يجبُ أن لا يَرِثوا الأَرضَ/ أليس وولكر

حَسَنٌ، ثُمَّ سَوْفَ يَمْلَؤُونَ أَعْيُنَنَا/ وَآذانَنَا، وَأُنُوفَنَا، وَأَفْوَاهَنَا/ بِطِينِ/ النِّسْيَانِ. سَوْفَ يَمْضُغُونَ/ أَصَابِعَنَا فِي اللَّيْلِ. سَوْفَ يُنَظِّفُونَ/ أَسْنَانَهُمْ بِأَقْلاَمِنَا. سَوْفَ يُخَرِّبُونَ/ كِلاَ أَطْفَالِنَا/ وَفَنِّنَا.

يجبُ أن لا يَرِثوا الأَرضَ/ أليس وولكر

الشاعرة أليس وولكر

أليس وولكر (Alice Walker) شاعرةٌ وروائيَّةٌ وكاتبةٌ وناشطةٌ أَمريكيَّةٌ أَفريقيَّةُ الأَصلِ، منْ مواليدِ (1944). كتبتْ رواياتٍ ومقالاتٍ عنِ العرقِ والنَّوعِ. اشتهرتْ بروايتها النَّقديَّةِ اللاَّذعةِاللَّونُ الأَرجوانيُّ” (1982)، والَّتي فازتْ عَنها بجائزةِ (بوليترز) الشَّهيرةِ للرّوايةِ. قالتْ خلالَ مقابلةٍ أُجريتْ معَها مؤخَّرًا، وهيَ تحضِّرُ نفسَها للذَّهابِ معَ قافلةِ الحريَّةِ الثَّانيةِ إِلي غزَّةَ: “إِسرائيلُ أَعظمُ دولةٍ إِرهابيَّةٍ، وإِرهابُ أَمريكا معروفٌ فِي كلِّ أَنحاءِ العالمِ.

 .

|أَلِيسْ وُولْكَرْ|

|ترجمة: محمد حلمي الرِّيشَة|

.

هُمُ الَّذِينَ يَشْعُرُونَ بِالمَوْتِ

                         (إِلَى الشُّهَدَاءِ)

هُمُ الَّذِينَ يَشْعُرُونَ بِقُرْبِ المَوْتِ مِثْلَ نَفَسٍ
يَتَكَلَّمُ بِصَوْتٍ عَالٍ فِي غُرَفٍ مُعْتِمَةٍ

لِرُدْهَةٍ قَائِمَةٍ بِإِيمَاءَةٍ وَاضِحَةٍ

قَبْلَ قَطِيعِ الآلهةِ الغَيُورِينَ
.
يَجِدُهُمُ المَصِيرُ يُسْتَقْبَلُونَ
فِي البَيْتِ.
.
غَابَةُ المُحَارِبِ القَاتِمَةُ الَّتِي تَجْلي
صَمْتًا طَارِئًا مَعَ صَرَخَاتِ مَعْرَكَةٍ طَارِئَةٍ،

أَوْ تَقِفُ بِقَدَمٍ لاَ تُزَعْزَعُ

.
فِي الرَّمْلِ المُنْتَشِرِ
مَصْلُوبَةً.

.

كُلُّ وَاحِدٍ، يَسْحَبُ وَاحِدًا

                (التَّفْكِيرُ فِي لُورِينْ هَانْزْبِرِّي)

يَجِبُ أَنْ نَقُولَ كُلَّ شَيْءٍ، وَبِوُضُوحٍ، عَنْ أَنَّهُمْ
يُحَاوِلُونَ دَفْنَنَا.
حَسْبَ مَا نَسْتَطِيعُ، وَقَبْلَ أَنْ نَكُونَ أَمْوَاتًا،
.

أَنَّنَا كُنَّا سُودًا؟ كُنَّا نِسَاءً؟ كُنَّا رِجَالاً؟
كُنَّا الظِّلَّ الخَاطِئَ لِلأَسْوَدِ؟ كُنَّا صُفْرًا؟
هَلْ أَحْبَبْنَا، لاَ سَمَحَ اللهُ، الشَّخْصَ الخَطَأَ، وَالبَلَدَ؟
أَوِ السِّيَاسَةَ؟ كُنَّا (أَغْنِسْ سِمِيدْلِي) أَوْ (جُونْ بْرَاونْ)؟
.
وَلكِنْ، الأَهَمُّ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ، هَلْ كَتَبْنَا بِالضَّبْطِ مَا رَأَيْنَاهُ،
بِوُضُوحٍ، كَمَا نَسْتَطِيعُ؟ كُنَّا سُذَّجَ
تَمَامًا فِي البُكَاءِ وَالصُّرَاخِ؟

.

