طَفْرَةٌ ظاهرة.. اسمُها أوباما..!/ أسعد موسى عَودة

|أسعد موسى عَودة| باتت قليلةً وقليلةً جدًّا في هذا العا […]

طَفْرَةٌ ظاهرة.. اسمُها أوباما..!/ أسعد موسى عَودة

|أسعد موسى عَودة|

باتت قليلةً وقليلةً جدًّا في هذا العالم تلك الشّخصيّات اللّافتة الّتي يستفزّك حضورها (بالمعنى الإيجابيّ للكلمة)، وكأنّنا – لا بل نحن كذلك – في حالة ذُبولٍ بشريّ أو أُفول، باتت مزعجة. والرّئيس الأمريكيّ، باراك حسين أوباما، المُعادُ انتخابُه بجدارة واستحقاق لفترة ولاية ثانية وأخيرة، هو أحد هؤلاء القلائل والقلائل جدًّا، لا بل قد يكون، اليوم، ثاني اثنين في مستوى مشهد الزّعامة الحقيقيّة والقيادة السّياسيّة والعسكريّة العالميّة، أمّا الأوّل فهو جار قريب بعيد..!

شابّ لَطِيم (يتيم الأب ويتيم الأمّ) خرج من وَحْل الحياة (على حدّ تعبير سيّد الكلام وحبيب الملايين، شاعر فِلَسطين والعرب والعجم، محمود سليم حسين درويش)، فانطلق سهمًا نشّابًا من تلقاء قوسه حتّى استقرّ – وما سكن – على كرسيّ سُدّة الحكم، وأيّ حكم! إنّه حكم أمريكا، وما أدراك ما أمريكا..! إنّها تلك الموصوفة بالدّجّال، وبالشّيطان الأكبر، وبالطّاعون (راجع مديح الظّلّ العالي، لمحمودنا)؛ وكأنّه، أوباما، بحضوره الطّاغي، هو الوجه الحسن لكلّ هذا الطّاغوت. علمًا أنّها أمريكا، أيضًا، هذا المجتمع اللّقيط، غير المتجانس – إذا ما قورن بالمجتمع اليابانيّ، مثلًا  – على علّاته – وما أكثرها – يملك من أسباب الحرّيّة والعلم ما يكفل له القوّة لتحقيق كلّ هذه السّطوة والجبروت، وإن كانت آنيّة، مهما طال الزّمان واستبدّ الإنسان. فلكلّ زمانٍ دولة ورجال، ودولة الظّلم ساعة، ودولة العدل حتّى قيام السّاعة.

شابّ مَلَك ما يكفي من الجَراءة على أن يحلم.. وما يكفي من الإصرار والعزيمة والكبرياء حتّى يصل. لَطالَما وقف وسيقف بقامته السّمراء، خطيبًا بليغًا، مُفَوَّهًا، مِصْقَعًا، بالغَ الحجّة، حادّ الذّكاء، رفيع الأداء. ولَطالَما مارس وسيمارس عمله بأعلى درجات المِهْنِيّة والفنّيّة والحِنكة والخبرة والدُّرْبة و(المَران). فأوباما – وقبل أن يُصبح رئيسًا للولايات المتّحدة الأمريكيّة، وهو دون الثّامنة والأربعين من عمره – كان نشيطًا اجتماعيًّا وسياسيًّا بارزًا، أستاذًا لامعًا ومحامِيًا بارعًا؛ تخرّج في كلّيّة كولومبيا بجامعة كولومبيا، متخصّصًا بالعلوم السّياسيّة – العلاقات الدّوليّة، ثمّ تخرّج في كلّيّة الحقوق بجامعة هارْڤَرد، أرقى جامعات العالم، حيث تبوّأ رئاسة تحرير مجلّة القانون فيها، ليصبح – بعدها – أستاذًا متفوّقًا للقانون الدّستوريّ في كلّيّة الحقوق بجامعة شيكاغو، مدّة اثنَي عشَرَ عامًا، ذلك إلى جانب مزاولته مهْنة المحاماة في كبرى شركات المحاماة الأمريكيّة المتخصّصة بالحقوق المدنيّة وتطوير الأحياء. كان نائبًا في مجلس الشّيوخ لثلاث فترات، وقد خاض بقوّة حملة شديدة التّنافس داخل حزبه الدّيمقراطيّ لكسب ترشيحه له لخوض الانتخابات الرّئاسيّة. حاز جائزة نوبل للسّلام ولم يمضِ على تولّيه منصب الرّئيس عام، وفي رصيده من التّأليف كتابان عظيمان: أحلام من أبي (Dreams from My Father) وجرأة الأمل (The Audacity of Hope).

