هل المثلية خيانة زوجية؟

ما هي الآثار التي ستترتّب على العلاقة المثليّة عند وجود علاقة زوجيّة لأحد المثليين؟ هل سيؤدّي إنشاء علاقة مثليّة لمثليٍّ متزوّج إلى فسخ العلاقة الزوجيّة؟

هل المثلية خيانة زوجية؟

|عارف حمزة|

لطالما تمّ الحديث عن المثليّة على أنّها، في وجهٍ ما، حرية شخصية، وبالتالي لا بدّ من الاعتراف بها وبكلّ ما يترتّب على هذه العلاقة، كما في بعض الدول الأوربية، أو مرض لا بدّ من معالجته كي يصبح المثليّ “سويّا”، كما في دول أخرى، أو خروج على العادات والمعتقدات والأعراف والقوانين، وبالتالي النظر إلى المثليّ على أنّه مجرم بحق المجتمع وعاداته وقوانينه.. ومحاكمة شخصه وفعله على أنه خروج سافر وكريه على المجتمع، كما في كثير من دول العالم الثالث. ووضعت دراسات نفسية وعضوية وتكوينية.. كثيرة، كي يتمّ التوصّل إلى حقائق دامغة في تفكيك وفهم المثلية وشخصية وميول المثلي كأيّة ظاهرة إنسانية.

وعلينا الاعتراف أولا ً بأنّ المثليّة المعاقب عليها بالقانون، سواء في الدول العربية أو غيرها، في بعض صورها، تستحقّ العقاب. كما في حالة اعتداء رجل على طفل أو قاصر فهي إجراء فعل منافٍ للحشمة، وهي جريمة اعتداء على قاصر. وكذلك الاعتداء على بالغ دون رغبة منه أو رضا فهو جريمة اغتصاب وهتك عرض. بينما إذا كانت هناك علاقة مثلية لبالغين و برضاهما فهي الصورة التي لا يجوز العقاب عليها أبداً، لأنها تدخل في باب حرية التصرف بالجسد كرغبة ودون مقابل مادي. لذلك فإنّ الصورة الأخيرة فقط هي التي تشبه الصورة المعترف بها في القوانين الغربية، والصور الباقية تتمّ المعاقبة عليها بذات تلك القوانين.

وإذا تجاوزنا الكثير من المحرّمات القانونية، المتعلّقة بالمثليّة، في المنطقة العربية وجاء اليوم الذي تصبح فيه العلاقة المثلية معترفا بها قانونياً، فما هي الآثار التي ستترتّب على العلاقة المثليّة عند وجود علاقة زوجيّة لأحد المثليين، أو كليهما؟ هل سيؤدّي إنشاء علاقة مثليّة لمثليٍّ متزوّج إلى فسخ العلاقة الزوجيّة؟ أم إلى منع العلاقة المثليّة للسبب الآنف الذكر؟ ولتقريب الموضوع أكثر فلنأخذ القوانين التي اعترفت بالعلاقة المثلية في الدول الغربية أو في أمريكا، فهي تنظر لتلك العلاقة على أنّها عقد زواج أو اقتران مثله مثل عقد الزواج من غيرية (حتى لو كانت آثار عقد زواج المثليين، من إنجاب وحضانة ونفقة..، تختلف عن آثار عقد الزواج المعروف بين الذكر والأنثى). وبالتالي فهي تمنع زواجه مرة أخرى من مثلي آخر أو من غيرية. وكذلك الشخص المثليّ المتزوج من امرأة لا يحق له الزواج من مثلي مثله قبل الطلاق من زوجته، وإذا حدث ذلك فإنها ستأخذ منه نصف أملاكه مع ما يترتب من أمور قانونية أخرى.. وهذا ينطبق في كل ما سبق على الزوجة المثلية. وكل ذلك مبنيّ على أمر يعتبر من النظام العام، بمعنى أنّ كلّ ما يخالفه معدوم بقوة القانون ولا أثر له، وهو منع تعدّد الزوجات أو الأزواج.