حَسَنٌ، ثُمَّ سَوْفَ يَمْلَؤُونَ أَعْيُنَنَا،

وَآذانَنَا، وَأُنُوفَنَا، وَأَفْوَاهَنَا

بِطِينِ
النِّسْيَانِ. سَوْفَ يَمْضُغُونَ

أَصَابِعَنَا فِي اللَّيْلِ. سَوْفَ يُنَظِّفُونَ

أَسْنَانَهُمْ بِأَقْلاَمِنَا. سَوْفَ يُخَرِّبُونَ
كِلاَ أَطْفَالِنَا
وَفَنِّنَا.
.
لأَنَّنَا حيِنَ نَعْرِضُ مَا نَرَاهُ،
سَوْفَ يَتَبَيَّنُونَ مَا لاَ مَفَرَّ مِنْهُ:
نَحْنُ لاَ نَعْبُدُهُمْ.
.
نَحْنُ لاَ نَعْبُدُهُمْ.

نَحْنُ لاَ نَعْبُدُ مَا صَنَعُوا.
نَحْنُ لاَ نَثِقُ بِهِمْ.
.
نَحْنُ لاَ نُصَدِّقُ مَا يَقُولُونَ.
نَحْنُ لاَ نُحِبُّ كَفَاءَتَهُمْ،
أَوْ قُوَّةَ مَبَانِيهِمْ.
نَحْنُ لاَ نُحِبُّ مَصَانِعَهُمْ،
أَوْ دُخَانَهَا الضَّبَابِيَّ.
نَحْنُ لاَ نُحِبُّ بَرَامِجَهُمُ التَّلْفَازِيَّةَ،
أَوْ تَسْرِيبَاتِهِمُ المُشِعَّةَ.
نَجِدُ صُحُفَهَمْ مُمِلَّةً.
نَحْنَ لاَ نَعْبُدُ سَيَّارَاتِهِمْ.
نَحْنُ لاَ نَعْبُدُ شَقْرَاوَاتِهِمْ.
نَحْنُ لاَ نَعْبُدُ أَعْضَاءَ رِجَالِهِمْ الذَّكَرِيَّةَ.
نَحْنُ لاَ نُفَكِّرُ كَثِيرًا
بِنَهْضَتِهِمْ.

نَحْنُ غَيْرُ مُبَالِينَ بِإِنْكِلْتْرَا.
لَدَيْنَا شُكُوكٌ خَطِيرَةٌ بِشَأْنِ أَدْمِغَتِهِمْ.
.
بِاخْتِصَارٍ؛ نَحْنُ الَّذِينَ نَكْتُبُ، وَنَرْسُمُ، وَنَنْحَتُ، وَنَرْقُصُ،
أَوْ نُغَنِّي،
وَنَتَقَاسَمُ الذَّكَاءَ، وَبِالتَّالِي مَصِيرَ جَمِيعِ شَعْبِنَا
فِي هذِهِ الأَرْضِ.
نَحْنُ لاَ نَخْتَلِفُ عَنْهُمْ،
لاَ أَعْلَى وَلاَ أَدْنَى،
لاَ فِي الخَارِجِ وَلاَ فِي الدَّاخِلِ.
نَحْنُ الشَّخْصَ نَفْسَهُ.
وَنَحْنُ لاَ نَعْبُدُهُمْ.
.
نَحْنُ لاَ نَعْبُدُهُمْ.

نَحْنُ لاَ نَعْبُدُ أَفْلاَمَهُمْ.

نَحْنُ لاَ نَعْبُدُ أَغَانِيَهُمْ.