إنّا لننظرُ بعين الغِبْطَة والغَبْط إلى هذا الرّجل ونقول: “يا رِيتُه فِي دْيارْنا”، ونرجو له أن يحقّق لأمريكا ما يريد وما نريد، بل ما نريده لكلّ بلد وشعب في هذا العالم؛ أن يكون قائمًا على الحرّيّة الحقيقيّة والدّيمقراطيّة والعدل والمساواة، ونرجو لأمريكا أن تستحقّه، وألّا يتحقّق فيها قول نزار في النّاصر جمال، علمًا أنّه شتّان بين حالتَيِ الرّجلين شتّان، رغم كثير يجمعهما: “فمثلك كان كثيرًا علينا”.

وبعد كلّ هذا الغزل بأوباما المشروع والإنسان، لا يسعني إلّا أن أرفع تهانيّ القلبيّة الحارّة إلى العزيز ش.و.ب. لحماسه الشّديد والفريد لطَفْرة ظاهرة.. اسمُها أوباما..! ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

 

الصّيّاد..!

يسمعهم الصّيّاد يقولون ويقرأهم يكتبون تشديدًا (شَدّة) على ياء المثنّى المضاف، منصوبًا أو مجرورًا؛ حيث يقولون ويكتبون، مثلًا: رأيتُ معلّمَيّ حساب، أو: بعد صلاتَيّ المغرب والعشاء. ولا أدري من أين هبطت هذه الشّدّة على الياء؛ فالكلمة، أصلًا: معلّمَيْن أو صلاتَيْن، فحُذفت النّون لوقوعها مضافة لتصبح: معلّمَيْ حساب (مع إبقاء سكون الياء، لا غير)، أو لتصبح: صلاتَيِ المغرب والعشاء (باستبدال سكون الياء بالكسرة منعًا لالتقاء ساكنين؛ سكون الياء وسكون التّعريف).

ويسمعهم الصّيّاد يقولون ويقرأهم يكتبون: على حِدى؛ بمعنى على انفراد. في حين أنّ الكلمة هي: حِدَة؛ مصدرًا صريحًا على وزن (فِعْلٌ) للفعل الثّلاثيّ المِثال الواويّ (أوّله حرف علّة هو الواو) المجرّد وَحَدَ يَحِدُ وَحْدًا ووَحْدَةً وحِدَةً ووُحُودًا؛ أي انفرد بنفسه. كما نقول، مثلًا: هِبَة، مصدرًا صريحًا على وزن (فِعْلٌ) للفعل الثّلاثيّ المثال الواويّ المجرّد وَهَبَ يَهَبُ وَهْبًا ووَهَبًا وهِبَةً، مراعاة لقواعد علم الصّرف العربيّ العظيم؛ حيث يُصبِح وِهْبٌ هِبَةً، إذ تُحذف الواو (فاء الفعل) وتَهَب كسرتها لما بعدها من ساكن (عين الفعل) ويُعوّض عن فائه المحذوفة (الواو المكسورة) بتاء التّأنيث في آخره؛ فهكذا نقول، مثلًا: ثِقَةٌ وسِمَةٌ، فأصلهما وِثْقٌ ووِسْمٌ، وقد شذّ عن ذلك ما شذّ. ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

 

تنويه هامّ لا بدّ منه..!

… وإلى كلّ هذه الذّئاب الفاشلة الّتي تحاول خاسئة الاصطياد في مياه تظنّها بغبائها عكرة، أقول: إنّي – والله – لكم – ما حييتُ – لَبِالمِرصاد..! ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

وحديثنا، أبدًا، عن لغتنا ونَحْن!

(الكاتب دارس عاشق للّغة العربيّة، مترجم ومحرّر لغويّ؛ الكبابير/ حيفا)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>