أنا وهي

كعادتها تتلهف للمغامرات غير المرغوبة، وما زالت تثير الجدل في حبها للحياة

أنا وهي

|بقلم: روى|

كعادتها تتلهف للمغامرات غير المرغوبة مجتمعيا، وما زالت تثير الجدل في حبها للحياة، وطريقة جرف هذا العشق تأخذها إلى ما لا نهاية. النظرات والانتقادات لم ولن تكفّ أبدا، فهي حتى بنضوجها ما زالت الطفلة والشابة المفعمة بالحيوية والطاقة التي لا تنضب. كلما تقدم بها العمر تزداد روحها طفولة وشبابا وعشقا لغير المألوف.

لا حبًا واحدًا في حياتها؛ حبها يتجاوز معاني الكتب الفلسفية. الحب بالنسبة لها مزيج من تجارب وزمن ومغامرات ومشاعر وجماليات. تحبّ بطريقتها الخاصة، وحبها لا يزول بتاتاً إنما يغير صورته الحسية مع مرور الزمن.

في مجريات حياتها كسرت حواجز رخامية من دون تنازلات. هي أنانية بحبها واحترامها لذاتها ولشهوات روحها وكيانها. أزالت كل الأقنعة المزيفة وتعرت أمام ذاتها، فهي تعلم أنّ هويتها إنسانة وروح وحياة؛ هويتها حرة من الأسماء- الأسماء التي ولدت لتوضح من هي. فمن يطلب تسمية وتعريفًا لهويتها فلن يجد جوابًا واحدًا، لكنها بدورها توفر الأجوبة التي تنال إعجاب الغير وترضيه وتريحها من الشرح الفلسفي مفضلة أن توفره لذاتها.

تجربتها الحياتية جعلت منها إنسانة تستطيع أن تحوي عالما بأكمله، لكن لا عالم واحد يحويها. إنها تبحث عن شيء ما، ولا تعلم أبدًا ما هو. حياتها تتقلب من جانب إلى آخر باحثة عن ما يرضيها ويريحها ولا تجد الراحة في الاستقرار. الاستقرار والوضوح يثيران الرعب والملل في داخلها.

جنسايتها لم تتعدَّ التجربة الهتروجنسية، لكنها قطعت عهدا مع ذاتها بأنها ستخوض التجارب غير المألوفة ما دام قلبها ينبض حياة. وجاءت امرأة كانت بالنسبة لها كأية امرأة أخرى جديدة تتعرف عليها.

لكن، لحظة…

حتى الآن تكلمتُ عن ذاتي بضمير الغائب، واليوم سأعود لأعرف ذاتي مباشرة؛ فانا أعيش مجددًا، أولد اليوم امرأة متكاملة وأعود لأسمي ذاتي بـ “أنا”. ومن وصفتها بأنها كأية امرأة، لم تتركني لواقعي، تسللت بخفة في متاهات حواسي وروحي ولم تعد كأية امرأة- فهي امرأتي: من أجمل النساء، في ريعان شبابها، بريق عينيها البنيتين المائلتين للسواد يشعان ضوءًا يخترق كل مساحة ومسامة في جسدي. وابتسامتها الساحرة تملؤني حياة.

قبل فترة ليست بالبعيدة، قابلتها مرارًا ولم أفكر بأنها ستكون هي المرأة التي ستحتل مكان النساء اللواتي سكنّ ذهني في كثير من حالات الفانتازيا الجنسية الذاتية. في مخيلتي، كانت النساء متنوعات، متعددات الجنسية والجنسانية، ولا أذكر في أية حالة من تلك الحالات واللحظات بأني تخيلت امرأة عربية من ذات قوميتي وهويتي ومن عالمي وواقعي. آثرت الابتعاد عن البعد القومي والجغرافي لتفادي حدوث أية بلبلة في واقعي، إذ كنت على يقين بأنّ تجربتي ستكون تجربة عابرة كالكثير من مغامراتي الجنونية.

وأتت هي لتنزعني من عالمي الخيالي وتنثرني لواقع جديد يجنن حواسي ويسقط كل تفكير عقلاني يحاول اختراقه وسلبه حس الأنوثة المنسابة في دمي من جديد.

