خبير أممي: الفقر والبطالة يعيقان بلوغ العرب أهداف الألفية

في مقابلة مع خبير الأمم المتحدة خالد أبو إسماعيل يؤكد أنه ورغم النجاحات إلا أن الفقر والبطالة هما من بين أهم التحديات أمام غالبية الدول العربية في بلوغ أهداف الألفية، محذرا من تزايد الفجوة بين الدول العربية

خبير أممي: الفقر والبطالة يعيقان بلوغ العرب أهداف الألفية


أكل العيش. العالم العربي في سعيه إلى النمو

أكل العيش. العالم العربي في سعيه إلى النمو



|عبده جميل المخلافي|

عشر سنوات مرت على إعلان الأمم المتحدة لأهداف الألفية التنموية والذي يلزم الدول الأعضاء في المنظمة العالمية بمكافحة الفقر والجوع والأمراض والأمية والتمييز ضد المرأة. عشر سنوات مضت وتبقى نحو ثلث الفترة المحددة لبلوغ أهداف الألفية، فماذا عن المنطقة العربية؟ هل تسير على طريق تحقيق تلك الأهداف أم أخفقت فيها؟ حول هذا الموضوع أجرى موقع دويتشه فيله حوارا مع الدكتور خالد أبو إسماعيل، مستشار مختص في خفض الفقر والتخطيط الاقتصادي لدى البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في المركز الإقليمي في القاهرة.

- كيف تقيم مدى تحقيق الدول العربية لأهداف الألفية للتنمية، التي وضعتها الأمم المتحدة قبل عشر سنوات؟

أبو إسماعيل: “باقتضاب شديد: هناك نجاحات وإخفاقات كثيرة أيضا. بصفة عامة لم تستطع المنطقة العربية أن تحقق الهدف الخامس المتمثل في “تحسين الصحة الإنجابية” وخفض نسب وفيات الأمهات. وأعتقد أن هناك أيضا صعوبات في تحقيق الهدف السابع المتعلق بحماية البيئة بشكل مستديم وذلك بسبب شحة المياه في الدول العربية ونقص التنوع البيولوجي. وبالرغم من تقلص عدد الفقراء، وذلك إذا استندنا على المعيار الدولي المتمثل في دولار فاصل اثنين كمؤشر لخط الفقر. ولكن إذا اعتمدنا مؤشرات الفقر الوطنية نلاحظ أن نسب الفقر تكاد لم تتغير على ما كانت عليه من قبل، حيث انخفض معدل الفقر من 20 بالمائة عام 1990 إلى 18 بالمائة فقط في الآونة الأخيرة.

تكمن المشكلة الحقيقية في البلدان الأقل نموًا على غرار السودان واليمن وموريتانيا والصومال، ذلك أنّ جميع هذه البلدان فشلت حتى الآن تقريبًا في تحقيق جميع مؤشرات أهداف الألفية للتنمية

“كما لا تزال المنطقة العربية تواجه تحديا في مجال البطالة والعمل اللائق، ذلك أن نسب البطالة لا زالت مرتفعة جدا وتفوق معدلات البطالة على المستوى العالمي. وهي مرتفعة في أوساط الشباب وبشكل خاص لدى النساء منهم. نسجل كذلك تدنيًا فيما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة، خصوصا في المشاركة السياسة، ذلك أن مشاركة المرأة في البرلمانات لا تتعدى 10 بالمائة، الأمر الذي دفع بعدد من الحكومات إلى اعتماد نظام الكوتا وذلك لضمان مشاركة المرأة في البرلمانات.”

- أنت تحدثت عن النقائص، فهل هناك نجاحات تحققت في الدول العربية؟

أبو اسماعيل: “نعم، هناك نجاحات تحققت في مجال التعليم ومجال المساواة بين الرجل والمرأة في مجال التعليم، إذ أن المنطقة العربية على المسار المرجو في تحقيق الهدف الثالث من أهداف الألفية والمتمثل في “تعزيز المساواة بين الجنسين وإزالة التفاوت بينهما في جميع مراحل التعليم”. كما تم تسجيل تطورات إيجابية أيضا في مجال تقليل وفيات الأطفال.”