.
نَحْنُ لاَ نُفَكِّرُ بِنَشَرَاتِ أَخْبَارِهِمْ
حِينَ تَبُثُّ الأَخْبَارَ.
نَحْنُ لاَ نُعْجَبُ بِرَئِيسِهِمْ.
نَحْنُ نَعْرِفُ لِمَاذَا البَيْتُ الأَبَيْضُ أَبْيَضُ.
نَحْنُ لاَ نَجِدُ أَطْفَالَهُمْ رَائِعِينَ؛
نَحْنُ لاَ نُوَافِقُ عَلَى أَنَّهُمْ يَجِبُ أَنْ يَرِثُوا الأَرْضَ.
.
لكِنْ فِي الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ كُنْتُمْ بَدَأْتُمْ بِمُسَاعَدَتِهِمْ
لِدَفْنِنَا. أَنتمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ: كَانَ المَلِكُ مُجَرَّدَ زِيرِ نِسَاءٍ؛
(مَالْكُولَمْ)، مجرَّدَ سفَّاحٍ. (سُوجُورْنَرْ)، (فُولْكْسِي). (هَانْزْبِرِّي)
مُجرَّدَ خَائِنَةٍ [أَوْ عَاهِرَةٍ، تِبْعًا]. (فَانِّي لُو هَامَرْ)
مُجَرَّدَ شُجَاعَةٍ.(زُورَا هُورْسْتُونْ)، (نِيلاَّ لاَرْسِنْ)، (تُومَرْ):
رَجْعِيَّاتٍ، وَمَغْسُولاَتِ الأَدْمِغَةِ، وتَدَلَّلُوا مِنْ قِبَلِ القَاصِرِ (وَايْتْفُولْكْسْ). (أَغْنِسْ سِمِيدْلِي)، جَاسُوسَةً.
.
أَنْظُرُ فِي عُيُونِكُمْ؛
تُلْقُونَ فِيهَا الأَوْسَاخَ.
أَنْتُمْ، تَقِفُونَ فِي القَبْرِ
مَعِي. أَوْقِفُوا هذَا!
.
كُلُّ وَاحِدٍ يَجِبُ أَنْ يَسْحَبَ وَاحِدًا.
.
انْظُرُوا، أَنَا، مُؤَقَّتًا عَلَى شَفَا
القَبْرِ،
قَدْ مَسَكْتُ يَدَ أُمِّي،
وَسَاقَ وَالِدِي.
هُنَاكَ يَدُ (رُوبْسُونْ)،
وَفَخْذَ (لاَنْغْسْتُونْ)،
وَذِرَاعُ (زُورَا) وَشَعْرُهَا،
وَذَقْنُ جَدِّكُمُ المَتْرُوكَةُ،
وَمِرْفَقُ امْرَأَةٍ أُعْدِمَتْ
مَا كُنْتُمْ تُحَاولُونَ أَنْ تَنْسَوْهُ
مِنْ عُبُوسِ جَدَّتِكُمْ.
.
كُلُّ وَاحِدٍ، يَسْحَبُ وَاحِدًا خَلْفًا نَحْوَ الشَّمْسِ
.
نَحْنُ الَّذِينَ وَقَفْنَا عَلَى
كَثِيرٍ مِنَ القُبُورِ،
وَنَعْرِفُ أَنَّهُ مَهْمَا فَعَلُوا
يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنْ يَعِيشَ
أَوْ.. لاَ.
.

نَحْنُ وَحْدَنَا

نَسْتَطِيعُ وَحْدَنَا أَنْ نُخَفِّضَ قِيمَةَ الذَّهَبِ

بِعَدَمِ الاهْتِمَامِ
إِذَا مَا هَبَطَتْ أَوِ ارْتَفَعَتْ
فِي السُّوقِ.
حَيْثُمَا كَانَ الذَّهَبُ هُنَاكَ،
فَهُنَاكَ سِلْسِلَةٌ، كَمَا تَعْلَمِينَ،
وَإِذَا كَانَتْ سِلْسِلَتُكِ
مِنَ الذَّهَبِ،
فَهذَا الأَسْوَأُ كَثِيرًا جِدًّا
لَكِ.
.
الرِّيشُ، وَالأَصْدَافُ،
وَالبَحْرُ عَلَى شَكْلِ حِجَارَةٍ،
نَادِرَةٌ كُلُّهَا.
.
قَدْ تَكُونُ هذِهِ ثَوْرَتُنَا:
أَنْ نُحِبَّ مَا هُوَ وَفِيرٌ
بِقَدْرِ مَا
هُوَ شَحِيحٌ.

.

رَمَادِيَّةٌ

لَدَيَّ صَدِيقَةٌ

تَتَحَوَّلُ رَمَادِيِّةً،
لَيْسَ شَعْرُهَا فَقَطْ،
وَأَنَا لاَ أَعْرِفُ
لِمَاذَا يَصِيرُ هكَذَا.
هَلْ هُوَ نَقْصٌ فِي فِيتَامِينْ (هـ)،
حِمْضِ (البَانْتُوثْنِيك)، أَوْ (ب 12)؟
أَمْ هُوَ مِنْ كَوْنِهَا مَحْمُومَةً

وَوَحْدَهَا؟

أَسْأَلُهَا:

“كَمْ يَسْتَغْرِقُكِ مِنَ الوَقْتِ لِكَيْ تُحِبَّي شَخْصًا مَا؟”