القبلة الأولى صهرت كلّ شيء من حولي؛ شعرت بحرارة شفتيْها الورديتيْن تشعل كل حواسي ولسانها الزهري المفعم حيوية يفجر روحي ويشتتها صانعًا هوة عميقة تنتظر إيجاد حس مألوف، ولكني لم أجده ولا اعرف اسمًا له. كيف سأجد الجواب وأنا لم أقبَّل امرأة من قبل وحتى هذه اللحظة؟ هو شعور غريب عن عالمي “الطبيعي”، شعور خلخل كل ما كنت أعرفه وأعيشه حتى الآن.

عدت إلى بيتي ونمت كالطفلة الصغيرة. أردت النوم لأبحث مجددًا عنها في الحلم. أردت لمستها، قبلتها، ابتسامتها، عنفوانها واندفاعها. ففي هذه الليلة فقدت عذريتي، هي فضت غشاء بكارتي الروحية، التي لطالما تساءلت عن الشيء الذي سيفضها ويفقدني عذريتي الروحية ومن هو الإنسان الذي سيأتي ليفضها لأصبح امرأة متكاملة.

هو لم يأت أبدا، أما هي فقد أتت… وبقبلة نزفت حياة واستنشقت امرأة أحيت في روحي وجسدي كل ذرة ساكنة وصامتة.

كنت على يقين بأنّ شعوري كامرأة متكاملة كان أمرًا محسومًا. اعتقدتُ بأنني أعيش معنى كلمة امرأة، واليوم أعلم بأنني لم أعلم شيئا.

هي تلمس ذاتي وتملأني ألوهية، أرى روحي تبتعد عن جسدي وتبتسم ابتسامة سحرية هادئة تزعزع كياني وتشعل نار الشهوة المتفجرة في داخلي. أضمّها بقوة لئلا تغيب عني، أتحسس جسدها البض، جسد ينبض حيوية ويشع حياة، أقبل شفتيْها والتهم فمها كما تفعل هي، تعضّ على شفتيّ بقوة وأنا أتلذذ بالألم وأطلب المزيد.

نضيع في شهوتنا: جسدا امرأتين أنثويين عاريين من كل شيء إلا الحواس. لحظتها خرجت عن جسدي، وفقدت السيطرة على كل حواسي وتشنجت كل ذرة من جسدي المرتعش بين يديْها، في فمها وعلى جسدها الحارّ الملتصق بجسدي لنكون جسدًا واحدًا وجمالية إنسانية تخترق وتبعثر كل شيء خارج هذا الجسد.

وفي الذروة أغيب عن هذا العالم إلا عنها. أعلم أنّ يديّ تلمسان حياة، تلمسان جسدًا، جسد أنثى مثلي. فانا ألمس ذاتي وأحتضنها بين يدي الصغيرتين. سابقا، وفي مواقف حميمية جدا،  كنت أبحث أحيانا عن الإثارة الباطنية، وأتخيل ذاتي مع الغرباء غير الواقعيين. تراني منهمكة ببناء سيناريوهات خيالية تثيرني حتى أصل ذروتي. أما هي فأتت هكذا ومن دون أيّ سابق إنذار لتشلّ عقلي وخيالي- أصبحت هي العقل والخيال.

كنت قد سُئلت في أحيان عديدة وقبل لقائها وتجربتي معها عن ميولي وعن هويتي الجنسية وكنت دومًا أجيب بأنني أكره القوالب التي تمنع حرية ذاتي من جريانها الحياتي الطبيعي والمحتم. أريد أن أوسع تجربتي لاستكشف خبايا ودهاليز عالمي الباطني الذي يفاجئني بواقع وحسّ جديد مع مرور الزمن. أنا إنسانة تحبّ ما تقدمه لها الحياة، لا أصدّ شيئًا بل العكس؛ أواصل البحث عن أشياء تحييني في كل مرة من جديد لأضيف جزءًا جديدًا مميزًا لتكويني البشري.