الكلام السابق كان يجعلني أسأل نفسي سؤالاً صغيراً، وأنا أحاور عدداً قليلاً من المثليين، الذين تجاوبوا معي أثناء عملي في الميدان الحقوقي: هل المثلية الجنسية خيانة زوجية؟. وهل يحق للطرف الآخر طلب الطلاق أو التفريق؟. وهل يعتبر ذلك أحد الأسباب الموجبة للمنع من حضانة الأطفال إن وجدوا؟ وهي أسئلة على غاية من الأهمية والخطورة، ولها تعقيداتها القانونية والشخصية والحياتية التي لا بد من الوقوف عندها طويلاً كي تكون مدخلاً تشريعياً للاعتراف وتنظيم الحقوق والواجبات في العلاقة المثلية، إذا تم يوماً ما الاعتراف بها في المنطقة العربية.

في داخل السجن، سواء سجن الرجال أو النساء، كانت هناك حالات قليلة جداً مما يمكن أخذه كصورة طبيعية للعلاقة المثلية التي يجب أن لا يعاقب عليها القانون، وهي حالات قليلة أيضاً بسبب عدم وضع القضاء يدها عليها، لأنها تنتهي غالباً في المرحلة السابقة لذلك بطرق متعددة ليس هنا مجالها. وكانت هناك أجوبة مثيرة للاهتمام تدل على وعي أو لا وعي المثليّ، وتستحق الدراسة بسبب المجتمع من جهة، وبسبب القانون والوعي الثقافي من جهة أخرى. فأحدهم رأى (جواباً على سؤالنا له كمتزوج من امرأة، هل علاقته المثلية خيانة لزوجته؟) أنه لم يفكر في ذلك مطلقاً. وبنى جوابه على أنّ الزوجة ليس من حقها أن تناقش وتحاكم رغباته وميوله كما حدث له ذلك في المحكمة والسجن. وبأنه طالما يقوم بكلّ واجباته الزوجية فليس من حق الآخر، الزوجة، أن تسأله عن رغبته المثليّة التي هي لديه “عزيزة” و”خاصة” مثل التعلّق بقراءة الروايات أو الذهاب إلى السينما أو كتابة المذكرات. ولكنّه لن يسمح لزوجته أن تقيم علاقة مثليّة مع امرأة!. والسبب أنّها تبقى امرأة ولها حياتها الزوجية الخاصة، من بيت وأولاد وزوج..”ولو كنا في مجتمع آخر،غربي مثلاً، فربما كان رأيي مخالفاً”. وعن سبب ميوله قال إنه لا يعرف ما الذي يدفعه لذلك. ربما هي تكوين داخلي فيه. أو الغريزة الشخصية. ولكنه لن يترك هذا الأمر حتى لو دخل السجن مرة أخرى. “الرغبة المثلية ليست مثل الإدمان على التدخين أو المشروبات الكحولية أو المخدرات… إنها شيء آخر. داخلي ولذيذ.” يقول. وبتكرار السؤال عليه يرى بشكلٍ قاطع أن” المثلية الجنسية ليست خيانة أبداً”.

