يد برتقالية/ زياد خدّاش

|زياد خدّاش| كان يحدثُ وأن يفصلها بهدوء عن ساعده الصّلب […]

يد برتقالية/ زياد خدّاش

|زياد خدّاش|

زياد خدّاش

زياد خدّاش

كان يحدثُ وأن يفصلها بهدوء عن ساعده الصّلب، وهو مستلق على ظهره، ويسلّمها لي أيامًا، موصيا أيّاي بشدة:

“دير بالك عليها يا سيدي إوع تجرحها”.

ويغفو؛ طويلا يغفو جدّي.

كانت يده بمثابة لعبتي وتميمتي وجائزتي وحكايتي وسرّي، أقدّمها لأصحابي في الحارة ليصافحونها بهيبة، مندهشين من عروقها النافرة وتجاعيدها القاسية.

في الليل وبعد نوم العائلة، أنهض، أسحبها من تحت الوسادة، أحكّ بها خدّي، أعضها متذوقا طعمًا غريبًا قريبًا من طعم بحر ورمل وسمك، أتحسّس أصابعها الخشبية بدماملها المتيبّسة، فأشعر بذلك التنميل اللذيذ في جسدي كله.

في الصباح أضعها في حقيبتي المدرسية، وفي الصف بينما المدرس يحكي لنا عن برتقال يافا، أُدخل خفية يدي في الحقيبة، وأتحسّسها متضامنا مع دماملها ورابتا على عروقها، فأفاجأ باختفائها وبوجود حبة برتقال في حقيبتي. تعوّدت على ذلك، وصرتُ كلما اشتهيت البرتقال استعرتُ يد جدي لأيام طويلة، لم يكن أحد يعرف سرّ البرتقالة واليد، إلى أن فاجأتني أمي وأنا أتناول مثل ساحر برتقالة من عيني اليسرى. ارتعبت أميّ، فحكيت لها الحكاية لكنها لم تصدّق، واكتفت بإخبار جاراتنا عن طفلها البرتقاليّ العجيب وعن ساحر البيت الغامض.

في ليلة ما تذكرتُ تحذير جدّي لي: “إوع تجرحها يا سيدي”، فاهتاج داخلي فضول قاتل. أحضرتُ سكينا من المطبخ، غرستُ رأسها المدبّبة في إصبع اليد الصغير، فانفجر في وجهي عصير البرتقال الفادح.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>