ولها أقول:

“ما بيننا سينتهي عاجلا أم آجلاً. كلتانا تعلم أنّ ما نخوض هو شهوة وتجربة حسية في عالمينا المختلفين، أنا وأنت من ولدنا لنحيا في خبايا المغامرات والمسارات الحياتية. القيود التي تحد عالمنا الخارجي ترضخ لإصرارنا بصهرها، محررة بذلك ذاتينا وروحينا من العالم الخارجي إلى عالم داخلي يأبى العيش دهرا في الداخل. تتسلل روحانا في معالم دنيا تتنفس حياة، داعية كلانا نمشي ومعها في خبايا الحياة الأرضية.

لربما تتكرر تجاربي النسائية لكنك ستبقين حتما من وهبتني حرية جسد، من أضفت جمالا وعمقا لذاتي، من فتحت لي بابًا لدهليز مجهول عني وعن واقعي، من احتضنتني بروحها وجسدها ساعة دخولي عالمًا غريبًا عني، من لوّنت وأحيت وجودي ونفثت فيه حياة من جديد ومن أهدتني أجمل وأروع وأثمن بداية جعلتني أستنشق معاني امرأتي الباطنية وأتواصل معها مُصغية لهمسها الدافئ الخفي عني بالأمس والنابض شمسا اليوم.

وعند انتهاء علاقتنا غير المعرفة، ستبقى محبتي لك كإنسانه بكل ما في الكلمة من معنى، ستبقى لك مكانة كبيرة في قلبي الصغير وأريد لك أمتع حياة في عالمنا الشيق والمثير.”

والآن وبما أني أعلم بأنّ لقائي بها قريب، فسأنام واحتضنها في روحي وجسدي. سأحلم بها لئلا تكون بعيدة عني، سأواصل الحلم حتى لقاء جديد يوقظني من سباتي الهادئ بها ويأخذني لواقع جديد نحييه أنا وهي.

(25 كانون الثاني، 23:53، حيفا)


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

6 تعقيبات

  1. من انت..؟

  2. ملفائده من هذه القصه؟؟!!

  3. بالنسبة لبداية تعليقك فإنني أوافقك الرأي، لكنني أستهجن استنتاجاتك المثيرة فيما يتعلق بالمثلية، إنه تعميم وإدانة غير مبررة. يضحكني أن تتحدث عن الخوف المثلي في حين أن تعليقك ينضح بالخوف الشخصي من المثلية! هل هذا الصوت اللاواعي في داخلك الذي يكشف ضعفك وخوفك وتقوقعك؟.. سؤال للتفكير.

  4. ان هذا الاحساس لجميلا جدا جميلا ان تكون مع شخص وتنام معه وانت في قمه الحب له فان الحب اروع شعور يمكن ان نشعر به ليت كل شخص يستطيع ان يتنازل عن نزواته ويكون له فقط شخص واحد مميز بالنسبه له يكون له حبيبه وكل حياته وان يحتضنه بين عيناه ولا يسمح لاي شيئ ان يفرق معنى حبهما….

  5. يمكن ان تلحظ القارئه للنص مدى التخبط الذي عانته الكاتبه في هذا الحدث وكيف كان مثيرا ومشوقا لها لدرجة دفعتها الى البحث في اعماقها عن امور لم تكن واعيه لها فيها…
    من الجميل ان يرافق الواحد والواحدة منا تجاربا من هذا النوع، خاصه ومثيرة.

  6. الفقرات الخمس الأولى عبارة عن سرد ذاتي خال تماماً من الدراما.
    في البقية حسية أفلاطونية –إذا جاز التعبير- تفتقر أيضا للدراما وإن كان السرد أفضل قليلاً. على المستوى الجنسي، أو الجنساني بتعبير النص مع التحفظ عليه، لا يوجد ما يميز التوجهات المثلية أو يبررها بوصفها امتيازا وافتراقا عن العادي والطبيعي، فقط افتعال فكري يبتغي إحلال صدمة مفتعلة لأننا عرفنا قديما أن التوجهات المثلية هي محاولة تعويض، نقص عن الطبيعي/ العادي الذي لم يتوفر لسبب -أو خوف- وآخر.
    وبالتأكيد لا ينتسب النص إلى أي جنس أدبي أو اقتراح مميز السمات، بما فيه النص المفتوح.
    الخسارة هي في الاسلوبية التي يمكنها ان تنجز أشياء كثيرة لو توفرت لها أخرى

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>