تُجِيبُ: “ثَانِيَةً دَافِئَةً”.
“وَكَمْ مِنَ الوَقْتِ تُحِبِّينَهُ؟”
“أُوهْ، فِي أَيِّ مَكَانٍ لِعِدَّةِ أَشْهُرٍ”.
“وَكَمْ مِنَ الوَقتِ يَسْتَغْرِقُكِ
لِلْحُصُولِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِ؟”
قَالَتْ: “ثَلاَثةَ أَسَابِيعَ، عَلَى أَعْلَى تَقْدِيرٍ”.
هَلْ ذَكَرْتُ أَنَّي أَيْضًا
أَتَحَوَّلُ رَمَادِيَّةً؟

هذَا لأَنَّنِي *أُوَقِّرُ* هذِهِ المَرْأَةَ
الَّتِي تُفَكِّرُ فِي الحُبِّ
بِهذِهِ الطَّرِيقَةِ.

.

مَنْ؟

مَنِ الَّذِي لَمْ

يُغْزَ
مِنْ قِبَلِ (وَاسِيشُو)؟
.
قَالَ الشَّعْبُ: لَسْتُ أَنَا.
.
قَالَتِ الأَشْجَارُ: لَسْتُ أَنَا.
.
قَالَتِ المِيَاهُ: لَسْتُ أَنَا.
.
قَالَتِ الصُّخُورُ: لَسْتُ أَنَا.
.
قَالَ الهَوَاءُ: لَسْتُ أَنَا.
.
القَمَرُ!
.
كُنَّا نَأْمَلُ
أَنَّكَ كُنْتَ بِأَمَانٍ.

.

حِينَ كَانَتْ (غُولْدَا مَائِيرْ) فِي أَفْرِيقْيَا

حِينَ كَانَتْ (غُولْدَا مَائِيرْ)
فِي أَفْرِيقْيَا
هَزَّتْ شَعْرَهَا وَمَشَّطَتْهُ
فِي كُلِّ مَكَانٍ ذَهَبَتْ إِلَيْهِ.
.
وِفْقًا لِسِيرَتِهَا الذَّاتِيَّةِ
أَحَبَّ الأَفَارِقَةُ هذَا.

.

فِي (رُوسْيَا)، وَ(مِينْيَابُولِيسَ)، وَ(لُنْدُنَ)، وَ(وَاشِنْطُنَ) العَاصِمَةِ،
وَ(أَلمَانْيَا)، وَفِلَسْطِينَ، وَ(تَلْ أَبِيبَ)،

وَالقُدْسِ
لَمْ تُمَشِّطْهُ عَلَى الإِطْلاَقِ.
لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ أَيَّةُ غَايَةٍ. فِي تِلْكَ
الأَمَاكِنِ قَالَ النَّاسُ: “إِنَّهَا تَبْدُو
أَيَّةَ جَدَّةٍ هَرِمَةٍ أُخْرَى. إِنَّهَا تَبْدُو

مِثْلَ قَزَمٍ. دَعُونَا نَبِيعُ مَطْبَخَهَا

وَبَنَادِقَهَا”.
.

قَالَتْ (مَائِيرُ): “مَطْبَخُكُمْ (كْرِيبْلاَشْ)”.

.
فَقَطْ فِي أَفْرِيقْيَا يُمْكِنُهَا فِي النِّهَايَةِ
أَنْ تَسْتَقِرَّ وَتُمَشِّطَ شَعْرَهَا.
تَسَلَّلَ الأَطْفَالُ وَمَلَّسُوهُ،
وَشَعَرَتْ أَنَّهَا جَمِيلَةٌ.
.
مِثْلُ هذَا الشَّعْبِ الرَّائِعِ، وَالأَطْفَالِ

الأَفَارِقَةِ، وَالمُتَعَجْرِفِينَ، وَالمُتَسَامِحِينَ، وَالبَهِيِّينَ،
وَالجُبَنَاءِ، وَالغَادِرِينَ، كَانُوا خَيْبَةَ أَمَلٍ كَبِيرَةٍ
لِـ(إِسْرَائِيلَ)، طَبْعًا، وَلَيْسَ حَقًّا
مُثِيرًا لِلسُّخْرِيَةِ فِي الشُّؤُونِ الدَّوْلِيَّةِ،
وَلكِنْ، فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ، عَبَّرَتْ (غُولْدَا) عَنْ أَنَّهُ شَعْبٌ رَائِعٌ،
وَحَسَنُ الذَّوْقِ.

.

(محمد حلمي الريشة شاعر ومترجم فلسطيني)


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>