحسنتُم أحسنتُم لأنفسِكم وإنْ أسأتُم فَلَها..”.

ولربّما كان من المضحك المبكي معًا في آن، أنّ من لم يُعجبه الفريق الدّكتور أحمد شفيق، مثلًا، في كرسيّ رئاسة مجلس الوزراء، كالأديب الكبير الدّكتور علاء الأسواني، قد يجده في كرسيّ رئاسة الجمهوريّة.. فعشمنا أن يملك الطّرفان الطّاقة الكافية لتجاوز مثل هذه المفارقة، وأن تكون مصر هي الغاية، لا فلان ولا “علّان”.. ولا أحزاب ولا إخوان.

ولعلّ قارئي يتساءل عن شديد اهتمامي أنا -الفقير إليه تعالى- بمصير مصر، وعميق حبّي لها وخوفي عليها.. فأقول: إنّها الأصل.. ومركَز الثِّقَل.. والبُوصلة.. والأمل.. بل لربّما كان كلّ هذا الاهتمام والحبّ والخوف، لأنّ زوجتي الغالية، الإنسان الحالم الجميل العالي عن الواقع، قد قالت لي: “بِدَّكِ الصَّراحة.. ما حَدا مِنِ المرشَّحين التَّلَطّاش بِستاهَل إكون رئيس لَمَصِر..”!

تَحيا مصر..!

(الكبابير/ حيفا)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

3 تعقيبات

  1. عندما كنت صغيرا كنت اتابع الاعلام المصري حيث انه كان يرفع مصر لعنان السماء بين الدول العربية ولكني عندما كبرت وسافرت للعمل في الخليج العربي تأكدت ان مكانة مصر واهميتها للعرب ليس من فراغ بل هي حقيقة ، ولكن لكي تصبح هذه المكانة فعاله لابد من التقارب والتكامل بين الدول العربية ومصر حتى ننتقل الي وضع افضل من الوضع البائس الذي وصلنا الية .
    ربما اخواننا الفلسطنيين هو اكثر الشعوب العربية احساسا باهمية مصر ولكن هذه حقيقة لا يمكن لاي عربي يعرف التاريخ جيداُ ان ينكرها.
    الهم احفظ بلدي مصر قلعة ومنارة لكل العرب .

  2. سلمت يا مسلّم!
    أردت أن أقول الكثير، وأظنّني قلته.. فما الّذي لم تفهمه؟
    ولك منّي خالص الودّ!
    أسعد

  3. شو كنت بدك تقول عفواً؟
    مقالاتك القديمة أجمل من هذا بكثير

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>