حيفا-الناصرة-جنين-رام الله-حيفا/ هشام نفاع

|هشام نفاع| الجمعة، 29 أيلول 2000. ساحة الحناطير في حيف […]

حيفا-الناصرة-جنين-رام الله-حيفا/ هشام نفاع

october-motif

ملف خاص للذكرى السنوية العاشرة لهبة أكتوبر. تحرير: هشام نفاع

|هشام نفاع|

hisham-qadita

الجمعة، 29 أيلول 2000. ساحة الحناطير في حيفا. تاكسي حتى الناصرة. وتاكسي آخر حتى جنين.

قرب محل فلافل أتّصِل عبر الهاتف العمومي الأزرق القديم بصديقي خالد. يُفترض أنه في الطريق من رام الله لنعود إليها معًا. كنا اتفقنا على لقاء أصدقاء عاديّ. وصل خالد ومعه جاد. قبل أن نخرج من ضواحي جنين سمعنا الخبر: قتلى وجرحى في الأقصى. ملامح مجزرة جديدة.

“هذه المرة لن تتوقّف”، قال خالد.

لم أقتنع: “ماذا جرى لك؟ أهي أول مرة؟”

حين وصلنا رام الله كان الدخان والغاز والرصاص يملأ مداخلها. جميع المحلات مغلقة تقريبًا. هناك مطعم في مبنى حجريّ جميل قديم ظلّ مفتوحًا. أسكتنا جوعنا. ذهبنا إلى دار خالد. كانت الحالة تزداد اشتعالا. لم نتحمّل الشاشة والجدران. خرجنا نحو مدخل رام الله من جهة البيرِة. مشهد انتفاضة بامتياز. كنت كغيري أشمّ الغاز وأتفادى الرصاص “المطّاطي” (الفولاذي المغطى بطبقة رقيقة من المطاط!). أحاول الاقتراب من متاريس الشباب وأتجاهل تحذيرات خالد وجاد ومحمود وقاسم. لكنّ الصحفي تحمّس وأراد التوثيق من مصدر أول واحتكاك مباشر.

قضينا الليلة في رام الله. شاهدنا فيلم “ويست بيروت” صامتين. وبقينا بعده صامتين. جاء السبت وكانت رقعة المواجهات قد امتدّت على طول وعرض المدن والقرى الفلسطينية. مواجهات؟.. شباب محتجّ أعزل مقابل قنص وقتل وحشيّيْن. قضينا النهار بين التنقّل والمتابعة والتساؤل والشتائم والذهول؛ ذهول ممّا يتصاعد ويتصعّد رغم تكامُل شعور عميق بأنّ ما يجري كان متوقعًا.

المساء يقترب وبدأت الأخبار تتوالى عمّا يحدث في الجليل والمثلث. أريد العودة الى حيفا مهما كان.

ولكن هناك عيد عبريّ ولا توجد أية مواصلات.

لا بأس سأتدبّر، قلت للأصدقاء.

حسنًا سنوصلك حتى مشارف أريحا. إجتزنا الطرق الترابية بسيارة لينا البيضاء، على ما أذكر. أوصلوني قرب قرية عنزة. رحت أنتظر. 3 أو 4 توصيلات و5 أو 6 ساعات وكنت على مفترق الياجور. انتظرتُ وانتظرت. الشارع شبه خال. فجأة مرّت سيارة أمامي، توقفتْ بعد مسافة ثم عادت. كان أحد المعارف: “شو بتساوي هون بهيك سيعة. مش سامع شو عَمبصير؟”. حكيت له. “يعني طلعت مع يهود، مستوطنين؟”.

“لا أدري، لم أقل سوى كلمتين بالعبرية، مساء الخير حين اعتليت السيارات، وشكرًا حين ترجّلت منها”.

في اليوم التالي ستقتل شرطة إسرائيل شبانًا عربًا يحملون مواطنة إسرائيل.

كل ما خططت لكتابته عمّا رأيته في رام الله بدا شاحبًا في اليوم التالي. فقد اتسعت النار باتساع البلاد، كلّ البلاد..

في اليوم التالي تأكّدت من صحّة قول خالد: “هذه المرة لن تتوقف”. وكانت انتفاضة 2000.


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

1 تعقيب

  1. حلوه القصه ..
    بس اظن مناسبه اكتر لكتاب سيره ذاتيه

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>