- ما هي الدول، التي تمكنت حتى الآن من تحقيق أهداف الألفية للتنمية الثمانية أو على الأقل تحقيق أغلبيتها؟

أبو اسماعيل: “بدون شك دول الخليج. إذا نظرنا إلى مؤشرات التنمية البشرية ومؤشرات أهداف الألفية نجد أن دول الخليج في مقدمة الدول العربية، التي حققت أكبر النجاحات في تحقيق أهداف الألفية للتنمية. ذلك أن أكبر انخفاض لنسب الفقر قد سجل في دول الخليج، كما سجل تحسن في مؤشرات الصحة والتعليم والبيئة. وسجلت تطورات إيجابية في الدول المتوسطة الدخل على غرار تونس وسورية، وبعض النجاحات في مصر والمغرب، التي تمكنت مثلا من تخفيض نسبة الوفيات النفاسية. ولكننا نلاحظ صعوبات متزايدة في تحقيق أهداف الألفية في دول مثل العراق والأراضي الفلسطينية بسبب الظروف الأمنية والسياسية المتوترة في كلا البلدين. وفي الحقيقة تكمن المشكلة الحقيقية في البلدان الأقل نموًا على غرار السودان واليمن وموريتانيا والصومال، ذلك أنّ جميع هذه البلدان فشلت حتى الآن تقريبًا في تحقيق جميع مؤشرات أهداف الألفية للتنمية. وبالتالي فالفجوة تزداد اتساعا في المنطقة العربية بين الدول الغنية والمتوسطة الدخل من جهة، ومن جهة أخرى الدول الأقل نموا.”

- ما هي أهم التحديات، التي تواجهها الدول العربية في تحقيق الأهداف الألفية للتنمية بحلول عام 2015؟

أبو اسماعيل: “الفقر والبطالة هما التحديان الرئيسان اللذان تواجههما الدول العربية، لأنه إذا تم معالجتهما بصورة جذرية، فسوف ينعكس ذلك على باقي المؤشرات. الدول الأقل نموا على وجه الأخص تحتاج إلى زيادة أكبر للمساعدات الإنمائية الدولية ولذلك نحن في التقرير العربي نوجه عناية المسؤولين العرب والمختصين في مجال التنمية إلى ضرورة إيجاد وسائل لمساعدة الدول الفقيرة. وأعتقد أنه يجب رسم سياسات وطنية وإقليمية لمحاربة الفقر وخصوصا التركيز على الأمن الغذائي. ذلك أنني أتوقع أن أسعار الوقود والمستلزمات الغذائية الأساسية قد ترتفع في المستقبل مثلما ارتفعت في الفترة الأخيرة، وبالتالي فإن لذلك انعكاسات مباشرة وخطيرة جدا على وضع الفقر في المنطقة العربية. وعليه، يجب التدخل سريعا لتجنب مثل هذه العواقب، خاصة وأن المنطقة العربية من أكثر الدول تأثرا في العالم من التذبذبات، التي تشهدها أسعار الغذاء.”

دول الخليج في مقدمة الدول العربية، التي حققت أكبر النجاحات في تحقيق أهداف الألفية للتنمية

- هل هناك عقبات داخلية تحول دون تحقيق هذين الهدفين: مكافحة الفقر والبطالة؟

أبو اسماعيل: “إذا استثنينا أوضاع عدم الاستقرار السياسي أو الحروب والنزاعات الداخلية، فأنا أعتقد أن وضع المؤسسات العربية وخصوصا في الدول الأقل نموا يحتاج إلى كثير من التدخل. المساعدات الإنمائية لا يجب أن تركز على إقامة مشاريع بنيوية فقط، وإنما أيضا على مساعدة هذه الحكومات في رسم وتنفيذ التنمية الوطنية، حيث أن الكثير من الإدارات المعنية بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول بحاجة إلى مساعدة كبيرة. وذلك يعد عائقا كبيرا في تحقيق أهداف الألفية والتنمية المستدامة بصفة عامة.”

- أربع سنوات فقط تفصلنا عن عام 2015، الأجل الذي حددته الأمم المتحدة لتحقيق أهداف الألفية الثمانية، هل تتوقع تحسنا أكبر في المنطقة العربية فيما يتعلق بتحقيق الأهداف؟

أبو اسماعيل: “نعم، إذا توفرت لدى الدول الغنية الإرادة السياسية لمساعدة الدول الفقيرة في المنطقة العربية، أعتقد أنه يمكن إنجاز الكثير وسد بعض الفجوات في السنوات الأربعة القادمة. ولكن، كما قلت هذا لابد أن تكون إرادة سياسية لتقديم المساعدات في كافة المجالات، التنموية وحتى تقديم الدعم السياسي لتتمكن من تحقيق بعض الإنجازات بحلول عام 2015.”


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>