شخص آخر يرى أن المثلية الجنسية هي خيانة زوجية. وهو يستلذّ بها لسببين: لكونها رغبة داخلية فيه لا يستطيع، ولا يريد، الشفاء منها. ولأنها من جهة أخرى “ممنوعة” و”حرام” و”خيانة للزوجة والمجتمع”. وخيانة الزوجة ليس لأن تلك الزوجة سيئة ولا تروق له، بل على العكس فإن زوجته توفر له كل الأشياء الحسية واللذات التي يعرفها الناس في الأفلام الإباحية وقد لا يعرفونها، لدرجة أنها تقوم ببعض الأشياء التي يقوم بها شريكه نفسه في العلاقة المثلية دون أن يطلب منها ذلك. بل ربما لأنها شعرت بأن تلك الأشياء، أو التصرفات، تجعل الفعل الجنسي بينهما أكثر متعة. وعندما سألته عن المجتمع وزوجته التي طلبت منه الطلاق أثناء وجوده في السجن، بعد القبض عليه بجرم اللواطة، قال إنها وقعت تحت تأثير الأهل والمجتمع. وعند خروجي سأستعيدها من جديد. ولكن لن أتخلى عن رغباتي المثلية إذا كان ذلك شرطها. وربما أوافقها وأفعل ذلك في الخفاء. “إذا كان المجتمع لا يرحم. والأهل والجيران والقانون لا يرحمون. فلا بد أن ترحمني زوجتي وتتفهم وضعي. رغم أن ذلك من حقي ولا يحتاج لرحمة من أحد. ولا بد أن يأتي اليوم الذي لن ينظر فيه الناس إلي على أنني مجرم وشاذ وحقير”.

إحدى المثليات رأت أن الموضوع ليس خيانة زوجية. “الخيانة الزوجية عندما يضبطني زوجي مع رجل آخر، وليس مع امرأة. وفق القانون والمجتمع”. وبسؤالها عن أن القانون الجزائي، مع كل علاته، يعني أن فعلها المثلي يعتبر معاقباً عليه.. لا تجيب. لكنها ترى أنّها ” تستطيع التخلّي عن العلاقة المثليّة في أيّ وقت لأنها مزاج. ولكن في الحقيقة ذلك الأمر صعب فأنا أشعر برغبة هائلة في امرأة لها مواصفات تروق لي. وعندما أعثر عليها لا أستطيع سوى ملاحقتها وإقناعها في الوقوع في الحب وإنشاء علاقة لذيذة بيننا”. وعند سؤالها عن الذي ستفعله إذا قام زوجها بتطليقها، ترد بأنها قد تتزوج ثانية “لأن الزواج من الرجل له متعة تختلف عن علاقتي مع شريكتي”. ثم تستدرك بأنها من الأفضل أن لا تتزوج مرة جديدة لأن “الرجال كلاب!. يفعلون ما يروق لهم، في أي مكان ومع أية امرأة حتى ولو لم تكن جميلة وبطرق شاذة جداً..، ويمنعون الأنثى حتى من التنفس”.

كانت هذه ثلاث صور صغيرة لمسألة إنسانية كبيرة. تبدو هذه الشخصيات في المجمل مقهورة و مضطهدة وبحاجة فعلية للاعتراف بها بكل الوسائل، ومنها حملات التوعية بحقوق المثليين وحريتهم الشخصية، وبأنهم ليسوا مجرمين أو مرضى أو “شاذين”، كي يتم تغيير نظرة المجتمع وقوانينه لمصلحة الحق الذي يكفله كل دستور في العالم… ونرجو أن يكون ذلك قريباً.

(الأوان)


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

4 تعقيبات

  1. المثلية هى حرية شخصية ليس من حق اى شخص التدخل فيها أى كان سلطته هو اتفاق بينهم وبين بعض وأنا مثلى أتمنى علاقة مع موجب

  2. أمنوا معاي (قولوا أمين ) عسى ياخذكم انتو وموقعكم يا مجرمين

  3. أسأل الله أن يهديكم أجمعين،، ليس من حق المثليين المطالبة بهذه الحقوق السقيمة لأن المثلية الجنسية محرمة في جميع الأديان، إلا إذا كنتم من الملحدين الذين هم مثل البهائم أو أضل، لا تؤمنون بدين ولا أخلاق….

  4. تعليقًا على المقدمة الزائدة: لا يجوز اعتبار الاعتداء على قاصر بأنه جزء من المثلية، وبالتالي ابداء موقف منها، لأنها موجودة عند الغيريين كما المثليين، وهي بدون شك عمل غير أخلاقي وغير قانوني، وينبغي معالجة مرتكبها (قبل مع أو بعد العقاب). وعليه فلا مبرر لاقحام هذه الفكرة في المقالة (الجيدة).

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>